من عبد الرحمن يونس - من بين المبادرات الكثيرة التي تزدحم بها الحياة الفلسطينية للتعامل مع مشكلات متنوعة ناجمة عن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، ثمة مبادرة "استثنائية" و "متقشقة"، تواصلها عائلة نصار من بيت لحم في مواجهة محاولات سلطات الإحتلال لمصادرة نحو 100 دونم تملكها العائلة و باتت محاصرة بعدد من المستوطنات غرب المدينة .
المبادرة التي أعطتها عائلة نصار اسم "خيمة الأمم"، في إشارة إلى مشاركة متضامنين أجانب من جنسيات مختلفة، تنشط في تنظيم "ورشات عمل" خالية من الدسم و المعجنات وحتى من العصائر المثلجة، ذلك أن المشاركين و المشاركات المتطوعين ينشغلون معظم الوقت بالعمل في استصلاح و زراعة الأرض المستهدفة، ويقيمون في خيمة بلاستيكية و كهف تحت الأرض لوّن داخله بالأبيض و زود بسرير و خزانة عتيقة.
قال المواطن ظاهر بشارة نصار، وهو أحد القائمين على إدارة أنشطة "خيمة الأمم"، أن عائلته أنشأت المركز / المبادرة كوسيلة لحماية أرضها المهددة بالمصادرة بمقتضى إخطار أبلغته قوات الإحتلال للعائلة عام 1991، بالرغم من أنها تمتلك وثائقا تثبت ملكيتها للأرض صادرة قبل أن تنشأ دولة إسرائيل ( في العهدين العثماني و البريطاني )، مشيرا إلى أن أفراد العائلة يمنعون منذ الإخطار من البناء أو إقامة أي منشآت عليها، ما اضطرهم ( أكثر من 50 شخصا ) إلى التشتت ما بين العيش في بيت لحم و حياة بدائية داخل الأرض المستهدفة.
لم تتوقف عائلة نصار التي تجهد في حماية أرضها من المصادرة بالوسائل المتاحة – لم تتوقف عن متابعة "الاعتراضات القانونية" التي قدمتها للمحاكم الإسرائيلية لإبطال إخطار المصادرة، فيما لاتأمل الآن – كما أشار ظاهر لـ دوت كوم – بأن تقر سلطات الإحتلال قريبا بملكية العائلة للأراضي المستهدفة، وهو ما دفع العائلة قبل سنوات لإنشاء موقع الكتروني للتعريف بالقضية التي تتصدى لحلها ولدعوة نشطاء عرب و أجانب لزيارة الأرض و المشاهدة عن كثب حجم المعاناة اليومية التي يعيشها أفراد العائلة وللمساعدة في حماية الأرض من المصادرة، وهي مبادرة تطورت لاحقا حتى غدت الأرض المهددة مكانا لإجتذاب المتطوعين و المتضامنين الأجانب ممن لديهم رغبة في مساعدة الشعب الفلسطيني .
للوصول إلى أراضي عائلة نصار حيث تقع "خيمة الأمم"، لا مفر من المشي على الأقدام و عبر الطرق ذاتها التي يسلكاها المستوطنون الإسرائيليون؛ بسبب أن قوات الإحتلال كانت أقدمت في وقت سابق على إغلاق الطريق المؤدية إليها..غير أن الوصول إلى هناك من شأنه أن يطلع الزائرين على تجربة مختلفة في مواجهة الإستيطان الإسرائيلي، حيث يشارك المتطوعون الأجانب في حراثة الأرض و زراعتها و في رعي الأغنام.. و أيضا، هذه الأيام، في حفر بئر لتجميع مياه الأمطار .
قالت المتطوعة الألمانية "برناديت هورش" في حديث مقتضب أثناء انشغالها مع آخرين من جنسيات أوروبية في ورشة البئر - قالت أنها جاءت لكي تتطوع مع نشطاء "خيمة الأمم" لكي تعيش تجربة تضامن متميزة مع الشعب الفلسطيني، موضحة انها كانت في بداية التجربة خائفة و مترددة، لكنها مع مرور الوقت تعلمت الكثير من الأشياء، بينها الزراعة والاهتمام بالأرض و.."اكتشاف متعة المبيت داخل مغارة"، فيما أكدت متطوعة بريطانية الجنسية اسمها "بيث واترز" كانت قدمت للتطوع برفقة زوجها، أن مشاركتهما في فعاليات الخيمة تجربة تستحق الإلتفات و دعوة بريطانيين آخرين للمجيء إلى "هنا" .
من جهته، أعاد المواطن داوود نصار، وهو أحد مالكي الأرض المستهدفة – أعاد التأكيد بأن"خيمة الأمم" كانت "خطوة في الاتجاه الصحيح" للمحافظة على الأرض و البقاء عليها، كما لأجل تعزيز الأمل في انتزاعها من غول المصادرة و تمكين العائلة التي لم تغادرها منذ العام 1916 من البناء عليها و العيش فيها .
وبذلك يمكن اعتبار أن هذا العمل التطوعي "
ولا ننسى هنا التذكير بالحضور الفلسطيني الخجول والمتمثل بعدم القدرة على توصيل الماء ولا الكهرباء إلى الأرض هذا من الناحية الرسمية، أما من الناحية الشعبية فهناك نقص كبير في فهم أهمية العمل التطوعي الذي من شأنه أن يؤكد الوجود الفلسطيني على الأرض ويمنع سلطات الاحتلال من الاعتداء على الأراضي
.