أرض كنعان
رغم حالة الإهمال والتهميش المتعمد، التي تعاني منها مدارس مدينة القدس المحتلة في ظل تفشي جائحة "كورونا"، إلا أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تُصر على عودة الطلبة إلى مدارسهم غدًا الأحد، في خطوة وصفها اتحاد أولياء أمور طلاب القدس بـ"الكارثة".
وقرّرت حكومة الاحتلال الجمعة عودة الطلاب إلى التعليم تدريجيًا، بدءًا من يوم الأحد المقبل، للصفوف من الأول حتى الثالث، وكذلك الـ11 و12، على أن تعود باقي الصفوف حتى موعد لا يتجاوز الأول من حزيران/ يونيو المقبل.
كما قرَّرت فتح رياض الأطفال والحضانات (للرضّع وجيل الطفولة المبكرة) في العاشر من أيار/ مايو الجاري، مشترطة الحفاظ على القواعد التي أعلنت عنها وزارة الصحّة سابقًا، ومنها الحفاظ على التباعد الاجتماعي.
ويأتي هذا القرار في ظل غياب أدنى مقومات السلامة والأمن للطلبة المقدسيين، وقلة الإمكانيات وأشكال الدعم المقدمة من حكومة الاحتلال، وعدم توفر بيئة صحية مناسبة لعودة الطلبة لمقاعد الدراسة في ظل هذه الظروف الصعبة.
وتستهدف سلطات الاحتلال بشكل متواصل، قطاع التعليم بالمدينة المقدسة بعشرات الانتهاكات والممارسات، فضلًا عن استمرار تعرض المنهاج الفلسطيني للتعديل والتحريف، بهدف السيطرة عليه وأسرلته، بما يستهدف في المحصلة محو الهوية الوطنية الفلسطينية وكي عقول الطلبة.
وكانت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية وضعت خطة لعودة طلاب المرحلة الابتدائية ورياض الأطفال إلى التعليم، لكنها حظيت بمعارضة كبيرة في ظل انتشار فيروس "كورونا".
وحفاظًا على سلامة وأمن الطلبة المقدسيين، قرر اتحاد أولياء أمور طلاب مدارس القدس عدم الموافقة على عودة الطلبة إلى المدارس بكافة مراحل التعليم الخاص، الروضات، الحضانات والمراحل الابتدائية، محذرًا من مغبة التعامل مع هذا القرار.
إهمال متعمد
ويقول رئيس الاتحاد زياد الشمالي لوكالة "أرض كنعان" إن مدارس القدس تُعاني تهميشًا وتقصيرًا إسرائيليًا متعمدًا من قبل بلدية الاحتلال وواقعًا مأساويًا، بحيث لا توفر إجراءات السلامة ومستلزمات الوقاية للطلبة من تفشي الوباء، ولم تجرِ أية عمليات تعقيم للمدارس، ولذلك قررنا عدم عودة الطلبة لمقاعد الدراسة.
وتعد تلك المدارس- بحسب الشمالي- بيئة حاضنة وخصبة لانتشار الوباء، نتيجة التقارب بين الطلاب، ونظرًا لطبيعة الغرف الصفية والنقص الحاد فيها وعدم تأهيلها وصيانتها بشكل دائم، وافتقارها كذلك إلى الحد الأدنى من الظروف الصحية والتعليمية.
ويضيف "نحمل السلطات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا القرار، والذي يأتي في ظل زيادة أعداد المصابين بفيروس كورونا وانتشاره بأحياء القدس، وفي ظل غياب الإجراءات الوقائية وعدم وجود رؤية واضحة لعودة الطلبة للمدارس".
ويؤكد أن هذه البيئة غير المناسبة صحيًا ستنعكس سلبًا على الطلاب حال عودتهم للمدارس، وقد تؤدي إلى وقوع كارثة صحية خطيرة ليس على الطلبة فقط بل على الأهالي أيضًا.
ووفق اتحاد أولياء الأمور، فإن وزارة المعارف والتعليم الإسرائيلية تتهرب من المسؤولية الكاملة عبر إجبار الأهالي بالتوقيع على وثيقة تقر بموافقتهم على عودة أبنائهم إلى المدرسة وأنهم مسؤولين عن أي أمر يحصل لهم.
وتشترط وزارة التعليم الإسرائيلية أن" كل ولي أمر ملزم بتوفير المواصلات لابنه ذهابًا وإيابًا، وإحضار تقرير صحي يومي عن حالة ابنه يثبت قياس درجة حرارته يقدمها للمعلم، قبل الدخول إلى المدرسة لضمان عدم نقل العدوى للطلاب، وأيضًا لأسباب أخرى".
خطر على حياتهم
ويخشى أهالي الطلبة بالقدس من إجبار سلطات الاحتلال أبنائهم على العودة لمقاعد الدراسة، مع انتشار الوباء في المدينة، مما يشكل خطرًا كبيرًا على صحتهم وحياتهم.
وتمارس بلدية الاحتلال تمييزًا عنصريًا واضحًا في المدارس العربية من حيث توفير الخدمات والاحتياجات الأساسية والمرافق العامة، ناهيك عن التفريق بين معاملة المدارس التي تدرس المنهاج الفلسطيني وتلك التي تدرس المنهاج الإسرائيلي.
وحول دور الاتحاد، يقول الشمالي: "خاطبنا كافة أولياء الأمور بالقدس وطالبناهم بعدم التجاوب مع قرار العودة للمدارس، ورفض أي مساعٍ إسرائيلية لإجبار الطلاب على ذلك، كما تواصلنا مع السلطات الإسرائيلية وشرحنا وجهة نظرنا حيال القرار ومدى خطورته، لأن أبناءنا ليسوا للتجارب ولا للمساومة على سلامتهم".
ويطالب جميع الأهالي بعدم التجاوب مع قرار العودة حتى نتحصل على ضمانات كاملة صريحة ومباشرة من وزارة الصحة تؤكد بأمان هذه العودة وزوال الخوف من الإصابة بالعدوى وتوسع انتشارها بين أفراد المجتمع عامة.
وكانت وزارة الصحة الإسرائيلية دفعت نحو عدم العودة للمدارس، بعد حصولها على توصيات ونتائج أبحاث معهد "غارنتر"، والتي أظهرت أن الأولاد والأطفال من جميع الأعمار عرضة للإصابة بفيروس "كورونا"، كما يمكنهم نقل العدوى والفيروس لأطفال آخرين وللبالغين وللكبار بالسن.