Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح
مشعل وحماس رحلة عمر

سيكون ثاني قائد في تاريخ الحركات الفلسطينية بعد"جورج حبش" يغادر منصبه طواعية

وكالة ارض كنعان/وكالات / إذا ما تأكد ما أعلنته حركة حماس أن رئيس مكتبها السياسي، خالد مشعل (أبو الوليد) «الشهيد الحي» كما يصفه رفاقه في حماس، لن يترشح لدورة أخرى، فإنه سيكون ثاني قائد في تاريخ الحركات الفلسطينية، يغادر منصبه طواعية دون انقلاب أو اغتيال أو وفاة طبيعية. فقد سبقه إلى ذلك الدكتور جورج حبش، مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وزعيمها، وأمينها العام منذ تأسيسها مطلع السبعينات وحتى عام 2000 عندما انسحب بهدوء رافضا إعادة ترشيحه للمنصب نفسه ليخلفه في هذا المنصب أبو علي مصطفى، الذي اغتالته إسرائيل في رام الله عام 2002.
أما لماذا قرر مشعل الترجل الآن عن منصبه القيادي رغم محاولات ثنيه عن هذا القرار، فإن هناك أسبابا عدة ربما ساهمت في إقناعه بأن الوقت الحاضر هو الأنسب للابتعاد. ويتصدر هذه الأسباب، تعثر المصالحة الفلسطينية. والسبب الثاني، ربما الحيلولة دون تصاعد الخلافات داخل حماس إلى حد وقوع انشقاقات. ثالثا: التحالفات الجديدة والتقارب الواضح بين إخوان مصر وبعض قيادات حماس في قطاع غزة، وفي مقدمتهم إسماعيل هنية رئيس الوزراء المقال الذي استقبل رسميا مرتين، رغم اعتراض السلطة الفلسطينية وتحذيراتها من المس بـ«وحدانية التمثيل الفلسطيني».

ومشعل الذي شغل المنصب أكثر من 16 عاما، سيترك وراءه فراغا كبيرا في حماس، وذلك باعتراف خصومه قبل مؤيديه، الذين أجمعوا على أنه رجل يحترم نفسه، وقادر على فرض احترامه على الآخرين، ولديه كاريزما وشبكة علاقات قوية تمتد إلى قارات عدة. في هذا الصدد، يقول علي بدوان، الكاتب اليساري الفلسطيني الذي عايش مشعل أثناء وجوده في مخيم اليرموك بسوريا: «إن تنحي مشعل سيشكل خسارة لحماس، نظرا لدوره في توحيد الأداء السياسي والتنظيمي في الحركة، ونظرا لشخصيته البراغماتية والكاريزما العالية التي يتحلى بها، إضافة إلى تجربته الميدانية. كما أنه يحظى بشبكة علاقات قوية على الصعيد الفلسطيني والصعيدين العربي والإسلامي، وهو الأكثر قدرة على ضبط إيقاع حماس سياسيا وتنظيميا». ويعتقد بدوان أنه لا يزال هناك مناخ عام في حماس يدعو أبو الوليد للتراجع عن قراره.

ويرى بدوان أن مشعل بقرار التنحي إنما أراد أن يقدم نموذجا آخر في الساحة الفلسطينية، يلغي فيه دور الفرد لحساب دور المؤسسة. وعندما طلب منه أن يصف مشعل، قال إنه شخص متزن هادئ ومعتدل غير متشدد، «لكن هناك مناكفين له، خاصة في قطاع غزة». وأضاف أنه «خلافا لما كان يشاع عنه، فإن مشعل لم يكن متشددا، وإن كان يتحمل مسؤولية التشدد الذي كان مصدره بعض قادة الحركة في غزة، إلى أن انكشفت الأمور بالتصريحات التي صدرت عن محمود الزهار عضو المكتب السياسي في غزة».

يذكر أن الزهار رفع الغطاء عن الخلافات داخل حماس، التي كانت الحركة تحرص دوما على إبقائها داخلية واحاطتها بالكتمان، لا سيما الخلافات بشأن المصالحة الفلسطينية. فقد سلط الزهار الأضواء على هذه الخلافات، بالاعتراض أولا على مواقف مشعل في خطابه بحفل توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة في 4 مايو (أيار) 2011 بشأن الدولة الفلسطينية في حدود عام 1967 وإعطاء المجال للمفاوضات، ثم بتحديه لقرار مشعل التوقيع على إعلان الدوحة في فبراير (شباط) الماضي معا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، وهو الإعلان الذي يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة أبو مازن. واتهم الزهار وقتها مشعل بالتفرد بالقرار، قائلا - بشكل مباشر وغير معتاد داخل الحركة - إن قيادة الحركة لم تعلم مسبقا بقرار التوقيع.

وعبر مسؤول في السلطة الفلسطينية، تعامل مع مشعل كثيرا، عن الاحترام الذي يكنه له قائلا: «إنني أحترمه، وهو إنسان يحترم نفسه ويلتزم بكلمته». وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، أن مشعل كان يمكن أن ينجح في العودة كرئيس للمكتب السياسي لدورة جديدة، لكنه يرفض العودة إذا كان سيكون غير مطلق اليدين، مشيرا بذلك إلى التقارب الذي أبداه إخوان مصر مع بعض قادة حماس في غزة، لا سيما هنية. وتابع المسؤول القول، نصف مازح «أنا شخصيا أعتبره الأكثر خطرا علينا من بين قادة حماس على الأمد البعيد».

من جانبه، قال عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحماس وأحد المقربين من مشعل، إن «الأخ القائد أبو الوليد.. الشهيد الحي.. يضرب المثل للزعماء وللقادة والمسؤولين على الزهد في المواقع والمسؤوليات، والقدرة على مغادرة المواقع والمناصب وهو في قمة نجاحه وعطائه، رغم أن المجال والفرصة كانا متاحين أمامه لرئاسة المكتب السياسي للحركة لدورة جديدة». وأضاف الرشق: «بالتأكيد، فإن فراغا كبيرا سيتركه الأخ أبو الوليد، وتبقى ثقتنا بالله أن يحفظ الحركة ومشروعها المقاوم». وتابع القول إنه رغم أن «قيادات الحركة ورموزها في الداخل والخارج تمنوا على الأخ أبو الوليد الاستمرار في منصبه، فإنه بقي على موقفه، وعبر عن تقديره وشكره لقيادات الحركة وكوادرها، الذين عبروا بدورهم عن عميق تقديرهم ومحبتهم وثقتهم بالأخ أبو الوليد». وأضاف: «أكثر من ستة عشر عاما مضت من قيادة الأخ أبو الوليد لحركة حماس في أصعب الظروف وفي مواجهة أعتى التحديات، شهدت خلالها حماس أهم منجزاتها حتى باتت الحركة القائدة لشعبنا والممثلة لطموحاته وتطلعاته».

مشعل.. البدائل

* سيبقى مشعل في منصبه حتى اختيار خليفة له في اجتماع خاص لمجلس شورى الحركة العام الذي يعتبر الهيئة القيادية المخولة اختيار الخليفة، ويفترض أن يعقد في غضون شهرين كما ذكرت مصادر لـ«الشرق الأوسط». ويتقدم المرشحون لخلافة مشعل، نائبه الدكتور موسى أبو مرزوق الذي كان قد شغل هذا المنصب في التسعينات من القرن الماضي، بل يمكن القول إنه كان أول رئيس للمكتب السياسي للحركة حتى اضطراره إلى الاستقالة في عام 1996، بعد اعتقاله في مطار نيويورك بناء على طلب من إسرائيل بتسليمه إليها باعتباره زعيما لحركة مسؤولة عن قتل الكثير من الإسرائيليين والأميركيين. وتسلم مشعل حينها قيادة الحركة، إذ بقي أبو مرزوق في السجن الأميركي إلى أن تراجعت إسرائيل عن طلبها، بعد صفقة كان الأردن طرفا فيها مع السلطات الأميركية، يتنازل بموجبها أبو مرزوق عن جنسيته الأميركية، وقبل الأردن باستقباله.

المرشح الثاني لخلافة مشعل، هو إسماعيل هنية الذي صعد نجمه بعد توليه منصب رئاسة الحكومة عقب فوز حماس بانتخابات المجلس التشريعي في عام 2006. وتعزز وضعه بفوزه في الانتخابات الأخيرة للمجلس التنفيذي في غزة واختياره رئيسا له.

والمرشح المرجح الثالث، هو الأسير السابق صالح العاروري الذي نفي مؤقتا إلى تركيا. وحسب مصادر فلسطينية، فإنه سيكون أوفر حظا من هنية في منافسة أبو مرزوق لسببين؛ أولهما: أن رئيس المكتب السياسي يفضل أن يكون من خارج الأراضي المحتلة حتى تكون لديه قدرة كبيرة على التحرك السياسي والدبلوماسي بما يضمن توثيق علاقات الحركة مع الدول العربية والإسلامية، سيما في مرحلة ما بعد الربيع العربي، وإجراء الاتصالات التي تضمن الدعم المادي للحركة.

وثانيهما: أن العاروري من الضفة الغربية ومن المقربين جدا من مشعل. وإذا ما قرر مشعل، الذي يحظى بتأييد كبير في الخارج والضفة الغربية وحتى في غزة نفسها، الوقوف إلى جانبه، فإنه قد يرجح كفته على أبو مرزوق. ورغم ذلك، فإن هناك من يستبعد اختيار العاروري بسبب قلة خبرته السياسية والتنظيمية والإدارية.

مشعل والخيارات - تنحي مشعل عن قمة هرم حماس ربما لن يقلل نفوذه داخل الحركة، فهو ولما يحظى به من ثقة واحترام داخل أطر جماعة الإخوان المسلمين الدولية، كما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط»، سيبقى الشخصية القيادية المؤتمنة على تمويل حماس. وحسب المصدر، فإن مشعل سيبقى قناة التمويل الإخوانية للحركة. وفي هذا السياق، قلل المصدر من شأن التمويل الإيراني مقارنة بتمويل جماعة الإخوان، لحركة حماس، وقال إن المساعدات الإيرانية التي باتت تصل إلى الحركة عبر الزهار وهنية، وهما آخر قياديين في حماس يزوران طهران في الأشهر القليلة الماضية، هي لتغطية العجز المالي للحكومة وليس لتمويل نشاط الحركة التنظيمي.

- ثمة من يقول إن مشعل قد يتم اختياره رئيسا لمجلس الشورى العام للحركة المسؤول عن وضع السياسة العامة لحماس واختيار أعضاء مكتبها السياسي وكذلك رئيس هذا المكتب، باعتباره الوحيد المخول ترشيح اسم رئيس المكتب. كما جرى، بعد تسريب نبأ اعتزام مشعل عدم ترشيح نفسه لدورة أخرى في رئاسة المكتب السياسي للحركة، وهو الأمر الذي أفصح عنه في اجتماع مجلس الشورى الذي عقد في الخرطوم نهاية العام الماضي، تداول احتمال أن يتبوأ مشعل منصب مرشد «الإخوان» فرع فلسطين الذي ستكون حماس خاضعة له، بعد فصل هذا الفرع عن جماعة إخوان بلاد الشام الذي يضم الأردن وسوريا.

يذكر أن حركة الإخوان موجودة في قطاع غزة منذ عام 1945 وكانت بقيادة الراحل كامل الشوا. وظلت تعمل تحت غطاء المجمع الإسلامي الذي أسسه الراحل الشيخ أحمد ياسين، إلى أن أنشئت حركة حماس في ديسمبر (كانون الأول) من عام 1987، لتصبح الغطاء للحركة الإسلامية إلى جانب حركة الجهاد الإسلامي.

- وأشيع في مرحلة من المراحل أن مشعل قد يكون مرشح حماس لرئاسة المجلس الوطني الفلسطيني عند تحقيق المصالحة وإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية أو حتى الرئاسة الفلسطينية.

مشعل والمصالحة

* ظل الانطباع السائد لفترة طويلة، أن قيادة حماس في الخارج هي التي تقف عائقا وسدا منيعا أمام المصالحة حتى لا تفقد قبضتها على الحركة في الداخل. وظل مشعل يتحمل في صمت تبعات هذه الاتهامات، «حفاظا منه على عدم نشر غسيل حماس القذر»، كما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط». وأرجع الكثير من المحللين والمراقبين السبب إلى الضغوط التي يمارسها النظام الإيراني على قيادة الحركة المقيمة بدمشق، حتى انقشعت الغمامة وذاب الثلج وبان ما تحته، كما يقول المثل، بالهجوم الكاسح الذي شنه محمود الزهار على مشعل في مناسبتين تتعلقان بالمصالحة، الأولى خلال مراسم توقيع اتفاق القاهرة الثاني، عندما رفض الزهار علنا، وعلى نحو غير مألوف في أوساط حماس حتى تلك اللحظة، ما قاله مشعل بشأن القبول بدولة فلسطينية في حدود عام 1967 وعن إعطاء المفاوضات فرصة أخرى. والمناسبة الثانية كانت في رده على توقيع مشعل على إعلان الدوحة مع الرئيس عباس. وفي هذه المناسبة كان أكثر جرأة وشدة في هجومه، إذ اتهم مشعل بالتفرد باتخاذ القرار قائلا إن قيادة الحركة لم تبلغ مسبقا بقرار التوقيع وإن هذه القيادة ستجتمع من أجل اتخاذ موقف بشأن الإعلان. كما اتهم مشعل بتقديم تنازلات غير مقبولة لحركة فتح.

مشعل والخلافات الداخلية

* ما تقدم، فسر كتحد لمشعل ومعظم قيادة حماس الخارجية. وربما كان هذا سببا أساسيا جعل مشعل يقدم على خطوة عدم الترشح، وذلك تفاديا للخلافات أو حتى الانشقاقات، بعد تصاعد هذه الانتقادات، خاصة من قيادات الداخل كالزهار وخليل الحية، وربما بإيعاز ودعم من قيادات بعينها في الخارج تفرض التفريط في السلطة التي بين يديها في القطاع.

مشعل والتحالفات الخارجية

* إلى ذلك، قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن مما يساعد في تشنج بعض قيادات الداخل، التغييرات التي شهدتها مصر بعد سقوط الرئيس حسني مبارك وتولي الإخوان المسلمين السلطة وإحكام قبضتهم عليها. وشعر قادة حماس في غزة بالقوة بعد أن تعامل النظام المصري مع الحكومة المقالة في غزة كأنها حكومة شرعية، باستقبال رئيس وزرائها المقال رسميا مرتين، رغم معارضة السلطة الفلسطينية.

وحسب هذه المصادر، فإن التقارب بين القاهرة وغزة جعل مشعل يشعر بأنه سيكون كدمية في حال بقائه في منصبه، وهذا ما لا يمكن أن يقبل به، حسب قول المصادر. وحاولت «الشرق الأوسط» التأكد من هذه المعلومة من حماس، لكنها لم تفلح في ذلك.

مشعل والأزمة السورية

* اضطر مشعل إلى اللجوء إلى سوريا بعد قرار العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عام 1999 ترحيله ومعه بقية أعضاء المكتب السياسي من الأردن إلى قطر. لكن قيادة حماس كان ترى دمشق «حاضنة الفصائل الفلسطينية» وقريبة من الأراضي الفلسطينية، لذلك اتخذها مشعل مقرا للحركة وموطنا لأسرته. واستمرت العلاقة دافئة بين الطرفين، لا يعكر صفوها شيء، خصوصا أن النظام كان يسمح لقادة الحركة وكوادرها بالتحرك بحرية مطلقة، ولم يحاول النظام التدخل في شؤونهم، كما قال مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط». واستمر الأمر على هذا الحال حتى نهاية العام الماضي ومطلع العام الحالي، إذ بدأت العلاقة تشهد فتورا تدريجيا جراء الأزمة والانتفاضة ضد النظام السوري، حتى وصلت حد القطيعة بمغادرة مشعل دمشق للمرة الأخيرة مطلع العام الحالي، وتبعه بقية أعضاء المكتب السياسي، الذين استقر عدد منهم في قطر التي سمحت لها بالإقامة فيها دون القيام بنشاطات، بينما استقر بعضهم، وعلى وجه الخصوص أبو مرزوق في القاهرة، التي أصبحت المكان المفضل، أو بالأحرى الوحيد، الذي يمكن أن تعقد فيه اجتماعات المكتب السياسي ومجلس الشورى، بعدما رفضت الخرطوم طلبا من حماس في هذا الخصوص في الربع الأول من العام الحالي.

يذكر أن مشعل حاول لعب دور الوسيط مع دمشق بتكليف من الجامعة العربية، ولكن المحاولة رفضت من قبل النظام السوري. وفي المقابل، وحسب مصادر أخرى، فإن الأسد طلب من مشعل القيام بجولات في المدن السورية تأييدا للنظام السوري، لكن هذا الطلب استقبل بفتور من قبل مشعل. وحسب هذه المصادر، فإن مشعل لجأ إلى حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، طالبا تدخله لدى النظام لإجراء الإصلاحات الضرورية، لكن النظام السوري رفض تحقيق هذا المطلب. وجاءت الشعرة التي قصمت ظهر البعير كما يقال، عندما طلب الأسد من مشعل مهاجمة الشيخ يوسف القرضاوي، وهو ما رفضه مشعل. وقتها، شعر مشعل بأنه شخص غير مرغوب فيه بسوريا، فانسحب بهدوء ليعود إلى المربع الأول عندما رحل من الأردن قبل نحو 13 عاما، ليستقر به المطاف في الدوحة بعدما سدت في وجهه أبواب باقي العواصم العربية. وقد تكون الدوحة محطة العودة إلى الأردن، كما كانت محطته الأولى بعد الرحيل.

مشعل والأردن

* مشعل، المولود في بلدة سلواد بقضاء رام الله أيام كانت الضفة الغربية جزءا من الأردن، مواطن أردني ولا يزال يحمل جواز السفر الأردني رغم ترحيله. وعندما اتخذ الملك عبد الله الثاني قرار ترحيله عام 1999، تحت الضغوط الأميركية مع تصاعد العمليات الانتحارية التي كانت تنفذها حماس ضد إسرائيل، خير مشعل ومن معه من قادة حماس بين البقاء في الأردن كمواطنين ودون أية مناصب رسمية في الحركة، والرحيل، فمنهم من اختار البقاء وعلى وجه الخصوص إبراهيم غوشة الذي كان يشغل منصب المتحدث الرسمي، ومنهم من اختار الرحيل وفي مقدمتهم مشعل وعدد آخر منهم محمد نزال وسامي خاطر وعزت الرشق. وإذا خرج مشعل اليوم من قيادة حماس، فإن الباب سيكون مفتوحا أمام مشعل للعودة إلى الأردن وممارسة حياته الطبيعية فيها كأي مواطن عادي.

وكان مشعل قد عاد إلى الأردن من الكويت بعد احتلالها من قبل قوات صدام حسين عام 1990، ووقتها سمح العاهل الأردني الراحل الملك حسين لمشعل الذي كان عضوا في المكتب السياسي للحركة، وبقية زملائه في المكتب، بممارسة النشاط السياسي والتنظيمي من على الساحة الأردنية.

مشعل ومحاولة الاغتيال

* يذكر أن مشعل كان قد نجا من محاولة اغتيال إسرائيلية كادت تودي بحياته. فمع تزايد العمليات الانتحارية، قرر جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية (الموساد)، اغتيال رأس حماس الذي كان يتهمه بإعطاء الأوامر بتنفيذ هذه العمليات. وفي 25 سبتمبر (أيلول) 1997، حانت ساعة الصفر وصدرت الأوامر لعشرة من عملاء «الموساد» دخلوا الأردن بجوازات سفر كندية مزورة، بتوجيهات مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو والجهاز الأمني التابع له، بالتنفيذ. وتحين اثنان منهم، كانا يتعقبانه منذ لحظة خروجه من منزله في عمان، لحظة وصوله إلى شارع وصفي التل (الغارديانز سابقا) المكتظ بالمارة والضجيج، سيرا على الأقدام، وحقنوه بمادة سامة في أذنه. وانتبه مرافقه إلى ما حل به، وقام بمطاردة رجال «الموساد»، بعد أن نبه رجال شرطة أردنيين كانوا على مقربة من المكان ونجحوا في الإمساك بهما. وانفضحت المؤامرة الإسرائيلية، واعترف المعتقلون بانتمائهما لـ«الموساد».

وأغضبت هذه العملية الملك حسين وتوترت العلاقات بين إسرائيل والأردن اللذين يربطهما اتفاق سلام. واشترط الملك الراحل لحل هذه الأزمة التي اتخذت بعدا سياسيا كبيرا واعتبرت عدوانا غاشما على الأرض الأردنية، على رئيس الوزراء الإسرائيلي توفير المصل المضاد للمادة السامة التي حقن بها مشعل، والإفراج عن الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي لحماس والسماح له بالعودة إلى قطاع غزة، فرفض نتنياهو المطلبين بداية، الأمر الذي هدد بتصاعد الأزمة إلى مستوى لم تشهده العلاقات بين البلدين. وتدخل الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون، فرضخ نتنياهو للضغوط وقبل بالشرطين مقابل أن يفرج الأردن عن عميلي «الموساد». وتمت الصفقة ونقل المصل المضاد إلى عمان لتكتب لمشعل حياة جديدة. وفي حينها، نقل عن كلينتون القول: «لا أستطيع التعامل مع هذا الرجل (نتنياهو)، إنه مستحيل». وأفرج عن الشيخ ياسين الذي كان محكوما عليه بالسجن المؤبد، ونقل إلى الأردن كمحطة أولى قبل نقله إلى غزة، ليلقى مصيره المحتوم في عملية اغتيال إسرائيلية في غزة في 22 مارس (آذار) 2004.

مشعل والبدايات مع حماس

* انضم خالد مشعل إلى تنظيم الإخوان المسلمين وهو لا يزال صبيا وطالبا في المرحلة الثانوية في الكويت. وكان من مؤسسي الحركة الطلابية الإسلامية الفلسطينية عام 1971، وتواصل نشاطه وهو طالب في الجامعة. وفي عام 1987، شارك مشعل في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وكان عضوا في مكتبها السياسي منذ اللحظات الأولى. وفي عام 1996، انتخب رئيسا للمكتب السياسي للحركة خلفا لموسى أبو مرزوق بعد اعتقاله في نيويورك. وخلال سنواته الـ16، نجح مشعل في تطوير الحركة وفتح آفاق جديدة أمامها على صعيد العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، لتصبح المنافس الحقيقي الرئيسي لحركة فتح التي قادت النضال الوطني الفلسطيني منذ بداية الستينيات.

مشعل.. المولد والمنشأ

* ولد خالد مشعل في 28 مايو (أيار) 1956 في بلدة سلواد بقضاء رام الله وسط الضفة الغربية. والده هو عبد الرحيم إسماعيل عبد القادر مشعل المناضل الذي شارك في الثورات الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني لفلسطين وكذلك ضد الهجرة الصهيونية وتوفي عن عمر يناهز الـ94 عاما في عمان.

تلقى مشعل تعليمه الابتدائي في سلواد حتى هزيمة عام 1967 واحتلال إسرائيل للضفة وقطاع غزة. فالتحق هو وبقية أسرته بوالده الذي كان يعمل في الكويت، حيث عاش في مستوى اقتصادي فوق المتوسط وأكمل هناك دراسته المتوسطة (الإعدادية) والثانوية، ثم دراسته الجامعية حيث حصل على البكالوريوس في الفيزياء عام 1978.

وكانت جامعة الكويت في تلك الحقبة من سبعينات القرن الماضي تعج بالتيارات الفكرية العربية العامة منها والفلسطينية، وشهدت انتعاشة طلابية حركية نشطة، ما زالت آثارها الإيجابية تظهر على من عايشها حتى اليوم. وساهمت هذه الفترة بشكل كبير في تكوين شخصيته وتنمية ملكاته، وشهدت قمة عطائه ونضجه الفكري والحركي والسياسي. فقاد التيار الإسلامي الفلسطيني في الجامعة، وهو التيار الذي كان يشكل منافسا للتيار الوطني الفلسطيني بقيادة الاتحاد العام لطلبة فلسطين الذي كانت تسيطر عليه حركة فتح. وشارك في تأسيس كتلة الحق الإسلامية التي نافست قوائم حركة فتح على قيادة الاتحاد في الكويت - تلك الكتلة التي سرعان ما تحولت بعد تخرجه إلى ما عرف بالرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين.

بعد تخرجه في الجامعة عام 1978، عمل مدرسا للفيزياء، ثم تزوج بعدها بسنتين وله من الأبناء سبعة، ثلاث فتيات وأربعة صبية.

يحمل مشعل، حسب «ويكيبيديا»، إجازة في القرآن الكريم بسند متصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم برواية حفص عن عاصم. وبدأ مشعل بحفظ أجزاء من القرآن الكريم في مرحلة مبكرة من عمره، وفي المرحلة الثانوية أتقن أحكام التجويد على يد الشيخ محمد عبد الرحمن (من علماء الأزهر)، وفي بداية مرحلته الجامعية حفظ سورة البقرة في أسبوعين ومن ثم سورة آل عمران في عشرة أيام. ولكن بسبب انشغاله بالجامعة، لم يكن لديه الوقت الكافي للحفظ، إلى أن سافر إلى سوريا حيث تتلمذ هناك على أيادي شيوخ سوريا، فحفظ القرآن على يد الشيخ عبد الهادي الطباع الذي يحمل إجازة في القرآن، وأتم الحفظ في شهر ذو الحجة سنة 2007، ثم أجازه الشيخ بكر الطرابيشي، شيخ الشيخ عبد الهادي الطباع، ثم أجازه شيخ القراء الشيخ كريم.

"الشرق الاوسط"