أرض كنعان
يحيي الشعب الفلسطيني في كافة مناطق تواجده الذكرى الـ72 للنكبة الفلسطينية، الموافق لمنتصف مايو عام 1948م، سيطر الاحتلال الإسرائيلي خلالها ما يزيد على ثلاثة أرباع مساحة فلسطين التاريخية، ودمر 531 تجمعًا سكانيًا، وطرد وشرد حوالي 85 بالمئة من السكان الفلسطينيين، للدول المجاورة وبعض الدول الأجنبية.
وعلى مدار 72 عامًا يسعى الاحتلال بكل وسائله الإجرامية، وما زال، بمحاربة كل ما هو فلسطيني إنسانًا وأرضًا وثوابت ومقدسات، من خلال سرطان استيطاني كبير يلتهم أراضي الضفة الغربية، آخرها مساعي مشروع قانون الضم لإحكام سيادة الاحتلال، وسط مشاريع تهويدية لمدينة القدس المحتلة، عدا عن حصار غزة وحروبها، يقابل كل ذلك مقاومة وصمود وثبات للفلسطيني في أرضه وتمسك بثوابته وحق العودة.
تواطؤ دولي
وخلال لقاء صحفي مع النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني باسم زعارير، أشار إلى أن الأمم المتحدة تواطأت عندما وافقت على الانتداب البريطاني، وصمتت على وعد بلفور لليهود بوطن قومي في فلسطين، وجردت الفلسطينيين من السلاح مقابل تسهيل تسليح العصابات "الصهيونية" التي أمعنت في شعبنا قتلًا وتنكيلًا وتدميرًا.
ولفت زعارير إلى أن "النظام العربي قد شارك في المؤامرة، حيث كانت جيوشه تتلقى الأوامر من قادة الجيش البريطاني، الذي رسم سيناريو النكبة وكانت الممالك العربية ترهن جيوشها وقراراتها لبقائها في الحكم، وهي تعلم أن الأمور تسير باتجاه الأسوأ بالنسبة للقضية الفلسطينية".
وأوضح أن الأنظمة العربية وبعد اتفاق الهدنة منعت أي مقاومة للاحتلال، وشكلت من حدودها أمانا له، وقال: "حتى أنهم تخلوا عن جنودهم الذين كانوا في فلسطين ببعض المواقع، عندما لم يعطوهم الأوامر بالقتال، وأمروهم بالانسحاب، ما جعل بعض الجنود العرب يتمردون على قرارات قيادات جيوشهم المتخاذلة".
وأضاف: "تابع النظام العربي تخليه عن قضيتنا، فعلى المستوى السياسي سلموا الراية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واعتبروها ممثلًا شرعيًا وحيدا للشعب الفلسطيني، ليتخلوا عن كل مسؤوليتهم تجاه القضية، سوى من دعم مالي لا يتجاوز دفع رواتب لأعضاء المنظمة، وترك شعبنا يواجه القمع والتشريد والاستيطان وهدم البيوت".
نكبة "أوسلو"
واعتبر النائب زعارير، أن "المؤامرة اكتملت باتفاق "أوسلو""، والذي اعترفت بموجبه منظمة التحرير الفلسطينية بحق الاحتلال على الأرض الفلسطينية، واعتراف الاحتلال بالمنظمة كممثلة للشعب الفلسطيني.
وأوضح أنه نتج عن اتفاقية "أوسلو" تشكيل سلطة تدير شؤون السكان على جزء يسر من فلسطين، في المقابل تحافظ على أمن الاحتلال عبر التنسيق الأمني، ولا تقوى عل حماية شعبنا ولا أرضه ولا مقدساته، لافتًا أنها "عبر فترة وجودها لم تستطع إيقاف أي مشروع صهيوني على أرضنا".
النكبة والتطبيع
ويرى النائب زعارير أن التطبيع العربي مع الاحتلال قد بدأ منذ زمن بعيد لكن في الخفاء، مبينًا "في ذلك إشارات بأن من ارتضيناه ممثلًا للشعب الفلسطيني هو صاحب الشأن، ونحن مع توجهاته فلن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، على حد زعمهم".
وشرح قائلًا: "الأحداث توالت وأساءت قيادة منظمة التحرير استغلالها، فقد صنعوا من الانتفاضة الأولى سلطة "أوسلو" وسموها المشروع الوطني الذي تزهق دونه الأرواح، وبعد الانتفاضة الثانية استجابت قيادة السلطة لشروط المجتمع الدولي بإجراء الانتخابات التي حرص شعبنا على تمسكه بالمقاومة، وعلى إثرها حوصرت غزة ولوحقت المقاومة بالضفة وضيّق الخناق على الأحرار في كل ناح".
وأضاف: "اليوم أصبح التطبيع العربي مع الاحتلال ظاهرا وشاملًا للسياسة والاقتصاد والفن والإعلام، وأصبح العرب يسيئون لقضيتنا عبر مسلسلات التطبيع تحت شعار التسامح، وذلك في ذكرى نكبة فلسطين".
ويعتقد النائب زعارير أن الثورة العربية المضادة للربيع العربي قد كسرت شوكة الشعوب العربية وقمع ثورتها، وبذلك استأنف النظام العربي المطبع نشاطه المسعور، مرهبًا شعوبه وراهنًا مقدراته للأعداء من أجل استمراره في الحكم.
وأضاف "عندما ترك شعبنا في الداخل والشتات أمام مصيره دون أي مساعدة أو عون من أحد، وتركت مقدساته نهبا للمشروع الصهيوني، فكان إعلان ترامب المشؤوم بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، ونقل سفارة بلاده إليها، وذلك تحت سمع وبصر العالم العربي والإسلامي والسلطة الفلسطينية".
وأردف زعارير: "وفرضت بعض الدول العربية عقوبات على شعبنا بسبب رفضه لقرار ترمب، والذي جاء متزامنا مع نكبة فلسطين في رسالة خبيثة لشعبنا، متجاهلا ما حدث له في النكبة، ثم جاء الحديث عن ما يسمى صفقة القرن التي تصادر ما تبقى لنا من حق وتمكن الاحتلال على أرضنا ومقدساتنا وتلغي أي حلم بالعودة وتقرير المصير والعيش بسلام على أرضنا".
ولم تنته النكبة التي تتجدد كل عام، تتجدد معها مخططات استيطانية للسيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية، وحصار لقطاع غزة، في ظل ترويج عربي للتطبيع، وتخاذل للسلطة الفلسطينية باتفاقيات وتنسيق أمني، لم يثن كل ذلك الفلسطيني عن المقاومة والتضحية بالشهداء والأسرى والجرحى متمسكًا بحقه وثوابته.