Menu
18:37وفاة شاب غرقًا في خانيونس
18:26حشد تطالب شركة جوال بتخفيض أسعار الخدمات للمشتركين
18:11زلزال قوي يضرب ولاية إزمير التركية
18:10الحركة الإسلامية بالقدس تدعو لإحياء الفجر العظيم ورفض أوامر الهدم
18:07اشتية: على أوروبا ملء الفراغ الذي تركته أميركا بتحيزها لإسرائيل
18:00بالصور: حماس تدعو للانضمام إلى حملة مقاطعة البضائع الفرنسية
17:58خلافات لبنانية إسرائيلية بشأن ترسيم الحدود البحرية
17:57لا إصابات في صفوف الجالية الفلسطينية بتركيا جراء زلزال إزمير
17:55إصابة شاب بالرصاص المعدني والعشرات بالاختناق في مسيرة كفر قدوم الأسبوعية
17:54الاحتلال يعتدي على المواطنين قرب باب العامود
17:53وفاة شاب غرقا في بحر خانيونس
17:52الخضري: خسائر غير مسبوقة طالت الاقتصاد الفلسطيني بسبب الاحتلال و"كورونا"
13:49مسيرات غاضبة في قطاع غزة نصرةً للنبي ورفضًا لإساءات فرنسا
13:47الصحة: 8 وفيات و504 إصابات بكورونا في الضفة وغزة خلال 24 ساعة
13:26إدخال الأموال القطرية إلى غزة

كتاب خطير, الحروب الموجهة اعلاميا

أرض كنعان -  بقلم: عبد الرحمن شهاب / مدير مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية

ما إن وضعت حرب الأيام الستة 1967 أوزارها، حتى بات تفوق الجيش الإسرائيلي شيئًا من التاريخ، ولكن كعادة الأفول لا يسدل فجأة، وإنما ينتظر نهاية بقايا الضوء؛ وهذا بالضبط ما حصل مع الجيش الذي كان يعتقد بأنه "لا يُقهر"، فما إن بدأت الصورة تتكشف، حتى أخذت مؤسسات الدولة العبرية تبحث عن استعاضة لصورة الهزيمة بصورة انتصار، حتى انشغل كل قادة الكيان في البحث عن الصورة. كتاب "الحروب الموجهة إعلاميًا" الصادر عن مركز دراسات الأمن القومي، والذي حصل عليه مركز أطلس وترجمه - وهو قيد الطباعة - يكشف كيف دفع الجيش الإسرائيلي ثمنًا باهظًا من أجل احتلال بنت جبيل خلال حرب لبنان الثانية عام 2006 فقط ليرفع علمًا فوق بيت هناك، إنها عملية البحث عن الصورة في زمن الهزائم.

كتاب "الحرب الموجهة إعلاميًا" أو "الحرب والصورة" من أهم ما كُتب في مجال الحرب والإعلام، ودور الاعلام الجديد في صناعة الانتصار يناقش الكتاب التحول من تغطية الإعلام للحرب إلى توجيه الإعلام للحرب، تحول الحرب إلى حرب موجهة إعلاميًا تعطي أولوية كبيرة للصورة لكي تحدد سلامة وصحة وقوة وانتصار الرواية، إنها الصورة التي تفقد الاحتلال رغم تفوقه العسكري من ان يدعي النصر وهي نفسها الصورة التي تقيد امكانية استخدامه لقوته لكامل قوته، وهي الصورة نفسها التي فشل الجيش الإسرائيلي بصناعتها في كل عملياته منذ حرب لبنان الثانية 2006 الى الان.

صورة الانتصار يحددها جيش خفي يعمل على "الهاشتاغ" و"الترند" والقدرة على الاستفادة القصوى من الشبكة العنكبوتية، لا سيما مواقع التواصل الاجتماعي.

نماذج الكتاب: جميع عمليات الجيش الإسرائيلي من السيطرة على سفينة كارين (A) وكلوز(C)، الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين على الرواية، مرورًا بحرب لبنان الثانية وسيطرة حزب الله على المشهد حتى داخل بيت الإسرائيليين، وإخفاق إسرائيل بالحصول على صورة النصر رغم الثمن الكبير الذي دفعه الجيش من أجل الوصول إلى بنت جبيل لصناعة صورة نصر لجيش مهزوم. وعند استخلاص العبر، فشلت مرة أخرى "لجنة فينوغراد" بإيجاد الحل لمشكلة الصورة سوى دفن الرأس كالنعامة في التراب.

كما يناقش الكتاب كيف فشل الجيش الإسرائيلي بمحاصرة سفينة مرمرة، رغم الإمكانيات التي وضعت تحت تصرف الناطق باسم الجيش (مروحتين لنقل المواد الإعلامية والتوثيقية لوحدة الوثائق، وإمكانيات الكترونية لمحاصرة السفينة إلكترونيًا)، ورغم ذلك فقد تأخر الجيش 10 ساعات عن نشر أول صورة من ساحة المعركة من على ظهر السفينة، فيما كان العالم يعج بصور جوالات المسافرين. لقد انتصرت الرواية الفلسطينية لأن هدفها لم يكن وصول السفينة، بل وصول رسالة الحصار الذي عززه غباء الكوماندو الإسرائيلي.

أما الاعتداءات الثلاثة على غزة، فقد كشف الكتاب هزيمة الجيش بالتفصيل، والتيه في البحث عن صورة النصر. يعترف الكاتب بكيفية تغلب المقاومة الفلسطينية على إمكانيات إسرائيل الهائلة ومنعها من صناعة صورة تعزز روايتها، ولا حتى صورة تصنع نصرها. رغم كل استخلاصات العبر من كل معركة، التعطش الاسرائيلي للدم بمصطلحات توراتية صنع فشلًا ذريعًا لصالح الرواية الفلسطينية عندما تم إطلاق اسم "الرصاص المصبوب" على عدوان (2008/2009)، والإخفاق الثاني للمؤسسة العسكرية وإعلامها كان أسلوب النعامة الذي انتهجه الجيش، وهو إغلاق القطاع أمام الإعلام الأجنبي، فقدم المصور الفلسطيني الصورة التي يريد تسليط الضوء عليها. أما عدوان 2012 فقد استخلص الجيش الاسرائيلي العبر، ولكن لم يكن أمامه إلا الإستفادة من الهدف الذاتي الذي سددته المقاومة في نفسها، وهو صورة إعدام العملاء؛ ورغم ذلك فقد استخلصت المقاومة العبر وتوازت مع الجيش الاسرائيلي في هذا المجال، فكانت لها اليد الطولى في السيطرة على الهاشتاغ والمحاصرة لمواقع الناطق باسم الجيش الإسرائيلي من خلال إدماج المجتمع في المعركة وتشغيل جيش الكتروني ساهم فيه حتى مواطنون أوروبيون، انتصروا على الجيش الالكتروني الإسرائيلي، حتى في ضرب مواقع العدو وتهكيرها، ونشر بيانات على صفحات العدو ومحطاته وقنواته، فخلال عدوان 2014، ورغم ان الجيش الإسرائيلي طوّر نفسه وأنشأ "سلاح المرئيات" و"وحدة الموثقين" واستخدم أسلوب الانفتاح التام؛ إلا أنه استجابة لتعطش المجتمع الإسرائيلي المتطرف للانتقام أكثر من تصدير صور الدمار التي خلفها، فأقنع المقتنع بروايته وفشل في إقناع آخرين بالرواية، وهنا كانت نقطة ضعفه وانتصار المقاومة، وقد تبين لاحقًا ان الكثيرين اطلعوا على رواية الجيش الإسرائيلي، لكن القليلين هم الذين غيروا قناعتهم بعد قراءة الرسالة، فقد استطاعت المقاومة الفلسطينية أن توصل رسالة بأنها داوود الذي يقاتل جالوت الإسرائيلي، وقد استطاعت حماس ان تقنع جمهورها بأنها تنتصر، فيما الجيش أخفق في إقناع الإسرائيليين بأنه المنتصر.

الفصل الأخير من الكتاب بعنوان "فصل الاسماك عن البحر" يحاول الكاتب ان يقدم وصفة للاحتلال للتعامل مع الإعلام الجديد لتجاوز ضعف رواية الاحتلال، من خلال الفصل بين المقاومة والمجتمع بالوصول إلى السكان الذين يصفهم بـ "السكان الأعداء" باستخدام وسائل "القوة الناعمة" و"القوة الذكية" و"الأفق السياسي الواعد" و"تجفيف المستنقع بدل الإغراق في قتل البعوض"، لكن هذه الوسائل تصطدم بالقوة العنجهية للجيش، وللتطرف الذي يجتاح النظام السياسي الإسرائيلي. في النهاية يقر الكاتب بأن الضعيف هو المنتصر في صراع الروايات.

أخيرًا، ليس صحيحًا ان الباطل يمكنه ان يسخر الإعلام بأمواله لصالح رواية الاحتلال، الأمر يحتاج إدراك الأدوات ونقاط الضعف في رواية الاحتلال، وعلى المقاومة ان تتأقلم أكثر مع صراع الروايات وحرب الإعلام الجديد، فهذا مجال ينتصر فيه الصادق والحق، فقط نحن بحاجة لأن نقرأ ما يكتبه العدو عن نفسه وما يصرح به عن الآخرين. الكتاب مليء بما يمكن أن يُستفاد منه في هذا المجال، نرجو ان نكون قد ساهمنا في كشف ذلك وتقديم مشورة للمجتمع الإعلامي وأصحاب القرار.