أرض كنعان_فلسطين المحتلة/انتهاء الجولة الأخيرة من الأعمال العدائية بين اسرائيل والمقاومة الفسطينية في قطاع غزة قاد الى السؤال: من خرج منتصراً من هذه المواجهة ومن انهزم؟ هناك من يزعم ان انجازات حماس العسكرية في الحرب الأخيرة كانت قليلة جداً وانها أزيحت الى حد كبير، وفي ظل الخسائر والأضرار الكبيرة التي تلقتها على مستوى أدواتها القتالية وبناها التحتية وقيادتها العسكرية، وبسبب الضرر الكبير الذي ألم بالسكان المدنيين الذين تحكمهم حماس في قطاع غزة، وفي نفس الوقت يواصل وضع حماس الاقتصادي والسياسي تدهوره؛ حيث ان التنظيم يواجه عزلة إقليمية آخذة بالتنامي، وعلى ما يبدو فمع الحاجة الى تمكين إدخال قوات أمن السلطة الفلسطينية على امتداد حدود القطاع مقابل التخفيف الملموس من التضييق الاقتصادي الذي عمل التنظيم بأقصى طاقته من أجل التخلص منه.
في المقابل؛ يزعم الكثيرون انه ورغم كل هذه الاعتبارات فإن المقاومة تستطيع أن تشعر بالرضى من عملياتها العسكرية أثناء عملية "الجرف الصامد"، ليس لأن التنظيم منع اسرائيل من تحقيق نصر واضح فقط، بل لأنه فرض على إسرائيل إطالة أمد المعركة برفضه الكثير من محاولات الوصول الى اتفاق وقف إطلاق النار من خلال إبداء التحسينات في قدراته القتالية في حرب العصابات والمهارات العسكرية منذ عملية "عامود السحاب".
من الناحية السياسية تمكنت المقاومة من فرض نفسها ثانية على الخارطة السياسية الإقليمية كلاعب مهم، وأيضاً – ووفق استطلاع أجري مؤخراً – حازت حماس على تحسن مهم، ولو لوقت قصير، على شعبية في أوساط الفلسطينيين العاديين.
السؤال حول الخسائر والانجازات التي حققتها المقاومة او إسرائيل في هذه الجولة من الأعمال العدائية مهم ليس فقط لتحديد الاتجاهات السياسية المستقبلية في قطاع غزة؛ وإنما لكل ما يخص تطورات العلاقة المعقدة بين الطرفين المتخاصمين، عملياً فإن مرحلة القتال ومرحلة انتهاء القتال في عملية "الجرف الصامد" درست بدقة من قبل أحد أعداء إسرائيل الأساسيين في المنطقة (تنظيم حزب الله اللبناني) الذي استخلص منها العبر المهمة ليطبقها في حربه القادمة مع إسرائيل.
بعد تقدير موقف حزب الله المحلي والإقليمي الحالي وتشريح استراتيجيته الشاملة سيتعمق هذا المقال بالسؤال حول إمكانية نشوب "الحرب القادمة" بين التنظيم اللبناني الشيعي واسرائيل من خلال تقديم العبر المهمة التي قد يستخلصها التنظيم من عملية "الجرف الصامد"، وذلك لقاء تركيزه على تدخله المتواصل في سوريا.