Menu
18:37وفاة شاب غرقًا في خانيونس
18:26حشد تطالب شركة جوال بتخفيض أسعار الخدمات للمشتركين
18:11زلزال قوي يضرب ولاية إزمير التركية
18:10الحركة الإسلامية بالقدس تدعو لإحياء الفجر العظيم ورفض أوامر الهدم
18:07اشتية: على أوروبا ملء الفراغ الذي تركته أميركا بتحيزها لإسرائيل
18:00بالصور: حماس تدعو للانضمام إلى حملة مقاطعة البضائع الفرنسية
17:58خلافات لبنانية إسرائيلية بشأن ترسيم الحدود البحرية
17:57لا إصابات في صفوف الجالية الفلسطينية بتركيا جراء زلزال إزمير
17:55إصابة شاب بالرصاص المعدني والعشرات بالاختناق في مسيرة كفر قدوم الأسبوعية
17:54الاحتلال يعتدي على المواطنين قرب باب العامود
17:53وفاة شاب غرقا في بحر خانيونس
17:52الخضري: خسائر غير مسبوقة طالت الاقتصاد الفلسطيني بسبب الاحتلال و"كورونا"
13:49مسيرات غاضبة في قطاع غزة نصرةً للنبي ورفضًا لإساءات فرنسا
13:47الصحة: 8 وفيات و504 إصابات بكورونا في الضفة وغزة خلال 24 ساعة
13:26إدخال الأموال القطرية إلى غزة

تفجير العبوة ومأزق المحاصِرين

أرض كنعان - ترجمة : أطلس للدراسات

عندما يكون التقدير أنه لا نية للاحتلال للتصعيد، وأنه لا زال يتمسك بتكتيك الرد والاحتواء، وعندما تصل الأزمة الإنسانية في القطاع إلى مستوى غير مسبوق، وعندما تصل هذه الأزمة إلى نقاش عاصف لدى المستويات المسؤولة في دولة الاحتلال؛ فإن تفجير العبوه بالقرب من السلك الفاصل، أول أمس السبت، يأتي في لحظة مناسبة، كعملٍ موجع ومستنزف للعدو، يخدم عددًا من الأهداف، وفي مقدمتها الهدف الأصيل والأول والثابت، وهو استمرار المقاومة واستنزاف العدو في نقاط وأهداف موضعية غير مكلفة لنا ويسمح باحتواء التصعيد، ويخدم أيضًا هدف تسليط الضوء على الحصار وما يترتب عليه من أزمات إنسانية، ويدفع وتضغط باتجاه البحث عن سبل وإجراءات لتخفيف وقع الأزمة.

ونقدر هنا مره أخرى بأنه وبعكس بعض التقديرات الفلسطينية التي راجت في الفترة الأخيرة من ان الاحتلال يسعى أو ينوي شن هجوم على القطاع، فإن الاحتلال لا زال متمسكًا بسياسة المحافظة على التهدئة والتصعيد المحدود، وهي السياسة التي كشف عنها ليبرمان قبل أكثر من شهر في لقائه مع القناة الثانية، حيث أعلن "لا صاروخ هنا أو صاروخ هناك، ولا تقدير لهذا الصحفي أو ذاك سيغير سياستنا"، فلدى الاحتلال مشروع كبير على جبهة القطاع يتمثل بالاستمرار في بناء جدار صد الأنفاق واكتشاف الأنفاق وتدميرها، كما ان التهدئة الحاصلة الآن هي الشيء الوحيد الذي ربما سيُتوصل إليه بعد أي حرب أو عدوان كبير، بالإضافة ربما لإلحاق ضربة كبيرة ببنية المقاومة، وتعتبر كل هذه الأهداف بالإجمال غير مجدية لحرب مكلفة، خاصة عندما لا يكون هناك خطرًا أمنيًا محدقًا يستطيع من خلاله الاحتلال تبرير مثل هذه الحرب.

فضلًا عن أن أي عدوان كبير بحاجة إلى إجماع داخلي إسرائيلي وشرعية دولية، وهذا الإجماع لازال غير موجود، بل إن هناك نقاش حقيقي حول تحمّل الاحتلال لبعض المسؤولية عن الأزمة الإنسانية، وهناك في دولة الاحتلال من يتفهم أي عمل مقاوم في إطار التعبير عن انفجارات الأزمة.

وبعيدًا عن شخصنة الأمور، ولأن لدينا انطباع خاطئ إلى حد ما يقدّر ان الاحتلال دولة مؤسسات؛ فأن الواقع والتجربة يقولان فيما يتعلق بقطاع غزة تحديدًا ان السياسات الاحتلالية تجاه القطاع يقودها كل من نتنياهو وليبرمان، وبما يخالف أحيانًا توصيات الجيش والمؤسسات الدراسية، وحتى بما يخالف موقف عدد من وزراء الكابينت.

وما نقدّره الآن ان قدرة ليبرمان ونتنياهو على معارضة الآراء الأخرى التي تطالب بتخفيف الحصار والتعامل مع غزة ومع حكم حماس من منظور التعامل مع الأمر الواقع وتعزيز لغة المصالح ومنح حماس والسكان بعض الأمل والبدائل؛ باتت أضعف من السابق، ويدلّ على ذلك أمران:

الأول: اضطرار نتنياهو للموافقة على نقاش الحالة الإنسانية في القطاع، ونقاش اقتراح كاتس بإنشاء ميناء صناعي قبالة شواطئ القطاع، بعدما تهرب من ذلك كثيرًا، خشية من ان يكون موقفه وليبرمان يمثلان الأقلية داخل الكابينت، طبعًا الوزراء الآخرون الذين يدفعون باتجاه مقاربة جديدة للعلاقة مع القطاع دافعهم الأساسي الانفصال الكلي عن القطاع، وفصله عن الضفة، وإعفاء الاحتلال من أية مسؤوليات مستقبلية، واستكمال عملية الفصل التي بدأها شارون عام 2005.

الثاني: كشف عنه ليبرمان صبيحة الأحد الماضي في حوار مع موقع "واي نت" إثر التصعيد في أعقاب تفجير العبوة، حيث اعتبر ليبرمان ان الأزمة الإنسانية هي أزمة مفتعلة من قبل حماس، وأن التظاهرات أيام الجمع بالقرب من الحدود هي تظاهرات منظمة من قبل نشطاء حماس ومدفوعة الأجر، والهدف من كل ذلك خلق حالة انقسام داخل المجتمع الإسرائيلي وإشعال النقاش حول الأزمة الإنسانية لردع الاحتلال عن القيام بمهماته في إحباط محاولات التهريب والمس بالبنية "الإرهابية" لكي تستمر في إنتاج الصواريخ، وفي ذلك إشارة وتلميح انتقادي لأقوال كاتس وبعض الوزراء ولما يتم كتابته ونقاشه في إعلامهم بشكل كبير عن أزمة القطاع في الفترة الأخيرة.

وقد كان من الملفت للنظر، مساء السبت، وأثناء التغطية المفتوحة لعملية التفجير ان بعض القنوات - وعلى غير عادتها في مثل هذه الأحداث الأمنية - استدعت بعض المعلقين للحديث عن أزمة القطاع، وكأنها تحاول أن تربط بين الأمرين، وفي ذلك يظهر بشكل غير مباشر نوع من "التفهم" للعملية.

ليبرمان في اللقاء حاول ان يظهر كمن لا يخشى ولا يهاب التصعيد، عبر تعظيم الأهداف التي هاجمها الجيش من حيث الكمية والنوعية، وعاد إلى لغة التهديد بتصفية من يقف خلف العملية ومن أرسلهم؛ لكنه كان حذرًا هنا ولم يطوّق نفسه، حيث ترك الأمر مفتوحًا عندما قال "قد يستغرق ذلك يومين أو أسبوعين أو شهرين أو سنتين". الأمر المهم الآخر هو محاولات الربط بين الاحتجاجات الأسبوعية على الحدود وبين زرع العبوة، وبالتالي النظر لكل احتجاج سلمي على أنه احتجاج مصطنع أو ان المقاومة تقوم باستغلاله للقيام بنشاطات عسكرية، وهو أمر قال عنه ليبرمان أنه سيتم نقاشه واتخاذ قرار بشأنه في الاجتماع الأمني الذي سيجري مساء الأحد. كما شكك ليبرمان في دوافع تلقائية الاحتجاجات الأسبوعية، واتهم حماس بأنها المحرض لهم، وأن معظم المشاركين هم من نشطاء حماس وأبناء عائلاتهم.

نتنياهو وليبرمان يشعران الآن بمأزق الاستمرار بسياسة فرض الحصار، حيث لم يعد بدون ثمن وبدون مضاعفات سياسية أو بمخاطر متوقعة ومحدودة ومحسوبة من قبلهم؛ بل بات مهددًا ينطوي على مخاطر كبيرة وغير متوقعة، وقدرتهم على الاستمرار بذات السياسة أصابها الكثير من التآكل، لذلك ربما تكون هذه هي الفترة الأكثر ملائمة لمشاغلة الاحتلال على جبهتي المقاومة والاحتجاجات السلمية بشرط القدرة على التحكم والضبط من حيث التوقيت والأبعاد والأحجام وحضور مركزية خطاب رفع الحصار المفروض إسرائيليًا على القطاع برًا وبحرًا.