Menu
21:22تفاصيل جديدة عن منفّذ هجوم نيس بفرنسا
21:20الأوقاف بغزة تغلق مسجدين في محافظتي غزة ورفح
21:19حماس تُعلن تضامنها مع تركيا بعد الزلزال الذي تعرضت له مدينة "إزمير"
18:37وفاة شاب غرقًا في خانيونس
18:26حشد تطالب شركة جوال بتخفيض أسعار الخدمات للمشتركين
18:11زلزال قوي يضرب ولاية إزمير التركية
18:10الحركة الإسلامية بالقدس تدعو لإحياء الفجر العظيم ورفض أوامر الهدم
18:07اشتية: على أوروبا ملء الفراغ الذي تركته أميركا بتحيزها لإسرائيل
18:00بالصور: حماس تدعو للانضمام إلى حملة مقاطعة البضائع الفرنسية
17:58خلافات لبنانية إسرائيلية بشأن ترسيم الحدود البحرية
17:57لا إصابات في صفوف الجالية الفلسطينية بتركيا جراء زلزال إزمير
17:55إصابة شاب بالرصاص المعدني والعشرات بالاختناق في مسيرة كفر قدوم الأسبوعية
17:54الاحتلال يعتدي على المواطنين قرب باب العامود
17:53وفاة شاب غرقا في بحر خانيونس
17:52الخضري: خسائر غير مسبوقة طالت الاقتصاد الفلسطيني بسبب الاحتلال و"كورونا"

كيري المنقذ ونتنياهو المشترط !..عبداللطيف مهنا

مالذي اتى بكيري إلى فلسطين المحتلة في هذه المرة؟ وما هو المختلف فيها عما سبقنها من المرات؟ سؤالان سبقت اجابة كيري عليهما قبل قدومه. حدد سلفاً ماهو آت بشأنه. كان المقتصر على المناشدة ب”التزام الهدوء”، وبحث “سبل وقف دوَّامة العنف”، و”الحؤول دون انهيار السلطة” الأوسلوية. هذا يعني أن الأميركان في هذه المرة كادوا أن يكونوا الأكثر وضوحاً والأقل كذباً لخلو قبَّعة حاويهم مما سبق وأن عهدناهم قد درجوا على تسويقه من أوهام تسووية وآحابيل تصفوية من تلك التي تحبل بها مقولة “إعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات” بزعم تحقيق خرافة “حل الدولتين”، والتي تجاوزها الواقع التهويدي مستظلاً بعبائتها، وبالتالي يُلاحظ سحبها التدريجي من بازار التداول، وإن لم يجد كيري بداً من أن يتمتم بتمسُّكه بها وفقط في رام الله…وأيضاً يعني أن مهمَّته في هذه المرة هى فزعة انقاذية وتضامنية، انقاذية لأسرائيله من نفسها ومحاولة لانتشالها من ارتباكات وارتكابات وعواقب ورطتها الراهنة، وتضامنية مع نتنياهو في ادارته لمواجهتها ومساعدته في الخروج من ورطتها.
…فكرة الفتى أو الفتاة الفلسطينيين، اللذين يقرر واحدهما في أية لحظة، ودونما استئذان من تنظيم أو توجيه من قيادة، أن يواجه بفدائية غير مسبوقة في تواريخ المقاومات عدوه المدجج بكل اسباب قوة الفتك المتطورة بسكين مطبخ أو عجلة سيارة، ويقدم ولا يتراجع وهو يعلم سلفاً أن مصيره الشهادة، ترعبهم، وتربكهم، وتقض مضاجعهم، وتفضح هشاشة كيانهم المصطنع، وتثير كوامن فوبياهم الوجودية القاتلة، فكيف إذا ما استولدت هذه اللحظة النضالية الفلسطينية المصيرية الفارقة مقتضاها فافرزت لهذا الفدائي، أو هذه الفدائية، تنظيمه الثوري التحرري الملتزم فحسب باستراتيجية تحرير، وقيادته الموثوقة التى توجه فدائيته فحسب وفق برنامجها المقاوم وذو النفس الطويل والمنسجم مع مؤشِّر بوصلتها التحريرية؟!
ما أتى بكيري هو أن الأكثر من هبَّة والأقل قليلاً من الانتفاضة سوف تبدأ بعد أيام قليلة شهرها الثالث، وأن من سماتها التى باتت تتفرد بها أن حجارتها تحولت إلى سكاكين يردفها الدهس فإرهاص بتحوِّلهما إلى الكلاشنكوف. وإذ هى المستمرة وإلى تعاظم، فلا من سبب موضوعي لتوقفها، أو منع تعاظمها، أو ثمة ما هو بقادر على أن يحول طويلاً دون اقتراب تحوُّلها الى انتفضة شاملة، بل وحتى ولو هى انحسرت هنا أو هناك فهى موضوعياً إلى اشتعال، إذ لا تخضع إلا إلى قانون ما دام هناك احتلال تكون مقاومته…وإذ هذا هو الحال، فقد كشفت وقائعه حتى الآن أن قدرة المحتلين على القمع قد بلغت حدودها، وإن سياسة التقتيل والتنكيل والاعتقالات وهدم البيوت لم تأتي إلا بعكس المراد منها، أي ما لا يصب إلا في صالح مزيد من تثوير وتطوير وزيادة وتائر الفعل الفلسطيني المقاوم، أو ما يستدعي منهم مزيداً من اللجوء لاستدعاء الاحتياطات ومكابدة الاستنزافات بأوجهها المادية والمعنوية، إلى جانب ما اشرنا اليه من افتضاح هشاشة كيانهم المفتعل وارتفاع منسوب سعار فوبياهم التي لازمت قيامه ولن تفارق وجوده.
أول ما كان من كيري بعيد وصوله هو ترداده لذات اللازمة الأميركية التليدة، أو ما سبقه اليه رئيسه اوباما وجرى على مثله اسلافهما، والقائلة دائماً أن للإحتلال الصهيوني “الحق والواجب” في “الدفاع” عن نفسه في مواجهة “الاعتداءات الإرهابية” من قبل ضحيته الفلسطينية، وتأكيد ما لا حاجة لتأكيده وهو أنه “يدين بشكل مطلق” ما ينفِّذه الفلسطينيون المقاومون من عمليات ضد المحتلين…وإذ لا يختلف معنى”التهدئة” عنده عن ماهو عند نتنياهو، أي الحفاظ على أمن الاحتلال، فإنها تعني بالتالي وقف الهبَّة ووئد الانتفاضة، الأمر الذي يستوجوب عنده الحفاظ على سلطة “اوسلوستان” والحؤول دون انهيارها ب”تعزيز” حالها عبر “تسهيلات” شكلية اقصاها لايتجاوز سقف “سلام نتنياهو الاقتصادي”، كتحسين البنى التحتية لكانتوناتها، مع تسهيلات للحركة التجارية، والسماح ببناء المنطقة السياحية المُعطَّل إقامتها في البحر الميت، ومنح تصاريح العمل للعمال في مجالات خدمة الإقتصاد داخل الكيان الصهيوني، و”تحسين الظروف الأمنية”، بمعنى تخفيف حدة القمع والتضييق على التجمُّعات الفلسطينية، إذ دون ذلك، وفي ظل راهن الحالة الفلسطينية النضالية المحتدمة، يخشى كيري ومعه عقلاء الصهاينة انهيارها، أو تمرُّد اجهزتها، أوالتحاق قواعدها التنظيمية بالانتفاضة، الأمر الذي يعني فقدان دورها القائم في خدمة الاحتلال بمحاصرتها الراهنة لماهو الأقل من الانتفاضة الشاملة والحؤول دون تحوُّله المتسارع اليها…كررت تقارير التلفزة الصهيونية اشادات جيش الاحتلال بدورها هذا وكشفت عن مطالبته بتزويد اجهزتها بأسلحة خفيفة!
عطفاً على ما تقدم، كان كل ما يريده المنقذ والمتضامن الأميركي من نتنياهو لايعدو خطوات شكلية مسكِّنة على غرار ما تعرف بتفاهمات كيري حول الاوضاع الراهنة في المسجد الأقصى، والتي لاتتعدى منع وزرائه واعضاء الكنيست من قيادة متواصل الاجتياحات المبرمجة للحرم القدسي، أو المشاركة فيها، وترك قطعان غلاة المستعمرين يسرحون ويمرحون آن هم شاءوا في ساحاته، ومع هذا فإن هبَّته الإنقاذية ونخوته التضامنية هذه قد قوبلت من نتنياهو باشتراطات تريد ثمناً مقابل تعزيزاته المرادة ل”أوسلوستان” لدرء احتمالات انهيارها وهو اعترافاً معلناً من كيري بشرعية المستعمرات في الضفة!
…أما في رام الله فكان كل ما استقبل به كيري هو مما لم يك غير ذاك الذي ظل يتوقعه ويلقاه في كل مرة كان يغشاها، ألا وهو الشكوى…وفقما قاله عريقات، غادرها هذه المرة محمَّلاً بخمسة “ملفات انتهاكات”!