Menu
13:54تنويه مهم حول كشف المسافرين عبر معبر رفح ليوم غد الإثنين
13:53داخلية غزة تعلن عن فتح معبر رفح في كلا الاتجاهين لمدة أربعة أيام متتالية
12:45العمصي يطالب بإدراج متضرري كورونا العمال في المنحة القطرية
12:42تحذير من ظروف مقلقة للأسيرات بمعتقل "الشارون"
12:39تعرف علي الخارطة الوبائية لمصابي كورونا اليوم في قطاع غزة
12:30الحركة الطلابية تهدد بإضراب مفتوح في حال لم تستجب جامعة بيرزيت لمطالبهم
12:29"إسرائيل" تبدأ تخفيف قيود الإغلاق
12:26إصابات بالاختناق واعتقال أسير محرر خلال اقتحام الاحتلال بلدة دورا جنوب الخليل
12:25المتطرف "غليك" يقود اقتحاما استفزازيا للأقصى
12:01المنظمة: ما أقدمت بريطانيا على تمريره قبل 103 أعوام عبر بلفور لن يستكمل على أيدٍ أميركية
11:59قوات الاحتلال تبعد شابًا عن الأقصى أسبوعًا
11:56تطبيع بلا تفويض.. الانتقادات والاحتجاجات في السودان تتصاعد رفضا لاتفاق العار
11:50ارزيقات: سيتم صرف كافة مستحقات المعلمين الشهر الحالي
11:48الكشف عن أسباب ارتفاع إصابات كورونا في قطاع غزة
11:47"سلطة النقد" تصدر تعميمًا حول نسبة خصم القروض من رواتب الموظفين عن شهر أيلول
resize (2)

البرتقالي يغزل بهدوء ألوان حياة لنساء فقدنها

ارض كنعان -

فكرة البحث عن أمل أو مساحة ضوء تنير عتمة الواقع الذي يحيط بنا، كلونٍ برتقالي يشع بإشراق ويملأ الأمكنة نوراً وإحساساً بالبهجة والأمل، وما يحدث حين يصبح العالم برتقالياً هو أن نعيد الثقة أكثر بالنضالات والجهود النسوية على مدار الأعوام الكثير الماضية.. وأن نؤمن بما نفعل حتى لو كان المسار طويلاً والانجاز بطيئاً.

فمنذ اغتيالهن -بكل وحشية- في الـ 25 من نوفمبر عام 1960 ؛ غدت الأخوات ميربال في جمهورية الدومينيكان على يد الديكتاتور خوريوس، وحتى العام 1991حين قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تتويج جهود الأخوات ميربال ضد العنف السياسي والاجتماعي، وتخليد ذكراهن من خلال تخصيص هذا التاريخ كيومٍ دوليٍ للقضاء على العنف، ومشاركة جهود الجميع حول العالم كانت أشبه بكرة الثلج المتدحرجة بلونها البرتقالي.

تألق البرتقالي منذ 28 عاماً، سنوات طويلة ومعارك جوهرية وأخرى هامشية ونضالات مستمرة بكل مستوياتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، فهل يمكننا اليوم أن نقول أن جهود الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات قد بدأت تتبلور حقيقة بشكل جدي وفاعل، وهل حملة الـ16 يوما والتي تنتهي باليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر من كل عام، هي فترة تستثمر فيها فعليا كافة النضالات والعمل المضني طوال أيام العام لكافة المؤسسات النسوية وتلك التي تعني بحقوق الإنسان.

 

لقد شاركت على مدار سنوات أكثر من 5000 مؤسسة وجهة ومنظمة في فعاليات الـ 16 يوماً، وفي أكثر من 186 دولة حول العالم، هذه الجهود الفعلية التي أضاءت هذا العام في بداياتها قوارب غزة باللون البرتقالي كلون يبث الحياة والإيجابية في سبيل التوعية بمخاطر العنف، والبحث عن بارقة أمل ومساحة ضوء فعلية لحماية النساء وتحقيق العدالة الجندرية في المجتمع الفلسطيني.

 

قد يرصد البعض عدد ونوعية الإنجازات التي تحققت وعيونهم على القوانين والتشريعات فعمر التعديلات والاقتراحات على قانون حماية الأسرة من العنف استمرت 15 عاماً وحتى الآن لم يتم إقراره كقانون رغم كل الوعودات، لو أردنا أن نقيم مثل هذه الإنجازات في ظل واقعنا الفلسطيني واستمرار الاحتلال والانقسام اللذان يفاقمان أشكال وحجم انتشار العنف، ولا نغفل عن الإرث الثقافي والفكري لمجتمعنا الفلسطيني لن نكون منصفين، فاستمرار هذه الجهود في ظل هذه البيئة المعقدة بالأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بكل المجتمع وقضاياه، واستمرار النضالات لتكون في الصدارة وليست في الخلف كسنوات طويلة تقدمت فيها القضايا السياسية دوماً، فهذا باعتقادي الأهم وهو التمركز والصلابة ببقاء قضايا العنف وسبل التخفيف منه في البيئة الملغمة هو إنجاز باعتقادي ويجب المحافظة عليه.

 

يشير المشهد العام في فلسطين بأن هناك اختلاف وتميز هذا العام ويمكننا قياسه بعدة مستويات:

المستوى الأول: القوانين والتشريعات: رغم أنه حتى كتابة هذا المقال لم يقر قانون حماية الأسرة من العنف، إلا أن هناك الكثير من الأمل لإقراره على الأقل حتى بداية العام 2020 وفق ما أكدت وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية، كما أن هناك قرار رئاسي يؤكد على تحديد سن الزواج إلى 18 عاماً، ورغم أن هناك بعض الاستثناءات إلا أن القراءة العامة تشير إلى أن هناك مساحة أمل بتتويج قوانين تشكل جزءاً مهما لحماية النساء والفتيات.

 

المستوى الثاني: تزايد الوعي لدى الجمهور نتيجة العمل النسوي المتواصل على مدار العام، ودعم الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لكشف الكثير من جرائم العنف التي كانت فيما مضى مسكوت عنها، ولا يمكن البوح بها خارج أسوار البيوت على مبدأ أن البيوت أسرار، فتزايد المعرفة والوعي والاعتراف الضمني مجتمعياً بوجود عنف مبني على النوع الاجتماعي، هو مؤشر في غاية الأهمية أنه رغم بطء حركة التغيير في واقع النساء والفتيات الفلسطينيات، إلا أن هناك ملامح جديدة تتشكل في وعي الجمهور الفلسطيني.

 

المستوى الثالث: هناك جهود فاعلة وواضحة تتميز بالعمل الجمعي وتحت مظلة مؤسسات نسوية أو أممية، وفي تكامليتها يمكننا قراءة مشهد مختلف نوعاً ما بتجديد العهود لتوصيف واقع النساء الاجتماعي بشفافية، كما أن هذه الفعاليات باتت تأخذ أشكالاً وقنوات مختلفة ومتعددة منها الاهتمام بالوضع النفسي ودعم النساء في مواطن وجودهن ودورهن مجتمعيا، وهناك تجدد في أدوات المساءلة للجهات الرقابية ذات العلاقة بقضايا النساء.

 

من المُجدي وفق التجارب العالمية والمحلية ضرورة الاستمرار في برامج مناهضة العنف ضد النساء وبناء التحالفات والائتلافات التي من شأنها أن تزيد عوامل القوة في مواجهة العنف بكافة أشكاله.

لقد كشفت عدة قضايا عنف أصبحت قضايا رأي عام بامتياز خلال العام 2019 أن هنالك فجوات مخيفة في نظام حماية النساء المعنفات وتحديدا في قطاع العدالة وقطاع الصحة، فعدم تكاملية الخدمات المقدمة للنساء المعنفات من الدعم النفسي والصحي والفكري والتعامل مع النساء كإنسان لهن حقوق يتوجب انتزاعها لن يغير من الأمر شيء، إلا أن حلقات التواصل والمواجهة مع المجتمع مستمرة فهناك رفض مخيف لأي جهود تسعى لتحصين بيئة النساء وحمايتهن، بينما كثيرون مستفيدون من بقاء الواقع غير المبني على العدالة والمساواة لأنه يزيد من سطوة الذكور والمؤسسة الذكورية، فتجد على سبيل المثال أن أحد الرجال يقوم بضرب أخته أمام باب إحدى المحاكم في فجور واحد فهو يعلن امتلاك المرأة الأخت، وكأنها ملكية خاصة له أن يفعل بها ما يشاء ليس فقط في الحيز الخاص وفي "البيت كاتم الأسرار" لا بل أيضا يقدم هذا الإعلان بكل استعلاء واستخفاف بكل الأعراف والقوانين والأخلاقيات في الحيز العام ولا يخشى أبدا من أي نوع من العقاب، لأنه ليست هنالك قوانين رادعة، وليست هنالك أي سلطة أعلى من سلطته وسيعود ليمارس سطوته على ممتلكات أخرى قد تكون الابنة أو الزوجة ..!!

 

إن ما يزيد من تعقيد المشهد الفلسطيني هو استمرار ممارسات الاحتلال اللانسانية، فقتل ثمانية أفراد من عائلة كعائلة السواركة (14 نوفمبر 2019) وهي نائمة وآمنة في بيتها هو أقسى درجات العنف، وهي جريمة لا تسقط بالتقادم خاصة مع اعتراف جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه استهدف البيت بشكل خاطئ.!

تلك الجريمة التي ارتكبت مؤخراً وهي ليست إلا نموذجا من جرائم متكررة ومستمرة ضد الأسر الفلسطينية في قطاع غزة، تشكل جريمة حرب كاملة الأركان، تستوجب ملاحقة من الجناة كي لا يفلتوا من العقاب، وهي بمثابة انتهاك وتحدي لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومخالفة لميثاق روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية واتفاقية جنيف الرابعة، وأيضاً انتهاك للقرار 1325 الخاص بحماية النساء وقت النزاعات المسلحة.

 

إن جهود النسويات مع بدايات الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات كانت تؤكد على المطالبة بتفعيل الملاحقة والمساءلة عن جرائم الحرب، وهي أكثر وعياً مما سبق لحقوق النساء والفتيات في ظل استمرار انتهاكات الاحتلال المتواصلة، إن شعار العام 2019 للحملة العالمية لمناهضة العنف فلسطينيا تتمثل في ضرورة إنهاء الاحتلال، انهاء الانقسام، انهاء العنف.

وربما كي نبقي مساحات الأمل والبرتقالي زاهياً علينا أن نواصل الجهود التوعوية والتثقيفية للأجيال القادمة فالمعارك النضالية تحتاج لعهود طويلة من أجل الوصول للتغيير والتحسين، كما أننا بحاجة للسعي لتحسين البيئة القانونية لحماية النساء وإنصافهن، وضرورة مواصلة النضال لأجل نظام حماية وطني متكامل الخدمات للنساء الفلسطينيات.