أرض كنعان/ متابعات/ بات واضحًا وجليًّا أنّه منذ اندلاع الأزمة السوريّة في آذار (مارس) من العام 2011 تمتنع إسرائيل من الإعلان عن مسؤوليتها في الضربات العسكريّة التي تُنسب إليها من قبل الإعلام الغربيّ والعربيّ ومن قبل مصادر مخابراتيّة غربيّة.
والهجوم المنسوب لإسرائيل على الحدود اللبنانية والسورية، وكذلك التقارير حول التحرّك النشط للطائرات الإسرائيلية في سماء لبنان في الأيام الأخيرة، ووضع عبوّات متفجّرة على الحدود السورية الإسرائيلية وحادثة إطلاق قذائف هاون من القنيطرة تجاه الجانب الإسرائيلي في هضبة الجولان، كلّ ذلك يؤكد خوف إسرائيل من اندلاع جولة أخرى من القتال بين إسرائيل وحزب الله، ولكن دلالة الأحداث غير واضحة بشكل قاطع. من جهة، يعتقد بعض المحلّلين بأنّ الأحداث الأخيرة هي مرحلة أخرى في استعدادات حزب الله وإيران لحرب أخرى ضدّ إسرائيل.
بحسب محلل القناة الإسرائيلية العاشرة، أور هيلر وتسفي يحزقيلي، فإنّ هذه الأحداث هي بمثابة صراع بين إسرائيل وبين حزب الله على ظروف بدء الحرب القادمة. يعتقد هيلر ويحزقيلي، كما أفاد موقع (المصدر) الإسرائيليّ، بأنّ إرساليات السلاح المتطوّر التي ترسلها إيران إلى حزب الله تدلّ على أنّ الصراع القادم بين إسرائيل وحزب الله هو أمر لا يمكن تجنّبه.
في المقابل، يحذّر محلّل صحيفة “هآرتس″، عاموس هارئيل، من أنّه ليس هناك في الأحداث الأخيرة تسلسل من العمليات، أي ردّ فعل يقابله ردّ فعل مضادّ، وإنما تراكم عشوائي جدّا لأحداث عنف. حيث كتب هرئيل في الصحيفة بأنّ الأحداث لا تدل على التصعيد، وإنمّا توضح فقط إلى أية درجة يُعتبر مثلّث الحدود بين سوريّة، لبنان وإسرائيل معقّدا ومحفوفًا بالمخاطر.
التوجّه الأهم في هذه الخلفية، بحسب جميع المحلّلين، هو ما يبدو وكأنّه ضعف مستمرّ لنظام الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، الذي تكبّد مؤخرًا عددًا من الهزائم القاسية ضدّ التحالف المتمرّد الذي تقوده جبهة النصرة بأهداف إستراتيجيّة في منطقة إدلب وجنوب البلاد، على حدّ تعبير المصادر الإسرائيليّة، التي راـ أنّ هذا الضعف يُجبر إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكيّة على معالجة المعضلة الأبدية والمستحيلة بين مواجهة خطر تنظيم الدولة الإسلاميّة والتنظيمات الجهادية، وبين خطر محور إيران – الأسد – حزب الله. ولفت الموقع الإسرائيليّ في سياق تقريره إلى أنّه وفقًا لتحليل صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فقد خسر الجيش العربيّ السوريّ خلال الحرب الأهلية نصف قواته من المقاتلين، وتقلّص من 250,000 رجل إلى نحو 125,000 فقط.
وبالتالي، أضافت الصحيفة الأمريكيّة، فإنّ هذا الوضع يُلزم حزب الله بأنْ يحلّ مكان الجيش السوريّ في الحرب المستمرّة. وبحسب المصادر الأمنيّة في تل أبيب، شدّدّ الموقع، فإنّه طالما أنّ حزب الله غارق حتى العنق في سوريّة، تقدّر إسرائيل أنّ احتمال المواجهة المباشرة بينها وبين حزب الله لا يزال ضئيلاً. ولكن من يظنّ بأنّ مشاركة حزب الله في الحرب الأهلية السوريّة هو شهادة أمان لإسرائيل فقد يستيقظ على أمر مؤلم.
وبحسب المُحلل هارئيل فإنّه لا شكّ أنّ حزب الله هو الآن القوة العسكريّة الأكثر إزعاجًا، ليس فقط من حيث القوة والمهارات التي اكتسبها في السنوات الماضية، وإنما أيضًا في قدرته على التأثير على ما يحدث في دول الجوار. ينشط عناصر التنظيم بشكل كبير فيما وراء الأراضي اللبنانية والسورية؛ حيث تم إرسال وحدات صغيرة منها مؤخرا أيضًا لمساعدة الشيعة في العراق وكما يبدو أيضًا إلى اليمن لمحاربة المتمرّدين الحوثيين المدعومين من قبل إيران.
علاوة على ذلك، أضاف هارئيل قائلاً إنّ إسرائيل حافظت بنجاحٍ على سياسة موحّدة، إلى حدّ ما، على مدى أكثر من أربع سنوات، استعرت فيها الحرب الأهلية السورية المروّعة وانزلقت إلى أراضي معظم دول الجوار، لافتًا إلى أنّ الإشارة العلنية للخطوط الحمراء التي لن تسمح إسرائيل بتجاوزها، وعلى رأسها توفير الأسلحة المتقدّمة من قبل سوريا لحزب الله، الحفاظ على “فضاء من الغموض” بخصوص القصف المنسوب لها، بالإضافة إلى الجهد الكبير في عدم إعطاء تبادل الضربات إمكانية الانزلاق إلى حرب واسعة.
وخلُص إلى القول إنّه على مدى كل تلك السنين، أوضح مسؤولو الاستخبارات الإسرائيليون أيضًا بأنّهم لا يرون مصلحة لأي من الطرفين في بدء حرب شاملة. ولكن، من المفضّل اتخاذ هذه المقولة بضمانٍ محدودٍ، فقد صدرت تقديرات مشابهة أيضًا في الصيف الذي سبق جولة التصعيد في قطاع غزة، ومع ذلك تدهورت إسرائيل وحماس إلى حرب استمرت 51 يومًا، حسبما قال.