غزة – محمد هنية
يبدو أن السلطة الفلسطينية مُصرة على تجاوز "الخط الأحمر" الذي أعلنه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، القاضي برفض أي فكرة تتعلق بإنشاء كونفدرالية مع الفلسطينيين.
ورغم إعلان الملك الأردني ذلك علانية، بالقول: "نسمع كل عام عن موضوع الكونفدرالية، وجوابي، كونفدرالية مع مين؟ هذا خط أحمر بالنسبة للأردن"، لكن السلطة الفلسطينية تضرب بعرض الحائط كما يبدو هذه الخطوط مُعلنة جهوزيتها التفاوض مع الأردن بشأن الكونفدرالية.
إعلان السلطة جاء على لسان سفيرها في موسكو عبد الحفيظ نوفل أمس الخميس، الذي قال: "جاهزون للتفاوض حول الكونفدرالية مع الأردن"، وذلك بعد أشهر قليلة من كشف رئيس السلطة محمود عباس تلقيه عرضا أمريكيا بإنشاء كونفدرالية مع الأردن وموافقته على ذلك بشرط.
وقال عباس في فبراير الماضي خلال لقائه وفدا إسرائيليا من حركة "السلام الآن" برام الله، "إن خطة الكونفدرالية طرحها جاريد كوشنير صهر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ومستشاره، والمبعوث الخاص للرئيس، جيسون غرينبلات"، مضيفا أنه سيوافق على مقترح كهذا شرط أن تكون "إسرائيل" جزءا من تلك الكونفدرالية.
وقال عباس حرفيا: "سألوني إذا كنت مؤمنا بفيدرالية مع الأردن، قلت: نعم، أريد كونفدرالية ثلاثية مع الأردن ومع إسرائيل. وسألت إذا كان الإسرائيليون يوافقون على ذلك؟"
ورغم تأكيد الأردن وعلى لسان ملكه بأنه "لا بديل عن حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية"، إلا أن أي خيار آخر خارج هذا الإطار "لا قيمة له" على حد قوله، لكن ثمة مؤشرات مختلفة تصدر عن السلطة، يرى قادة أحزاب أردنية أنها تؤكد انخراط السلطة بتنفيذ "صفقة القرن".
انخراط السلطة بتنفيذ صفقة القرن
سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية الأردني، الذي استنكر تصريح سفير السلطة بموسكو، قال "إن حديث السلطة عن استعدادها التفاوض على كونفدرالية مع الأردن التفاف على الحق الفلسطيني ويخلق أرضية لتمرير صفقة القرن، وهو وسيلة لتبرير وتسويق المخططات المعادية".
وأضاف في حديث خاص لوكالة "شهاب"، "أن تصريحات عباس وسفيره بموسكو عن الكونفدرالية التفاف على الحق الفلسطيني ووسيلة لتبرير انخراط البعض في صفقة القرن".
وأوضح موقف الأردن واضح بأنه لا يريد كونفدرالية لكن موقف السلطة يتناقض مع كل القرارات التي اتخذت، والحديث الآن عن جهوزية السلطة للتفاوض بشأنها يعد مدخلا لقبول ما هو مطروح من الإدارة الأمريكية المعروف باسم (صفقة القرن)".
من جهته، قال ربحي حلوم سفير منظمة التحرير السابق في عدد من الدول العربية والإسلامية، إن تصريح سفير السلطة في موسكو عبد الحفيظ نوفل، "لم يأت من فراغ فمن حيث التوقيت يأتي قبل أسبوعين أو ثلاثة من نية إدارة ترامب إعلان ما تسمى بـ "خطة السلام" (صفقة القرن)".
وأضاف حلوم في حديث خاص لوكالة "شهاب"، "أن هناك نصوصا في "صفقة القرن" تنص على إقامة كونفدرالية بين السلطة والأردن، وقد أعلنت الأخيرة رفضها الشديد لهذا الأمر، "لكن يبدو أن السلطة تريد أن تُقدم على خطوة تخدم تنفيذ صفقة القرن من حيث وضع أهلنا الفلسطينيين بالضفة ضمن كونفدرالية مع الأردن".
أما منير حمارنة منير حمارنة الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني، فوصف إعلان رئيس السلطة محمود عباس قبوله كونفدرالية فلسطينية أردنية شرط أن تكون "إسرائيل" فيه بـ "اللعب والضحك".
وقال حمارنة في تصريح سابق لوكالة "شهاب"، إن كونفدرالية أردنية فلسطينية لا يمكن أن تتم إلا إذا كان في دولة فلسطينية مستقلة، والحديث عنها هدفه التملص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
وأضاف: "قبل أن تعرض أمريكا الكونفدرالية عليها أن تعرض كيف ينتهي الاحتلال وأن تعترف بالدولة الفلسطينية"، مؤكدا أن الولايات المتحدة ليست معنية بالأردن ولا بفلسطين بل بـ "إسرائيل".
ووصفت هند الفايز النائب السابق في البرلمان الأردني، تصريحات عباس السابقة بشأن قبوله كونفدرالية بين السلطة والأردن بشرط انضمام "إسرائيل" لها بـ "الوقاحة"، وقالت الفايز: "عباس يقول للكيان الصهيوني أن لك في الأردن حصة، ويساعد على تحقيق الحلم الصهيوني بالاستيلاء على الوطن العربي".
وأضافت الفايز في تصريح سابق لوكالة شهاب: "محمود عباس بموافقته هذه وكأنه يقول (لإسرائيل) لا تكتفي باحتلال وسرقة فلسطين بل امتدي الى الأردن"، مؤكدة أن كل أردني حر يرفض هذه التصريحات الوقحة ولا يمكن أن يقبل بكونفدرالية مع فلسطين فما بالكم مع الكيان الصهيوني.