ارض كنعان -أينما تتجه عينك في الأسواق الغزّية، تجد المواطنون يتجمّهرون حول باعة "ملابس البالة"، فالأسعار الرخيصة والجودة العالية سببان رئيسيان لإقبال الناس على اقتناءها، بيدّ أنّ انهيار الاقتصاد الغزي جراء قطع رواتب موظفي السلطة والحصار المفروض أثّر سلباً على جميع مناحي الحياة في قطاع غزة.
وتتواجد محلات وبسطات "البالة" بكثرة في جميع محافظات القطاع، وما يميزها هي الماركات العالمية التي تتواجد بها ولا تتوفر في محلات الملابس الجديدة، حيث يجد فيها المواطنين دافعاً لشرائها بديلاً للملابس الجديدة.
المواطن محمد صلاح (34عامًا)، يقول: "إن دخله الشهري المحدود لا يسمح له بشراء الملابس الجديدة، ما يضطر للتوجه إلى أماكن بيع البالة في الأسواق العامة"، مشيراً إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة تجبره على شراء ملابس البالة.
ويضيف صلاح "الماركات العالمية وخاصة الملابس الشتوية تشجّعني على شراءها، كما أن الأسعار رخيصة في متناول الجميع، فأقوم بانتقاء ما يناسب لي ولأبنائي".
أما هواية اللاعب جهاد أبو سلطان الرياضية المفضلة هي "الباركور"، تتطلب منه أن يرتدي ملابس خاصة ليمارس رياضته، مشيراً إلى أن ما يحتاجه من ملابس رياضية لا تتوفر في بيع محلات بيع الملابس الرياضية.
وأوضّح أبو سلطان ، أن "ملابس البالة" ملجأه في هذه الحالة ليحصل على الملابس الرياضية المناسبة له، مضيفاً أن أسعارها رخيصة ناهيك عن جودتها العالية.
على الصعيد ذاته، يشير أبو شاكر السنداوي صاحب محلات لبيع "البالة"، أن الزبائن الذين يترددون على محلاته لسببين، الأول أن سعرها في متناول جميع الطبقات الاجتماعية "الفقراء قبل الأغنياء"، والسبب الثاني إقبال الناس على الملابس لأنها ذات جودة عالية وأسعار رخيصة.
وذكر السنداوي ، أنه يستورد "البالة" من الداخل المحتل (سمك في بحر) بأسعار متفاوتة تتراوح بين (2500- 4000) شيقل للطن الواحد، مبيناً أنه يتم فرز الملابس حسب جودتها وإتلاف بعض الملابس التي لا تصلح للاستخدام.
ويضيف: "كل قطعة من "البالة" ليس لها مثيل وهذا ما يميز "ملابس البالة"، لافتاً أن أسعار الملابس تبدأ من (5 -70) شيقل حسب النوع والجودة، فالملابس الشتوية الثقيلة قد يصل سعرها إلى (70) شيكل، فيما تصل الملابس الخفيفة إلى (5) شواكل .
وحول القدرة الشرائية، يوضّح السنداوي أنها في تراجع كبير جداً عن السنوات السابقة، مشيراً إلى استمرار أزمة رواتب الموظفين، الضرائب المرفوضة على "ملابس البالة" تثقل كاهل التجار في قطاع غزة، لاسيما استمرار الأزمات الاقتصادية والحصار المفروض على قطاع غزة منذ ما يزيد عن 12 عامًاً.
وتمنّى السنداوي، أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، خاصة رواتب الموظفين بشكل عام ورفع العقوبات المفروضة عليهم كي تعود عليهم بالمنفعة وتعويض خسائرهم في السنوات السابقة.
وتستورد "البالة" في حاوياتٍ كرتونيّة كبيرة، يتم تجميعها بعد عملية الفرز، ويستلمها تُجّار مختصين في بيع "البالة" في قطاع غزة، هم أنفسهم الذين سيعملون على بيعها بالجملة في ما بعد للمحال التجاريّة المُختصة ببيع الملابس المُستخدمة.
وتتميز محلات بيع "البالة" بأنها مقصد كافة طبقات المجتمع الفلسطيني، حيث يرتادها الرجال والنساء من الطبقات الراقية بحثاً عن الماركات العالمية التي لا تتوفر منها في محلات بيع الملابس الجديدة، إضافة إلى أن الطبقات المتوسطة والفقيرة تبحث عن البضائع الجيدة بأسعار أرخص من البضائع الجديدة.