Menu
21:11"الخارجية": تسجيل 99 إصابة جديدة بفيروس "كورونا" في صفوف جالياتنا
21:08"الصحة" بغزة تصدر بيانًا بشأن ازدياد أعداد الإصابات بكورونا
21:06حماس تعقب على إعلان وزير الخارجية الأمريكي بخصوص الأمريكيين المولودين في القدس
21:05واشنطن تصدر أمرا يخص الأمريكيين المولودين في القدس
20:00جيش الاحتلال ينهي مناورات واسعة تحاكي حربًا متعددة الجبهات
19:57"الأوقاف" بغزة تقرر إغلاق 4 مساجد بمحافظتي الوسطى والشمال
19:55إدخال المنحة القطرية لقطاع غزة عبر حاجز "ايرز"
19:54السعودية تسمح بقدوم المعتمرين من الخارج بدءا من الأحد
19:50قيادي بـ"الديمقراطية" يتساءل: ماذا بعد جولات الحوار الأخيرة؟.. وإلى أين؟
19:49نتنياهو يعلق على قرار بيع الولايات المتحدة 50 مقاتلة "إف 35" للإمارات
19:48اسرائيل تبعث رسالة للرئيس عباس عبر ايطاليا.. إليك تفاصيلها
19:46رئيس الوزراء: سنرفع نسبة صرف الرواتب خلال الاشهر المقبلة.. وهذا ما طلبناه من البنوك بشأن الخصومات
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
أحمد المدلل

د رمضان : الداعية .. المفكر .. السياسى ...

بقلم : أحمد المدلل

الجزء الأول

   وددت الكتابة عن الدكتور رمضان عبدالله منذ اللحظات الاولى من وفاته ، ولكنّى تأنيت حتى تستجمع ذاكرتى ما عرفته عنه وحتى أضع الامور فى نصابها وأوفيه بعض حقه ... الفاجعة كبيرة والخسارة أكبر ...وفى لقاءات اعلامية متعددة تناولت بعض الجوانب  فى شخصية الدكتور رمضان كما عرفته ...  وقد امتلك  الدكتور رمضان - رحمه الله- والذى عرفناه منذ اربعين عاما شخصية عصامية التكوين، متكاملة الابعاد، متشابكة المهمات، وقوية الحضور ... إنه الاستاذ الجامعى الذى لم تُسجِّل عليه الFBI  ( مكتب التحقيقات الفيدرالى الامريكي) حتى ولا مخالفة سيارة طوال سنوات وجوده فى أمريكا( كما أوردت الصحف العالمية     عندما أُعلن عن توليه قيادة الحركة حينها) ... وهو نفسه  الذى تزعم حركة  فلسطينية سياسية مقاتلة كبيرة لها حضورها المجتمعى والفكرى والسياسى والعسكرى وتخوض صراعا وجوديا مع الاحتلال الصهيونى  ... وأدار العمل العسكرى داخل فلسطين ضد العدو الصهيونى بامتياز  من خلال كم العمليات البطولية التى خاضها مجاهدو سرايا القدس خلال العشرين عاما التى قاد فيها د رمضان حركة الجهاد الاسلامى والتى تضاعفت قوة الحركة فى عهده أضعافا كثيرة... وايضا الشخصية التى يمتلك الكاريزما والهيبة والاطلالة القوية والمؤثرة وقوة الأداء فى كل المحافل التى كان حاضرا فيها من مؤتمرات وندوات ومحاضرات ولقاءات على وسائل الاعلام ، أما فى الجلسات الخاصة مع الأقارب والاصدقاء  والزائرين من غزة تنطلق النكات ويستحضر ذكريات الشجاعية وعائلاتها وأزقتها وشوارعها ويتحدث بلهجتها... رحل القائد الكبير جسدا وبقيت روحه وإرثه وعطاؤه وأثره ...
هكذا عرفناه ، وما يهمنى  أنه جمع ثلاث صفات  يمتلكها ويتميز بها كأهم رموز وقادة " الحركة الاسلامية المعاصرة "  
أولا - الداعية والخطيب :  قرأ القرآن وعلومه والسنة والسيرة النبوية والعلوم الشرعية وكان خطيبا مفوها وواعظا تميز بطريقة الالقاء القوية وبقدرته على الربط بين ما تلقاه من علم شرعى وفقهى وما حصّله من مواضيع فكرية خلال اعتماده الدراسة الذاتية والدراسة الجمعية منذ صغره فقد كان للوقت عنده قيمة كبيرة للاستزادة فى القراءة والتعلم  الى أن تعرف على د فتحى والشباب الفلسطينى المسلم الذين صقلتهم الدراسة الجامعية بمزيد من الاطلاع والمعرفة ... واستطاعوا ان يبلوروا حينها فكرة  تشكيل تنظيم اسلامى باسم( الطلائع الاسلامية) والذى تغير بعد عودة الاخوة الى فلسطين وعُرف باسم ( الجهاد الاسلامى)  وبدأوا فى وضع مناهج للأسر تعتمد فى الأساس على تعلّم القرآن والسنة النبوية والسيرة والفقه والاداب والرقائق ... استطاع حينها الدكتور رمضان أن يتحصّل على كم كبير من العلوم الشرعية والقضايا الفقهية والحركية التى تدارسها الجيل الاول فى الحركة  فى أُسَرٍ حركية خاصة  تم تشكيلها منذ البدايات  ومن ثَمّ أصبحوا أمراء للأسر التى شُكّلت فيما بعد   ... هذا كله إضافة الى الموهبة الخطابية التى امتلكها والتى أهَّلته ليكون واعظا وخطيبا يتقدم ليخطب فى الناس خطب الجمعة والدروس الدينية بعد الصلوات الخمس المفروضة فى مساجد غزة الاصلاح، الرحمن ، بن عثمان ، عنان(حسن البنا) وغيرها من مساجد القطاع وقد كان عدد خطباء الحركة حينها يُعدون على أصابع اليد ... وهو فى العشرينيات من عمره يمتلك همة وإبداع الشباب المتعلم والمثقف والمتدين  طالب بإحياء السنة النبوية بأن تكون صلاة  العيدين فى العراء وتقدم بنفسه ليخطب فى الناس فى منطقة الشجاعية ومن ثم انتقلت الى باقى مناطق قطاع غزة من رفح حتى بيت حانون ولا زالت منذ ذلك الحين تؤدى فى العراء ... واحياء هذه السنة تُحسب لحركة الجهاد الاسلامى التى لم تُرهبها مخابرات الحكم العسكرى الصهيونى التى كانت تلاحق تحركات رموزها وكوادرها حينها وارسال الاستدعاءات وتنفيذ الاعتقالات ضدهم واحيانا مهاجمة المصلين ومحاولات لافشال أداء صلاة العيدين فى العراء التى أبدع فيها خطباء الجهاد الاسلامى حينها ، ولم تكن الخطب التى يؤديها الدكتور رمضان وغيره من خطباء الجهاد تقليدية أو تُلقى على المصلين عن ورقة مصفرة يتم اعتمادها دوريا من قبل الشيخ المعمم كما جرت العادة ولكنها جاءت بشئ جديد وبشكل مُبدع  ومواضيع فكرية وسياسية لم يتعود عليها المصلون ، وتميزت خطبهم حول الاسلام كعقيدة وشريعة ونظام حياة وسلوك واخلاق وقيم ،  وسياسة وتحرير  وثورة ، والربط بين الاسلام وفلسطين والجهاد ... وكذلك الربط بين الاسلام وقضايا الأمة المعاصرة ، واهمية اداء العبادات فى حياة المسلم التى تبدأ بتطهير النفس من عوالق الدنيا والمعاصى والاثام والعمل من اجل الاخرة ، ومن ثم نصرة المستضعفين والوقوف فى وجه الطغاة والمستبدين وتحرير الارض من الصهاينة الغاصبين ، والحديث عن القضية الفلسطينية بأبعادها العقائدية والتاريخية والواقعية ،  وكان يتميز د رمضان بخطبه الحماسية المؤثرة ، وقد تميز أيضا حينما كان يتقدم خطيبا فى باحات المسجد الاقصى فى وجود الدكتور فتحى رحمه الله وقيادة وكوادر الحركة من قطاع غزة والضفة وكل انحاء فلسطين  وقد كانت الحركة حينها تُجيّش الجماهير عبر باصات تنقلهم الى المسجد الاقصى للاعتكاف فى الليالى العشر الاخيرة من رمضان وإحياء ليلة القدر هناك وكان يغص المسجد الاقصى بعشرات الاف المصلين من كل أنحاء فلسطين ويكون التحشيد أكثر وأكثر فى الجمعة الاخيرة(اليتيمة) من رمضان وقد أطلق عليها الامام الخمينى فى بدايات انتصار الثورة الايرانية  ( يوم القدس العالمى) وقد كان مُلْهِما بثورته للحركات الاسلامية وشبابها فى العالم كله... أذكر حينها كيف كان يتألق الدكتور رمضان عندما يقف خطيبا على مصطبة صبرا وشاتيلا والتى كانت حديثة البناء ( أقامها المقدسيون تخليدا لشهداء مجزرة صبرا وشاتيلا التى ارتكبها شارون بمساعدة الكتائب المارونية اللبنانية ضد الفلسطينيين فى مخيم صبرا وشاتيلا بعد خروج قوات منظمة التحرير من لبنان فى  عام 17/9/1982 واستشهد فيها 3500 شهيداً من الفلسطينيين واللبنانيين المدنيين الاطفال والنساء وكبار السن)  وتُعتبر مساحة المصطبة أكبر من غيرها من المصاطب ويلتف جماهير المصلين -القادمون من كل مناطق فلسطين - حول الدكتور رمضان ليخطب فيهم عن القضية الفلسطينية وعن القدس والمشروع الجهادى الثورى والوحدة الفلسطينية. كان الدكتور رمضان حينها من الخطباء والوعّاظ القلائل فى حركة الجهاد الوليدة فى ذلك الوقت ( بداية الثمانينات) وكان  له دوراً بارزاً فى نشر أفكار الحركة من خلال الخطب والدروس والمواعظ التى كان يلقيها أينما حلَّ على أرض فلسطين ... كان متميزا بما يمتلكه من  موهبة الخطابة وذلك الربط بين الاسلام وواقع المسلمين والعمق الفكرى المؤثر والمقنع والجاذب لمن يستمع اليه ، واللغة العربية الفصيحة يلقيها بصوت جهورى وهذه الملكات الخطابية لا يمتلكها الكثيرون ... تميزت خطبه حينئذ فى مواضيعها الجديدة والمبدعة والبعيدة عن المواضيع الروتينية التى كان  يرددها على الناس المشايخ الموظفون لدى الاوقاف التى يوجهها الحاكم العسكرى الصهيونى حينئذ . ولم تغب القضية الفلسطينية عن مواضيع خطبه كقضية مركزية للامة العربية والاسلامية ووجوب الجهاد على كل مسلم ومسلمة من اجل تحريرها بكل الامكانات المتاحة مهمها كانت قليلة ومتواضعة عملا بالقاعدة الشرعية" الواجب فوق الامكان".