Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح

صباح الخير يا مباحث قطاع غزة..سامي محمد الأسطل

يبدو أن العقيدة الأمنية المنشودة تحولت من وطنية إلى شخصية بامتياز بل وعلى المكشوف وبالموارية ودون مواربة وعيني عينك, حيث أفاقت خان يونس صباح أمس على فرض منطقة عسكرية مغلقة وانتشرت مغاوير المباحث المدججة بالسلاح في كل مكان, وكلهم كانوا على قلب رجل واحد, موحدي الفهم, في حالة من الضبط والحضور الكاملين, اعتقد الكثير أن هناك أمرا ما, اكتشاف جناية كبيرة, ضبط كميات كبيرة من المخدرات, العثور على مخازن الاترمال, ضبط شبكات من المخربين الغير وطنيين, ضبط شبكات الهوى بعد ليلة حمراء صاخبة ....الخ؛ لكن إذا عرف السبب بطل الاستفهام والسؤال والعجب العجاب.

لقد كانت هذه التظاهرة العسكرية لأن مسئول المباحث يريد أن يبني بيتا خلافا لكل الضوابط والقوانين المنظمة للأبنية, بل وفي تعد على حرم الشارع, وربما كان هذا الضابط معذورا في ظل حمى التنافس الغير شرعي على العمار؛ فمعظم المسئولين المتنفذين في حالة سباق مع الزمن من أجل الحصول على قطعة الأرض والفيلا والسيارة, وأصبحت هذه المحاور الثلاثة الهالعة الثقافة السائدة وكأنها تكشف عن مجاعة الملذات لدى بعض المسئولين في ظل عطية الملك وخلده المتكالب, والتي يغيب أمامها كل الضوابط الوظيفية, الدينية, الوطنية والأخلاقية.

          لقد كانت سيارات مصنع الخرسانة الجاهزة تأتي بطانا برفقة موكب من سيارات الشرطة وتعود خماصا لمصنعها برفقة موكب آخر, وعندما جاء مفتشو الأبنية من بلدية خان يونس مهرولين, مذهولين قامت الشرطة بمنعهم من الدخول بقوة السلاح في كل الاتجاهات في حالة من التضامن والضبط العسكري الكامل, ولا يمكن لأحد من أفراد الشرطة فعل غير ذلك, ولا مجال لاقتراحات أو نصائح لأن النصيحة ترجمتها من الكبائر الموبقات في موازين المسئولين وصناع القرار المتحالفين ومتبادلي المصالح, ولا مجال للمغفرة والأوبة, وإن لم يكن لديك ظهر فالمأوى الفرم بالقوة الغاشمة.

          تجرأ أحد العاملين بالبلدية وقال للشرطة التي تضرب الطوق الأمني: إن البناء مخالف وممنوع وهناك أمر بوقف البناء والبناء مخالفة أوامر مشروعة, وعلى الفور هدده أحد رجال المباحث بسر المهنة قائلا: "اسكت وإلا سأفتح ضدك ملفا غير أخلاقي مع النساء الكبريات", وما كان من الموظف بالبلدية إلا أن اتصل بمسئوليه, وسرعان ما جاء رئيس البلدية للميدان فوجد المشهد الذي يذّكر بالاغتصاب الجماعي لسيدة هندية في أتوبيس بنيودلهي أفضت في نهايتها المأساوية بوفاة تلك السيدة, وشعر رئيس البلدية باغتصاب البلدية على تلك الطريقة الهندية؛ فأغلق البلدية احتجاجا على هذا الفلتان والاستقواء الكامل بالشرطة وبطريقة علنية, لاسيما وأن الشرطة تنصلت من حماية وتنفيذ أوامر البلدية.

          والحقيقة التي يجب أن لا يدار الظهر لها وهي ما الذي أوصل هذا الضابط لمثل هذه الحالة السافرة وبهذه الهيئة الاستعراضية؟ أن يعطل حركة المرور العامة ويجند جهازا بأكملة لمصالحه الخاصة ليصبحوا حراسا له, ويسخرهم ضد القانون, وإبطال إنفاذه, وهذا جهاز من المفترض أن تكون أعماله في غاية السرية, مأمون الجانب لأنه يتابع الخطايا والعورات, ولولا أن لهذه الحالة قرائن تم طيها لما وصل لمثل هذا التحدي الآبق, وقديما قالوا إن للسيئات أخوات.

          وفي المقابل في خان يونس أيضا تقوم الشرطة بمحاصرة عائلات بأكملها في الليل القارص من أجل منع البناء أو هدم جزء منه بحجة التعدي, ويتم مطاردة أربعين رجلا من أفراد عائلة واحدة مدة 20 يوما لأن أحدهم متهم بلطم رجل, ويصاب عددا آخر بأذى بليغ لأنهم متهمون بالوقوف أمام الشرطة الخاصة لأنهم طلبوا إخطار قانوني.

          سئل "برز جمهر" أحد حكماء الفرس عن سبب زوال الدولة الساسانية من بعد قوة وشدة فقال: "لأنهم قلدوا كبار الأعمال صغار الرجال" أي الرويبضة, والذين لا يمكن تسميتهم برجال الدولة بل معاول هدمها, وقيل إن موت ألف من أصحاب المواقف العظيمة –مثل خالد بن الوليد, عمرو بن العاص, أبو عبيدة بن الجراح, حمزة,...الخ- أقل ضررا من ارتفاع واحدا من السفلة, وفي المثل قيل: "زوال الدول باصطناع السفل".

          لذلك إذا أردنا تعزيز القانون فلا بد من وجود مؤسسات تابعة للقطاع الأمني تكون قابلة للمساءلة على أساس قانوني معلن وواضح, ولا يكفي فقط التدريب لأفراد الشرطة والتمرين والجهوزية والتسليح, بل يجب تكوين أجهزة مراقبة وإدارة رسمية فعالة على كل المستويات في النظام السياسي الفلسطيني على المستوى التنفيذي, التشريعي والقضائي, وحتى تتم العملية بشكل أوضح وأكمل لابد من إشراك المجتمع المحلي والمدني في هذه الرقابة وأن لا يقتصر الأمر على حزب وحركة.

          في نهاية المطاف ينتظر بعض النخب والمثقفين والمهتمين أن يستقيل وزير أو وكيل وزارة أو مساعد أو مدير عام أو مدير دائرة وكل يعود لبيته أمام هذه الحادثة  الكاشفة؛ لكن لا داعي للانتظار والأفضل للمنتظرين أن يعودوا إلى رشدهم؛ فقد مات عدد كبير من المواطنين شويا ولم يتزحزح أحد.