أرض كنعان - القدس المحتلة - على الدرج الموصل إلى القاعة العلوية من جاليري الزاوية، تستوقفك لوحة لرجل يمسك يد طفله، أو لربما شقيقه الأصغر" على سكة حديد باتجاه القدس (قبة الصخرة)، ينتابك الشك للحظة إن كانت صورة أم لوحة فنية، فالأبعاد والتفاصيل لـ"قبة الصخرة" رسمت بدقة وواقعية كبيرة، جعلت اللوحة التي فقدت ألوانها، تنطق حزناً.
هي لوحة الفنان الغزي " آدم شحادة" والتي شارك في المعرض الذي نظمه 21 فنانا، في الذكرى 51 لاحتلال الشق الشرقي من مدينة القدس، و70 عاماً على احتلال القدس الغربية، في جاليري الزاوية في رام الله.
وأفتتح أمس، ويستمر حتى 14 حزيران المقبل، وقد يكون سحر هذه اللوحة الواقعية نابع من إن "شحادة" كما غيرة من أبناء جيله في القطاع، لم يزور القدس من قبل، أو لربما هكذا تتحدث لوحته.
والزائر للمعرض يتملكه شعور ثقيل بحجم القهر والحزن والصدمة لما تحتويه اللوحات من رسائل حول القدس المغيبة وراء جدار وحاجز لأكثر من 70 عاماً، وإن خصص المعرض للحديث عن احتلال الشق الشرقي من المدينة ل" 51 عاما"، أي في العام 1967.
وتبرز في المعرض " قبة الصخرة" كأيقونة تمثل المدينة في معظم هذه الأعمال التي حاول رساميها إظهارها بنورها الذهبي الساطع رغم كل محاولات الطمس، فيما يطغى إحساس واضح بالحزن على أعمال أخرى تتحدث عن علاقة الإنسان الفلسطيني بالمدينة، والذي فقد لونه على هامش احتلال المدينة.
وفي لوحة الفنان "سليمان منصور" والتي عنونها " عائلة بلا ظل" يظهر أفراد عائلة مقدسية على جدار المدينة باللون الأبيض والأسود، فيما اكتست المدينة من بعيد بألوانها الباهتة، في عمل يحاول فيه الفنان تقديم أشباح الماضي مقابل الوقت الحاضر في المدينة.
معظم لوحات المعرض رسمت في العام 2018، وقليل منها في الأعوام (2017، 2016، ،2014، 1994) ولكن أقدمها كانت للفنان الغزي "فايز سيرسوي" والتي تتحدث عن يوميات عن حياة الطلاب اليومية تحت الاحتلال، بلونين الأبيض والأسود، من وحي الانتفاضة الأولى. الفنان "سيرسوي" لم يستطيع أيضا التواجد في المعرض بسبب المعوقات الإسرائيلية ومنعه من الوصول للضفة هو والفنانة " دينا مطر".
ويعرض المعرض وجهات نظر الفنانين المعاصرين حول القضايا الاجتماعية-السياسية المحيطة باحتلال المدينة المستمر، ولعل أبرزها العمل الأكبر حجما في المعرض، بعنوان "الصدمة" للفنانة "رنا سمارة" والذي عرض مشاهد المنازل المدمرة لتسليط الضوء على سياسة الاحتلال المتمثلة في هدم المنازل والتطهير العرقي في المدينة.
وعن رؤية الجاليري من هذا المعرض يقول "زياد عناني" إنه معرض مهم جدا، يلتقي خلاله 21 فنان من جميع الأعمار لعرض وجهات نظرهم حول القدس في ظل احتلالها المستمر، وتابع:" هذا معرض يحتفي بالإبداع الفلسطيني، وتذكير كئيب بالمأساة المستمرة التي لا تزال تحاصر الفلسطينيين في القدس وفلسطين".
