نشرت صحيفة "انترناشنال هيرالد تربيون" اليوم الاثنين تقريراً كتبه مراسلها في اسرائيل ايثان برونر تحت عنوان "اسرائيل تستهدف خطوط امدادات حماس" يقول فيه ان القيادي العسكري البارز في الجناح العسكري لحركة "حماس" احمد الجعبري الذي اغتالته اسرائيل مساء الاربعاء الماضي تمكن من تحويل "كتائب القسام" الى قوة مقاتلة جيدة التدريب والتجهيز وجلب صواريخ "فجر 5" التي يبلغ مداها نحو 72 كيلومتراً من ايران. وهنا نص التقرير:
"عندما اغتالت اسرائيل القائد العسكري الكبير في "حماس" الاربعاء الماضي، مشعلةً الجولة الحالية من القتال الضاري، لم تكن تستهدف قيادياً فلسطينياً وحسب وانما خط امداد بالصواريخ من ايران والتي اعطت "حماس" للمرة الاولى القدرة على ضرب اماكن بعيدة بعد تل ابيب والقدس.
لقد حول القائد احمد الجعبري ميليشيا "حماس" ذات العيار المنخفض الى قوة منضبطة ذات اسلحة متطورة مثل صواريخ "فجر – 5" وزاد الى حد كبير من الخطر على المدن الكبرى في اسرائيل. ولهذه الصواريخ مدى 45 ميلاً وتطلقها طواقم مدربة من منصات اطلاق تحت ارضية.
وربما كانت "حماس" تملك 100 منها الى حين بداية الهجمات الاسرائيلية الاسبوع الماضي التي يبدو انها دمرت معظم المخزون. ويجري تجميع الصواريخ محلياً بعد شحنها من ايران الى السودان، ونقلها بسيارات شحن عبر الصحراء من خلال مصر، ثم تنقل مفككةً الى اجزاء عبر انفاق في صحراء سيناء الى غزة، وفقاً لمسؤولين امنيين اسرائيليين رفيعي المستوى.
وقال مسؤولون اسرائيليون ان خط التهريب يشمل موظفين يتلقون مرتبات من "حماس" على طول الطريق، وخبراء فنيين ايرانيين يسافرون بجوازات سفر مزورة وبموافقة الحكومة السودانية.
وكانت استراتيجية الجعبري فعالة ومخيفة بالنسبة الى اسرائيل الى درجة انها تحضر لمرحلة محتملة ثانية في المعركة: اي حرب برية يسعى فيها جنودها الى تدمير قواعد اطلاق الصواريخ المتبقية وطواقمها ومصانع الذخيرة.
وطورت "حماس" ايضاً بقيادة الجعبري صناعة اسلحة خاصة بها في غزة وبنت صواريخ طويلة المدى وكذلك طائرات من دون طيار كانت تأمل بان تجعلها تحلق فوق اسرائيل تماما كما تطوف الطائرات الاسرائيلية من دون طيار اجواء غزة زارعةً الخوف في نفوس السكان.
وقال مسؤول امني (اسرائيلي) السبت متحدثاً بشرط عدم الكشف عن اسمه ان "حماس والجهاد الاسلامي كلتيهما تبنيان اسلحة بمساعدة خبراء من ايران. ما دمرناه الليلة الماضية كان منشأتهم لانتاج الطائرات من دون طيار. كان هذا كله من عمل الجعبري الذي كان مفكراً استراتيجياً حاذقاً".
كان عدد من الهجمات الاسرائيلية الاخيرة موجهاً نحو قطع خطوط الامدادات الى غزة. وفي اواخر تشرين الثاني (اكتوبر) قصف مصنع ذخائر سوداني من الجو. ولم تقر اسرائيل بتنفيذ الهجوم، ولكن غمزات المسؤولين وطأطتهم برؤوسهم تشير بوضوح الى انها هي التي شنت الهجوم.
ان العملية الحالية لتدمير منصات "حماس" لاطلاق الصواريخ يمكن ان تساعد في شل قدرة حلفاء ايران في غزة على الانتقام اذا ما نفذت اسرائيل ابداً تهديدها بمهاجمة منشآت ايران النووية.
وقال جنرال اسرائيلي متقاعد خدم سابقاً في غزة انه بعد سيطرة "حماس" على قطاع غزة في 2007 تغيرت الامور "فعند تلك النقطة حول الجعبري عمليته للدفاع عن الحي الى جيش حقيقي. لقد نظم ما كان ميليشيا في شكل سرايا، وكتائب والوية. ارسل قادة الى سوريا وايران ليدربهم الحرس الثوري. ثم بنى كل هذا الفرع ليطور تكنولوجيا عسكرية تركز على الصواريخ الطويلة المدى".
واتاح انهيار نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا السنة الماضية خيارات امدادات اخرى لـ"حماس" مع نهب المخازن العسكرية الليبية وبيع معداتها. ونقلت اسلحة بالسيارات عبر مصر الى غزة.
ويبقى ان نرى ما اذا كان اغتيال الجعبري سيشل "حماس" او ماذا كانت ستعثر على احد ذي كفاءة مماثلة يحل محله، حسب قول المسؤول.
وقال جيفري وايت، وهو محلل سابق في في وكالة استخبارات الدفاع الاميركية وزميل حالي في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ان لدى "حماس" على اي حال تشكيلة من انواع الصواريخ والاسلحة في ترسانتها.
وبالاضافة الى "فجر -5"، تملك "حماس" بضع مئات من الصواريخ "غراد" التي هي صواريخ من عيار 122 ميلليمتر وذات رؤوس حربية اكبر من رؤوس "غراد" العادي. وقال وايت ان صواريخ "غراد" ربما كانت تأتي من ايران ولكن اخرى منها تصنع في غزة وتستورد من ليبيا.
وقال مسؤولون اسرائيليون ان نقل الصواريخ "فجر-5" لا يمكن ان يتم عبر مصر من دون ان يلحظ، اذ ان كلا منها يبلغ طوله 6 أمتار ويزن 900 كيلوغرام، ويزن رأسه الحربي وحده 170 كيلوغراماً، وسيكون من الصعب عدم ملاحظة سيارات الشحن التي تنقلها على الجسور وحواجز الطرق المصرية الى سيناء