يمكن بل يجب التصويت لأحد احزاب اليسار والسلام الحقيقية. لكن من المؤسف جدا انه لن يصوت لها الجميع. ومن حسن الحظ ايضا ان الجميع لن يصوتوا لاحزاب اليمين. فبقي لاولئك الذين يرون ان ميرتس يسارية جدا؛ وان الجبهة والتجمع والقائمة العربية الموحدة عربية جدا؛ وان "ارض جديدة" حديثة جدا، بقي عندهم في واقع الامر اربعة احتمالات: العمل والحركة ويوجد مستقبل وكديما. ونخصص هذه الاسطر للحائرين بين هؤلاء، ولهم فقط ونقول: "صوتوا للحركة".
كان يجب ان يكون الاختيار الطبيعي هو حزب العمل لكنه يخون دوره ويحركه خوف رئيسته واستبدادها. ويصعب ان نبالغ في الحديث عن دور شيلي يحيموفيتش المدمر في اسقاط موضوع الاحتلال من برنامج العمل، ويصعب ان نفهم صمت مرؤوسيها الذين يزينون قائمتها، الذي يشبه صمت النعاج. وقد كُتب الكثير من قبل عن ذلك والاستنتاج واحد وهو انه لا يجوز التصويت لها.
أما حزب يوجد مستقبل فهو اسوأ لأن يئير لبيد يتجاهل أكثر من يحيموفيتش الفيل الكبير الذي يقوم في غرفتنا. إن لبيد يؤجج حربا في شأن مصيري مختلف وهو هل سيكون لنا وزراء من غير حقائب وزارية. فمن أراد ان يشغل نفسه بهذه الصغائر والسخافات فليصوت له وينبغي ان نأمل ان يكون هؤلاء قلة.
أما اختيار كديما فهو اختيار الشفقة والرحمة: هل سيتم ابعاد شاؤول موفاز عن الكنيست وهل سيقع ظلم كهذا عندنا. إن حملة انتخابات كديما أشبه بحملة جمع تبرعات لجمعية صدقة توزع وجبة ساخنة في الشتاء على البائسين ممن لا بيوت لهم. لكن يصعب ان تثور الشفقة على من تميزت خدمته العسكرية والامنية بقسوة لا نظير لها حتى بحسب معايير الجيش الاسرائيلي نفسه. حتى إن موفاز يفخر بذلك فبرامج دعايته المذاعة تفخر بالقتلى على يديه. ولهذا نوصي باسقاط هذا الاختيار ايضا.
بقيت "الحركة" برئاسة تسيبي لفني وهي أخف الضرر. فمن كان يرى انه حتى ميرتس هي نهاية العالم الى اليسار تكون "الحركة" هي الاختيار العدل والمعقول الوحيد. فلفني امرأة تبحث عن البشارة. وهي مشحونة برسالة صادقة وحقيقية وهي الوحيدة في مجالها السياسي التي لا تحجم عن الحديث عن الفيل بل انها لا تكف عن الحديث عنه في واقع الامر. ليست الرغبة في انهاء الاحتلال هي التي تحثها في الحقيقة ولا حقوق الانسان ولا العدل ولا الاخلاق لكنها على الأقل تعترف بوجود مشكلة مصيرية، بل انها على ثقة من أنها قادرة على حلها.
من المؤسف جدا ان المشكلة في نظر لفني هي ايضا مشكلة قوميين فهي لا تريد إلا دولة يهودية فيها أقل عدد من العرب. لكن حتى لو كانت بواعثها خاسرة فان لفني تدرك على الأقل أنه لا يمكن الاستمرار في تلك الحال. وهي وحدها تقريبا التي تدرك انه يوجد عالم. وهي الوحيدة تقريبا المتصلة بالواقع الدولي. وهي الوحيدة تقريبا التي لا تعتقد ان اسرائيل تعمل في فراغ ولا تحسب حسابا للأغيار.
رأيت في الاسابيع الاخيرة عددا من عروضها: انها رائعة وتهمها الامور حقا. وهي تعرف ان تميز ايضا بين الغث والسمين. وحقيقة انه يقف الى جانبها عمير بيرتس وعمرام متسناع تزيد في وزنها. ان الحل الذي تعرضه غير كاف فلن يستطيع أي فلسطيني ذي مسؤولية ان يوقع عليه. وهي عاشقة ايضا للتفاوض الذي كان يجب ان يزول منذ زمن، فقد تم بحث كل شيء الى درجة الارهاق وحان الآن يا لفني زمن الحسم. فيجب على اسرائيل ان تكون هي التي تقرر أولا: هل تتجه الى انهاء الاحتلال أم لا، وكل ما عدا ذلك مشتق منه.
ومن الصحيح ايضا ان لفني قد كانت هناك ولم تصل الى أي شيء وقد جعلت هي ايضا الاشتغال بالصغائر مقدما على الحسم الأكبر الذي نشك في ان أمره قد بُت عندها. لكن المسافة التي قطعتها من بيت الايتسل الذي ترعرعت فيه الى مائدة التفاوض مع احمد قريع تثير الاجلال مع كل التحفظات.
اجل يمكن ويجب ان نتحفظ من لفني ولن أصوت لها. لكن لفني هي الرد على من يرى ان اليسار كلمة نابية – انها الوحيدة (تقريبا).