Menu
23:12برشلونة يُعلن عن رئيسه المؤقت ومجلس الإدارة
23:10تفاصيل رسالة الرئيس عباس للأمين العام للأمم المتحدة
23:09الخارجية: 11 إصابة جديدة بفيروس كورونا بصفوف جالياتنا
20:42الحية يكشف تفاصيل زيارة وفد حماس للقاهرة
20:25كهرباء غزة تصدر تعليمات ونصائح مهمة للمواطنين استعدادا لفصل الشتاء
20:24بيان من النيابة العامة حول الحملات الالكترونية
20:21قائد جديد لشعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي
20:20الاحمد: ننتظر رد حماس منذ بداية أكتوبر.. ولا اجتماع للأمناء العامين قبل إصدار مرسوم الانتخابات
20:18ابو حسنة: استئاف العملية التعليمية لطلبة المرحلة الاعدادية بمدارس الاونروا بغزة بدءا من الاثنين المقبل
20:14صحيفة اسرائيلية: كهرباء غزة و"التنسيق الخفي" بين إسرائيل ومصر وقطر والفلسطينيين..!
20:13السلطة الفلسطينية تنوي مقاضاة إسرائيل لترخيصها شركات اتصال بالضفة
20:12بري: ليس وارداً بأن تفضي مفاوضات الترسيم للتطبيع.. والحكومة اللبنانية سترى النور قريباً
20:10الأوقاف بغزة تغلق ثلاثة مساجد بخانيونس بسبب ظهور إصابات بفيروس كورونا
20:09بعد مشاركته في لقاءات القاهرة.. حماس: عودة القيادي الحية إلى غزة ودخوله للحجر الصحي
14:08لهذا السبب .. "حزب الله" يعلن الاستنفار و يستدعي عددا من عناصره

ياسر عرفات والمفاوضات

جرت المفاوضات وتجري حسب المخططات والإملاءات الإسرائيلية وبرعاية الولايات المتحدة، الحليف الاستراتيجي للعدو الصهيوني، وبدعم وتأييد كاملين ممن أسمتهم رايس بمحور المعتدلين العرب، وانخرط فيها ياسر عرفات ومحمود عباس عن قناعتهما التامة بالدور الأمريكي والتسوية السياسية.
ساد في فتح منذ التأسيس اتجاهان: الأول: يؤمن بالكفاح المسلح لتحرير فلسطين وعودة اللاجئين إلى ديارهم.
والثاني: نادى بالكفاح من أجل التحريك للتوصل إلى تسوية من خلال مفاوضات تحت الرعاية الأمريكية.
رفع ياسر عرفات في الستينات من القرن الماضي شعار توريط البلدان العربية في حرب مع إسرائيل، وفلسطنة قضية فلسطين وفصلها عن بعديها العربي والإسلامي والقرار الفلسطيني المستقل.
وبعث في اليوم الرابع لحرب تشرين التحريرية عام 1973م برسالة سرية إلى كيسنجر يبلغه فيها رغبته في الدخول بالمفاوضات للتوصل إلى تسوية سياسية لقضية فلسطين.
وحمل عرفات المجلس الوطني الفلسطيني على الموافقة على البرنامج المرحلي في عام 1974 لإقامة دولة في الضفة والقطاع.
ووافقت القمة العربية في الدار البيضاء في العام نفسه على اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتوجه عرفات في نهاية أيلول 1974م على رأس وفد فلسطيني إلى الأمم المتحدة (وكنت أحد أعضاء الوفد الفلسطيني آنذاك) وطرح فكرة إقامة الدولة الديمقراطية العلمانية في كل فلسطين.
أعلن كيسنجر بعد اتفاقية سيناء الثانية عام 1975م أن الولايات المتحدة مستعدة للحوار مع منظمة التحرير شريطة أن تعترف صراحة وعلناً بــ "إسرائيل" وبالقرارين 242 و338 وتتخلى عن المقاومة وتدينها.
طرح مناحيم بيغن عام 1977 مشروع الحكم الذاتي الفلسطيني، ومارست إدارة ريغان الضغوط على الملك حسين لحمله على الدخول في المفاوضات المباشرة مع الكيان الصهيوني انطلاقاً من مبادرة الرئيس ريغان التي طالب فيها إنشاء حكم ذاتي فلسطيني في الضفة والقطاع وارتباطه مع الإدارة.
حاولت الولايات المتحدة تعميم كمب ديفيد على الساحة اللبنانية ففجرت بالتعاون مع العدو الإسرائيلي الحرب الأهلية في لبنان (بعد اتفاقية سيناء الثانية مباشرة)، ودعمت الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982، وحملت الرئيس أمين الجميل على توقيع اتفاق 17 أيار 1983، ونجحت القوى الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية بدعم وتأييد كاملين من سورية في إلغاء اتفاق الإذعان في 17 أيار.
إدارة ريغان والمفاوضات:
حددت إدارة ريغان الشروط الأمريكية للتعاون مع منظمة التحرير كما يلي:
ــ معارضة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، لذلك جاء الاتفاق الذي وقعه عرفات مع الملك حسين في 11 شباط 1985م ينص على الكنفدرالية.
ــ معارضة الكفاح المسلح ومقاومة الاحتلال، لذلك جاء إعلان القاهرة الذي فرضه الرئيس السابق حسني مبارك، ووقعه عرفات في 7 تشرين الثاني 1985 يتضمن شجب منظمة التحرير الفلسطينية وإدانتها لجميع العمليات الإرهابية، ووقف عمليات المقاومة داخل الكيان الصهيوني.
ــ وأن يعلن عرفات استعداده لإلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني استجابة لطلب الإدارة الأمريكية، وتخليه عن الكفاح المسلح وإدانته.
ــ الدخول بمفاوضات مباشرة مع العدو الصهيوني.
ــ التفاوض مع العدو على أساس مبادرة ريغان واتفاق عمان وإعلان القاهرة.
نجحت الولايات المتحدة في ترويض وترتيب ياسر عرفات رئيس فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وموافقته على بعض الأسس المفصلية التي يطالب بها العدو الصهيوني للتوصل إلى تسوية برعايتها لتحقيق الأهداف السياسية لحرب حزيران العدوانية.
وأدى الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 وتوقيع ياسر عرفات مع فيليب جيب مبعوث الرئيس ريغان اتفاقيات خروج المقاتلين الفلسطينيين من بيروت وتحويل منظمة التحرير من منظمة مقاتلة إلى منظمة سياسية وضعت جميع أوراق الحل في السلة الأمريكية.
وتسبب خروج المنظمة ومقاتليها من بيروت وتوزيعهم في تونس والجزائر والسودان واليمن إلى إضعاف مكانة منظمة التحرير ورئيسها ياسر عرفات.
استغلت الولايات المتحدة و«إسرائيل» مكانة عرفات وأجريتا معه الاتصالات السرية، ووافق على الشروط التي وضعها اليهودي كيسنجر لبدء الحوار الأمريكي مع منظمة التحرير في دورة المجلس الوطني بالجزائر عام 1988، وبدأت بعدها المفاوضات السرية مع أحمد قريع ومهندس اتفاق أوسلو محمود عباس وياسر عرفات في أوسلو.
المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988 وتلبية الشروط الأمريكية :
انعقدت الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني بتاريخ 12/11/1988 في الجزائر، وقرأ عرفات في ختامها بتاريخ 15/11/1988 إعلان الاستقلال وقيام دولة فلسطين، وصدر عن المجلس ثلاث وثائق أساسية:
1 ــ إعلان دولة فلسطين.
2 ــ إعلان تشكيل الحكومة المؤقتة.
3 ــ البيان السياسي الذي حدد الخطوات السياسية لمنظمة التحرير في المرحلة القادمة.
تضمنت مقدمة البيان السياسي التوجه السلمي لمنظمة التحرير لحل قضية فلسطين، وضرورة انعقاد المؤتمر الدولي تحت إشراف الأمم المتحدة وعلى قاعدة قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338 وضمان الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
ربط البيان السياسي العلاقة المستقبلية بين دولتي الأردن وفلسطين بالكونفدرالية، وتضمن البيان رفضاً للإرهاب بكل أنواعه والالتزام بإعلان القاهرة عام 1985 الذي فرضه الرئيس المصري السابق حسني مبارك على ياسر عرفات.
عقد عرفات دورة المجلس الوطني في الجزائر لتحقيق المطالب الأمريكية لبدء الحوار الأمريكي الفلسطيني كمقدمة لبدء الحوار الفلسطيني ــ الإسرائيلي فيما بعد، لذلك أعلن عرفات في مؤتمره الصحفي في ختام أعمال دورة المجلس «أن دورة الجزائر هي دورة من أجل السلام، إذا كانت الولايات المتحدة و«إسرائيل» ترغبان في السلام».
وأكدت مجلة وول ستريت جورنال هذا الهدف قائلة: «إن الخطوات التي اتخذت في الجزائر كانت موجهة لواشنطن».
وكتبت مجلة دير شبيغل الألمانية قائلة: «إن قبول منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل في الوجود وبالقرارين 242 و338 ونبذ الإرهاب تكون قد وافقت بالشروط الأمريكية الثلاثة التي فرضها كيسنجر».
اعتبرت الولايات المتحدة أن قرارات الجزائر خطوة جيدة ولكنها لا تفي بحاجات عملية التسوية، وهي خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الوراء، خطوة إلى الأمام بسبب الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل وبالقرارين 242 و338 والتنديد بالعنف والإرهاب، وخطوة إلى الوراء بسبب إعلان الدولة المستقلة والتمسك بحق تقرير المصير.
قدمت دورة المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر تنازلات جوهرية مست صميم قضية فلسطين والحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة لتصرف الشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين العربية، ووضعت استراتيجية جديدة لمنظمة التحرير استجابت فيها للعديد من الشروط الأمريكية والإسرائيلية.
وعلى الرغم من ذلك تابعت إدارة ريغان ضغطها وابتزازها على ياسر عرفات واعتبرت أن قرارات المجلس غير واضحة وغير كافية لبدء حوار أمريكي ــ فلسطيني، لأن منظمة التحرير لم تعترف صراحة وجهاراً بإسرائيل وأن القرارات غير كافية وتحمل غموضاً والتباساً ولا تتضمن اعترافاً واضحاً وصريحاً بإسرائيل.
واعتقد عرفات بعد قرارات الجزائر أن الولايات المتحدة ستفتح له أبوابها على مصراعيها، ولكنها رفضت في 26/11/1988 منحه تأشيرة دخول للأمم المتحدة لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة في نيويورك، لأنها اعتبرت القرارات غير مستوفية للشروط الأمريكية، فقررت الجمعية العامة نقل مناقشات قضية فلسطين إلى جنيف ليتمكن عرفات من إلقاء خطابه المتضمن الموافقة على الشروط الأمريكية.
وألقى خطابه في 13/12/1988 وطرح فيه مبادرة السلام الفلسطينية وجاء فيه: «إنني كرئيس لمنظمة التحرير أعلن من هنا مرة أخرى أنني أدين الإرهاب بكل أشكاله، ولاقى خطابه القبول والاستحسان من جميع الدول الغربية ما عدا الولايات المتحدة، حيث علق جورج شولتس وزير الخارجية الأمريكي قائلاً:
«لم يكن (الخطاب) كافياً ولا يلبي الشروط الأمريكية، وقال الرئيس ريغان: «نحن نريد كلمات أكثر وضوحاً وأكثر تحديداً».
وفي اليوم التالي لإلقاء الخطاب أي في 14/12/1988 عقد عرفات مؤتمراً صحفياً قرأ فيه بيان جنيف بالإنكليزية كما كتبه شولتس والذي تضمن الاستجابة الحرفية للصيغة التي طلبتها إدارة ريغان، وكرر عرفات فيه إدانته ورفضه للكفاح المسلح والتخلي عنه، وأن الرغبة في السلام استراتيجية وليس تكتيكاً.
ولن يتراجع عنها إطلاقاً، وأن القرار 181 أساس الاستقلال، وأن القبول بالقرارين 242 و338 كأساس للمفاوضات مع إسرائيل.
وعلى الفور أصدر الرئيس ريغان في اليوم نفسه قراراً نص على فتح الحوار الأمريكي مع منظمة التحرير ووجه شولتس في اليوم نفسه أيضاً رسالة إلى بيرس وشامير يقول فيها أن منظمة التحرير قبلت بالقرارين 242 و338 واعترفت بصورة واضحة بحق «إسرائيل» في الوجود ونبذ الإرهاب، لذلك نعتزم بدء الحوار معها.
وأكد الرئيس ريغان أن الهدف من الحوار الأمريكي مع منظمة التحرير هو مساعدة إسرائيل على تحقيق الاعتراف بها والأمن لها وجعلها جزءاً لا يتجزأ من المنطقة.
المفاوضات السرية وولادة اتفاق الإذعان في أوسلو :
وصل عرفات في بداية العقد الأخير من القرن العشرين إلى حافة السقوط والانهيار بسبب فرديته واستبداده وغياب القيادة الجماعية في منظمة التحرير ومؤسساتها بسبب هيمنة فتح وحدها عليها، وبسبب انتشار الفساد والإفساد الفاضح في منظمة التحرير واستغلال الكفاح المسلح والمقاومة من أجل التحريك وليس التحرير وللانخراط في التسوية الأمريكية والمشروع الأمريكي ــ الصهيوني لتصفية قضية فلسطين وحل مشاكل «إسرائيل» وأزماتها.
وجاء تأييد عرفات لاحتلال الكويت ليدمر مكانة الإنسان الفلسطيني في الكويت وبقية دول الخليج، وفقدان منظمة التحرير لدولارات دول النفط العربية.
تأكد العدو الصهيوني من قصف مكانة عرفات وخشي من انهيار زعامته، فأسرع وفتح معه قناة أوسلو السرية على الرغم من وجود الوفد الفلسطيني المفاوض في واشنطن برئاسة حيدر عبد الشافي والذي انبثق عن مؤتمر مدريد عام 1991.
وكان عرفات مستعداً للتنازل عن بعض ثوابت النضال الفلسطيني، بل وأعلن في آخر اجتماع للجنة المركزية لحركة فتح في بيروت قبل الخروج منها قبوله بالحكم الذاتي الفلسطيني الذي طرحه بيغن في عام 1977.
وعندما قال له الشهيد أبو جهاد خليل الوزير إن الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير لا يوافقان على ذلك أخذ يكيل الشتائم البذيئة لشعبه وقال له قلمي ده هو منظمة التحرير، وبالتالي وافق عرفات على الشروط الأمريكية لبدء الحوار وعلى الحكم الذاتي الفلسطيني وتنازل عن أهم الحقوق الوطنية الثابتة وهي حقوق غير قابلة للتصرف، تنازل عنها للشعب العربي الفلسطيني مقابل الاعتراف بزعامته وبسلطته ولو في دويلة منقوصة السيادة والأرض والكيان والحدود وعلى الورق.
حضر أحمد قريع في بداية كانون الثاني 1993 اجتماع لجنة المفاوضات المتعددة الأطراف في لندن، وجرى خلال انعقاد الاجتماع ترتيب لقاء بينه وبين يائير هيرشفيلد عضو الوفد الإسرائيلي، واقترح هيرشفيلد على قريع متابعة المباحثات في النرويج، طرح قريع الأمر على محمود عباس فوافق وعرض عليه أن يصطحب معه حسن عصفور من مكتبه لتسجيل محضر الاجتماع.
وصل تيدي إلى تونس مقر ياسر عرفات وعلى الفور في منتصف كانون الثاني 1993 عميل الموساد النرويجي تيدي رود لارسن ومعه زوجته الشقراء مونا مديرة مكتب وزير خارجية النرويج، ونظم قريع لهما موعداً مع ياسر عرفات، وطلب عرفات في اللقاء من لارسن إيجاد قناة خلفية للمفاوضات الفلسطينية ــ الإسرائيلية المتعثرة في واشنطن وقيام النرويج بدور الوساطة بين منظمة التحرير و«إسرائيل».
كانت مفاوضات واشنطن بين الوفدين الرسميين الفلسطيني والإسرائيلي قد وصلت إلى الطريق المسدود بسبب إيمان الوفد الإسرائيلي بالاستعمار الاستيطاني وتنكره لحقوق الشعب الفلسطيني الواردة في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
سافر قريع وحسن عصفور وماهر الكرد إلى أوسلو بتاريخ 20/1/1993، ووصل إليها أيضاً ريائير هيرشفيلد ورون بونديك من تل أبيب، ودارت حتى 8/5/1993 خمس جولات من المفاوضات، وانضم أوري سافير المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية إلى الجولة السادسة في 21/5/1993.
والتحق المحامي الشهير يوئيل سنجر إلى الجولة السابعة في 13/6/1993 لمهارته في صياغة الاتفاقات.
وتوصل الجانبان إلى اتفاق أوسلو في الجولة الثانية عشرة بتاريخ 17/8/1993 حيث وصل شمعون بيرس إلى أوسلو وقاد الجولة الختامية للمفاوضات.
وكان عرفات وعباس وياسر عبد ربه ومحسن إبراهيم يتابعون المفاوضات في تونس والجنرال رابين في تل أبيب، وبيرس والفريق الإسرائيلي المفاوض والفريق النرويجي في أوسلو مع قريع وحسن عصفور، وتوصلوا إلى الاتفاق الذي وقعه عرفات بالأحرف الأولى في 9/9/1993.
توقيع اتفاق الإذعان في أوسلو:
وقع عرفات اتفاق أوسلو في 9 أيلول 1993 برسالة وجهها إلى الجنرال رابين وجاء فيها: «أود أن أؤكد التعهدات التالية لمنظمة التحرير الفلسطينية: إن منظمة التحرير الفلسطينية تعترف بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن، وتوافق على القرار 242 و338 لمجلس الأمن، وتلتزم بمسيرة السلام في الشرق الأوسط وبالمشاركة في إيجاد حل سلمي ينهي النزاع بين الطرفين وتعلن أن جميع المسائل المعلقة التي ترتبط بالوضع الدائم سيتم تسويتها عن طريق التفاوض، وتعتقد م. ت. ف أن توقيع إعلان المبادئ يعد حدثاً تاريخياً ينبئ ببدء عهد جديد من التعايش السلمي والاستقرار ومن ثم فإن م. ت. ف تتخلى عن الإرهاب وعن أي عمل من أعمال العنف وستتحمل المسؤولية بالنسبة لكل عناصر وموظفي م. ت. ف وتتعهد بتدارك أي انتهاك لهذه التعهدات وباتخاذ إجراءات تأديبية ضد أي مخالف لها».
وتؤكد أن مواد ونقاط الميثاق الفلسطيني التي تنكر حق إسرائيل في الوجود وأيضاً نقاط الميثاق التي تتعارض مع التعهدات الواردة في هذه الرسالة عديمة الأثر وغير سارية المفعول.
ورد الجنرال رابين برسالة تتكون من جملة واحدة وهي:
«رداً على رسالتكم المؤرخة في 9 أيلول 1993 أود أن أعلن لكم أنه على ضوء تعهدات م. ت. ف الواردة في هذه الرسالة فقد قررت الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل للشعب الفلسطيني وبدء مفاوضات مع م. ت. ف في إطار مسيرة السلام في الشرق الأوسط».
ووقع محمود عباس إعلان المبادئ في 13 أيلول 1993 في البيت الأبيض بحضور الرئيس بيل كلنتون.
لم يعترف اتفاق أوسلو بالشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، وجرى فيه تغييب القضايا الأساسية للصراع، وحدد سقفاً زمنياً مدته خمس سنوات، وانتهت المدة من دون نتيجة لقلع الاحتلال واستعادة الأرض والحقوق المغتصبة وأثبت حصاد أوسلو المرّ والمرير أن هذا الاتفاق فشل في تحقيق أية حقوق وطنية للشعب الفلسطيني، فلا انسحاب للقوات المحتلة، ولا سيادة وطنية، ولا حق تقرير مصير ولا أية حقوق دولية أو إنسانية، واستمر العدو في الاستيطان والتهويد والقتل والتدمير والترحيل والتمرد على القرارات والمرجعيات الدولية.
ووجه عرفات رسالة إلى وزير خارجية النرويج في 9/9/1993 أكد فيها أن منظمة التحرير تشجع الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع وتدعوه إلى المشاركة في التدابير التي تؤدي إلى التطبيع ورفض العنف والإرهاب والإسهام في تحقيق السلام والاستقرار.
أخذ الكيان الصهيوني من ياسر عرفات كل ما أراده من اعتراف به والتزامات من منظمة التحرير ودون أن تعلم المنظمة أو الشعب بها.
ولا يزال الشعب الفلسطيني يعاني من الويلات والمآسي والمصائب التي جلبها له اتفاق أوسلو الذي أنهى الانتفاضة الأولى، وأدى إلى إضعاف الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني وتآكل الموقفين الرسميين الفلسطيني والعربي.
كان الكيان الصهيوني يهدف من جراء توقيع اتفاق أوسلو مع ياسر عرفات بعد أن ابتزته إدارة رونالد ريغان تحقيق عدة أهداف منها:
أولاً: نسف المقاومة والميثاق الوطني وبرنامج فصائل منظمة التحرير.
ثانياً: تحويل حركة فتح من حركة تحرر وطني إلى سلطة تخضع لدولة الاحتلال.
ثالثاً: الاعتراف باغتصاب الكيان 78% من فلسطين العربية وبدون اعترافه بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
رابعاً: إنهاء عرفات للانتفاضة بعد أن عجزت «إسرائيل» ووقف المقاومة وتكريس الاحتلال والاستيطان وتهويد المقدسات.
اندلعت الانتفاضة الأولى بعفوية شعبية، وفشل العدو الصهيوني في القضاء عليها، واهتزت قيادة عرفات بسبب استبدادها وفسادها وفرديتها وتفريطها بالثوابت الفلسطينية واستعدادها للاعتراف بالكيان الصهيوني.
فأسرع العدو الصهيوني وفتح قناة أوسلو السرية من وراء ظهر الشعب الفلسطيني.
وأنقذ اتفاق الإذعان قيادة عرفات من السقوط والانهيار بسبب الدعم الأمريكي والأوروبي ومحور الاعتدال العربي لها، وأدان المقاومة وتخلى عنها ونعتها بالإرهاب وتعهد بمعاقبة رجالها من خلال التعاون الأمني مع الاحتلال.
وأقام سلطة الحكم الذاتي والتي أسماها بالسلطة الوطنية الفلسطينية التي جعلت الاحتلال الإسرائيلي أرخص احتلال في تاريخ البشرية، وجلبت له سنوياً أرباحاً هائلة من خلال التعاون التجاري معه ومن خلاله، ومن خلال اتفاق باريس الاقتصادي الذي وقعه أحمد قريع.
ووصف بيرس اتفاق أوسلو بأنه ثاني أكبر انتصار في تاريخ الحركة الصهيونية، واعترف بيرس في مقابلة مع جريدة دافار بأنه هو الذي وضع اتفاق أوسلو وأعطاه للرئيس المصري السابق حسني مبارك، والذي قام بتسويقه إلى عرفات بذريعة أنه اقتراح مصري وعليه القبول به ويقول بيرس في المقابلة المذكورة حرفياً بأن الفلسطينيين قدموا إليّ اقتراحي على أنه اقتراح فلسطيني فوافقت على اقتراحي الذي صغته.
مراحل المفاوضات وصناعة السلطة الفلسطينية :
مرت المفاوضات السرية بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية في عدة مراحل منها:
المرحلة الأولى: توقيع الجنرال رابين ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اتفاق الإذعان في أوسلو بتاريخ 9/9/1993 وتوقيع محمود عباس ورابين إعلان المبادئ في البيت الأبيض بتاريخ 13/9/1993 وكان رابين على استعداد لتقاسم الضفة الغربية المحتلة مع منظمة التحرير كشريك في التسوية التي تصفي قضية فلسطين لصالح المشروع الصهيوني وعلى حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
المرحلة الثانية: بعد اغتيال رابين والتردد الإسرائيلي في تحقيق ما كان على استعداد لتحقيقه بالتخلي عن المدن وبعض المناطق الأخرى من الضفة لمنظمة التحرير وأخذ مناطق معينة منها وضمها للكيان الصهيوني.
المرحلة الثالثة: مجيء شارون وطرحه الحل الأحادي بالتخلص من المناطق ذات الكثافة السكانية، كالانسحاب من غزة، وطرح مشروعه للتسوية عام 2001 لإقامة دويلة فلسطينية على 40 ــ 45% من مساحة الضفة الغربية، وتقاسم الوظائف بين دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، وظهرت رؤية الدولتين في فلسطين التاريخية من مشروع شارون للتسوية التي أخذها بوش من المشروع المذكور.
المرحلة الرابعة: المفاوضات التي جرت بين أولمرت وليفني من جهة ومحمود عباس وأحمد قريع من جهة أخرى وتم فيها الاتفاق على تبادل الأراضي والتشطيب على حق العودة وإبقاء القدس بشطريها المحتلين عاصمة للكيان الصهيوني والتعاون الأمني بين أجهزة الأمن الفلسطينية وأجهزة الأمن الإسرائيلية.
المرحلة الخامسة: وهي المفاوضات التي جرت وتجري بين نتنياهو ومحمود عباس للتوصل إلى الحل النهائي وإنهاء الصراع بالشروط والإملاءات الإسرائيلية وبالرعاية الأمريكية المنحازة للعدو الصهيوني وبتغطية من لجنة المتابعة العربية ومن أسمتهم كونداليسا رايس وليفني وأولمرت بالمعتدلين العرب لحل مشكلة إسرائيل وأزماتها وتخليد وجودها في المنطقة.
فشلت الولايات المتحدة والرباعية الدولية والمجتمع الدولي في إلزام نتنياهو بوقف سرطان الاستعمار الاستيطاني الخبيث، وجدار الفصل العنصري، ووقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني والعقوبات الجماعية والحصار الجائر على قطاع غزة وتهويد المقدسات العربية الإسلامية والمسيحية.
عملت السلطة التي ترأسها عباس بصلاحيات المجالس البلدية وتوطيد التعاون الأمني مع أجهزة الاحتلال لوأد الانتفاضة الثانية واجتثاث المقاومة المسلحة، وإضعاف الحركة الوطنية وإنهاء الصراع عن طريق تقديم التنازلات المستمرة.
وبالتالي وقعت منظمات المقاومة تحت نير الاحتلال الإسرائيلي الأسوأ في التاريخ البشري، وتحت نير الأجهزة الأمنية التي تعمل لصالح الاحتلال وأمن المستعمرات والمستعمرين اليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ووقعت المقاومة تحت بطش أجهزة السلطة نهاراً وقوات الاحتلال ليلاً، وارتمت السلطة في عهد محمود عباس وسلام فياض ومحمود دحلان وجبريل في أحضان الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.
مخاطر السلطة ورؤية الدولتين :
نتجت السلطة عن توقيع اتفاق الإذعان في أوسلو وملحقاته، وقامت بإدارة الضفة والقطاع بصلاحيات المجالس البلدية، وتوطيد التعاون الأمني مع أجهزة الاحتلال الأمنية، وأجهضت الانتفاضة الأولى والثانية، وأضعفت الحركة الوطنية في الضفة الغربية ومقاومة الاحتلال تطبيقاً لاتفاق أوسلو والمرحلة الأولى من خارطة الطريق، وفشلت في تعزيز العمل الوطني وحماية الوطن وحياة المواطن وممتلكاته ومقدساته.
وكان هدف الكيان الصهيوني من إقامتها هو تحميلها الأعباء الملقاة على عاتق دويلة الاحتلال بموجب القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وتوفير الأمن له داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وداخل الكيان الصهيوني نفسه، وإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية حتى القضاء عليها.
إن التخلي عن خيار المقاومة وإدانتها ومعاقبة رجالها وتبعية السلطة للولايات المتحدة أدى إلى خضوعها المستمر في المفاوضات العبثية إلى الإملاءات الأمريكية والإسرائيلية وتبنيها وتبريرها والدفاع عنها وتقديم التنازل تلو التنازل عن الحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف لشعبنا العربي الفلسطيني.
وأصبحت السلطة في رام الله العائق الأساسي أمام مقاومة الاحتلال والمشروع الوطني وخيار المقاومة وتحرير القدس وفلسطين التاريخية وعودة اللاجئين إلى ديارهم.
جرى تشكيل السلطة وصناعتها لتحقيق الأهداف الاستراتيجية والسياسية والأمنية والاستيطانية لحرب حزيران العدوانية التي شنها العدو عام 1967، ونجحت الإدارة الأمريكية بتوفير غطاء عربي عن طريق من أسمتهم رايس بالمعتدلين العرب، لدعم تنازلات رئيس السلطة الفلسطينية عن الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني، وساعد الموقف العربي الرسمي المتخاذل بقيادة الرئيس السابق حسني مبارك وبلجنة الجامعة العربية على تقديم السلطة للمزيد من التنازلات عن عروبة فلسطين.
وظهر بجلاء أن مسار المفاوضات التي أجرتها السلطة خلال عشرين عاماً من التفاوض قد ألحق أضراراً جسيمة بالأرض والمقدسات والحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب والأمة، وأصبحت السلطة العائق الأساسي أمام مقاومة الاحتلال والمشروع الوطني، وأصبح وجودها ووجود أجهزتها الأمنية مصلحة إسرائيلية لخدمة الاحتلال ومصالحه واستيطانه وتهويد القدس بشطريها المحتلين، وبالتالي عجزت عن وقف الاستيطان والتهويد وفي بناء مؤسسات فعالة لخدمة المواطنين وتوفير الأمن والحماية لهم، وغرقت هي ورموزها في عملية الفساد والإفساد وقمع المقاومة المسلحة وإضعاف الحركة الوطنية.
ووافقت على رؤية الدولتين التي طرحها بوش في خارطة الطريق وأخذها من مشروع شارون للتسوية، حيث يؤكد قادة العدو أن الهدف من إقامة دولة فلسطينية من خلال رؤية الدولتين هو الشطب الأوتوماتيكي لحق عودة اللاجئين إلى ديارهم، وترحيل فلسطينيي الداخل من أم الفحم وغيرها إلى دولتهم الفلسطينية والاعتراف بيهودية الدولة.
ويسعى العدو الصهيوني من خلال الراعي الأمريكي المنحاز كليةً للتسوية. مع حليفه الاستراتيجي الكيان الصهيوني بهدف تخليد وجوده في قلب الوطن العربي من خلال إقامة دولة فلسطينية لمصلحة «إسرائيل» وبشروطها، دولة معازل عنصرية منقوصة الأرض والسكان والسيادة والحقوق ومحمية إسرائيلية لخدمة مصالح العدو في الوطن العربي.
وتعتقد أوساط إسرائيلية أن تحقيق فكرة الدولتين عن طريق المفاوضات العبثية يساعد الإدارة الأمريكية على إقامة تحالف معاد لحركات المقاومة ودول الممانعة وضد إيران والحدّ من التطرف الإسلامي في باكستان وأفغانستان.
ويعتقد الرئيس أوباما أن تحقيق رؤية الدولتين بإقامة دولة فلسطينية عن طريق المفاوضات الثنائية بين السلطة الفلسطينية و«إسرائيل» يخدم الأمن القومي الأمريكي وينقذ إسرائيل من نفسها.
أوغلت سلطة أوسلو في التفريط والتنازل والتبعية، مما جعلها أداة طيعة لتنفيذ ما تطلبه الإدارة الأمريكية ودولة الاحتلال حفاظاً على مصالحها ومصادر تمويلها وعلى حساب المصالح والحقوق الوطنية والقومية للعرب في فلسطين العربية.
المفاوضات الراهنة ورئيس السلطة الفلسطينية :
استجابت لجنة المتابعة العربية لرغبة محمود عباس وأوباما ووفرت الغطاء العربي لدخول محمود عباس في المفاوضات غير المباشرة والمفاوضات المباشرة مع الكيان الصهيوني.
إن سير عملية المفاوضات بالشكل الراهن بدون خيارات وبدائل أخرى يصب في مصلحة العدو الإسرائيلي لذلك من الضروري بلورة خيارات وبدائل أخرى كإعادة الاعتبار للميثاق الوطني وخيار المقاومة وإنهاء الانقسام وتشكيل الهيئات القيادية في منظمة التحرير على أسس ديمقراطية واعتماد مرجعية تطبيق مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتوقف لجنة الجامعة العربية عن تغطية دخول المفاوضات بالشروط الإسرائيلية.
ويساعد الموقف العربي المتخاذل المفاوض الفلسطيني الذي نصبته إسرائيل على تقديم المزيد من التنازلات.
لقد وضعت السلطة نفسها رهينة بيد الولايات المتحدة، فإذا رفض محمود عباس الدخول بالمفاوضات ستفرض عليه عقوبات أمريكية وإسرائيلية وأوروبية، وإذا دخل المفاوضات بالشروط الإسرائيلية (وفقاً للشروط الإسرائيلية) يقضي على نفسه بالانتحار السياسي.
لا يجوز على الإطلاق أن يدخل المفاوض الفلسطيني المفاوضات بدون مرجعية وبدون ضمانات.
إن قرار العودة للمفاوضات تفريط بالحقوق والثوابت، وإن بيان الرباعية مجرد عملية تضليل وخداع للرأي العام الفلسطيني، وتستغل إدارة أوباما العودة إلى المفاوضات لحساب مشاريع إقليمية أمريكية، وصهيونية وبعيدة كل البعد عن المصالح الفلسطينية والعربية.
فدخوله المفاوضات بدون شروط مسبقة وبدون التزام بالقرارات الدولية والقانون الدولي يعني القبول بالشروط الإسرائيلية وغطاء لاستمرار الاستيطان في مدينة القدس المحتلة.
ويعمل محمود عباس المنتهية ولايته من خلال المفاوضات المباشرة على تصفية قضية فلسطين، وإن ما قام به رئيس السلطة غير الشرعية التي خلقها الاحتلال واتفاق الإذعان في أوسلو من مواقف وممارسات يمثل خطراً حقيقياً على حقوق شعبنا الوطنية غير القابلة للتصرف وتشكل جرائم وطنية وقومية ودينية، ويعمل على أن يكون السادات الفلسطيني، لا سيما وأن الذي جلبه إلى سدة الحكم بوش وشارون، وخرج عباس عن الإجماع الوطني، ولم يعد يمثل سوى نفسه، ولكنه ينجح بتدمير مؤسسات الحركة الوطنية واستبدلها بسلطة عميلة للاحتلال تعمل بالتعاون معه لقمع نضال شعبنا الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال.
إن الشرائع السماوية والقوانين الوضعية تؤكد على شرعية المقاومة الفلسطينية، وإن حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم تضمنه الحقوق الطبيعية والقانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الذي أكدت عليه الأمم المتحدة في قراراتها 135 مرة، والاتفاقية الدولية للحقوق السياسية والمدنية والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعام 1966.
إن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم هو جوهر قضية فلسطين، ولا تجوز فيه الإنابة أو التمثيل، وهو حق فردي وجماعي وملك للاجئ نفسه وليس لمحمود عباس أو حركة فتح أو منظمة التحرير أو حتى مؤتمرات القمة العربية.
وخاض محمود عباس المفاوضات بعد أن تنازل عن 78% من فلسطين في اتفاق الإذعان في أوسلو، ووافق على بقاء كتل المستعمرات الكبيرة في الضفة الغربية وضمها الكيان الصهيوني بذريعة تبادل الأراضي، أي القضاء على حق العودة وحدود عام 1967 وتهويد القدس وترحيل أبناء شعبنا عام 1948.
إدارة أوباما والمفاوضات :
تعتقد إدارة أوباما أن التوصل إلى تسوية للصراع العربي الصهيوني يخدم المصالح الأمريكية والأمن القومي للولايات المتحدة وتحسين العلاقات مع البلدان العربية والإسلامية، وتؤكد على خارطة الطريق التي وضعها الرئيس بوش، وتركز على تحريك العملية السياسية وإعادة محمود عباس والسلطة التي تترأسها فتح في الضفة الغربية إلى طاولة المفاوضات مع الكيان الصهيوني.
واتخذت إدارة أوباما نفس الموقف الذي اتخذته إدارة بوش من حكومة هنية وحركة حماس والمقاومة الفلسطينية.
وعارضت إقامة حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وفي الوقت نفسه تابعت سلطة رام الله في تطبيق ما جاء في المرحلة الأولى من خارطة الطريق بإشراف الولايات المتحدة وطلبت من«إسرائيل» تنفيذ الاستحقاقات الواردة في المرحلة الأولى من خارطة الطريق وهي التجميد الكلي والفوري للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية المحتلة، كوسيلة لتوثيق التعاون الأمني بين أجهزة السلطة والكيان الصهيوني.
ونجحت إدارة أوباما في بلورة غطاء عربي لدعم تنازلات محمود عباس وعملية المفاوضات.
طالبت الدول العربية تطبيع العلاقات مع «إسرائيل» على الرغم من استمرارها في سياستها الاستيطانية والإرهابية والعنصرية.
وعلى الرغم من أن رؤية الدولتين أخذها بوش من مشروع شارون للتسوية لم يوافق عليها نتنياهو إلاّ في حزيران 2009، ووضع على الدويلة العتيدة قيوداً أمنية مشددة كتجريدها من السلاح والإشراف على حدودها الغربية والشرقية وعلى معابرها وأجوائها والاعتراف الفلسطيني والعربي بيهودية الدولة كشرط للاتفاق وليس لاستئناف الحوار، ورفض نتنياهو مطلب محمود عباس لاستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها، أي رفض الاعتراف بما اقترحه أولمرت وما تم الاتفاق عليه بين أولمرت ومحمود عباس، كما أصر على بحث مصير المستوطنات في نهاية المفاوضات، وتطبيقاً لهذا الموقف توقف نتنياهو عن تفكيك المستوطنات التي وافقت حكومة أولمرت وحكومات سابقة، وأعلنت حكومة نتنياهو سيطرتها على غور الأردن كحدود أمنية شرقية للكيان الصهيوني حتى بعد قيام الدويلة الفلسطينية.
طلب أوباما من نتنياهو عندما اجتمع معه بتاريخ 18 أيار 2009 في واشنطن التجميد الكلي لجميع عمليات البناء في المستوطنات وفي القدس الشرقية، ورفض نتنياهو قبول الطلب الأمريكي وبتاريخ 25 تشرين الثاني 2009 أعلن نتنياهو تجميد عمليات البناء الجديدة في الضفة الغربية لمدة عشرة أشهر، على أن لا يشمل التجميد عمليات البناء التي تم البدء بها والمباني العامة وفي القدس وكانت المرة الأولى التي أعلن فيها مناحيم بيغن تجميد جميع عمليات البناء في المستوطنات بالأراضي الفلسطينية المحتلة لمدة ثلاثة أشهر خلال توقيع اتفاقيتي كمب ديفيد مع السادات في أيلول 1978، وتفكيك مستعمرة ياميت في سيناء.
ويعتقد بعض المحللين السياسيين أن مناورات التمويه والتضليل والكذب الذي لجأت إليها الحكومات الإسرائيلية لتفكيك 26 مستوطنة وافقت على تفكيكها كانت وراء الإصرار الأمريكي على تجميد الاستيطان.
وكان إعلان نتنياهو قد تم الاتفاق عليه مع الإدارة الأمريكية في بداية شهر تشرين الثاني 2009.
وصادقت عليه لجنة الخارجية والأمن المكونة من 15 عضواً بنتيجة (12) مقابل صوت واحد ضد الاقتراح وغياب عضوين من حزب شاس.
وصل نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن في 8 آذار 2010 إلى الكيان الصهيوني لزيارة رسمية وأدلى بسلسلة من التصريحات المؤيدة للكيان الصهيوني وتقوية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وعلى العكس من ذلك استقبلته إسرائيل بالمصادقة على إقامة (1600) وحدة سكنية جديدة في حي رمات شلومو في القدس الشرقية المحتلة، مما أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين لفترة قصيرة، بسبب إعلان المصادقة على بناء الوحدات الجديدة إبان زيارة نائب الرئيس الأمريكي.
وانتهت مدة التجميد في 26 أيلول 2010، ما أدى إلى وقف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا سيما وأن نتنياهو رفض التعهد رسمياً بتجميد البناء في القدس الشرقية.
وحدث خلال الفترة التطابق بين الموقف الأمريكي وموقف محمود عباس في موضوع تجميد الاستيطان، ولكن الشعب الفلسطيني يؤمن بأن جميع المستوطنات في الضفة الغربية بما فيها القدس غير شرعية ويصر على تفكيكها.
وشدد المفاوض الفلسطيني على طلب تجميد الاستيطان كاستحقاق على «إسرائيل» بموجب المرحلة الأولى من خارطة الطريق، وطالب بتعهد إسرائيل بالانسحاب إلى حدود 1967 مع تبادل الأراضي لضم كتل المستعمرات الكبيرة للكيان الصهيوني، ورفضت حكومة نتنياهو هذا المطلب لأسباب أيديولوجية واستعمارية وسياسية وائتلافية.
وركزت حكومة نتنياهو على مفهوم السلام الاقتصادي والسلام مقابل السلام وأن الضفة الغربية أرض محررة وليست محتلة لتبرير استمرار الاستعمار الاستيطاني فيها.
وضعت إدارة أوباما عملية التسوية (بالمفاوضات) على قائمة أولوياتها بهدف تحقيق رؤية الدولتين وخدمة الأمن القومي الأمريكي.
وعين أوباما جورج ميتشل مبعوثاً خاصاً له إلى المنطقة، فأعلن مشروعاً يتضمن النقاط التالية:
1 ــ الوقف التام للاستيطان.
2 ــ إطلاق المفاوضات الثنائية برعاية الإدارة الأمريكية.
3 ــ البدء بخطوات تطبيعية عربية بين الدول العربية و«إسرائيل» تراجعت إدارة أوباما عن مشروعها هذا قبل نهاية العام 2009 ووافقت على مشروع نتنياهو الذي تضمن:
1 ــ تجميد جزئي ومؤقت للاستيطان في الضفة الغربية واستثناء القدس المحتلة من عملية التجميد.
2 ــ إطلاق المفاوضات من دون أية شروط أو مرجعية وعدم الالتزام بما وصلت إليه المفاوضات مع حكومة أولمرت.
وهكذا تراجع الرئيس أوباما عن شرطه بتجميد الاستيطان، وبالتالي فقد صدقيته في عملية المفاوضات.
ويعتقد أن تراجع أوباما يعود إلى عدم قدرته ممارسة أي شكل من أشكال الضغوط على نتنياهو بسبب انحياز الكونغرس الأمريكي لنتنياهو وكثمن للصفقة التي عقدها أوباما مع اللوبي اليهودي لتمرير مشروع التأمين الصحي في الكونغرس.
وهكذا دخلت عملية المفاوضات ضمن الشروط التي حددها نتنياهو، ما يجعل الإدارة الأمريكية والرباعية الدولية ودول الاتحاد الأوروبية تخشى على أوضاع السلطة الفلسطينية والدول العربية المؤيدة لعملية المفاوضات.
إن الاستمرار في تحريك عملية التفاوض هو مصلحة إسرائيلية، لأن الكيان الصهيوني يحصد التنازلات الفلسطينية والعربية المستمرة مع استمرار الاستيطان وتهويد المقدسات، وهو في الوقت نفسه أفضل الخيارات للإدارة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، لأن التوقف الكلي للمفاوضات ووصول المفاوضات إلى الطريق المسدود يقوي التوجه إلى خيار المقاومة.
وجه أوباما في 19/9/2010 رسالة إلى نتنياهو جاءت كمحصلة للقاءات التي عقدها وزير الحرب الصهيوني باراك ورئيس طاقم المفاوضات الإسرائيلي اسحق مولخو مع كبار المسؤولين في إدارة أوباما وتضمنت ما يلي:
أولاً: تتعهد إدارة أوباما مقابل استجابة «إسرائيل» لمطلب تجميد الاستيطان مرة واحدة فقط ولمدة (60) يوماً بتقديم ضمانات طويلة الأمد، وذلك بتوفير سلسلة من الوسائل الحربية الحديثة قبل التسوية النهائية.
ثانياً: تتعهد الإدارة الأمريكية بأن تحبط أية مبادرة عربية لإثارة مسألة الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي.
ثالثاً: تتعهد الإدارة الأمريكية بأن مستقبل المستوطنات لن يتقرر إلاّ في نطاق التسوية النهائية وعلق نتنياهو بعد مقابلته لميتشل في اليوم نفسه (29/9/2010) بالقول:
«أنا وحكومتي ملتزمان بمحاولة التوصل إلى اتفاق سلام يضمن أمن إسرائيل والمصالح الوطنية الحيوية الأخرى»، وبالتالي فالتسوية النهائية بالرعاية الأمريكية هي لمصلحة «إسرائيل» فقط وليس لإيجاد حل لقضية فلسطين.

وتضمنت التعهدات الأمريكية أنه مقابل تجميد الاستيطان لشهرين بالموافقة على بقاء التواجد العسكري الإسرائيلي في غور الأردن حتى بعد قيام الدولة الفلسطينية، وذلك استجابة للمطلب الإسرائيلي الذي يضمن مصالح «إسرائيل» الأمنية، وبالتالي أغرى الرئيس أوباما نتنياهو بغور الأردن، الذي يلعب لعبة الابتزاز مع أوباما بذريعة وجوب استقرار ائتلافه الحكومي والحفاظ على أمن «إسرائيل» لتبرير الاستعمار الاستيطاني اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتعهد أوباما بالضغط على الدول العربية للتوحد بشكل مشترك في مواجهة الخطر الإيراني (المزعوم) وبالتالي تغير الضمانات الأمريكية وجه المنطقة لمصلحة الكيان الصهيوني وضد حركات المقاومة وإيران وتمنح العدو الصهيوني ضمانات واسعة تحدد وجهة المنطقة العربية وتوفر له كل عوامل التفوق.
وينسف مضمون الضمانات مبدأ الأرض مقابل السلام الذي تكرَّس في مؤتمر مدريد وقرارات الشرعية الدولية.
عرض نتنياهو بتاريخ 14/11/2010 أمام وزرائه اقتراحاً أمريكياً يتضمن تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية لمدة ثلاثة أشهر مقابل رزمة محفزات سياسية وأمنية، ومقابل التجميد الذي لن يشمل القدس المحتلة، ستتعهد الولايات المتحدة بألا تطلب مرة أخرى تمديد بتجميد البناء، كما أن الإدارة الأمريكية ستطلب من الكونغرس الموافقة على تسليح «إسرائيل» بــ 20 طائرة من طراز (إف 35)، وتقترح الولايات المتحدة استخدام حق النقض في مجلس الأمن، ووقف أي إجراءات في الأمم المتحدة بشأن تقرير غولدستون، وأن تلتزم برفض أي قرار ضد إسرائيل بشأن مجزرة أسطول الحرية.
الموقف الوطني الفلسطيني من المفاوضات :
انتقلت الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية بعد حرب حزيران العدوانية من المطالبة بتحرير الأراضي الفلسطينية المغتصبة عام 1948 إلى التركيز على إزالة آثار الحرب العدوانية وتنفيذ قراري مجلس الأمن 242 و338، أي اعتبار المناطق المحتلة عام 1967 وكأنها فلسطين وبالتالي التنازل عن الحقوق التاريخية وعن القدس وفلسطين وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم.
ووضع الكيان الصهيوني الاعتراف به وبما اغتصبه بما فيه القدس الغربية جانباً وانتقل إلى المساومة على ما احتله عام 1967، وتعرض واقع جديد كالواقع الذي فرضه في الأراضي العربية المحتلة عام 1948، وجزأ الصراع العربي الصهيوني إلى نزاعات ثنائية، وفرض تصوراته للمفاوضات الثنائية والمباشرة على النظام المصري والأردني وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
واستفرد بكل طرف عربي على حدة، وشق وحدة الصف والموقف العربي بمساعدة الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية والعربية.

بدأ بمصر أولاً وفي كمب ديفيد وبالرعاية الأمريكية، ثم في لبنان مستغلاً نتائج الغزو لعام 1982 والدور الأمريكي، ووقع اتفاق الإذعان في 17 أيار، واتفاق الإذعان في أوسلو، ومعاهدة وادي عربة مع الأردن.
وأدت اتفاقات الإذعان هذه إلى شق وحدة الصف الفلسطيني وشق وحدة الصف العربي، وخرج نظام كمب ديفيد في القاهرة من الصف العربي وانتقل إلى السير في المشروع الأمريكي ــ الصهيوني، وأدت هذه الاتفاقات أيضاً إلى الاعتراف بالعدو الصهيوني والتنازل عن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 بما فيها القدس الغربية والدخول في لعبة المفاوضات حول الــ 22% من مساحة فلسطين التاريخية والمتنازع عليها بموجب اتفاق أوسلو.
أقام العدو الصهيوني حكماً ذاتياً محدوداً في قطاع غزة، والمدن الفلسطينية الآهلة بالسكان في الضفة الغربية والتي ش