أرض كنعان - غزة - يوافق اليوم الأربعاء الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد نائب القائد العام لكتائب القسام الشهيد أحمد الجعبري ومرافقه محمد الهمص والذي كان دمهم شرارة لإنطلاق معركة حجارة السجيل في 2012.
حياة وجهاد
كان أحمد الجعبري المولود في العام 1960 نائب القائد العام لكتائب القسام والقائد الفعلي لها على الأرض، ويطلق عليه "رئيس أركان حركة حماس".
الجعبري من سكان حي الشجاعية شرق مدينة غزة، حصل على بكالوريوس التاريخ من الجامعة الإسلامية بغزة.
استهل الجعبري مسيرته النضالية في صفوف حركة "فتح"، واعتقل مع بداية عقد الثمانينيات على يد قوات الاحتلال وأمضى 13 عاما بتهمة انخراطه في مجموعات عسكرية تابعة لفتح خططت لعمليات فدائية ضد الاحتلال عام 1982.
انتمائه لحركة حماس
خلال وجود الجعبري في السجن، أنهى علاقته بحركة "فتح"، وانتمى لـ"حماس" وعمل بمكتب القيادة السياسية لها، وتركز نشاطه عقب الإفراج عنه من سجون الاحتلال عام 1995 في إدارة مؤسسة تابعة لحركة حماس تهتم بشؤون الأسرى والمحررين، ثم عمل في عام 1997 في حزب الخلاص الإسلامي الذي أسسته الحركة في تلك الفترة لمواجهة الملاحقة الأمنية المحمومة لها من جانب السلطة آنذاك.
في تلك الفترة توثقت علاقة الجعبري بالقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، والقائدين البارزين عدنان الغول وسعد العرابيد، وساهم معهم إلى جانب الشيخ صلاح شحادة في بناء كتائب القسام، ما دفع جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة في العام 1998 إلى اعتقاله لمدة عامين بتهمة علاقته بكتائب القسام، وتم الإفراج عنه مع بداية الانتفاضة إثر قصف الاحتلال لمقرات الأجهزة الأمنية في القطاع.
وكرّس الجعبري وقته خلال اعتقاله في السجون المركزية في السنوات التسع الأولى من اعتقاله للاطلاع وخدمة المعتقلين، وقاد معهم عددًا من الإضرابات، والتي انتزعوا فيها الكثير من الإنجازات، وكان في كثير من الأحيان يمثل الأسرى أمام إدارة السجن التي تهابه لمواقفه القوية والحازمة.
قيادة العمل العسكري وتعرضه للاغتيال
كان للجعبري الدور الكبير في ترتيب وقيادة العمل العسكري قبل وخلال انتفاضة الأقصى وتدرج في قيادة "كتائب القسام" ولعب دورًا لوجستيًّا كبيرًا، لاسيما بعد استشهاد القائد العام الشيخ صلاح شحادة، حيث شارك الجعبري في زيادة تدريب وتسليح كتائب القسام بشكل كبير، وحوّلها برفقة إخوانه من مجموعات مسلحة إلى جيش شبه نظامي يتكون من تشكيلات قتالية نظامية.
وخلال عمله العسكري، نجأ الشهيد القائد أحمد الجعبري من عديد محاولات الاغتيال الصهيونية، وكان أبرزها، عملية الاغتيال في السابع من آب (أغسطس) من عام 2004م حينما قصفت طائرة صهيونية منزل عائلته في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فاستشهد نجله محمد (23 عامًا) وشقيقه فتحي (38 عامًا) وصهره، وعدد من أقاربه، ومرافقه علاء الشريف (27 عامًا)، إلا أنه نجأ من محاولة الاغتيال الجبانة وأصيب بجراح طفيفة.
وفاء الأحرار وشراسة المفاوض
لمع اسم الشهيد القائد أحمد الجعبري إعلامياً، خلال عمليات التفاوض التي قادها الشهيد نيابة عن كتائب القسام مع عدد من الوساطات العربية والدولية للإفراج عن الجندي الصهيوني "جلعاد شاليط" الذي أسرته كتائب القسام عام2006م، في عملية الوهم المتبدد.
وقد أظهر القائد الجعبري صلابة وشراسة المفاوض القسامي، أمام المراوغات الصهيونية في كل جولة من المفاوضات التي استمرت لقرابة الخمس سنوات.
وسعى الشهيد القائد أحمد الجعبري برفقة إخوانه من قادة كتائب القسام، لإخراج العدد الأكبر من الأسرى القدامى وأصحاب المحكوميات العالية، وهذا ما حدث في أكتوبر من العام 2011م، عند إتمام صفقة وفاء الأحرار القسامية بنجاح كبير.
رسالته الأخيرة
كانت للجعبري رسالة أخيرة قبيل استشهاده فقال: "أنا مطمئن اليوم على حماس، فقد شكلت جيشاً قوياً، وأقر الله عيني بصفقة وفاء الأحرار، وأتمنى أن ألقى ربي راضياً مرضياً"، بهذه الكلمات عبر القائد أحمد الجعبري عن شوقه للشهادة في سبيل الله بعد أن حقق أهم هدف طالما سعى له من لحظة خروجه من المعتقل، وهو تحرير الأسرى.
أمل الأسرى
ومع مرور خمسة أعوام على استشهاده أيضاً لا يزال الشهيد الجعبري حاضراً في قلوب الأسرى وعائلاتهم لما له الفضل الكبير بعد الله في إبرام "صفقة وفاء الأحرار" التي تحرر فيها نحو 1050 أسير فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي مستهل هذه الذكرى يستذكر أسرانا وشعبنا الفلسطيني والعالم العربي والاسلامي كيف استطاع القائد الشهيد الجعبري إذلال الجيش الذي لا يقهر وهو يمسك بالجندي الأسير في اللحظات الأخيرة من إتمام الصفقة ليظهر بمظهر المنتصر على أعتى جيش في المنطقة.