أرض كنعان / تقف حجارة خربة سيلون التاريخية جنوب نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، شاهدة حية، تجابه وحيدةً آلة التزوير الإسرائيلية التي تحيط بها من كل جانب تنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض عليها.
خربة سيلون التي تقع جنوب بلدة قريوت وضمن أراضيها، تشهد في الآونة الأخيرة مساع إسرائيلية متسارعة لقضمها في سياق التسارع الاستيطاني في المنطقة وفي الضفة عموما.
ويقول الناشط في المقاومة الشعبية بشار القريوتي لوكالة "صفا" أن بداية الاستيطان في وسط الضفة كان بمجمع "شيلو" الاستيطاني بين نابلس ورام الله، وفي القلب منه خربة سيلون التي اشتق منها اسم مستوطنة "شيلو".
ففي سنة 1978 سيطر الاحتلال على ما يسميه "تل شيلو" بادعاءات تاريخية، حيث تزعم الرواية الإسرائيلية أن هيكل سليمان المزعوم أقيم في هذا الموقع ومن حجارته، قبل أن ينقل إلى القدس.
وتضم خربة سيلون آثارا كنعانية ورومانية وإسلامية، منها مسجد عمري قديم جدا، ومسجد آخر يسمى "جامع الستين" والذي توجد عنده حفرية أرضيتها مرصوفة بالفسيفساء وتحولت إلى كنيس يهودي بعد أن استولى عليها المستوطنون.
كما توجد في الخربة حفريتان كبيرتان أرضيتهما مرصوفة بالفسيفساء على مساحة حوالي 80-120 مترا مربعا.
ويبين قريوتي أن مستوطنة "شيلو" استولت على جميع هذه الآثار القديمة، مثلما استولت على الأرض التي تعد من أفضل أراضي قريوت للزراعة وكان أهالي القرية يعتمدون عليها في زراعتهم.
وقد استطاع أهالي قريوت بالمتابعة القانونية التي استمرت أكثر من 20 عاما، إثبات ملكيتهم لخربة سيلون التي سكنوها لمئات السنين، وأقرت المحكمة بحقهم بدخول أراضيهم وفلاحتها وزراعتها.
إلا أن دائرة الآثار الإسرائيلية استأنفت على القرار، وفرضت سيطرتها على الموقع، ولم يُسمح للمزارعين بفلاحة أراضيهم، وإنما يسمح لهم فقط بدخولها كزائرين وفي أيام محددة.
برج الكذب والتزوير
وأقام الاحتلال في الموقع الأثري برجا يسميه أهالي قريوت "برج الكذب والتزوير".
ففي داخل هذا البرج قاعة سينما وشاشات عرض تعرض أفلاما وثائقية هدفها تزوير الحقائق وغسل دماغ السياح الذين يتوافدون لخربة سيلون.
ويقول القريوتي الذي سبق له أن دخل هذا البرج: "أثناء دخولنا لهذا البرج وجدنا كيف يتم تحريض المستوطنين والزوار على قتل الفلسطينيين، وبث الحقد والكراهية من خلال الأفلام التي تعرض بطرق تدفع الزائر لتصديق روايتهم".
وتروج هذه الأفلام إلى أن الفلسطينيين هم من قتلوا اليهود على مدار قرون واستولوا على تاريخهم.
ويقول قريوتي: "التاريخ الموجود في خربة سيلون هو تاريخ إسلامي فلسطيني ومن قبله تاريخ مسيحي، وبعد الفتح الإسلامي بنيت المساجد العمرية في خربة سيلون".
ويضيف: "من خلال استكشافنا للموقع ومتابعته لا يوجد أي أثر تاريخي لليهود ولا توجد أية صلة لهم بالموقع بتاتا، وإنما سيطروا على الموقع بدواع تاريخية، ومن أجل تنفيذ المخططات الاستيطانية على أراضي قريوت".
ويبين أن المخططات التي أودعها الاحتلال أكثر من مرة للخربة، تشير إلى إنشاء مجمع سياحي يربط ما بين مستوطنتي "عيليه" و"شيلو".
ولا تقتصر الأطماع الإسرائيلية على الموقع الأثري في سيلون، بل تمتد إلى نبع سيلون وهو أحد خمسة ينابيع كانت تغذي قريوت بالمياه قبل أن يستولي المستوطنون على ثلاثة منها لصالح مستوطنتي "شيلو" و"عيليه".
ويشير قريوتي إلى أن الاحتلال يسعى للسيطرة على نبع سيلون ونبع قريوت المتبقيين للبلدة، وفرض سيطرته على أراضي المنطقة.
وكثف المستوطنون في الآونة الاخيرة زياراتهم لهذه الينابيع، حيث يمارسون استفزازاتهم للأهالي ويهددونهم بالقتل والضرب إن هم تواجدوا فيها.
وقد رصد الأهالي قبل أيام مستوطنا يتجول في محيط نبع سيلون ومعه كلاب شرسة.
وهذا المستوطن الذي يزعم الاحتلال أنه مختل عقليا، سجن عدة سنوات بعد أن قتل خمسة فلسطينيين من بلدة ترمسعيا المجاورة، وأفرج عنه مؤخرا.