خان يونس - هاني الشاعر-ببراءة الطفولة وتلقائيتها، خرج الطفل وليد محمود عبد الفتاح العبادلة "عامان ونصف" برفقة 10 من أقرانه للعب في حقل مجاور لمنزلهم، غير مدركين ما يدور في قطاع غزة من قصفٍ إسرائيلي عشوائي.
ولم يلق الأطفال بالا لطائرات الاحتلال التي حلقت بكثافة فوق الحي الذي يقطنون به، والذي يقع إلى الشرق من بلدة القرارة شمالة محافظة خان يونس، واستمروا بلعبهم بمرحٍ وسرور.
لكن ساعات الفرح لم تدم طويلاً، فصاروخ أطلقته طائرة استطلاع اسرائيلية يوجهه جندي لا يعرف الرحمة ولا الشفقة بالقرب من هؤلاء الأطفال، ليطير العبادلة من قوة الانفجار على بُعدِ 40 مترًا، وينتفض بُكل قوة على الأرض.
الطفل وليد محمود عبد الفتاح العبادلة
أصدقاء "وليد" فروا هاربين وتركوا صديقهم ملقى على الأرض، دون أن يعلموا ما الذي جرى له، جيرانه هرعوا لمكان القصف، ونقلوه بسيارةٍ مدنية على جناح السرعة إلى مستشفى غزة الأوروبي، دون أن يظهر على جسده أي معالم إصابة، وكان الاعتقاد السائد بأنه مصاب بإغماء نتيجة الخوف من القصف.
أقل من 20 دقيقة وصلت السيارة للمستشفى، وأدخل العبادلة لقسم الاستقبال والطوارئ، وتبين وفق الفحص الأولي للأطباء وجود تضخم بالرئة وبعض الشرايين والأوردة داخل جسده، مما أدى لانفجار بعضها، والتسبب بنزيف داخلي بجسده، ونزيف من أنفه وفمه.
هي لحظات ودقائق معدودة، حاول الأطباء خلالها بكل جهد إنقاذ حياة الطفل، لكنها باءت بالفشل لخطورة حالته الصحية، ليُعلن عن استشهاده، ويدخل بذلك سجل الاحتلال الإسرائيلي الأسود، المليء بالجرائم البشعة بحق المدنيين الفلسطينيين خاصة الأطفال.
وقام ذوو الشهيد بلفه بالكفن الأبيض، ليعود لأصدقائه هذه المرة ليودعهم محمولاً على الأكتاف، بينما عمت حالة من الحزن والصدمة على نفوس عائلته خاصة والدته التي لم تصدق بأن ابنها الذي تركته يلعب بجوار منزلهم عادا شهيدًا.
ووفق لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فإن ستة أطفال استشهدوا وأصيب العشرات في الغارات المستمرة مُنذ ثلاثة أيام على قطاع غزة، كجزء من الحصيلة التي وصلت 18 شهيدًا و235جريحًا، جُلهم من المدنيين العزل، خاصة الأطفال والنساء والمُسنين