Menu
15:27حماس: هدم "حمصة البقيعة" جريمة تستوجب العقاب
15:25مجلس العلاقات يطالب المجتمع الدولي بفرض عقوبات على الاحتلال
15:23"حماية": 29 اعتداءً إسرائيليًا على الصيادين بغزة بأكتوبر
13:01حماية: جريمة هدم حمصة البقيعة تستوجب المحاكمة
12:59"أوتشا": الاحتلال هدم وصادر 41 مبنى فلسطينيًا بأسبوعين
12:56إدانة دولية لأكبر عملية هدم إسرائيلية بالضفة
12:53خسارة فلسطيني انتخابات الكونغرس بعد نشره صورة مع المجرم "باراك"
12:49صحة رام تنشر آخر إحصاءات فيروس "كورونا" في فلسطين
12:48وفد دبلوماسي أوروبي ينتقد الهدم الإسرائيلي في حمصة الفوقا
12:29الجامعة العربية: نُدين استمرار الاحتلال بسياسة هدم المنازل
12:28الانتخابات الأمريكية.. ولاية واحدة يحتاجها بايدن ليزيح ترامب ويدخل للبيت الأبيض
11:59الصحة تنشر الخارطة الوبائية لفيروس "كورونا" في غزة
11:083 شبان في العناية المركزة ولم يعانوا من امراض سابقة.. غزة: تنويه وتحذير مهم حول فيروس كورونا
11:03رغم ما قدمه ترامب لـ"إسرائيل".. لماذا صوت غالبية يهود أمريكا لبايدن؟
10:58محبط و غاضب.. هكذا يقضي ترامب وقته و يتابع خسارته في الولايات الحاسمة

شهداء وادي السلقا الأطفال.. ورحلة الصيد الأخير!

أرض كنعان - دعاء الحطاب-

بينما كانت العصافير تختبئ بين أغصان الأشجار، كان الأطفال « محمد، خالد، عبد الحميد» يشقون عتمة الليل بخطوات هادئة مبعثرة في إحدى الأراضي الزراعية القريبة من الحدود الشرقية لدير البلح وسط قطاع غزة، بعد نصبهم شباكاً لصيد العصافير، وتارةً أخرى يتسابقون مع نسمات الهواء الباردة بضحكاتٍ تملأ الأرجاء وسعادةٍ تجسد تفاصيل براءة الطفولة الجميلة.  لكن فجأة، ودون أسباب واضحة أو أي مقدمات تحذيرية، وقبل أن يصطاد الأطفال العصافير، اصطادتهم طائرات الاحتلال الصهيوني بصواريخ حاقدة قتلت فرحتهم وبعثرت أجسادهم الصغيرة في الأرجاء، لتُحلق أرواحهم طيوراً في عنان السماء.

واستشهد الأطفال محمد إبراهيم عبد الله السطري (13 عاماً)، وخالد بسام محمود أبو سعيد (14 عاماً)، وعبد الحميد محمد عبد العزيز أبو ظاهر (13 عاماً)، جميعهم من وادي السلقا شرق دير البلح وسط القطاع المحاصر، إثر استهدافهم بشكل مباشر من قبل طائرات العدو الصهيوني، بينما كانوا ينصبون شباكًا لصيد العصافير قرب الحدود الشرقية لبلدتهم المفجوعة برحيلهم.

لم تكن حادثة استهداف الاطفال الثلاثة، وحدها شاهدةً على سياسة "افتراس الاطفال" التي ينتهجها الاحتلال، إنما تفرقت الأماكن وتوحدت المشاهد لأطفال من عوائل وأسر مختلفة، والتهمة واحدة بأنهم أبناء هذه الأرض التي لم تخضع لذل أو هوان.

موعد مع الفاجعة

في ساعات المساء من أول أمس الأحد الدامي، وحين أن بدأ الليل يرخي سدوله، كانت الأجواء هادئة والصمت يُخيم على المنطقة، إذ بصواريخ الاحتلال تقطع هذا الهدوء لتصطاد الأطفال الثلاثة الذين عشقوا الحياة وعاشوها معاً وغادروها معاً.

لم يدُر في مخيلة أبو عبد الله عم الشهيد "محمد السطري"، أن المجموعة المستهدفة والتي تحولت أجسادهم إلى أشلاء، هم ثلاثة أطفال لا تتجاوز أعمارهم الـ "14عاما" من بينهم "محمد"، فإعلان جيش الاحتلال عن استهدافه لمجموعة شباب قرب السياج الفاصل حال دون ذلك.

فبينما كان "أبو عبد الله" ينهي عمله مستعدا للعودة إلى أسرته، تواصل مع شقيقه كي يتفقد أحواله، فما كان من الأخير إلا أن يبلغه بأن "محمد طلع يلعب مع أصحابه بالأرض وما رجع، خايف عليه.. القصف شغّال"، فأخذ يُطمئنه قائلاً:" ما تخاف أكيد هو بخير، القصف قالوا إنه لشباب عند السياج".

ويقول عم الشهيد خلال حديثه: "بعد صلاة العشاء سمعنا انفجاراً شديدا بالمنطقة، حينها كان أخي قلقاً جداً على ابنه محمد فقد ذهب مع رفاقه لاصطياد العصافير واللعب بأرضه الزراعية، وعندما أعلنت الاذاعات أن الانفجار ناجم عن استهداف الاحتلال لمجموعة شباب على السياج الفاصل، هدا روعنا قليلاً".

وأردف بألم: "بعد ما يقارب نصف ساعة، كنا نجلس أمام باب المنزل وننتظر عودة محمد ورفاقه، فجأة جاءنا أحد رجال الإسعاف، ليعرض علينا صورا التقطها بهاتفه النقال، وهنا كانت الفاجعة.. فأصحاب الصور هم أطفالنا "محمد، خالد، عبد الحميد".!

واستدرك قائلا: "ما كنا نتوقع للحظة أن المُستهدفين أطفال أبرياء كل ذنبهم أنهم كانوا يلعبون ويحلمون بصيد العصافير!".

لم تكن تلك المرة الأولى التي يذهب بها أصدقاء اللعب والشهادة، إلى أرضهم الزراعية القريبة من الحدود، بغرض اللعب وصيد العصافير، لكنها كانت الأخيرة!

ويتابع بحسرة وألم:" محمد وأصدقاؤه متعودين كل يوم يروحوا على الأرض يصيدوا عصافير، هادي مش أول مرة يروحوا فيها لكنها آخر مرة، هما نصبوا شباك لصيد العصافير، ما ينصبوا ألغام وعبوات ناسفة"، متسائلاً:" شو الذنب اللي ارتكبوه ليقتلوهم بدم بارد؟، حرقوا قلوبنا عليهم الله يحرق قلوبهم".

وأضاف بغضب :" الاحتلال الصهيوني ما اكتفى بقتلهم واستهدافهم، بل منع سيارات الاسعاف من الوصول لهم، وقاموا بإطلاق النار عليهم لأكثر من نصف ساعة، وبعدما تأكدوا من استشهادهم سمحوا للمسعفين بالدخول مشياً على الأقدام، فعثروا على جثامين الأطفال ممزقة تكسوها الدماء"، مشدداً على أن الاحتلال تعمد إعدام الأطفال الثلاثة، ويجب محاكمة قاتلهم.

"محمد هو الوحيد لوالديه، كانا يعتمدان عليه بكل شيء، ومؤخراً تعلم مهنة "ميكانيكي" ليتمكن من مساعدة والده بإعالة أخواته الـ7  في ظل الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعصف بالقطاع". قال عمّه المفجوع.

موكب التشيع

ولم يكن رحيل الاطفال الثلاثة سهلاً بالنسبة لزملائهم  في مدرسة بلال بن رباح الأساسية شرق دير البلح، فقد خيم الحزن والألم على أرجاء المدرسة، وعُلقت صورهم على جدران الساحة وممرات الفصول، في حين وضعت صورهم بأكاليل ورود على مقاعدهم الدراسية داخل الفصول.

مدير المدرسة، سالم أبو غرابة، يصف هذا اليوم بـ"الحزين" بسبب فقدان 3 أطفال، بـ"جريمة صهيونية جديدة".

ويقول أبو غرابة في تصريحات صحفية: "مفجوعون بهذا الخبر، الطلاب الثلاثة هم من خيرة طلاب المدرسة، ولهم باع طويل في العمل التطوعي المدرسي".

وصباح كل يوم، كان الأطفال الثلاثة يصلون سويّاً إلى المدرسة، وفي وقت باكر، في إشارة إلى التزامهم بمواعيد حصصهم الدراسية، كما قال.

وطالب أبو غرابة المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بتوفير "الحماية لسكان وطلبة منطقة وادي السلقا، كونها منطقة حدودية تتعرض بشكل مستمر للاعتداءات الصهيونية".

وانطلق موكب التشيع بمشاركة عشرات الآلاف من المواطنين وقادة وممثلي الفصائل من مستشفى الأقصى في دير البلح إلى منازل عوائل الاطفال الثلاثة بمنطقة وادي السلقا، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، قبل مواراة جثامينهم الثرى بعد أداء الصلاة عليهم ودفنهم في المقبرة بالمنطقة ذاتها.