Menu
14:08لهذا السبب .. "حزب الله" يعلن الاستنفار و يستدعي عددا من عناصره
14:06تنويه مهم صادر عن الجامعة الاسلامية بخصوص فيروس "كورونا"
14:05مالية رام الله تعلن موعد ونسبة صرف رواتب الموظفين
13:38وزارة الصحة: 8 وفيات و450 إصابة بفيروس كورونا و612 حالة تعافٍ
13:14الأسرى يغلقون سجن "جلبوع" بعد اقتحامه والتنكيل بهم
13:13أحكام على مدانين في قضايا قتل منفصلة بغزة
13:10قطاع المعلمين بأونروا: صعوبات تواجه التعليم الإلكتروني ولا بديل عن "الوجاهي"
13:08الأوقاف ترفض الاساءة للرسول عليه السلام
12:48مصادر صحفية: تكشف عن موعد صرف المنحة القطرية
12:49منظومة دفاع جوي في قطاع غزة؟
12:46(يديعوت أحرونوت): طائرة إسرائيلية هبطت أمس بمطار الدوحة وعادت اليوم لتل أبيب
12:43الحكم المؤبد على مدانين في خانيونس ودير البلح بتهمة القتل
12:40عشرات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى
12:39إغلاق محكمة الاستئناف الشرعية بنابلس بعد إصابة قاض بكورونا
12:37مليارات الدولارات من السعودية والامارات تمطر على الاردن فجأة !!

حتمية التحالف المصري مع إيران.وفك الارتباط مع الكيان الصهيوني.محمود عبد الرحيم

ربما يكون طرح الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى بشأن "رابطة الجوار العربي"، خاصة  مع إيران، أحد أهم انجازاته ، وإن لم تلق هوى قبل سنوات معدودة لدى القادة العرب، رغم إقحام أطراف أخرى في هذه المبادرة مثل تركيا واريتريا، لن تضيف كثيرا للوضع العربي الراهن، أو تمثل له رافعة كأيران من نكبته الحالية، وأنما تمثل عبئا سياسيا واقتصاديا شديد الوطأة، كون الأولى جزء من حلف الأطلسي بقيادة واشنطن التى نريد  في الأساس أن نتحرر من الدوران في فلكها، علاوة على النظرة التركية إلينا كسوق ومجال حيوي لأطماعها الأقليمية، والأخرى تدور في الفلك الإسرائيلي بعد الاختراق الصهيوني الكبير للقارة الأفريقية، والقرن الأفريقي بشكل خاص، بعد إنسحاب الدور المصري منذ عهد غير المغفور له السادات، والذي وصل ذروته في عهد الرئيس المخلوع مبارك، ولا ترى مثل هذه الدولة الصغيرة في العرب سوى مانح أو داعم.

 وإن بدا أن خليفة عمرو موسى في "بيت العرب" نبيل العربي متحمسا لهذا الطرح في بداية توليه حقيبة الخارجية المصرية عقب ثورة يناير، إلا أن التراجع التدريجي والعودة للمربع الأول حدث سريعا، نتيجة هيمنة الحضور الأمريكي على السياسية الخارجية المصرية والعربية بشكل عام، ومراعاة المخاوف الخليجية غير المبررة، لدرجة أن بعض التأويلات لخروج العربي المبكر من الخارجية إلى الجامعة العربية  تؤشر إلى هذه النقطة تحديدا، وسعيه لإعادة رسم السياسة الخارجية بدون خطوط حمراء، وبناء تحالفات جديدة تحقق المصلحة المصرية.

وحتى بعد وصول الأخوان للسلطة، والتخفف من سطوة حضور الجزء الأكبر من رجال مبارك في صنع القرار، وإرسال الرئيس"الأخواني" محمد مرسى في بداية توليه مهامه رسائل إيجابية لطهران في مقابلة مع وكالة "فارس الإيرانية"، إلإ انه بدون مقدمات تم التراجع الفوري أيضا، ونفى في الأساس إجراء هذه المقابلة .

 ثم كان التفاؤل الكبير بعودة العلاقات أثناء حضور مرسى قمة عدم الانحياز التى كانت "مصر عبد الناصر" أحد مؤسسيها لدعم حق تقرير المصير للشعوب، ودعم حركات التحرر الوطني والتخلص  من التبعية التى للأسف تقع في براثنها مصر منذ سنوات بعيدة وحتى اللحظة، فكان أن رأينا الخطاب غير الملائم لمثل هذه المناسبة وخلفيتها التاريخية ودلالة مثل هذا التجمع بطهران.. خطاب ذي نبرة طائفية عرقية ينسجم مع الصراع الذي تستهدف واشنطن إشعاله في كامل الأقليم، والذي يضع مصر في المعسكر الصهيوأمريكي المناؤي لإيران، والذي  لا ينظر إليها كدولة إقليمية قوية يمكن العمل معها بما يحقق المصلحة المشتركة، وأنما ك"كدولة شيعية فارسية" في مواجهة مصر"السنية العربية"، فضلا عن تبني موقف المعارضة المسلحة السورية التى يحمل الكثير منها أجندات خارجية مغرضة، وإنسجاما مع الموقف الغربي الذي تقوده واشنطن، ودعما ل"أخوان سوريا"، دون إ تخاذ موقف متوازن، وإن كان  ثمة انحياز، فيجب أن يكون في الأساس لصالح سوريا الوطن والمواطن معا، ويسعى لتجنبيها الأخطار المحدقة بها، ويراعى متطلبات الأمن الوطني المصري، والقومي العربي، ولا يعيد مآساة العراق التى لم تصب إلإ في خانة مزيد من الخلل في معادلة القوى بين الكيان الصهيوني والأمة العربية بخروج ثاني أكبر قوة عربية مسلحة من الصراع التاريخي الممتد، وتدمير هذا البلد العربي الكبير، وإلهائه في صراعات عرقية ومذهبية بين عرب وأكراد وسنة وشيعة، وذلك بعد تقييد مصر بإتفاقية كامب ديفيد الاستسلامية التى لازالت آثارها باقية على الجسد المصري.

وحتى طرح  مرسى حول مجموعة الاتصال التى تضم إلى جانب مصر وإيران، كل من  السعودية وتركيا، بدا غير متوازن وغير جاد، كون ثلاث دول تتبني ذات الموقف، بل وتحرض على التدخل العسكري، وتدعم الجماعات المسلحة بالمال والسلاح والمعلومات الاستخباراتية وآلة الإعلام الضخمة بمساعدة قطر، ولا تريد في واقع الأمر حل الصراع، بل هي جزء أصيل من تعقيده، تماشيا مع الارادة الأمريكية الصهيونية في الإجهاز على سوريا.

وقد رأينا حتى في الاجتماع الأخير لهذه المجموعة، كيف لم يتم التوصل لموقف محدد، وتغيبت السعودية، في إشارة واضحة إلى محاولة افساد أية محاولة للتسوية السياسية لهذا الملف شديد التعقيد، وعدم الرغبة في الجلوس على طاولة بها طهران، فضلا عن قطع الطريق على الطرح الإيراني بضم أطراف أخرى غير متورطة في الصراع، لإحداث توزان وتفعيل هذه الخطوة.

ورغم كل هذه الإشكاليات، ما زلت على قناعة يشاركني فيها كثيرون من المخلصين للمصلحة المصرية والمصالح العربية، وخاصة من أبناء التيار العروبي، أنه لا مفر من التلاقي مع إيران الدولة الإقليمية الكبيرة التى حققت طفرة مبهرة على صعيد التنمية المستقلة والاكتفاء الذاتي، والتصنيع العسكري والتكنولوجيا النووية، وتوسعة النفوذ السياسي رغم الحصار الغربي لها على مدى سنوات، والتى تتشابه تجربتها وموقف القوى الاستعمارية والصهيونية منها مع تجربة "مصر عبد الناصر"، وتبدو كما لو كانت استلهاما لها ولكل خطواتها.

وربما تصاعد الأزمة السورية ووصولها إلى طريق مسدود، وتقاطع المصالح العربية والإيرانية فيها، وقبلها في ملف المقاومة العربية خاصة في جنوب لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وأيضا عراق ما بعد صدام، في مقابل التناقض مع الأجندة الصهيو أمريكية والمعسكر الغربي بشكل عام، يقدم دليلا جديدا على ضرورة تفعيل مبادرة"رابطة الجوار"، وحتمية التحالف المصري الإيراني، والتقارب بين طهران والدول العربية مجتمعة، على النحو الذي يعيد بناء التحالفات الأقليمية، ويعيد التوازن إلى المنطقة العربية ويخلصها من التبعية الأمريكية والتوسع المتزايد للدور الإسرائيلي، ومشاريع إعادة رسم خارطة المنطقة "جيو سياسيا".

وفي ذات الوقت يكون نواة لإعادة إحياء تجمع"عدم الانحياز" بذات الأهداف التى تحتاج إلى تفعيل مجددا، رغم مرور عدة عقود،" من حفاظ على استقلال الدول، ودعم حركات التحرر الوطني، والتخلص من دائرة استقطاب الدول الكبرى، والعمل على التضامن بين شعوب الجنوب بما يحقق الأمن والسلم العالميين ويدعم مسيرة التنمية المستدامة، فضلا عن توفير الزخم الاقليمي والدولي الداعم للحقوق الفلسطينية".

نعم، "الفيتو الأمريكي" يقف حائلا بين عودة العلاقات بين مصر وإيران حتي بعد الثورة المصرية، ورغم تغيير نظام كان جزءا من المشروع الأمريكي الصهيوني ولا يعنيه المصلحة المصرية العليا، ولا متطلبات الأمن القومي العربي، لكن آن الأوان للخروج عن هذا الخط غير القويم، وفك الارتباط مع واشنطن وتل أبيب، وهذا لا يكلف مصر سوى قرار سياسي، وإرادة بإتجاه تحول استراتيجي حقيقي في سياستها الخارجية، على النحو الذي ينقذ مصر من حالة التراجع لدورها ويجعلها تتصدر المشهد من جديد كلاعب إقليمي يحسب له العالم حسابه، ويقدر مكانته، ومثل هذه الخطوة بلا شك سيكون لها صدى عربي لأن مصر القوية تمتلك القدرة على التأثير في محيطها العربي، خاصة أن إيران لا تزال تبادر وتلح على التطبيع مع مصر، لأنها تدرك  ربما أكثر منا أهمية هذه الخطوة التى تحتاج لموقف  رسمي مصري شجاع ومتحرر من قيود التبعية الأمريكية.

وكمصري لا أقبل بمواصلة نهج مبارك، وأشعر بالغضب الشديد حين تؤكد التقارير أن مصر ما بعد الثورة، وفي ظل حكم  جماعة الأخوان التى كان منتسبوها يهتفون طوال الوقت"خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود"، ويصفون نظام مبارك بالمتصهين،  ثم يقومون بتنسيق أمني مع الصهاينة هو الأعلى من نوعه في تاريخ العلاقات المصرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى التشديد قولا وفعلا على احترام معاهدة كامب ديفيد التى تنتقص من السيادة المصرية، وخلافا للموقف الشعبي الرافض لمثل هذه العلاقة الآثمة، ودون أن يشعروا بالعار، جراء هذا الموقف المخزي والمناقض لما كانوا يعلنونه من قبل والذي يدل على انتهازية فجة وتحالف مع الشيطان لتثبيت دعائم سيطرتهم على مفاصل الدولة المصرية، بإرضاء السيد الأمريكي.

 وأخيرا، نؤكد أن الرهان على طهران أفضل ألف مرة من الرهانات الخاسرة على واشنطن وتل أبيب أو حتى أنقرة.

 

*كاتب صحفي مصري