أرض كنعان/ متابعات/ سبعة وستون عاماً تمر اليوم على النكبة الفلسطينية، وذاكرة اللاجئ الفلسطيني الحاج "رجب محمد التوم" تحتفظ بأحداثها، وهي بعمر 126 عاماً.
عاصر التوم العهد العثماني والانتداب البريطاني، وخدم في الجيش التركي، وولد حين كانت فلسطين تحت حكم الإمبراطورية العثمانية (1889)، ولديه من الأبناء والأحفاد اليوم ما يقرب من 370.
ويعيش في منزل أصغر أبنائه في بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، ويعاني صعوبة في الحركة، مقابل ذاكرة "حديدية" عاصرت 5 حقب على مر تاريخ فلسطين.
هو عند كثير من الفلسطينيين مرجع يقصدونه لمعرفة أصول عوائلهم حين يتعلق الأمر بقضية تتعلق بالمواريث.
كان عُمر الحاج "التوم" أثناء الهجرة يبلغ 59 عاماً، ويروى لمراسل "الخليج أونلاين" الذي زاره في منزله، أنه كان يعمل آنذاك مزارعاً بمدينة بئر السبع، قبل أن تُقْدم العصابات الصهيونية على تهجير الفلسطينيين من قراهم عام 1948.
ويروي كيف أقدم جنود الحركة الصهيونية آنذاك على بقْر بطن سيدة فلسطينية حامل، وذبحها أمام أعين زوجها وأبنائها.
يقول: إنه ارتعد من المشهد، واستفزه للهرب نحو قطاع غزة، خصوصاً أن المشهد كان من سلسلة مجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية، تركزت بالتحديد على الأطفال والنساء.
ويلفت إلى أن جيش الانتداب البريطاني كان له دور –إلى جانب هذه العصابات- في تهجير الفلسطينيين وتدمير القرى، "قبل أن تجعل لليهود وطناً على أرضنا".
ويوضح أنهم فور وصولهم إلى غزة كانوا على يقين بعودتهم سريعاً، خصوصاً أنهم جلبوا مفاتيح بيوتهم معهم.
ويؤكد "التوم" أنه عاصر خمس حقب تاريخية، بدءاً من العهد العثماني وحتى حكم حركة حماس في قطاع غزة.
حتى إنه أتقن اللغة التركية إلى جانب اللغة الأم "العربية"، ويحفظ بعض الجمل من اللغة الألمانية والعبرية والإنجليزية.
ويشار إلى أن وزارة الداخلية في غزة، كانت قد صادقت في تاريخ 13 فبراير/ شباط العام الماضي، على تعديل تاريخ ميلاد اللاجئ "التوم" من 1 يناير/ كانون الثاني 1902 إلى 1 يناير/ كانون الثاني 1889، ليكون بذلك أكبر معمر في فلسطين.
ويقول أبناؤه: إنهم يحاولون تسجيل والدهم "التوم" في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، كأكبر معمر على وجه الأرض.
"التوم" سافر إلى عدة دول منها تركيا ولبنان وسوريا والأردن وليبيا، ويضيف أنه حزن كثيراً لسقوط الخلافة العثمانية، ويتمنى عودة الحكم العثماني إلى فلسطين.
وفي موقف طريف يرويه أحد أبنائه: إنهم أخذوا والدهم إلى إحدى المستشفيات للاطمئنان على صحته، وحين تم عرضه على الطبيب أجابهم: "دقات قلبه أقوى من دقات قلبي".
ويشير أبناؤه إلى أن والدهم يمارس حياته بشكل طبيعي، ويواظب على تناول الخبز وزيت الزيتون، والسمن البلدي، ويواظب على تناول "نصف أرنب" على طعام الغداء.
ويقول الحاج: إن قلبه ينفطر حين يتناهى إلى سمعه أخبار سقوط قتلى في الدول العربية، ويسعد كثيراً حين يعود به السائلون إلى "ذكريات البلاد"، ويشده الحنين إليها.
ويوصي "التوم" بالتمسك بالأرض؛ لأنها "تعادل الروح والعرض"، على حد تعبيره.