Menu
13:49مسيرات غاضبة في قطاع غزة نصرةً للنبي ورفضًا لإساءات فرنسا
13:47الصحة: 8 وفيات و504 إصابات بكورونا في الضفة وغزة خلال 24 ساعة
13:26إدخال الأموال القطرية إلى غزة
12:09صورة: تعرف على آخر تحديثات الخارطة الوبائية لفيروس كورونا في قطاع غزة
12:08الخضار والفواكه الإسرائيلية ستباع بالإمارات قريبا
12:06مصادر أمنية اسرائيلية : لا نستبعد هجوم سايبر ايراني ..
12:04استطلاع إسرائيلي: تراجع لليكود يقابله صعود لحزب بينيت
12:02السلطة ترسل رسائل متطابقة حول انتهاكات الاحتلال
11:42السودان خيبتنا الجديدة: مسيرة إلغاء لاءات الخرطوم الثلاثة
11:40حماس بذكرى "كفر قاسم": مجازر الاحتلال تستدعى عزله لا التطبيع معه
11:38نشر آلاف الجنود في فرنسا والشرطة تقتل مسلحا يمينيًا
11:3796 يومًا على إضراب الأسير ماهر الأخرس عن الطعام
11:34تفاقم الحالة الصحية للأسير أبو وعر بعد أول جلسة كيماوي
11:32كابينيت كورونا: بدءًا من الأحد تخفيف القيود على الأنشطة التجارية
11:31"إسرائيل" تخشى تصعيد جديد في غزة بذكرى اغتيال أبو العطا

يا قدس . بقلم : الشيخ رائد صلاح

يا قدس يا شقيقة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويا قلب أرض الإسراء، وتاج أرض الشام، وملتقى الجغرافية الإسلامية العربية، وملتقى تاريخها بحاضرها وحاضرها بمستقبلها، وملتقى حضارتها التي كلما قيل انقضت تمادت، وكلما قيل اندثرت انتصبت، وكلما قيل شاخت تجددت زهرة شبابها من جديد، وأنت خير خزينة لهذا التاريخ وخير عمود لهذا الحاضر، وخير أمل لهذا المستقبل، وخير مدد لهذه الحضارة، فأنتِ كاسمكِ: قدس تقدّستْ أرضكِ وسماؤكِ، وبارك الله (تعالى) ما حولكِ، وأنتِ كنتِ _وما زلتِ_ جمل محامل لا يئنُّ من تعب، ولا يتبلد في المسير، ولا يشكو من قلة زاد وشراب ووعورة طريق، فأنتِ التي تحملين اليوم قضية فلسطين وشعبنا الفلسطيني بليلها ونهارها وبصيفها وشتائها، وبحلوها ومرها، وبلاجئها وشريدها وطريدها وأسيرها وجريحها وشهيدها، وبأملها وألمها، وصبرها ونصرها، وكربها وفرَجها، وعسرها ويسرها، وبرجالها ونسائها وشبانها وأطفالها وأراملها وأيتامها، وبمدنها المنكوبة الصابرة وقراها المدمرة الصامدة، وبنجوعها وأريافها ومضاربها ومخيماتها، وأنتِ التي تحملين اليوم أوجاع أمة مسلمة حالوا بينها وبين سلطانها وسيادتها فتفرقت وفشلت وذهبت ريحها، إلا أنكِ انبريتِ تُسَرِّين عن هذه الأمة الموجوعة وتقولين لها: يا أمة المليار ونصف المليار الموجوعة، لا عليكِ، ولا تراعي، فلن يطول الزمان حتى أكون أنا القدس عاصمة إسلامية عالمية لخلافة عالمية قادمة على منهاج النبوة، ستملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعد أن مُلئت ظلمًا وجورًا.

وأنتِ التي تحملين اليوم آلام عالم عربي تداعت عليه الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، وتنهشه من كل جانب، وتستبيح أرضه وسماءه ومقدساته وخيراته وسيادته وكرامته، إلا أنكِ _وأنت الجريحة الدامية اليوم يا قدس_ لم ترضي لنفسكِ الصمت عن حال العالم العربي المهين، فتماسكتِ في وجه كل العواصف، وناديتِ في العالم العربي نخوته العروبية ورفضه للخنوع وحربه على الظلم كيما يكسر القيود التي أشلت يديه وقدميه وإرادته، وسجنت لسانه وأخرست صوته وكسرت قلمه، وكيما يزحف نحوك مع بزوغ الفجر الصادق القريب ليمسح عنكِ أوساخ الاحتلال الإسرائيلي وأذاه وأذى كل من والاه.

ولأنكِ كنتِ ولا تزالين كذلك؛ فهي عيوننا التي كانت _ولا تزال_ ترحل إليكِ كل يوم منذ قرون من الزمان، تهدي إليكِ حب كل مسلم وعربي وفلسطيني، وتكتحل من روعة جمالكِ وتتغذى من هيبتكِ ووقاركِ.

آه يا قدس!، يا قاهرة كل مستعمر ومحتل وظالم ومفسد، فعلى عتباتكِ تحطم غرور الصليبيين وغرور التتار وغرور الاستعمار الأوروبي المعاصر، وعلى عتباتكِ سيتحطم غرور الاحتلال الإسرائيلي.

آه يا قدس!، يا بوابة الأرض إلى السماء، فعبر سمائكِ صعد روح الله عيسى ابن مريم (عليه السلام) إلى حيث هو الآن يجلس في السماء الثالثة، وعبر سمائكِ سينزل من السماء إلى الأرض في موعد قادم علمه عند الله (تعالى) ليقتل الدجال ويجتث فتنته، وينصر المحاصرين وإمامهم الصالح في المسجد الأقصى المبارك، وعبر سمائكِ عُرج برسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الأرض إلى كل السماوات السبع، سماء بعد سماء، ثم إلى سدرة المنتهى، ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، ورأى من آيات ربه الكبرى. 

وعبر سمائكِ عاد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد تلك الرحلة الفريدة في تاريخ البشرية من سدرة المنتهى إلى السماوات السبع سماء بعد سماء، ثم إليكِ ثم إلى مكة المكرمة، يُعِدُّ النفوس الزكية التي ستواصل شد الرحال إليكِ جيلًا بعد جيل، وقائدًا بعد قائد، وزحفًا بعد زحف، لتصنع لكِ فتحًا بعد فتح ونصرًا بعد نصر وتحريرًا بعد تحرير وكرامة بعد كرامة وحرية بعد حرية ومجدًا بعد مجد، إلى أن يرث الله (تعالى) الأرض ومن عليها.

آه يا قدس، يا صوت تحدٍّ كان _ولا يزال_ يصرخ في وجه كل المغتصبين: هل من مبارز؟!، هل من مبارز وأنا القدس لا يُعَمَّرُ فيّ ظالم؟!، هل من مبارز وأنا القدس لا أعرف الهزيمة ولا أستكين لذل ولا أرضى بهوان ولا أنكسر لقيد ولا أستسلم لباطل ولا أنام على أسر؟!، هل من مبارز وأنا القدس قطعتُ دابر الجبابرة واجتثثتُ جذور الأكاسرة واقتلعتُ عروش القياصرة؟!، هل من مبارز وأنا القدس في أحشائي المجد والسؤدد والحق والظفر والشموخ كامن، فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟!

آه يا قدس!، يا زهرة المدائن، يا سامقة الفضاء وعليلة الهواء وطيّبة الماء، وراسية البقاء ولامعة النقاء وقلعة الوفاء، وبارقة البهاء وساطعة السناء، ويا حواكير التين والزيتون، ورياض الأقحوان والنرجس والحنّون، وبيارات البرتقال والليمون، ومرتع البلابل والحسون، وملتقى المرابطات والمرابطين والعابدات والعابدين والزاهدات والزاهدين والمعتكفات والمعتكفين والمضحيات والمضحين، ويا معقل الأنبياء ومعين الأولياء وريحانة الأتقياء ودرب الشهداء، ومطلب العلماء وأدب البلغاء ولحن الشعراء، ومدد الحكماء وبلسم الغرباء وإبداع الفصحاء.
آه يا قدس!، يا مُعَمِّرَة في عمرها، وفتيّة في دورها، وظاهرة في أمرها، سلامنا إليكِ نرسله كل يوم، كل ساعة، كل دقيقة، كل ثانية، سلامنا إليكِ، والملتقى بكم قريب.