Menu
23:12برشلونة يُعلن عن رئيسه المؤقت ومجلس الإدارة
23:10تفاصيل رسالة الرئيس عباس للأمين العام للأمم المتحدة
23:09الخارجية: 11 إصابة جديدة بفيروس كورونا بصفوف جالياتنا
20:42الحية يكشف تفاصيل زيارة وفد حماس للقاهرة
20:25كهرباء غزة تصدر تعليمات ونصائح مهمة للمواطنين استعدادا لفصل الشتاء
20:24بيان من النيابة العامة حول الحملات الالكترونية
20:21قائد جديد لشعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي
20:20الاحمد: ننتظر رد حماس منذ بداية أكتوبر.. ولا اجتماع للأمناء العامين قبل إصدار مرسوم الانتخابات
20:18ابو حسنة: استئاف العملية التعليمية لطلبة المرحلة الاعدادية بمدارس الاونروا بغزة بدءا من الاثنين المقبل
20:14صحيفة اسرائيلية: كهرباء غزة و"التنسيق الخفي" بين إسرائيل ومصر وقطر والفلسطينيين..!
20:13السلطة الفلسطينية تنوي مقاضاة إسرائيل لترخيصها شركات اتصال بالضفة
20:12بري: ليس وارداً بأن تفضي مفاوضات الترسيم للتطبيع.. والحكومة اللبنانية سترى النور قريباً
20:10الأوقاف بغزة تغلق ثلاثة مساجد بخانيونس بسبب ظهور إصابات بفيروس كورونا
20:09بعد مشاركته في لقاءات القاهرة.. حماس: عودة القيادي الحية إلى غزة ودخوله للحجر الصحي
14:08لهذا السبب .. "حزب الله" يعلن الاستنفار و يستدعي عددا من عناصره

حركة حماس إرهابية؟!...بقلم/سلامة عمر معروف

هل حركة حماس إرهابية؟! تساؤل وُجه للقضاء المصري، وأجابت عنه محكمة القاهرة للأمور المستعجلة قبل يومين، عندما قضت في حكمها المثير للجدل والمنافي للمنطق، باعتبار حماس حركة إرهابية، وشخصيا اتفق مع المحكمة فيما ذهبت إليه، فحماس حقا إرهابية، ولكنني بالتأكيد اختلف تماما مع مفهوم الإرهاب الذي اعتقدته المحكمة، وأعارض السياقات التي وجدت فيها المحكمة دلائل لتبرير قرارها.
ولكي نفهم هذا القرار، أطرح أسئلة تشكل الإجابة عنها -في ظني، إطارا يمكن معه تقدير خطورته وفهم الصخب المثار منذ صدوره، فما هو الإرهاب الذي اتهمت به حماس؟! وما هي خلفيات هذا الحكم وسياقاته؟! ومن المستفيد منه؟! وما آفاق العلاقة المستقبلية بين النظام المصري وحركة حماس؟! وما المطلوب منها في ضوء القرار؟! والمطلوب من القوى السياسية الفلسطينية الأخرى، تجاه هذا الحكم الخطير؟!
وبداية تعد لفظة الإرهاب من أكثر الكلمات المنتشرة -إن لم تكن أكثرها على الإطلاق، التي لا يوجد تعريف محدد وواضح لها، وباتت سيفا مشرعا في أيدي الأنظمة والكيانات تهدد به من يخالفها، أو من تستشعر الخطر من وجوده، ما دامت تحسن استثمار الظروف الدولية المواتية، وقد أصبحت دلالات الكلمة وثيقة الصلة بالإسلام، منذ استخدام الولايات المتحدة الأمريكية له في أعقاب أحداث 11 سبتمبر2001م، ومن هنا جاء مفهوم المحكمة في قرارها للإرهاب، بوصفه خطرا واقعا بأمن مصر القومي، أو تهديدا محتملا لسلامة أراضيها من حركة حماس.
وهو مفهوم يتعارض تماما ووقائع التاريخ وحقائق الجغرافيا وحسابات اللحظة الراهنة، فضلا عن كونه يتنافى مع أبجديات السياسة، فقطاع غزة يرتبط بمصر تاريخيا، ولست أبالغ إذا قلت إن بعض الغزيين، يعرفون عن تاريخ مصر أكثر مما يعرفون عن تاريخ فلسطين، بحكم دراستهم للمناهج التعليمية المصرية، كما تمتد أواصر العلاقة بنسب ومصاهرة، يستحيل معها أن نتخيل أن غزيا واحدا يمكن أن يفكر للحظة بإلحاق ضرر بمصر، سيما وهي المتنفس الوحيد المتاح لمواطني غزة، بعيدا عن سيطرة الاحتلال، وقد شكل كل منهما تاريخيا للآخر عمقا استراتيجيا، ويكفي أن نتذكر أن قطاع غزة احتل في عام 1967م، وهو تحت الوصاية والولاية المصرية.
وحماس منذ انطلاقتها كانت على الدوام تركن لنظرية العمق الاستراتيجي العربي والإسلامي، وترى في هذه الدول وفي مقدمتها مصر، داعما أساسيا في معركة التحرير، ورافعة من روافع العمل الوطني، لذا كانت واضحة بأنها لا تتدخل في الشئون الداخلية للدول، وتقصر ميدان عملها الجهادي والحركي داخل فلسطين، وحظيت مصر بتقدير واحترام وود ومكانة خاصة لدى حماس، تتناسب مع وزنها الدولي ودورها الإقليمي وواجبها المفترض كشقيقة كبرى، لذا لم يكن غريبا أن تصر حماس على أن توليها أمانة حمل كافة الملفات المصيرية، بدء من حوارات المصالحة، مرورا بصفقة التبادل، وانتهاء بمفاوضات وقف إطلاق النار الأخير.
وفي أحلك الأوقات التي مرت على مصر وسادت فيها الفوضى والانفلات، وقفت حماس وحكومتها آنذاك، سدا منيعا أمام أي محاولات لتهديد أمنها، وضبطت الحدود بشهادة المخابرات الحربية ذاتها، ورغم كل الترهات والفبركات التي يسوقها بعض الإعلاميين المصريين، فإنه لم يثبت حتى اللحظة أي دليل على تورط حماس في الشأن الداخلي المصري أو تهديد أمنها، بل على العكس من ذلك سعت الحركة لاحتواء كافة التصرفات المصرية التي تضر وتؤثر سلبا على مجمل الحياة في قطاع غزة، من قبيل استمرار إغلاق معبر رفح، وإقامة المنطقة العازلة، والتنصل من الوساطة في القضايا الثلاث.
وبالنظر إلى سياقات هذا القرار وخلفياته التي توضح ماهيته، هل هو قرار قضائي مجرد؟ وبالتالي تصح معه قاعدة احترام قرارات القضاء، وعدم التعليق عليها، أم إنه سياسي بامتياز ويدور في فلك رؤية للنظام المصري الحالي للإضرار بحماس، فإذا علمنا أولا أن المحكمة التي أصدرت القرار، رفضت قبل شهر واحد النظر في ذات الدعوى، وقضت بعدم اختصاصها، بعد إصدارها حكما باعتبار كتائب القسام منظمة إرهابية، وإذا تفحصنا ثانيا أدلة الإدانة، وهي مكالمات هاتفية مسربة بين قيادات من الإخوان وحماس أوردها مقدم الدعوى، وهنا يثار سؤال هام حول الجهة التي زودته بهذه المكالمات؟ ومن باستطاعته أن يتنصت على المكالمات؟!.
وإذا أضفنا لهذين الأمرين، نقطة في غاية الأهمية، وهي أن هذه المكالمات جميعا لا تزيد عن كونها نقاش في موضوعات عامة، أو مجاملات اجتماعية في مناسبات ما، ولا تشكل في حدها الأقصى حتى قرائن على تنسيق من أي نوع بين الطرفين، فإذا ربطنا بين هذه الأمور جميعا وبين الحملة المسعورة التي تشنها غالبية وسائل الإعلام المصرية على حركة حماس؛ فإننا سنصل لنتيجة واحدة واضحة، بأن القرار دُفعت إليه المحكمة دفعا، وصدر الحكم سياسيا بإدانة حماس وتجريمها، بمجرد قبول الدعوى، وحتى قبل النظر فيها.
وفي دائرة المستفيدين من القرار، يأتي الاحتلال كمستفيد أول ولكنه ليس وحيدا، فقد أشاد به قادته السياسيين والعسكريين، وعبروا بشكل واضح منذ اللحظات الأولى عن فرحتهم وسعادتهم الغامرة به، واختصروا وصفه بعبارة "سيسهل مهمة القضاء على حماس"، كما عبر عن ذلك عاموس يدلين مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، فحماس عدوهم اللدود باتت تُحارَب وتُخنق اليوم، ممن يفترض أن يكون حليفها وداعمها، وإن تعذر على الاحتلال القضاء عليها عبر حصار مطبق لسنوات، وحروب ثلاثة طاحنة، فإنه يأمل اليوم أن يوفر له هذا القرار فرصة مواتية للانقضاض على فكر ونهج المقاومة، للقضاء عليها.
ويأتي تاليا في مرتبة الاستفادة من يستغله مصريا في إطار عملية الشيطنة التي تتعرض لها جماعة الإخوان المسلمين، بتعمد الزج بحركة حماس ولصق هذه التهمة بها، بعد تهيئة الأمر بالحديث عن علاقة عضوية تنظيمية تربط حماس بالإخوان، تأكيدا لمبدأ "إرهاب الإخوان"، الذي يلقى رواجا في أوساط بعض المصريين، وقد يحقق هذا الأمر نجاحا وقتيا لمن يروجه ويسوق له، ولكن الأيام كفيلة بكشف زيف هذا الادعاء، وحينها سيبطل مفعول السحر وسينقلب على صاحبه.
وبالحديث عن آفاق العلاقة المستقبلية بين حماس والنظام المصري في ضوء هذا الحكم، فإنها ستتأثر سلبا بالتأكيد، خاصة وأن الصمت هو سمة رد الفعل الرسمي المصري على كافة هذه الأمور حتى الآن، مما يؤشر على حالة الرضا الرسمي والقبول وربما التأييد لها، أما حماس فلا يمكن أن تقبل بوساطة طرف يضعها ويصنفها في قائمة الإرهاب، وهو ما يزيد من استمرار وترسيخ القطيعة غير المعلنة بين الجانبين، وهنا على حماس أن تتجاوز صدمة القرار، وتتعامل بمنطق العقل البارد لتدارس خياراتها وإن بدت محدودة، وعليها تقدير الأمور والعواقب لأية ردة فعل غير محسوبة.
وربما يأتي على رأس خيارات حماس، تعزيز وضعها الداخلي بالعمل على تشكيل جبهة رفض حقيقية للقرار من مختلف الفصائل والتنظيمات، ودعوة الرئيس محمود عباس لتحمل مسئولياته أمام هذا القرار، خاصة وأن التجربة تقول أن الكل الفلسطيني هو من سيدفع الثمن، كما أنها مدعوة لاستنفار حلفائها للتدخل، وطرق كافة الأبواب الممكنة، كجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، من أجل تدارك الأمور قبل انجرارها، إلى حيث لا ترغب هي على الأقل.
وخلاصة الأمر أن الإرهاب الذي تقصده المحكمة المصرية، يفهم فقط إذا كان الهدف هو ممارسة الإرهاب على حماس، فإما أن تخنع وترضخ وتتخلى عن نهج المقاومة، وإلا فلتنتظر المزيد من العواقب، واعتقد أن تجربة حماس وما مرت به من تحديات، يثبت أن المقاومة لديها باتت عقيدة إستراتيجية راسخة، لا يخيفها الوعيد ولا يغريها الترغيب، وتستند هذه العقيدة إلى ذلك النوع من الإرهاب المحمود الذي أمر به المولى بإعداد ما تيسر من قوة، الأمر الذي أبدعت فيه حماس  بمفاجآتها ضد المحتل الغاصب، فهو إرهاب متأصل في عقول قادتها، ومتجذر في نفوس مقاوميها.