أرض كنعان - غزة - يصادف اليوم السبت 17 مارس، الذكرى الخامسة لرحيل "خنساء فلسطين" مريم فرحات النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن كتلة التغيير والإصلاح، فهي لم تكن تعرف إلا بأم الرجال وأم الشهداء وأم الفقراء، فلم تترك باباً للخير وللجهاد والصبر والثبات إلا وكانت له عنواناً كبيراً.
"لم يسلبني الاحتلال أبنائي بل أنا قدمتهم راضية مختارة للشهادة” هذه الكلمات قالتها خنساء فلسطين مريم محمد يوسف فرحات "أم نضال" ومنذ أيامها الأولى وهي تسطر تاريخاً حافلاً ومشرفاً، ونحاول في هذه السطور أن نقتبس شيئاً منه.
أم نضال فرحات امرأة عظيمة، ومدرسة بأكملها، بإيمانها، بتواضعها، بصبرها، وثباتها ورباطة جأشها، إنها حجة على الأمة جميعها، وقفت شامخة بكل تواضع تدعو إلى الجهاد، تدعو الأمهات وتدعو شعب فلسطين وتدعو المسلمين جميعـاً، إنها امرأة عظيمة بصبرها وثباتها "خنساء فلسطين" أو "أم الشهداء" هكذا عرفها الفلسطينيون وأبناء الأمة العربية والإسلامية ، أنشد لها المنشدون وغنى باسمها الأطفال والنساء والشباب .
قدمت أبناءها نضال و محمد ورواد شهداء في سبيل الله وكانت على استعداد أن تقدم البقية شهداء في سبيل الله ثم من أجل أعظم قضية في العالم وهي قضية فلسطين .
تفوق في كل المجالات
ولدت مريم محمد يوسف فرحات في الرابع والعشرين من ديسمبر لعام 1949م لأسرة بسيطة من "الشجاعية" شرق مدينة غزة، ولديها من الإخوة10 ومن الأخوات 5.
تفوقت "أم نضال" في دراستها, وواصلت حتى تزوجت بفتحي فرحات (أبو نضال)، وكان ذلك في بداية الثانوية العامة، وقدمت الامتحانات الثانوية أثناء حملها بمولودها الأول, وحصلت على 80%، ومات زوجها وبقيت أرملة وأم لستة أبناء وأربع بنات، ولم تتوان في تقديم المساعدة للمجاهدين فظل بيتها مأوى للمجاهدين، إلى أن التجأ إليه القائد الشهيد "عماد عقل" أحد قادة كتائب القسام، وكان “عقل” على رأس قائمة المطلوبين للاحتلال الصهيوني حياً أو ميتاً، حتى أطلق عليه "ذو الأرواح السبعة"، وأمر الاحتلال عملاءه في غزة بتكثيف جهدهم فقط لمعرف مكان عماد عقل.
احتضان القائد عقل
لجأ عقل إلى منزل أم نضال بدءاً من عام 1992، وكان يخرج لتنفيذ عملياته ضد الاحتلال، فيقتل ويصيب ويبث الرعب في قلوبهم، ثم يعود إلى منزلها ليختبئ فيه، إلى أن وشى به الخونة والعملاء، فحاصر الاحتلال المنزل، واشتبك عقل مع جنود الاحتلال حتى قتلوه على باب المنزل.
ولم يتوقف دور أم نضال الجهادي عند هذا الحد، بل ربت أبناءها الستة على حب الجهاد في سبيل الله، فانضموا جميعا إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين وودعت منهم ثلاثة قضوا جميعا في سبيل الله وهم نضال فرحات من أوائل مهندسي صواريخ القسام والاستشهادي المجاهد مقتحم مغتصبة عتصمونا محمد فرحات والشهيد المجاهد رواد فرحات أصغر ابنائها كما تعرض منزلها للقصف أربع مرات.
أنها خنساء فلسطين قدمت فلذات كبدها في سبيل الله وذلك مرضاة لله عز وجل ومن ثم خاضت المرحلة السياسية فأبدعت فيها بعد فوزها بعضوية المجلس التشريعي عام 2006م ضمن كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس.
رحمك الله يا خنساء فلسطين قدمت كل شيء في سبيل الله ولم تتواني يوماً في تقديم أي شيء ينفع الاسلام والمسلمين، وكنت حجةً على القاعدين والمتخاذلين من رجال الأمة العربية والاسلامية، سطرت بجهادك وبَذْلِك صفحات عزٍ مفادها أن فلسطين عربية اسلامية من بحرها الى نهرها، وستبقى نساء وشباب واطفال فلسطين يدافعون عنها لآخر قطرة دم في عروقهم ولن يفرطوا بحبة تراب من ارض فلسطين وسيبقى علم الجهاد مرفوعاً حتى يتحرر الوطن الغالي من يد الصهاينة الغاصبين .
موعد مع الرحيل
كانت النائب فرحات قد عادت من جمهورية مصر العربية بعد رحلةٍ طويلةٍ من العلاج، حيث كان الأطباء قد أكدوا إصابتها بتليف شديد في الكبد والتهاب في الأمعاء.
وفي فجر يوم الأحد (17-3) "خنساء فلسطين" عن عمر يناهز "64 عامًا" بعد صراع مع المرض دام لأشهر طويلة.
إلا أن حالتها ازدادت سوءًا مع مساء قبيل ليلة من وفاتها، حيث تم نقلها إلى مستشفى الشفاء بغزة، في حين قرر الأطباء إدخالها فوراً إلى غرفة العناية المكثفة لخطورة حالتها الصحية، إلى أن وفاتها المنية فجر.