Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح

استراتيجية المقاومة بين المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة

استخدم الشعب الفلسطيني على مدار سنوات الصراع الطويلة، منذ احتلال فلسطين من قبل الاستعمار الإنجليزي عام ١٩١٧ إلى الآن، كل وسائل المقاومة، ولكنه بدأ باستخدام المقاومة الشعبية أو غير العنيفة التي تعتمد على وسائل غير مسلحة مثل المظاهرات والمسيرات السلمية والاعتصام ومقاطعة الحكومة البريطانية، وقد قاطع مراكز الحكومة البريطانية، وتوج نضاله السلمي غير العنيف بالإضراب الكبير عام ١٩٣٦، وكان هناك تشابه بين الوسائل والأساليب التي استخدمها الشعب الفلسطيني والأساليب التي استخدمتها حركات التحرر التي انتهجت طريقًا سلميًّا للتحرير، أمثال حركة غاندي في الهند، ولكن تجربة المقاومة السلمية عند حركة التحرر الفلسطينية فشلت، ولم تحقق أهدافها كما حققت حركت تحرير الهند.

إن من الأسباب التي أفشلت المقاومة السلمية الفلسطينية في تلك المرحلة، وخلقت الاختلاف والتمايز عن المقاومة السلمية في الهند، وجود الحركة الاستيطانية الصهيونية في فلسطين بالدرجة الأولى، ثم غياب قيادة قوية موحدة للثورة الفلسطينية، وقد أدّى هذا إلى إضعاف خطوات المقاومة الفلسطينية السلمية ونهجها، فتحولت خلال ثورة ١٩٣٦ إلى حركة مسلحة، وتوسع العمل العسكري دون وجود قيادة سياسية ناضجة تستطيع استثمار العمل المسلح، واستمر هذا الوضع إلى أن أجهضت ثورة الشعب الفلسطيني بعد نكبة شعبنا عام ١٩٤٨، وتكونت مقاومة سلمية فاعلة في الضفة الغربية التي كانت تحت الحكم الأردني، وقطاع غزة الذي كان تحت الحكم المصري، ولكن سرعان ما بدأت الدعوات للكفاح المسلح كخيار وحيد لتحرير فلسطين، وكان ذلك بتأثير من الأنظمة التي كانت ترفع شعار ما أُخذ بالقوة لا يرد إلا بالقوة.

ولكن هذه الأنظمة هزمت عام ١٩٦٧، فأخذ الشعب الفلسطيني زمام المبادرة وبدأ بتشكيل قوات عسكرية لتحرير فلسطين، وبدأت دعوات الكفاح المسلح بالتصاعد بعد معركة الكرامة عام ١٩٦٨، ولكن سرعان ما اصطدمت هذه الثورة مع النظام الأردني فخرجت من الأردن واتجهت إلى لبنان، وهناك دخلت الثورة في إشكاليات وتحديات الواقع اللبناني المنقسم، وأصبحت طرفًا في الحرب الأهلية اللبنانية ممّا أدّى إلى إضعافها إلى أن أخرجها شارون من لبنان، فأجهضت تجربة الثورة الفلسطينية المسلحة.

في موازاة ذلك نمت حركة مقاومة سلمية في الضفة الغربية سرعان ما تحولت إلى حركة جماهيرية سلمية قوية في الانتفاضة الأولى، وهنا وجدت قيادة منظمة التحرير الفرصة سانحة لاستثمار هذه الثورة السلمية للضغط على الدول الكبرى لإيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية، وقد أوصلها ذلك إلى اتفاق أوسلو، أما الحركات الإسلامية التي كانت فاعلة في الانتفاضة فقد اعتبرت ذلك انقضاضًا على منجزات الانتفاضة، وتبنت المقاومة المسلحة، وتوسعت فيها في نهاية الانتفاضة الأولى على اعتبار أن اسرائيل دولة لا يجدي معها إلا القوة، وأن الغرب غير جاد في حل القضية الفلسطينية.

ولكن الضربات المتلاحقة من قبل الاحتلال ودخول السلطة الفلسطينية على الخط، أضعف المقاومة الفلسطينية، في مقابل ذلك أدركت قيادة السلطة وبالذات بعد انقضاء الفترة الانتقالية لاتفاق أوسلو عام ١٩٩٩، ورفض "إسرائيل" حل قضايا الحل النهائي؛ أنه لا بد من العودة إلى حالة المقاومة، وقد سعت هذه القيادة إلى تفعيل المقاومة السلمية، ولكنها أرادت دعمًا من الحركات الإسلامية الفاعلة ممثلة بحماس والجهاد الإسلامي، وبالفعل انطلقت الانتفاضة الثانية بقيادة موحدة على أرضية "شركاء بالدم شركاء بالقرار".

ولكن "إسرائيل" تعاملت مع الانتفاضة بقسوة غير معهودة، ولم تراع أن المقاومة سلمية، وهنا افتقرت مقاومة الشعب الفلسطيني السلمية في الانتفاضة الثانية إلى الحد الأدنى لنجاح أي مقاومة سلمية، وهو وجود حد أدنى من الأخلاق عند المستعمِر، وهو ما افتقدته "إسرائيل" في تعاملها مع الانتفاضة الثانية، مما حوّل تلك الانتفاضة بسرعة إلى مقاومة مسلحة، انتهجت عنفًا غير معهود في النضال الفلسطيني، ولكن بعد الضربات القوية والعنيفة من الاحتلال وعدم توفر ظروف دولية مساعدة، واستشهاد الرئيس ياسر عرفات "أبو عمار"، توقفت هذه المقاومة بهدنة مؤقته مع الاحتلال مقابل وعد بإعادة المفاوضات مع القيادة الفلسطينية.

وبالرغم من ذلك فإن هذه المقاومة استطاعت تحقيق بعض الإنجازات؛ أهمها الانسحاب من غزة والحفاظ على المقاومة وسلاحها في غزة، واستطاعت قيادة حماس التي رفعت شعار المقاومة المسلحة خيارًا وحيدا لتحرير فلسطين تحقيق فوز كاسح في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وهذه النتيجة أشّرت على أن الشعب الفلسطيني مع المقاومة المسلحة، ولكن الانقسام ما لبث أن انفجر عنيفًا بين حركتي فتح وحماس، لتسيطر حماس على قطاع، غزة بينما سيطرت حركة فتح على الضفة الغربية.

ورغم تبني حركة فتح للمقاومة الشعبية السلمية إلا أنها لم تستطع تشكيل حركة مقاومة شعبية فعالة وقوية بسبب تداخل السلطة مع حركة فتح، أما حركة حماس فقد بنت جهازًا عسكريًّا قويًّا وفاعلاً في غزة، ولكن تداخل حركة حماس مع سلطتها الحاكمة في غزة أدّى إلى معاناة القطاع من سلسلة متلاحقة من الحروب، وحصار خانق لم تستطع الحركة تجاوزه، الأمر الذي وضعها في مأزق حرج.

هذا تسلسل مختصر لتطور المقاومة الفلسطينية، يفيد بأن من أهم أسباب فشلها في تحقيق أهدافها هو؛ أولاً- عدم وجود القيادة القوية عند الشعب الفلسطيني، وثانيًا- هو عدم ربط أساليب ووسائل المقاومة باستراتيجية شاملة ومدروسة للتحرير، وبالنظر إلى السياق الدولي الذي وجدت فيه "إسرائيل"، فإن العامل الهام في إنجاز التحرير يكون بالضغط على الدول الكبرى للتخلي عن المشروع الصهيوني، ونحن في هذه الحالة بحاجة لكل وسائل المقاومة، فالمقاومة السلمية المنضبطة كفيلة بتحقيق تعاطف دولي وسوف تساهم بزيادة الضغط على القوى الكبرى، كذلك فإن المقاومة المسلحة كفيلة بأن تكون سياجًا حاميًّا للشعب الفلسطيني ولمقاومته السلمية، وستكون ذات دور مركزي في الضغط على المستوطنين في فلسطين.