أرض كنعان/ صالح عياد/الخليج أونلاين/وصل قادة مجلس التعاون الخليجي إلى منتجع "كامب ديفيد" في الولايات المتحدة الأمريكية، استجابة لدعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لعقد قمة خليجية أمريكية لبحث الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الغربية. حساسية الظرف والمكان، تعيد للأذهان رمزية مكان انعقاد القمة وهو المنتجع "السياسي" الأشهر في العالم، كامب ديفيد.
- مصنع السياسات الخارجية الأمريكية
شهد منتجع كامب ديفيد في العاصمة الأمريكة واشنطن منذ تأسيسه عام 1942، أهم اللقاءات والاجتماعات التي عقدتها القيادة الأمريكية لاتخاذ القرارات التاريخية وقرارت الحرب والسلم على مستوى العالم، مثل قرارات الحرب العالمية الثانية، والحرب الفيتنامية.
واستضاف المنتجع الذي سمي تيمناً باسم حفيد الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور "ديفيد"، العديد من رؤساء العالم والضيوف الكبار في تاريخ الولايات المتحدة، ليكون رمزاً للسياسة الأمريكية الناعمة والخشنة على حد سواء.
- كامب ديفيد وملفات الشرق الأوسط
منذ انتهاء الحرب العالمية وبداية ظهور الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وبروز الحليف الجديد لدولة الاحتلال الإسرائيلي، اتخذت الولايات المتحدة نفسها وصية على منطقة الشرق الأوسط في صراع على النفوذ مع الاتحاد السوفيتي السابق خلال الحرب الباردة.
منتجع كامب ديفيد كان شاهداً على أهم مرحلة من مراحل الصراع العربي الإسرائيلي، وذلك بعد استضافته للمفاوضات المصرية الإسرائيلية، والتي تكللت بتوقيع الاتفاقية الأشهر في تاريخ العرب الحديث في 17 سبتمبر/ أيلول 1978 بين الرئيس المصري، محمد أنور السادات، ورئيس الوزراء، الإسرائيلي مناحيم بيجن، بعد 12 يوماً من المفاوضات تحت إشراف الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، والتي أرست أسس "السلام" بين مصر والاحتلال الإسرائيلي.
وشكلت هذه الاتفاقية منعطفاً في تاريخ الشرق الأوسط بتحييد الدور المصري من الصراع، ليكون اسم اتفاقية "كامب ديفيد" علامة فارقة في ذاكرة العرب والفلسطينيين.
مرة جديدة، كان منتجع كامب ديفيد ملجأ السياسة الأمريكية لاحتواء الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 1987، ليستضيف توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، بين منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات والاحتلال الإسرائيلي برئاسة إسحاق رابين، ويكون هذا المنتج شاهداً على نقطة التحول الأبرز في القضية الفلسطينية منذ احتلال العصابات الصهيونية لفلسطين عام 1948. ويخلد في ذاكرة الفلسطينيين والعرب، اسم هذا المنتج "كمطبخ" لسياسات الولايات المتحدة التي أخرجت الاحتلال الإسرائيلي من مآزقه الناتجة عن سياسة القتل واغتصاب الحقوق.
- كامب ديفيد.. المنتجع الذي قتل ياسر عرفات
ما زال مشهد التدافع بين الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات ورئيس وزراء الاحتلال، إيهود باراك، على مدخل أحد القاعات في المنتجع السياسي، خلال مفاوضات كامب ديفيد عام 2000، ماثلاً في أذهان الفلسطينيين والعرب، للتدليل على أجواء الإقامة في المكان.
إذ استمرت قمة كامب ديفيد 2000 أو مفاوضات كامب ديفيد 2 لمدة أسبوعين، في محاولة للضغط على الرئيس الفلسطيني للقبول باتفاقية "سلام" جديدة طرحتها الولايات المتحدة، الأمر الذي رفضه عرفات في حينه، بسبب تنكر تلك الاتفاقية لحقوق الفلسطينيين. لتفشل في إقناع عرفات بالتوقيع، وتكون بداية النهاية لقائد الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها عام 1965.
ترك عرفات رفاهية المنتجع، وعاد إلى رام الله ليلقى مصيره بعد حصار دام مدة 4 سنوات من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وتوفي في عام 2004 بعد مرض مفاجئ. ويتهم الفلسطينيون الاحتلال الإسرائيلي بقتل ياسر عرفات ثمناً لرفضه التنازل في كامب ديفيد.
- كامب ديفيد 2015
تعقد قمة كامب ديفيد 2015 في ظرف تاريخي جديد، وفي أوج المواجهة بين الخليج العربي وإيران، وفي ظل تغول المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة العربية، بحسب مراقبين. قمة يخيم عليها العبء التاريخي للمكان الذي انتصر دائماً لعدو العرب، ولم ينجح فيه أي قائد عربي في تسجيل نقطة في شباك أعدائه.
فهل تكون قمة كامب ديفيد الجديدة مسرحاً جديداً للحيلولة دون تحقيق انتصار عربي، واحتواء لانتفاضة عربية في وجه عدوه كما كان الحال في "كامب ديفيد مصر" و"كامب ديفيد فلسطين"؟! أم أن الظرف والزمان سيكونان في صف الحق العربي هذه المرة؟