Menu
20:25كهرباء غزة تصدر تعليمات ونصائح مهمة للمواطنين استعدادا لفصل الشتاء
20:24بيان من النيابة العامة حول الحملات الالكترونية
20:21قائد جديد لشعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي
20:20الاحمد: ننتظر رد حماس منذ بداية أكتوبر.. ولا اجتماع للأمناء العامين قبل إصدار مرسوم الانتخابات
20:18ابو حسنة: استئاف العملية التعليمية لطلبة المرحلة الاعدادية بمدارس الاونروا بغزة بدءا من الاثنين المقبل
20:14صحيفة اسرائيلية: كهرباء غزة و"التنسيق الخفي" بين إسرائيل ومصر وقطر والفلسطينيين..!
20:13السلطة الفلسطينية تنوي مقاضاة إسرائيل لترخيصها شركات اتصال بالضفة
20:12بري: ليس وارداً بأن تفضي مفاوضات الترسيم للتطبيع.. والحكومة اللبنانية سترى النور قريباً
20:10الأوقاف بغزة تغلق ثلاثة مساجد بخانيونس بسبب ظهور إصابات بفيروس كورونا
20:09بعد مشاركته في لقاءات القاهرة.. حماس: عودة القيادي الحية إلى غزة ودخوله للحجر الصحي
14:08لهذا السبب .. "حزب الله" يعلن الاستنفار و يستدعي عددا من عناصره
14:06تنويه مهم صادر عن الجامعة الاسلامية بخصوص فيروس "كورونا"
14:05مالية رام الله تعلن موعد ونسبة صرف رواتب الموظفين
13:38وزارة الصحة: 8 وفيات و450 إصابة بفيروس كورونا و612 حالة تعافٍ
13:14الأسرى يغلقون سجن "جلبوع" بعد اقتحامه والتنكيل بهم

تحقيق في "ديلي تلغراف" عن أساليب "جبهة النصرة" للسيطرة على الثورة السورية

نشرت صحيفة "ذي ديلي تلغراف" البريطانية اليوم السبت تحقياً لمراسلتها روث شيرلوك بعثت به من مدينة حلب تقول فيه ان المدينة غرقت في امواج اليأس. وتسببت الحرب في حرمان اكثر المدن السورية ازدحاما بالسكان من نعيمها حتى اصبحت قفرا وارض معركة وأصبح البقاء فيها للاقوى الذي يتغلب على من هو اضعف. وفي ما يلي نص التحقيق:
"اختفى التاريخ المليء بالامجاد في حلب تحت اكوم من النفايات التي لم تجد من يجمعها من على الارصفة والطرقات. ويلعب اطفال اشقياء قرب مبان دمرتها المدفعية والقصف الجوي. لم تعد هناك كهرباء ولا تدفئة. وما ان يسدل الليل عباءته السوداء حتى تغص الطرقات بالرجال المسلحين. بعضهم من الثوار الذين يبحثون عن الموالين للحكومة، والاخرون مجرمون يتلصصون لاختطاف من يمكن ان يحصلوا على فدية قبل اطلاق سراحه. وصارت اعمال النهب مستشرية.
في هذا المكان وخلف الخطوط الامامية للحرب ضد بشار الاسد تطل برأسها حركة مقاومة جديدة. انها وليدة صراع الايديولوجيات: منافسة تتصارع فيها كتائب الثوار لتقرير الصيغة التي ستكون عليها سوريا بعد الاسد.
وتبين في الاسابيع الاخيرة ان "جبهة النصرة"، الحركة الجهادية المتشددة التي صنفتها الولايات المتحدة على انها حركة ارهابية والتي تريد اقامة دولة اسلامية متشددة تخضع لاحكام الشريعة، هي التي تمسك زمام الامور بيديها.


 وتمتاز الجبهة بالتمويل الجيد، ربما عن طريق شبكات جهادية عالمية ثابتة، مقارنةً بالمعتدلين.
في الوقت نفسه يقول قادة المجموعات الثورية المنادية بالديمقراطية ان مصدر التمويل من الدول الاجنبية يكاد يجف بسبب الخشية من الاسلاميين المتشددين.
وهذا الامر يتسبب في تغيير وجه الثورة السورية.
تُعرف "جبهة النصرة" بانها تضم في صفوفها اشد المقاتلين شجاعة على الخطوط الامامية. غير ان الحركة الاصولية تركز الان على البرامج الانسانية ذات التأثير القوي التي تجتذب بسرعة ولاء سكان حلب.
والجبهة التي يتأصل في نفوس افرادها الانضباط بوحي من الحزم العقائدي تُعنى بالاحتياجات الاساسية في مدينة ينقصها كل شيء من المصانع الى المحاكم.
وكان من ابرز المشقات امدادات الخبز البطيئة. وهذه من الامور الرئيسية في سوريا، اذ بدون الخبز سيتضور عشرات الالاف من الفقراء جوعا.
وعندما سيطر المقاتلون من الثوار على مخازن الدقيق في انحاء المدينة، توقف توريد الطحين بالكامل. واتهم السكان المحليون ثوار الجيش السوري الحر باقتحام المخازن وسرقة الدقيق من اجل بيعه. وعلى الفور قامت احتجاجات مؤيدة للحكومة خارج المخابز حيث وقفت العائلات في صفوف طويلة للحصول على رغيف العيش، لبضعة ايام احيانا.
وخلال ثوان من وصول مندوبة صحيفة "ذي ديلي تلغراف" الى الذين ينتطرون استلام الخبز بدأ احدهم وصاح الاخرون معه "الله، سوريا، بشار. الكل يحب بشار الاسد".
وفي الاسابيع الاخيرة طردت "جبهة النصرة"، وهي ليست تابعة للجيش السوري الحر، الجماعات الثورية الاخرى من المخازن واقامت نظاما لتوزيع الخبز في انحاء المنطقة التي يسيطر عليها الثوار.
وفي مكتب صغير ملحق باحد المخابز في حي المسة في حلب، تفحص أبو يحيى خريطة معلقة على الجدار. وقد كتبت ارقام بقلم رصاص على الطرقات فيها.
قال ابو يحيى "قمنا بتعداد السكان في كل شارع لتقييم حاجة الحي. ونقوم بتوفير 23593 كيسا من الخبز كل يومين لهذا الحي. هذا في حي واحد فقط. ونقوم بحساب عدد سكان الاحياء الاخرى، ونكرر ذلك فيها.
"الكيس الواحد يباع في الدكاكين الان بـ125 ليرة سورية (1.12 جنيه استرليني). لكننا هنا نبيع كيسين بـ50 ليرة سورية (أقل من نصف جنيه). كما نقوم بتوزيع شيء منه بالمجان لمن لا يستطيع ان يدفع الثمن".
تعمل المخابز باستمرار. وفي الداخل عربات تُجَر باليد مليئة بالعجين تنقل الى حزام متحرك يقوم بعجنه الى ارغفة قبل ادخالها الى فرن ضخم. ويقوم عمال بوضع الارغفة الساخنة في اكياس.
قال مدير المخبز ابو فتاح: "انا من جبهة النصرة. كل المدراء في كل المخابز ينتمون للجبهة. وبذلك نكفل عدم قيام احد السرقة".
خارج المكتب وقف مدنيون لمطالبة ابو يحيى بالخبز. قالت احدى النساء "لو ان الخبز لم يتوفر هنا، لكنت اضطررت الى الاستجداء في الطرقات لتوفير الطعام لعائلتي. فزوجي جريح ولا يستطيع العمل".
ويمكن ان تجد مثل هذا المشهد في لبنان او غزة حيث تنفذ حركات مثيلة - حزب الله وحماس - برامج دعم اساسية لتوفير الخدمات الضرورية للمحرومين فيها.
وتمكنت صحيفة "ذي ديلي تلغراف" من الوصول الى الحاجي رسول، كبير قادة النصرة، او اميرها، الذي يرأس البرامج المدنية. قال: "لدينا من الخبز ما يكفي لمساعدة جميع المناطق المحررة. ووضعنا جانبا ما يكفي من الدقيق لتغطية احتياجات حلب لثمانية اشهر.
"كما اننا نقوم بتوفير الدعم للمزارعين حتى يمكن الاعداد لعملية الحصاد واعادة ملء المخازن".
جلس السيد رسول، المحافظ جداً، في مقعد السيارة الامامي وأزاح المرآة جانباً ليتجنب رؤية لمحة لهذه الصحافية كاتبة هذه الاسطر عن طريق الخطأ. كانت كلماته مختارةً بعناية. قال انه عدا عن مشروع الخبز، تقوم جبهة النصرة بتشجيع رجال الاعمال على اعادة فتح مصانعهم – وهي محركات اقتصاد سوريا. وقال انهم بدأوا ايضاً مشروعاً لتنظيف شوارع حلب.
رسم صورةً بعيدة كل البعد عن سمعة منظمته التي تجمد الدماء في العروق. فقد ادعت على المواقع الجهادية العالمية المسؤولية عن تفجير سيارات ملغومة وهجمات انتحارية ادت الى قتل مئات المدنيين واستهدفت ايضاً اهدافاً عسكرية في مختلف انحاء سوريا. وتعني جبهة النصرة في نظر كثير من السوريين "القاعدة". وكثير من مقاتليها جهاديون اجانب، قاتل بعضهم مع "القاعدة" في العراق. وحاول السيد رسول ان ينفي انهم متطرفون: "ثمة انطباع مغلوط في الغرب بان جبهة النصرة عصابة اجرامية. ان جبهة النصرة انسانية ونحن لا نكره احداً. نحن لا نكره المسيحيين.
"نحن لسنا "القاعدة". ان مجرد أن بعض اعضائنا يشاركونها افكارها لا يعني اننا جزء من المجموعة".
رفض السيد رسول الخوض في خطة جبهة النصرة المحددة لمستقبل سوريا. ولكن في انحاء حلب التي يسيطر عليها الثوار، اخذت محكمة شرعية تصبح بسرعة قوةً مركزية في المدينة. وتشترك فيها ايضاً ثلاث مجموعات اسلامية اخرى متشددة تعمل في المناطق التي يسيطر عليها الثوار: احرار الشام، وفجر الاسلام ولواء التوحيد، مع ان جبهة النصرة تتولى الدور القيادي.
وهي ترفض توظيف قضاة عملوا في ظل النظام، وتختار علماء دين لاصدار الاحكام.
وبعض احكام الشريعة، مثل قطع الايدي عقاباً على السرقة، لا تطبق في زمن الحرب. ولكن السكان المحليين يشكون من تطبيق حدود اخرى مشددة.
وقال عدة رجال مثلوا امام المحكمة ان الاتهامات الموجهة اليهم شملت "شرب الكحول" او "الاختلاط بالنساء". واغضب هذا كله سكاناً حلبيين كثيرين، معظمهم مسلمون معتدلون.
قالت احدى النساء: "كنت مرتدية معطفاً طويلاً تحته بنطال جينز عريض، وكنت خارج المسجد. قال لي احدهم: يا اختي ملابسك ليست ملابس اسلامية. يجب الا تضعي زينة (على وجهك) ويجب ان ترتدي ملابس سوداء".
ثمة جماعات ثوار اخرى تحافظ على وحدة متوترة – على الاقل بينما تستمر المعركة ضد النظام السوري. ويقول معظم اعضائها ان المعركة المقبلة ستكون ضد الجهاديين.
قال ابو عبيدة، قائد كتيبة حلبية محلية: "عندما بدأنا هذه المعركة ضد النظام كان الغرض منها تحويل سوريا الى دولة عصرية. الجبهة تريد ثورة اسلامية. ولكننا في سورية لسنا اسلاميين راديكاليين".
وقال ابو عبيدة ان منظمات مثل منظمته تفقد شعبيتها لعدم قدرتها على مضاهاة البرامج الاجتماعية للجهاديين.
وقال احد السكان: "لا احب جبهة النصرة، ولكني اقول لك ان هؤلاء الرجال سيحكمون – لبعض الوقت. المسألة هي الى متى ننتظر قبل ان ندرك نحن السوريين اننا بحاجة الى تقرير مصيرنا بايدينا".