أرض كنعان - القاهرة /
ناقش إعلاميون فلسطينيون ومصريون اليوم الأربعاء خلال ندوة عقدت في قاعة الراحل محمد حسنيين هيكل بمقر صحيفة الأهرام، دور الإعلام في دعم المجتمع الفلسطيني.. التحديات والفرص"، والواقع الفلسطيني والدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام المختلفة في مساعدة المجتمع الفلسطيني على مواجهة التحديات والصعوبات التي يعانيها، وإيجاد بيئة مستقرة مناهضة للاستقطاب والتطرف.
وشارك في الندوة ثلاثون إعلامياً فلسطينياً من قطاع غزة، وعدد من المفكرين والمثقفين المصريين، من بينهم د. على الدين هلال، ود. عبد المنعم المشاط، والشاعر الكبير فاروق جويدة، ود. حسن أبوطالب، ود. صبحي عسيلة، وكبار كتاب وصحفيي الأهرام.
وأكد البيان الختامي أن هذه الندوة وغيرها لهي مؤشر مهم لعودة الاهتمام للرأي العام المصري بالقضية الفلسطينية لأن مؤسسة إعلامية مثل الأهرام لها وزنها وثقلها في الشارع المصري".
وقال مستشار مركز الدراسات السياسية بمركز الأهرام عبد العليم محمد
إن المؤتمر يصُب في صالح استعادة مصر للدور الإقليمي والعربي، بعد تعافي الدولة، وبناء مؤسساتها واستقرارها لأنه بعد الثورات كانت هناك أجندة داخلية لا تبقي ولا تذر؛ بالتالي من غير الممكن الاهتمام بالقضايا الإقليمية وعلى رأسها الفلسطينية دون إعادة البناء للدولة".
وتابع محمد: "هذا مؤشر في استعادة الدولة المصرية لدورها العربي والإقليمي، مصر عضو غير دائم بمجلس الأمن، لها ثقل، وهذا لمصلحة القضية الفلسطينية".
وأكد أن الوحدة الفلسطينية لا تأتي إلا بجهود ينبغي دفعها إعلاميًا وممارسة ضغوط سياسية وفكرية وثقافية، وإقامة فعاليات جماهيرية لتعزيز تلك الوحدة عبر توالي الضغوط لإيصال صوتها للنخب المسيطرة على المشهد.
من ناحيته، طالب الصحفي الفلسطيني مفيد أبو شمالة بوجود تعاون في مجال المسرح والتمثيل والحث على استئناف حوارات المصالحة، ودعوة القنوات الفضائية لإعطاء فلسطين الاهتمام المثالي، وإطلاق قنوات فلسطينية من مدينة الإنتاج الإعلامي بالقاهرة، وأخرى تنطق بالإنجليزية، وفتح المجال أمام الكوادر الإعلامية الفلسطينية، بما يعزز رسالة بلادهم.
كما دعا أبو شمالة لتقديم تسهيلات معدات البث الإذاعي والفضائي عبر المعابر، وتسهيل وخروج المسافرين، وتشجيع الاستثمار في مجالات الإعلام، وتشجيع قنوات عربية لفتح مكاتب بفلسطين وإرسال موفدين، وعمل اتفاقيات لتبادل الخبرات والتوأمة، وتشجيع التواصل الدرامي، وتجميع وأرشفة الانتاجات الفلسطينية وبثها عبر الفضائيات.
طالب بتشكيل لجنة فلسطينية متخصصة في الإعلام لتنظم واقع الإعلام الجديد وكيفية عمله في الأراضي الفلسطينية
من جهته، قال الدكتور عبد العليم محمد، الكاتب الصحفي بالأهرام، في كلمته التي ألقاها خلال الندوة، أن هناك حالة ملتبسة داخل أروقة الإعلام الفلسطيني، مطالبًا بتشكيل لجنة فلسطينية متخصصة في الإعلام لتنظم واقع الإعلام الجديد وكيفية عمله في الأراضي الفلسطينية، وإيجاد مجموعات فلسطينية تكون قادرة على الترويج للقضية الفلسطينية على المستوى العالمي وتوظيف الإعلام الجديد في دعم فلسطين.
القضية الفلسطينية تمر بأسوأ فتراتها منذ العام 2011 وتراجعت على أجندة الاهتمام العربي وأجندته
ومن ناحية أخرى، أكد صبحي عسيلة مدير تحرير مجلة "مختارات إسرائيلية"، أن القضية الفلسطينية تمر بأسوأ فتراتها منذ عام 2011، حيث تراجعت على أجندة الاهتمام العربي وكذلك على أجندة وسائل الإعلام العربية.
وتابع عسيلة، في كلمة له خلال الندوة، أن وسائل الإعلام هي نوع من المقاومة وساحة مهمة لدعم القضية الفلسطينية، مشددًا على أنه لابد أن يكون الإعلام الفلسطيني موجهًا بالدرجة الأولى للخارج والداخل دعمًا لفلسطين بعيدًا عن صب الاهتمام على الشأن الداخلي والصراع بين الأقطاب الفلسطيني.
وأوضح أن الإعلام الفلسطيني انجر وراء المشكلات الداخلية، وابتعد عن مخاطبة الخارج في توضيح جرائم العدوان الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن الإعلام العربي هو الآخر تهاون في دعم القضية.
وطالب في ختام مداخلته بإنشاء قناة عربية بلغات أجنبية تخاطب الغرب لتوضيح الواقع الفلسطيني وعكس القضية المركزية للعالم العربي، وما يعانيه الشعب الفلسطيني على أرض الواقع.
القضية الفلسطينية مصيرية للشعب المصري
بينما أكد فتحي محمود مدير تحرير الأهرام على أن القضية الفلسطينية مصيرية للشعب المصري، الذي دعم موقف شقيقه شعب فلسطين منذ بداية الأزمة في منتصف القرن الماضي.
وسرد محمود خلال كلمة له في الندوة حول دور الأهرام في دعم القضية الفلسطينية، حين قام الأستاذ محمد حسنين هيكل بتعريف الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرافات ورفاقه للرئيس جمال عبد الناصر عبر جريدة الأهرام.
الأستاذ هلال يؤكد على وسائل التواصل الاجتماعي
ومن ناحيته، أكد على الدين هلال، أستاذ السياسة في جامعة القاهرة، أن مصر هي الدولة التي تلتقي وتتواصل مباشرة مع الشعب الفلسطيني وليس أشخاص يتحدثون باسمهم، لافتا إلى أن مصر كأم دافعها دائمًا في القضية الفلسطينية، كيف تدعم وتطور الصوت الواحد المعبر عن الإرادة الفلسطينية وكيف تقلل التدخلات الإقليمية في هذا الشأن.
وقال: إن مصر في كل المراحل كانت تسعى لمنح الفلسطينيين مجال للتحاور مع بعضهم البعض وما يتفق عليه الأخوة هو رأى مصر وما يعتبروه مصلحتهم تدافع عنه.
وأكد أن الإعلام تطور خلال السنوات الماضية بشكل كبير وأصبح هناك أنواع مختلفة عن الطرق التقليدية، أطلق عليه مصطلح " الميديا الجديدة"، وهي وسائل التواصل الاجتماعي التي يجب ألا يتم التقليل من أهميتها وتأثيرها خاصة بالنسبة للشباب، مؤكدًا أن تلك الوسائل الحديثة أصبح لها حيثية وأهمية.
وشدد في هذا الإطار على أهمية الإعلام بكافة عناصره القديمة والحديثة، قائلًا أن "الإعلام الفلسطيني عليه دور في نشر ثقافة التسامح وتقبل الآخر بعيدًا عن الأجندات الخارجية"، لافتًا إلى أنه لا يوجد ديمقراطية بدون تعددية وأي دولة تعمل على تكريس الانقسام في فلسطين سواء إعلاميا أو سياسيًا فهذا إنما ينم عن سوء فهم لطبيعة القضية.
د. طالب : حماس حركة مقاومة بالأساس
أما الدكتور حسن أبو طالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، فقد قال: إن حركة حماس بالتأكيد حركة مقاومة بالأساس، ولكنها أخطأت في أشياء كثيرة وعليها تصحيح مسارها السياسي، منوها إلى أن الأيام القليلة الماضية كان هناك بعض الإشارات الإيجابية من خلال الحركة تجاه مصر بتصريحات لعدد من قادتها نتمنى أن تكون في الاتجاه الصحيح.
وأضاف "أبو طالب"، أنه في أعقاب 2007 وفوز حماس بالانتخابات وتشكيل الحكومة، جاء إلى القاهرة وفد من قيادات والتقى عددا من الإعلاميين والسياسيين المصريين، وقدمنا لهم نصائح كثيرة عملية تفيدهم في عملهم السياسي واستمعوا لها بإنصات، حتى خيل لنا أنهم اقتنعوا، وبعد عودتهم فعلوا العكس.
وشدد "أبو طالب" على أن حماس عليها أن تعرف جيدا ماذا تريد من مصر، وإلى أي مدى تكون داعمة للأمن المصري، لافتا إلى أن الأمر يحتاج إلى حوار هادئ وجاد في نفس الوقت.
الصحفية المصري تؤكد على ضرورة تعزيز العلاقات بين الاعلام الفلسطيني والمصري
من جهتها، أكدت الصحفية حنان المصري على ضرورة وضع خطط إعلامية واستراتيجية مشتركة لمواجهة كل أشكال التطرف غير المبررة التي تستهدف المدنيين العزل، إضافة إلى وضع خطة إعلامية لتعميم سبل مواجهة الارهاب في الدول العربية، وتعزيز ثقافة التسامح وتفهم الآخر خاصة أننا شعوب تلتقي في كثير من المصالح، إلى جانب إنشاء مراكز أبحاث عربية مشتركة لوضع خطط لمواجهة الارهاب المحلي والمنظم، ومحاولة التركيز على إظهار الوجه الحضاري والراقي للأمة العربية وتاريخها الإسلامي.
وشددت على ضرورة تعزيز العلاقات بين الاعلام الفلسطيني والمصري وتبادل الزيارات وانتداب أساتذة إعلام للتدريس في جامعات قطاع غزة وعقد مؤتمرات وندوات مشتركة وتنظيم دورات تدريبية لصحافيين من غزة في مصر ومنح فرص تدريب لخريجي الاعلام في وسائل الإعلام المصرية.
أبو جياب يدعو لتشكيل لجنة إعلامية مشتركة للإعلاميين الفلسطينيين والعرب
بدوره، دعا الإعلامي الفلسطيني محمد أبو جياب إلى تشكيل لجنة إعلامية مشتركة بين الإعلاميين الفلسطينيين والعرب لبناء استراتيجية مشتركة لبناء جسور الثقة بين مختلف الأطراف العربية الراعية لإنهاء الانقسام الفلسطيني.
ودعا أبو جياب في كلمة له خلال الندوة، إلى ضرورة توحيد الجهود العربية والمصرية على وجه الخصوص لتوحيد الصف الفلسطيني وذلك لما للدور المصري من خصوصية تجاه القضية الفلسطينية على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والإعلامية.
وطالب بجهود مصرية وفلسطينية لتوجيه بوصلة الإعلام العربي بالكامل لدعم القضايا التي تجمع شمل الفلسطينيين وتحقيق المصالحة وليس ما يعمق الانقسام، مناشدًا بإعداد خطط وبرامج إعلامية يديرها إعلاميين فلسطينيين ومصريين، متسائلاً: "لماذا لا يظهر على إحدى الشاشات المصرية برنامج إعلامي يقدمه مصري وفلسطين؟".
وفى هذا الإطار قدم دعوة لمؤسسة الأهرام بتشكيل وفد إعلامي مصري يتوجه لغزة للقاء كبار الإعلاميين الفلسطينيين، لبحث كيفية تحقيق هذه الاستراتيجية المشتركة.
الصحفي صالح المصري: الشارع الفلسطيني يرحب بالتسهيلات المصرية لغزة
هذا وأكد الصحفي الفلسطيني صالح المصري رئيس تحرير وكالة "فلسطين اليوم" الإخبارية، في كلمة له على هامش الندوة، أن "إسرائيل" تمثل أصل الارهاب والتطرف وهي من تغذيه وتدعم الجماعات التكفيرية في بعض الأحيان، مشيراً إلى أن أمريكا أيضاً تدعم الإرهاب والجماعات التكفيرية في سورية والعراق.
وبيَّن انه في الماضي كان دعم الارهاب في الخفاء ومن تحت الطاولة بينما تتسابق الدول اليوم في دعم الجماعات الإرهابية التي تزرع الموت والدمار.
وأكد أن المطلوب هو فتح الآفاق أمام الشباب الفلسطيني والعربي لأن الضغط والحصار يولد الانفجار والارهاب.
واكد الصحفي المصري أن الشارع الفلسطيني ينتظر نتائج عملية، موضحا أن الانفراجة التي حدثت في الأيام الأخير على معبر رفح كانت محور حديث الشارع الفلسطيني، لافتاً إلى أن الكل الفلسطيني يستبشر خيراً.
وأكد أن التغيير الإيجابي في الموقف المصري تجاه قطاع غزة كان محل ترحيب من قبل الشارع الفلسطيني والكل ينتظر المزيد.
ودعا المصري إلى ضرورة تبادل الوفود والأكاديميين بين غزة ومصر للتخفيف من الاحتقان وتغيير الانطباع الذي خلقه الاعلام في أوساط المجتمع حول شيطنة غزة. داعياً إلى ضرورة فتح صفحة جديدة في التعامل بين غزة والقاهرة على ضوء القراءة السياسية الجديدة.
الافرنجي وأبو هين يؤكدان على أهمية التعاون الإعلامي الفلسطيني المصري
وفي السياق ذاته، دعا الصحفي الفلسطيني عماد الافرنجي رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، إلى توثيق العلاقات بين الإعلاميين الفلسطينيين والمصريين، من خلال توفير قاعدة بيانات مشتركة، وتبادل الزيارات والخبرات، وعقد المؤتمرات والدورات. وتساءل الإفرنجي عن السبب الذي قد يمنع الإعلام العربي من دعم القدس المحتلة والأرض الفلسطينية، يرفض التطبيع من الكيان "الإسرائيلي".
بدوره، استعرض الصحفي الفلسطيني ياسر أبو هين رئيس تحرير وكالة "صفا" الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة. مؤكداً على أهمية التعاون الإعلامي الفلسطيني- المصري، لما لذلك من أثر على الشعبين، وعلى القضية الفلسطينية.
وسيزور الوفد الإعلامي الفلسطيني يوم غدٍ الخميس، وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية (أ.ش.أ)، ومدينة الإنتاج الإعلامي للاطلاع على العمل ولقاء إعلاميين مصريين.