".. أنْ تكون "كابنيه" ، فمعناه أنْ تستقبل الوسخ العام ، و تدفع فاتورة "النظافة" على حساب استقالة عقلك الخاص . كُنْ أنت .. ولا تَكُنْ كابنيـه ..!! "
قبل ساعة عدّتُ من النّومْ ، وأتَوَجَّه الآن لقضاء حاجة ماسّة في الحمّام . سأفعل تماماً كما تفعل أنت وصديقتك ، والسيد رئيس الوزراء ، وقادة العمل الوطني ، وأعضاء مجلس إدارة منظّمة غير حكومية بعد وجبة عشاء دَسِمَهَ . أحاول بالفعل الآن ، ولا أتحرّج نشر هذه الصورة المُخزيه بالمعنى الروائحي للكلمة ، أضغط على نفسي مُجدداً ، و أزعمُ أنَّ لَدَيَّ ما يكفي من زخم التجربة لمراكمة سلسلة أوساخ تكفي لتأسيس نظام حكم في التواليت دون قطيعة مع الأمريكان ، ودون احتكاكٍ بـ "بنت الجيران" ، وتصدير موقف حازم برفض مصالحة زوجة عمّي إلا بشروط عمّي والإخوان ، و تأكيد الالتزام باتفاق الشامبو ومعجون الأسنان حفاظاً على كرسي "الكابنيه" وفقاعة الصابون وليفة الاستحمام ..!! ولا أخفي سراً عندما أعترف أنني وصلت لمرحلة انتقالية كادَ ينزلُ فيها من أنفي ما كان ينبغي نزوله هناك . ويبدو دون جدوى ، حتى اللحظة لم ينزل شـيء ..!! أيقنت أنَّ هناك مؤامرة ما ، ومجموعة متآمرين يقرفصون أمام جهاز الصرّاف الآلي بانتظار نزول ميكانيكي للراتب الذي تَكَسَّح بعد قيام "الدولة" دون سيرها على الأقدام ، وقَرّرت على قَفَـا السّرعة التنحِّي عن الكرسيّ ومغادرة "الكابنيه" دونما إصرار مُسبق على التمسك به رغم الإمساك ، وحالة الاستقطاب الحاد ، وجمود الحراك في أمعاء "فعاليتي" الملتصق في جزء منها قصاصة ورق تواليت تضايقني بعض الشيء ، لكنَّ البَرد يجعلني أتكيَّف معها ولا أرغب بالتغيير الآن ..!! المُهم أنَّ كل هذا حَدَثَ ويحدث دونَ أيّ إنزال ، ودون سماعٍ متوقعٍ لرائحةٍ متوقعة وأشياء أخرى ذات دلالة سيّئة مُشابهة إلى حَدٍ ما ، وحَدِّ القرف ، مشهداً آخر ، لشخصٍ آخر ، يجلس على كرسيٍ من نوعٍ آخـر كان وعدني وكثيرين مغفلين تحرير "بيّارة أم هاشم" ، لكنه على عجلٍ وبَسْكَـليتْ قام بتأسيس شركته الخاصة ، وطَردني دون أن يُخطرني ، ووقَّعَ وحيداً اتفاقية بشاكير ومواتير حفاظاً على سمعة حصارٍ ما . وأعتقد أنه مؤخراً تَعَمَّدَ عدم إرسال الدعوة الخاصة بي لحضور ندوته السياسية حول التعددية والحرّية ، وقصّة حوريه مع الديمقراطية ، واحتراق صينية السمك المحشي بالعصافير التي كانت أعدتها لزوجها قبل أن يطير من الفرحة ، ومن الدّخان الذي ملأ المكان ، و العدل الذي ضاع في الميزان ، والغاز الذي يأتي بالفنجان ، والبنزين الذي صار يوزّع بالمجان ، والكهرباء التي تأتي وتغيب بالـ "هبل" . هُـو الآن يطلب منِّي أن أكُف عن "الهبل" ، وأن أخرس بسرعة ويتحجج بصوت الآذان ، ودون استئذان تركني في حضرة الندوة مع الإخوان وعاد ووعد مرة ثانية أن ما حصل ويجري ويصير بداية الحل والتغيير وأن الصّبر حلوٌ وجميل .. وضَرَبَ السّيفـونْ ..!! تأمّلت الكلام ، وأمعنت النظر في خارطة الحمّـام ، أدركت كم كنتُ كابنيـه ، وكم كان كلامُهُ فَضَـلاتْ ..!!