شكل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وما أعقبه من خسائر بشرية ومادية قبل شهرين مثالاً عالميًا لمن يرغب في توجيه ضربةٍ عسكرية أو "اجتثاث" لقوة تشكل تهديدًا للخصم.
فقد وصفت صحيفة فرنسية الحرب التي تشنها فرنسا –حاليًا- ضد "المتمردين الإسلاميين" في جهورية مالي الإفريقية بأن "مالي هي غزة فرنسا" كما كانت غزة هدفًا لـ"إسرائيل".
وكانت القوات الفرنسية بدأت هجومًا بالطائرات لضرب معاقل "المتمردين" لاستعادة مدن في شمال الدولة بعد أن فتحت الجزائر أجواءها أمام الطائرات الفرنسية لدك شمال مالي.
وزعمت باريس -على خطى المزاعم الإسرائيلية- أنه لا يمكن لفرنسا التي تمثل بوابة القارة الأوروبية القبول بوجود "إرهابيين" قرب حدودها الجغرافية. وهو ذات الادعاء التي تبنته "إسرائيل" في حربيها ضد غزة قبل أربع سنوات والأخرى قبل شهرين.
وعلى الرغم من الحملة العسكرية الفرنسية على مالي، إلا أن الصحافة الفرنسية كانت من أولى الصحف التي "استنكرت" العدوان الإسرائيلي "العنيف" على غزة.
وتقول صحيفة "الجيمينير" الفرنسية إنه إذا فرضنا جدلاً بمبرر "إسرائيل" في حربها ضد حركة حماس في غزة لقربها الجغرافي الذي لا يتجاوز كيلو مترًا واحدًا، فإن المسافة بين العاصمة المالية "بمباكو" وباريس أكثر من ستة آلاف كيلومتر.
وتسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في نوفمبر الماضي بخسائر فادحة تجاوزت 1.2 مليار دولار ونحو 190 شهيدًا استمرت لثمانية أيام.
وتشير الصحيفة إن فارق الأرقام الجغرافية المذكورة يمثل فضيحة صارخة لأوروبا في انحيازها لـ"إسرائيل" وهي نفسها تشن حربًا "ليست متكافئة" ضد دولة إفريقية، وذلك في وضع مشابه لغزة و"إسرائيل".
ولم يكن العدوان على غزة مثالاً للقوة العسكرية والنزاع السياسي فحسب، بل تجاوز ذلك إلى المواجهة "الزراعية".
فقد أطلق نشطاء أمريكيون عاملون في جمعية زراعية تعنى بسلامة البيئة والحياة الخضراء مؤخرًا حملة لاقتلاع الأعشاب الضارة الكثيفة التي شوهت شاطئ المدينة باسم "الحرب على غزة"، في إشارة إلى "اجتثاث تلك الأعشاب إلى غير رجعة".
وقالت إحدى الصحف الأمريكية المحلية إن نشطاء الجمعية استشعروا بضرورة إزالة تلك الأعشاب مهما كلف ذلك من ثمن بعد أن طالت وشوهت منظر الشاطئ الجميل، مطلقين على حملتهم ما يشير إلى "ضرورة استعمال القوة ضد العدو".