Menu
10:34الصحة بغزة: تسجيل 3 حالات وفاة و 229 إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال الـ 24 ساعة الماضية
10:26مستوطنون يُقدمون على زراعة أشجار ببلدة الساوية بنابلس
10:19وفاة مسن من الداخل بفيروس كورونا
10:10امين عام مجلس الوزراء: ازمة المقاصة لا جديد فيما يخص انتهائها
10:08الصحة الفلسطينية : نجهز المستشفيات للتعامل مع اعداد الاصابات الكبيرة
10:00"واعد" تدعو مؤسسات دولية للإشراف على فحوصات كورونا للأسرى
09:59100 يوم على إضراب الأخرس ولا جهود مثمرة لإنقاذه
09:57محكمة الاحتلال تُلزم السلطة بدفع 13 مليون شيقل لتعويض مستوطنين
09:46احصائية عمل معبر رفح في اليوم الأول لفتحه استثنائيًا
09:31إنهاء عزل الأسير إسلام وشاحي ونقله لمعتقل "شطة"
09:30الاحتلال يغلق سجن "جلبوع" بعد تفشي فيروس كورونا
09:27الكشف عن موعد صرف المساعدات لمتضرري كورونا
09:25معهد عبري : موت ملك السعودية سيمهد الطريق للتطبيع
09:21حملة اعتقالات ومداهمات في الضفة
07:40الاحتلال يسرق مركبات وخلايا شمسية من خربة ابزيق بالأغوار

معين رجب يكتب مشروع الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية 2016-وتخطيطها المالي

تعتبر الموازنة العامة للدولة خطة حكومية مستقبلية معتمدة لسنة مالية قادمة، تعكس الأهداف والتطلعات التي ترغب السلطة في القيام بها أو تنفيذها خلال السنة الجديدة. وهي تعد في صورة تقديرات لمختلف أشكال الإيرادات التي تلتزم الدوائر المالية بجبايتها خلال السنة المستهدفة، تشارك في التحضير لها كافة الدوائر المالية ذات الاختصاص بالاستفادة مما تحقق سابقا وتوقعات النمو لاحقا، إضافة لمجالات الإنفاق العامة التي تتخذ صورة: رواتب وأجور، ونفقات جارية، كالتشغيلية، والتحويلية، ثم نفقات تطويرية، وأخرى رأسمالية، ولكل منها أهميتها ومجالاتها ودلالاتها.

وبالتالي فإن حجم هذه النفقات يعكس مدى الحاجة لجباية الإيرادات التي قد تكون في صورة ضرائب مباشرة أو غير مباشرة أو رسوم محلية مما قد يشكل عبئا على الأفراد أو الهيئات أو الشركات التي تقوم بسداد الالتزامات المطلوبة أو الوفاء بها. ويتوقف هذا العبء على حجم وطبيعة هذه الاستقطاعات وكذلك مستوى الدخول التي يحققها الممولون للضريبة. وعند الضرورة قد تسعى الحكومة للحصول على دعم في صورة مساعدات أو منح إن تيسر لها ذلك، وقد تضطر للاقتراض من الداخل أو الخارج حسب ما تقتضيه كل حالة.

وعليه فإن اعتماد تقديرات الموازنة لا يتم إلا من خلال رؤية واضحة ومحددة لما ترغب الحكومة القيام به، مما يستدعي أداء جهود مكثفة تبذلها الدوائر المالية في مختلف مراكز المسؤولية استنادا إلى توجيهات وإرشادات وتعليمات وزارة المالية لتعكس الموازنة العامة توجهات السلطة المختصة والأهداف التي تسعى إليها ضمن حدود التشريعات المعمول بها.

وفي فلسطين فإن السلطة الوطنية قد درجت على إعداد موازناتها العامة بشكل منتظم نسبيا لأغراض تحقيق أهداف مالية واقتصادية واجتماعية وسياسية متنوعة.

وقد يتمثل الهدف المالي الرئيس في تحقيق التوازن الحسابي بين الإيرادات العامة والنفقات العامة كهدف مثالي تلافيا لحدوث عجز في الموازنة وتجنيب الحكومة اللجوء لإجراءات قاسية أو تحقيق فائض يعكس مبالغة في جمع الأموال، وهو ما درج عليه الفكر الكلاسيكي منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر من منطلق الدور الحكومي المحدود أو الحيادي للنشاط الاقتصادي، علما بأن هذا الهدف لا يشكل حاليا أولوية مطلقة، لأن الحكومة تضطر لعدم التقيد به رغبة في تنفيذ أولويات أخرى. 

وقد يكون من الأهداف الاقتصادية الإسراع بمعدل النمو الاقتصادي بشكل مستقر أو متوازن، وهو هدف مهم لأغراض تحسين مستويات المعيشة وزيادة رفاهية المواطنين، إضافة للحد من معدلات البطالة العالية أو إنقاصها لأدنى مستوى ممكن، هذا بجانب هدف تحقيق الاستقرار بعيدا عن التقلبات الاقتصادية الحادة، مع الحفاظ على مستوى تضخم منخفض. وقد يكون الهدف الاجتماعي متجها نحو تقريب فوارق الدخل بين الأغنياء والفقراء، أو تحديد الحد الأدنى للأجور حتى لا يُضارّ أصحاب الدخول المتدنية، وحتى يشارك الأغنياء في تعزيز التكافل الاجتماعي مع الطبقات الفقيرة والمحرومة، وهو أمر مرغوب فيه استنادا للحقوق الإنسانية التي أقرتها التشريعات الدولية. وأما عن الأهداف السياسية فقد تتمثل في إرساء مبادئ الحكم الديمقراطي وحرية العمل النقابي وفي إقرار التشريعات ومراقبة تطبيقها.

وقد جاء إقرار الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية لسنة 2016 خلال النصف الأول من شهر كانون الثاني/ يناير 2016 وهو موعد وإن كان متأخرا من الوجهة القانونية إلا أنه يعتبر مبكرا نسبيا مقارنة بما كان يتم في السنوات السابقة الذي كان يمتد خلالها الإقرار حتى نهاية آذار/ مارس من نفس عام الموازنة، وقد يمتد لفترة أطول من ذلك كما حدث في الموازنة العامة لسنة 2015، ومثل هذه الحالات تؤثر على حجم الخدمات المقدمة ومستوى الأداء. ويلاحظ على مشروع الموازنة العامة لعام 2016 النقاط التالية:

- لم يتم إدراج فروع الوزارات في غزة للعام الثاني على التوالي رغم تشكيل حكومة الوفاق الوطني منذ 2/6/2014. مع بقاء الالتزام بالمخصصات الأخرى التي التزمت بها السلطة من قبل، ومن ثم استمرار الفراغ القانوني في الصلاحيات والمسؤوليات والمهام، وبالتالي ظلت المعاناة المالية قائمة لدى الجهات التنفيذية في غزة من حيث عدم قدرتها على الوفاء بالحد الأدنى لنفقاتها التشغيلية المعتادة أو التحويلية أو التطويرية. 

- يواجه موظفو حكومة غزة ظروفا صعبة نتيجة لعدم إقرار أوضاعهم الوظيفية أو تخصيص مرتبات منتظمة أسوة بالموظفين الآخرين، واقتصر الأمر في أحسن الأحوال على صرف جزء من مخصصاتهم في حدود 40% من رواتبهم وبحد أدنى قدره 1200 شيكل شهريا، وذلك من خلال عوائد الجباية المحلية، مما يعني بقاء نحو 50 ألف أسرة ملحقة بهؤلاء الموظفين في حالة ضائقة مالية ومعاناة شديدة على مدى ثلاث سنوات ماضية وحتى الآن، بدون أن يجد هذا الملف أي أفق بشأن حاضر ومستقبل وقانونية هذه الفئة من الموظفين الذين لا يزالون على رأس عملهم.

- ظلت عدة فئات وشرائح عالقة لموظفين أو مرشحين لوظائف لم تستكمل أو تستوفي إجراءات تثبيتهم أو تسكينهم في الدرجات المقررة لهم أو في الترقيات التي يستحقونها، مما ضاعف من معاناتهم.

- ظل المجتمع الفلسطيني محروما من الطاقة البشرية والقدرة الإنتاجية لنحو (60-70) ألف موظف مدني وعسكري يتمتعون بمستويات عالية من التأهيل والكفاءة والأداء، وقد توقفوا عن العمل استجابة لمرسوم رئاسي منذ تموز/ يوليو 2007 مع استمرار صرف رواتبهم، مما أوجد خللا في سوق العمل وألحق بالمجتمع أضرارا اقتصادية واجتماعية وسياسية ونفسانية، خاصة مع وجود أعداد أخرى من هذه الفئة جرى وقف رواتبها دون سند قانوني مما أدى إلى تعميق الخلل المشار إليه.

- أظهرت الموازنة العامة الجديدة 2016 عجزا إجماليا قبل التمويل قدره 1382 مليون دولار كمحصلة لإجمالي نفقات قدرها 4251 مليون دولار شاملة نفقات تقديرية بمقدار 350 مليون $ وصافي إيرادات قدرها 2869 مليون $، أي بنسبة عجز تبلغ 32.5% من إجمالي النفقات العامة، وذلك ناشئ عن عدم كبح أو ترشيد حجم النفقات المتزايدة والذي يقابلها نمو غير كافٍ للإيرادات العامة فيما يسمى التمويل بالعجز. 

- هناك تقديرات بأن الدول المانحة ستقدم مساعدات بنحو 995 مليون دولار صمن العام المذكور كمساهمة في سد عجز الموازنة العامة - بمعنى - أن تظل فجوة تمويلية قدرها 387 مليون دولار بدون تغطية بافتراض التزام الدول المانحة بما هو مخطط أو مقدر لهذه الموازنة

- تبقى الخيارات المتاحة أمام السلطة الفلسطينية لتغطية الفجوة المشار إليها خيارات قاسية، فهي إما أن تلجأ إلى تقليص النفقات بصورة تعسفية وغير مدروسة أو إلى زيادة الإيرادات العامة من خلال فرض رسوم أو ضرائب جديدة، أو الاضطرار للاقتراض مجددا في ظل وجود ديون عامة ومتأخرات متراكمة ينوء بحملها المجتمع الفلسطيني ليس للجيل الحاضر فقط وإنما للأجيال العامة.

- تضمنت الموازنة العامة التزاما حكوميا إضافيا بسداد مبلغ 250 مليون دولار كجزء من متأخرات ديون عامة مجمدة، وهي خطوة إيجابية مهمة، على أن يتم تسديد هذه القيمة من خلال البنوك المحلية كبادرة للتخفيف عن الدائنين الذين قدموا خدمات متعددة كأعمال مقاولات أو توريد مستلزمات ومعدات وغيرها، مما يعني اضطرار السلطة للاستدانة من جديد. 

- جاء طرح هذه الموازنة لهذا العام من خلال استعراض مجلس الوزراء لها ومناقشتها بمشاورات سريعة محدودة من قبل بعض النواب وبعض الخبراء وذوي الاختصاص، وذلك في ظل الغياب الفعلي لانعقاد المجلس التشريعي المعطل منذ بداية الانقسام.

- يتضح من طرح تقديرات الموازنة عدم التزام السلطة الفلسطينية بالبحث عن حلول مبكرة ومبتكرة جديدة لمشكلات العجز المزمن والديون المتراكمة كان بالإمكان التوصل إليها، وهذا ناشئ عن عدم الالتزام بإعداد الموازنة العامة الجديدة في موعدها الفعلي أي قبل نحو ستة أشهر من بدايتها استنادا للتشريعات المالية، إذ إن الالتزام بالموعد المبكر يعطِي الفرصة للنقاش والحوار الهادف، ومن ثم دراسة الخيارات المتاحة قبل بدء السنة الجديدة بوقت كاف في موعدها والإقرار من السلطة التشريعية، وبالتالي القيام بالخطوات التنفيذية في موعدها وبطريقة صحيحة.