Menu
23:12برشلونة يُعلن عن رئيسه المؤقت ومجلس الإدارة
23:10تفاصيل رسالة الرئيس عباس للأمين العام للأمم المتحدة
23:09الخارجية: 11 إصابة جديدة بفيروس كورونا بصفوف جالياتنا
20:42الحية يكشف تفاصيل زيارة وفد حماس للقاهرة
20:25كهرباء غزة تصدر تعليمات ونصائح مهمة للمواطنين استعدادا لفصل الشتاء
20:24بيان من النيابة العامة حول الحملات الالكترونية
20:21قائد جديد لشعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي
20:20الاحمد: ننتظر رد حماس منذ بداية أكتوبر.. ولا اجتماع للأمناء العامين قبل إصدار مرسوم الانتخابات
20:18ابو حسنة: استئاف العملية التعليمية لطلبة المرحلة الاعدادية بمدارس الاونروا بغزة بدءا من الاثنين المقبل
20:14صحيفة اسرائيلية: كهرباء غزة و"التنسيق الخفي" بين إسرائيل ومصر وقطر والفلسطينيين..!
20:13السلطة الفلسطينية تنوي مقاضاة إسرائيل لترخيصها شركات اتصال بالضفة
20:12بري: ليس وارداً بأن تفضي مفاوضات الترسيم للتطبيع.. والحكومة اللبنانية سترى النور قريباً
20:10الأوقاف بغزة تغلق ثلاثة مساجد بخانيونس بسبب ظهور إصابات بفيروس كورونا
20:09بعد مشاركته في لقاءات القاهرة.. حماس: عودة القيادي الحية إلى غزة ودخوله للحجر الصحي
14:08لهذا السبب .. "حزب الله" يعلن الاستنفار و يستدعي عددا من عناصره

وعد بلفور وإفرازاته ,, المقاومة هي العلاج بقلم : جبريل عوده

ثمانية وتسعون عاما ًعلى الجريمة البريطانية بحق الشعب الفلسطيني وأجياله المتعاقبة , بعد أن أقدم وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور على إعطاء اليهود وعد بإنشاء وطن لهم في فلسطين المحتلة , وتسهيل ذلك وتوفير كافة الإمكانيات والظروف من أجل إمضاء هذا الوعد المشئوم بحكم سيطرة بريطانيا على فلسطين المحتلة , كسلطة إنتداب وإحتلال بعد الحرب العالمية الأولى والتي إنتهت بسقوط الخلافة العثمانية .

نحاول قراءة واقعة تاريخية مؤلمة , كانت بمثابة غرس نبته شيطانية في أرض طاهرة مباركة , لعلنا نكتشف الأسباب الحقيقة خلف إحتلال فلسطين , ونحن نعيش إنتفاضة القدس التي هزت كيان الإحتلال حيث يصرح رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الصهيونية (أمان)، بأن الأجواء الحالية من الرعب لو كانت متوفرة في عام 1948م لم يكن بالإمكان قيام دولة "إسرائيل" .

لم يكن من السهل على سلطات الإحتلال البريطاني أن تنفذ هذا الوعد المشئوم , حيث قاوم شعبنا الفلسطيني موجات الهجرة اليهودية ومحاولات توطين العصابات الصهيونية , والثورات والهبة التاريخية لشعبنا وحراكه السياسي والإعلامي والجهادي يزخر به تاريخنا شعبنا الفلسطيني ومن أبرز الهبات والإنتفاضات الفلسطينية لمواجهة مخططات الإحتلال البريطاني لتمرير المشروع الصهيوني في فلسطين انتفاضة موسم النبي موسى 1920 م  , انتفاضة يافا 1921 ,  ثورة البراق 1929 , انتفاضة أكتوبر 1933 , ثورة القسام 1935 , الثورة الفلسطينية الكبرى , وتكشف عن حيوية شعبنا وإستعداده للتضحية والدفاع عن وطنه  , وتوضح أن شعبنا كان يملك اليقظة الكاملة والفهم والإدراك للمخططات التي تحاك ضد أرضه , الا أن المؤامرة كانت كبيرة ضد شعبنا الفلسطيني , مؤامرة ذات خيوط متعددة وأطراف مختلفة , في مقدمتهم سلطات الإحتلال البريطاني التي تتحمل المسؤولية الكاملة التاريخية والأخلاقية والقانونية لما يتعرض لها شعبنا وأرضنا من جرائم من قبل أطول إحتلال في التاريخ , فلقد إستخدمت بريطانيا كل ما تملك من أساليب القمع والتعذيب والقتل لتمرير هذا الوعد الخبيث وإخراجه حيز التنفيذ , فقامت بغض البصر عن تسليح العصابات الصهيونية بمختلف الأسلحة الحربية المتوفرة أنذاك , في حين كانت تلاحق الفلسطيني وتمنعه حيازته للأسلحة بل يتم الحكم على الفلسطيني بالإعدام في حال وجود طلقة فارغة معه, حتى أصبح إمتلاك الفلسطيني للسلاح جريمة ما بعدها جريمة   , في حين يتنقل المستوطن الصهيوني أمام نظر القوات البريطانية يحمل سلاحه , بل سهلت سلطات الإحتلال البريطاني شحنات الأسلحة من الوصول للعصابات الصهيونية عبر الموانئ الفلسطينية التي كانت تسيطر عليها, مما تسبب في إختلال بتوازن القوة لسلاح العصابات الصهيونية.

وحتى بعد إنسحاب القوات البريطانية وإعلان الصهاينة دولتهم ودخلت الجيوش العربية بقرار من جامعة الدول العربية , طُلب من الشعب الفلسطيني عدم حمل السلاح , وترك مهمة الدفاع عن فلسطين من العصابات الصهيونية للجيوش العربية الرسمية المدربة عسكريا والتي لها فرصة أكبر وفقا لموازين القوى أن تحقق إنتصاراً على العصابات الصهيونية ودحرها , ولقد كان قرار دخول الجيوش العربية إستعراضيا لا أكثر , فلم تكن هناك خطط أو تنسيق بين المشاركين , بل لم يكن لحكام الدول والإقطاعيات العربية أي نية لمواجهة العصابات الصهيونية , ولعل مراسلات بعضهم مع السلطات البريطانية تكشف خبث المؤامرة التي تعرضت لها فلسطين .

وترك شعبنا يواجه مصيره بعد تجريده من السلاح بخطة ممنهجة منذ الإنتذاب البريطاني وحتى اعلان الكيان الصهيوني , فلقد كانت العصابات الصهيونية تضم (56,000 ) جندي صهيوني، مدربين تدريباً جيداً، معظمهم له خبرة سابقة في الحرب العالمية الثانية، ومع الجيش البريطاني , وكان اختيار المهاجرين اليهود ينصب على حملة السلاح والمتدربين إذ كان الثلثين من هؤلاء في أعمار ما بين (سن 15 - 44 سنة)، بينما كانت النسبة الطبيعية لتلك الأعمار في فلسطين 14% فقط , تلك العصابات أعملت القتل والإرهاب ضد المدنيين الفلسطينيين لتهجيرهم من أراضيهم ومنازلهم حيث سجلت 35 مذبحة، أشهرها دير ياسين وأكبرها الدوايمة قتل فيها 500 فلسطيني ,  بعض القرى تعرضت لمذبحة مرتين مثل قرية سعسع وبعضها حُرق أهلها كما حدث في أحياء الطيرة بمدينة حيفا الفلسطينية , كانت هذه المذابح ذات غرض واضح وهو طرد الفلسطينيين وتهجيرهم , فوعد بلفور لم يجد حيز للتنفيذ الا من خلال تجريد شعبنا الفلسطيني لعناصر قوته على مدار سنوات طويلة , وتشتت قيادته السياسية وإعمال الولاءات الخارجية من قبل بعض الشخصيات الفلسطينية , وغياب الدعم العربي المؤثر والصادق , كل ذلك عجل بمهمة العصابات الصهيونية إنجاز مهمتها وإنجازها بإعلان دولتهم .

وهنا تبرز أهمية الثورة الشعبية الفلسطينية التي تقودها قيادة وطنية واعية ويشارك فيها الكل الفلسطيني , وتستخدم فيها كل الوسائل الممكنة والمتاحة لشعبنا , فلا هجرة ولا إنسحاب من قرانا ومدننا ولا تسليم بالإحتلال ولا ركون لجبروته وقمعه ,  بل نواصل العمل على إزالته من الوجود كما هي كل التجارب البشرية التاريخية في التعامل مع الإحتلال  , قيادة فلسطينية وطنية تثبت الشعب في أرضه وتحرضه على القتال ومواجهة الإحتلال , قيادة مقاومة ميدانية واعية تضع الخطط لمواجهة تحركات الإحتلال العسكرية وإحباطها , هذا ما يجب أن تنطلق فيه إنتفاضة القدس وميدانها الضفة والقدس المحتلتين , من خلال برامج عمل وطني يستهدف إجلاء الإحتلال من أرضنا عبر عملية إيقاع الخسائر اليومية البشرية والمادية في كيان الإحتلال .

مؤشرات الإنتصار في هذه المعركة كبيرة جداً , لقد أسست إنتفاضة القدس لواقع جديد ضرب بعمق في النفسية الصهيونية المتعالية , ووضعهم أمام سؤال كبيرة هو إمكانية وجودهم على هذه الأرض , ولعل تصريحات رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الصهيونية (أمان)، هرتسي هليفي، إن أحد أهم العوامل في إنتفاضة القدس، هي موضوع الوعي والمعرفة، ويضيف خلال الشهر الأخير غسلنا أدمغتنا من خلال رؤيتنا فيديوهات لعمليات الطعن مرة بعد أخرى، هذه المشاهدات سببت حالة هلع لدى الصهاينة لو وجدت عام 1948 ورأى الشعب فيديوهات مشابهة، لما قامت دولة (إسرائيل) .

من أجل إزالة الإحتلال وشطب وعد بلفور وإفرازاته , من أجل إستعادة أرضنا , من أجل العودة إلى بلداتنا  , من أجل تحرير مقدساتنا  , من أجل إسترداد حقوقنا , فإن السبيل إلى ذلك هو المقاومة بكافة وسائلها , وقد تبناها شعبنا وإنتفض شبابنا بسكاكينهم في إنتفاضة القدس غضباً وثأراً ورداً على جرائم الإحتلال , فالتاريخ يكبت لنا بحروف حزينة دامية , أن فلسطين ضاعت , ووعد بلفور أصبح واقعاً, يوم سلب السلاح من شعبنا فلا يمكن أن يعود حقاً سرق منا بقوة السلاح الا بعد ان نُعمل السلاح بالسارق , وليكن معلوماً بأن التفريط بأي شيء للسارق , هو جُبن وخور لا يقبله الأحرار , لتعود فلسطين حرة أبيه من بحرها إلى نهرها وليذهب بلفور ووعده وما أفرزه إلى الجحيم .

كاتب وباحث سياسي

2-11-2015م