بقلم : حمدي فراج /
ما زالت قضية سفيرة امريكا في لبنان "دورثي شيا" تتفاعل ، اثر تصريحها الكريه إثارة الفتنة والنعرات الطائفية ، ما اعتبره الكثير من الديبلوماسيين ، تدخلا في شؤون البلد الداخلية ، وبغض النظر عن أي شيء ، فإن الذي يتحمل انفجار هذه الطائفية بين ابناء الشعب الواحد ، هو هذا الشعب وحكومته وطوائفه وأحزابه ، إذ من غير المعقول انه كلما عنّ على بال احدهم اطلاق تصريح "مضروب" ، يخرج الناس الى الشوارع ليقتل المسلم المسيحي والدرزي الكردي والسني الشيعي والماروني الارثذوكسي ، فهذا النسيج السيراميكي الذي يفترض ان يكون جميلا ، يتحول الى اقرب ما يكون من الغابة و سكانها ، وهو الامر الذي شاهدناه خلال الشهر الاخير في شوارع امريكا ، بلد السفيرة ، بلد العنصرية والبغضاء والاضهاد الابيض ضد المواطنين ذوي البشرة السوداء ، وكان يجب على هذه السفيرة ان تحتجب في بيتها او سفارتها عدة اشهر خجلا من امريكيتها ومن انها الممثلة الرسمية لهذه الدولة و مما فعله ابناء جلدتها "البيضة" وشرطتها وجيشها ورئيسها في قمع المتظاهرين ، لأن منظر افراد الشرطة يجثمون على رقبة "فلويد" ثمانية دقائق حتى لفظ انفاسه الاخيرة ، لن ينساه البشر على مدار سنوات .
ولكن ، ما الذي فعلته السفيرة غير انها قالت ؟
تعالوا ننظر سريعا الى ماذا فعلت الادارة الامريكية في منطقتنا خلال الفترة الاخيرة ؛ اغتالت قائدين كبيرين ايراني وعراقي ، منحت القدس لاسرائيل ، نقلت اليها سفارتها من تل ابيب ، وعمدت الى اقناع وإغواء آخرين لتحذو حذوها ، ألغت حق عودة اللاجئين الفلسطينيين بجرة قلم ، فرضت قانون قيصر على سوريا ، أوقفت تمويل منظمة الصحة العالمية بدعوى تآمرها مع "الفيروس الصيني" ، سحبت اعترافها بمحكمة الجنايات الدولية لانها بصدد ملاحقة جنود امريكيين ارتكبوا جرائم لا تقل بشاعة عن قتل "فلويد" ، سجن ابو غريب في العراق مثالا .
أنظروا ماذا فعل زميلها ديفيد فريدمان ، سفير امريكا في "اورشليم الموحدة" ، ذهب الى احد منازل سلوان وشارك بيده في هدم جدرانه ، ويقال انه يقيم في احدى مستوطنات القدس الكبرى التي يعكف هذه الايام على ضمها الى اسرائيل .
قرار القاضي اللبناني بعدم "استصراح" السفيرة في وسائل الاعلام اللبنانية لمدة سنة ، وكل من يفعل يحجب للمدة ذاتها ، قرار في غير محله ، هذه ليست صلاحيات القضاء ، ولو كنت اعلاميا لبنانيا لما نزلت عند هذا القرار ، فكما ان مهمة القضاء تحقيق العدالة ، فإن مهمة الاعلام النشر . كما ان استدعاء السفيرة من قبل وزير الخارجية للتابحث معها حول سمومها ، او حتى لتوبيخها دون ان يتم طردها ، هو استدعاء أجوف ، أشبه بمعالجة السرطان بالاسبرين .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة أرض كنعان الإخبارية