Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح

العمليات الفردية.. وجه جديد للإخفاق الإسرائيلي بقلم عدنان أبو عامر

كشفت العمليات الفدائية الأخيرة التي نفذها شبان فلسطينيون في الضفة الغربية والقدس المحتلة ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، عن تسلح الشعب الفلسطيني بإرادة المقاومة ضد المحتل، وخلع رداء الرضا بالواقع البائس والمظلم. وعبرت العمليات عن وصول الأمور إلى نقطة اللاعودة لما كان عليه الوضع القائم، حيث الاقتحامات المتواصلة للحرم القدسي، والاعتداءات المتلاحقة على المسجد الأقصى.

الأسلحة البدائية

جاءت هذه العمليات الفردية لتفسر تزاحم الإبداعات الصغيرة وخلق المقدمات للإبداعات الكبيرة، حيث استطاعت المقاومة الشعبية التقاط هذه الإبداعات التي تفتقت عن العقل الجمعي الفلسطيني. واستنادا إلى ذلك، فإن ما جرى في الضفة والقدس خلال الأسابيع الأخيرة، من نزول الشعب إلى معترك المقاومة، هو تطوير وتحديث للأسلحته البدائية الشعبية لتمسي أكثر فعالية من السابق.

زخرت العمليات الأخيرة بأنواع متعددة من الأسلحة التي استخدمها مقاتلوها، وشهدت تطورا ملحوظا بدءا بالحجر والمقلاع، مرورا بالسكين والأسلحة الحادة، وانتهاء باستخدام السلاح الناري. وأتى هذا التطوير النوعي لأدوات المقاومة في مواجهة المحتل لتمنح هذه الأسلحة البدائية إمكانية المقاومة لكل أفراد الشعب، فهذا يرفع متراسا، وذلك يشعل إطارا، وثالث يصنع المولوتوف، ورابع يحفر خندقا، وخامس يرش الأرض بالمسامير، وسادس يطعن مستوطنا، وسابع يدهس جنديا، بحيث تحولت فلسطين إلى ورشة شعبية يشارك فيها الجميع.

ومن خلال استعراض مراحل المقاومة الأخيرة في الأراضي الفلسطينية وأسلحتها المتعددة، يمكن حصر أهم أسلحتها -البدائية منها والنارية- على النحو التالي:

1- الحجارة:

لجأت جماهير الضفة والقدس في تصديها للآلة العسكرية الإسرائيلية إلى استعمال أسلحة متعددة، أهمها الحجارة، والمقاليع، والزجاجات الحارقة بأنواعها، والإطارات المشتعلة، والعصي، وكرات الحديد، والقضبان الحديدية، والمسامير وصفائح الصاج، والعبوات الحارقة، والسكاكين والأنابيب الزجاجية، وكرات القماش المشتعلة.

واستخدم الحجر لإقامة الحواجز وإغلاق الطرق وبناء السواتر والمتاريس والكمائن، وإذا كان الأثر المادي لإلقاء الحجر لا يثير في الذهن صورة المعارك الملحمية، فإن رمزية التعبير مثقلة بالمعاني، فهي تمثل قوة التقابل بين الحجر والأسلحة المتطورة التي يملكها عدو يمتلك القنبلة النووية.

2- النقيفة والمقلاع:

هي وسيلة من تقنية المقاومة مكونة من مقبض على شكل حرف Vأو رقم 7، يربط بها حبلان من المطاط، بهما قطعة من الجلد، يوضع فيها الحجر، ثم يتم إطلاقه بعد شد الحبلين، وتستخدم في قذف الحجر لمسافة أكبر. ومن يجيد فن التصويب ينجح في إحداث إصابات بين صفوف الجنود، وكثيرا ما تُشاهد دماؤهم تسيل، ويصرخون من الألم.

يستخدم الفلسطينيون النقيفة في عمليات القنص ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه ووسائل نقله المختلفة، وتكمن أهميتها في الاستخدام غير المرئي، مما يربك الاحتلال وقواته. ورغم أن إصابتها في العادة ليست قاتلة، فإنها تصيب بجروح قد تكون قوية إذا كانت من مسافة قريبة وكان الحجر قويا، فضلا عن قوة الشخص الرامي.

3- الحرائق والإطارات المشتعلة:

اعتمدت المقاومة فتح جبهة واسعة تطال إحدى الخاصرات الرخوة للوجود الإسرائيلي في المناطق المحتلة، وأخطر تجسيدات الاحتلال ممثلة في الاستيطان، فبينما زادت استفزازات المستوطنين صعّدت الجماهير من هجماتها على الشبكة الاستيطانية القائمة في المناطق المحتلة.

وكان الإسرائيليون هذا الصيف على موعد مع فصل حار وصلت نيرانه إلى قلب إسرائيل، حيث اندلعت عشرات الحرائق في غاباتها وأحراشها مشعلة آلاف الهكتارات، لتشكل مفاجأة أخرى لأجهزة الأمن الإسرائيلية التي غدت تستفيق بين الحين والآخر على مفاجأة جديدة من مفاجآت المقاومة.

4- المتاريس والعوائق:

أسلوب لجأت إليه المقاومة لإغلاق المداخل والشوارع في المدن والقرى والمخيمات أمام سيارات جيش الاحتلال، مما ساعد الشبان في توزيع مهمات الهجوم على القوات الإسرائيلية، ناهيك عن الانسحاب في الوقت المناسب، مع ضمان عدم نجاح مطاردتهم من قبل السيارات والمدرعات العسكرية الاحتلالية. والمتراس عبارة عن حاجز معيق لحركة آليات الجيش وسيارات المستوطنين أثناء عمليات المطاردة، أو لإغلاق بوابات المدن والمخيمات والقرى في وجه المحتلين.

حرب السكاكين

جزء من حرب الأسلحة الحادة التي تستخدم باليد، وبشكل مباشر، ووجها لوجه، ضد قوات الاحتلال والمستوطنين، ومنها: السكين، والخنجر، والبلطات سواء بالمقابض الخشبية أو الحديدية، والسيوف الطويلة ذات المقابض المهذبة، أو القصيرة ذات المقابض الحديدية الملحومة، والعصي المعدنية مع النهايات المدببة، وأدوات الطعن سواء بالمسامير أو بدونها، والمناجل والفؤوس، ونصال الرماح.

وشكلت السكاكين أكثر أسلحة المقاومة الشعبية استعمالا في الآونة الأخيرة في الضفة الغربية والقدس، وكان آخرها عملية الطعن في كنيس يهودي أسفرت عن مقتل خمسة إسرائيليين وإصابة ثمانية آخرين.

وتأتي أهمية عمليات الطعن بسبب وجود هذه الأسلحة الحادة في كل بيت، وتأثير استخدامها مهم جدا، ليس على صعيد فاعلية ما يحدث عنه من قدرة القتل فحسب، بل ما يقوم به من تأثير سيكولوجي على نفسية الإسرائيلي الذي يرى ويعرف أن جنديه قتل بسكين وهو يحمل بندقية آلية متطورة.

والأمر الأكثر أهمية أنها فرضت على الاحتلال فتح جبهة جديدة دائمة التفجر في وجهه، حيث أثرت هجمات السكاكين على قدرته الردعية ومعنويات جمهوره إلى الدرجة التي اعترف فيها ضباط الجيش بأنهم فقدوا القدرة على الردع عمليا.

وهكذا دخل السلاح الأبيض على خط المقاومة، واستطاع المقاومون قتل العديد من الجنود بعمليات الطعن المتواصلة للمستوطنين الذين دب الرعب في قلوبهم من فعل ذلك السلاح فيهم، وتوالت موجاتها التي وجهت إلى جسد الاحتلال الأمني طعنات بالغة.

وأثار تزايد موجات الطعن بالسكاكين في الضفة والقدس وداخل الخط الأخضر ضد جنود الاحتلال والمستوطنين على حد سواء، الاهتمام بدراسة أهم خصائص ومميزات هذا النوع الجديد من المقاومة، وأبرزها:

1- جاء اندلاعها عقب تقلص أعمال الاحتجاج الشعبية وتراجع الظاهرة الجماهيرية، مما أدى إلى التفكير في الانتقال إلى مرحلة العمل النوعي والمتميز، وشكلت حرب السكاكين إحدى وسائلها وآلياتها.

2- كان التفكير في إدامة الفعل المقاوم واستمراريته، وإعطاء الفرصة للشعب في الداخل ليتلاءم مع المقاومة ونشاطاتها، محفزا لإيجاد الحاجة إلى تصعيد هذا النوع من الحرب في مواجهة الاحتلال، نظرا لعدم اعتمادها على الكثافة الجماهيرية، وتركيزها على مجموعات محدودة العدد، بل إن عددا كبيرا من عمليات الطعن تولى مسؤولية تنفيذها مقاوم واحد فقط.

3- امتدت الظاهرة لتشمل كافة الأرض المحتلة، ووصلت داخل أراضي الـ48 في قلب دولة الاحتلال، مما فجر المخاوف لديها بامتداد حرب السكاكين بكثافة داخلها. كما ركزت عمليات الطعن بصورة أساسية على الجنود المدججين بالسلاح، سواء من الجيش النظامي أو جنود الاحتياط وحرس الحدود والمستوطنين.

4- أثبتت عمليات الطعن تصاعد روح الفداء والتضحية في المجتمع الفلسطيني، بحيث إن العمليات التي أدت إلى استشهاد منفذيها، أو الأحكام التي صدرت بسجنهم مدى الحياة، لم تثن المقاومين الآخرين الذين ساروا على ذات الدرب ونفذوا ذات العمليات.

وجاء رد الفعل الإسرائيلي معبرا عن تخوفه الشديد من تزايد عمليات الطعن بالسكاكين، معترفا بزيادة العبء الأمني الملقى على عاتق أجهزة الأمن، فضلا عن صعوبة مكافحة مثل هذه الظاهرة، حيث تبين أنها من أصعب وأعقد المهام الموكلة لأجهزة الأمن. ومن أهم الآثار الناجمة عنها أن حوانيت بيع الأسلحة في إسرائيل امتلأت بالذين جاؤوا لشراء سلاح فردي للدفاع عن النفس، بعد تكرار حوادث الطعن الأخيرة.

وفي هذا السياق تحدث ضباط المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي عن عدم امتلاكهم حلا سحريا لوقف العمليات التي يقوم بها الفلسطينيون بالسكاكين، لأن إبقاء السكاكين بعيدة عن أيديهم أمر صعب، بل إن تزايدها يعني أن قوة الردع الإسرائيلية تضعف يوما بعد يوم، والمفارقة أن إسرائيل قادرة على إعداد صاروخ "حيتس" الحديث المضاد للصواريخ، لكنها لا تنجح في تأمين سلامة مواطنيها أمام هجمات السكاكين.

كما استخدم المقاومون السيارات ومركبات الأجرة في دهس جنود الاحتلال ومستوطنيه أثناء قيامهم بدوريات راجلة داخل المدن والمخيمات، حيث أمكن رصد عدد من محاولات الدهس التي نجحت وأسفرت عن مقتل وإصابة عدد من الجنود.

العجز الأمني

دأبت المخابرات الإسرائيلية على جمع تقارير وافية من شهود العيان الذين شاهدوا العمليات الأخيرة، مما يسهل عليها تحديد مصدرها. كما تساعد المعلومات في التحقيق عند استخدام "الفتاشات" الأمنية مما يقوي الأمل في الوصول إلى المنفذين، بحيث لا يمكن لأي إنسان أن يعترف بمسؤوليته عن العملية ما لم يكن قام بها

كما جمعوا معلومات مفصلة عن الأشخاص المنفذين وأشكالهم، والسيارة التي استقلوها ومواصفاتها، وكيف تمت العملية بالضبط، وجمع كل ما من شأنه أن يفيد في الوصول إلى المقاومين، وبالذات تحديد الجهة المسؤولة عن العملية، مما يؤدي إلى تخبّط دائرة البحث الاستخباري.

لكن ذلك تطلّب من المخابرات الإسرائيلية إخفاء نتيجة العملية فترة طويلة لامتصاص ردة الفعل الجامحة المتوقع حدوثها في الشارع الفلسطيني فور السماع بها، وبالتالي فرض طوق أمني على منطقة العملية، وتكثيف قوات الجيش من تواجدها ودورياتها منعا لوقوع حوادث أخرى.

وتبدّى نجاح المقاومة في صراعها الاستخباري مع المخابرات الإسرائيلية، من خلال الفشل في تحديد المواصفات الجماعية المشتركة للمقاومين منفذي العمليات الفدائية كي يتم تحديد إستراتيجية مضادة، ولم يتم وضع مواصفات دقيقة مشتركة لهم لأنهم عكسوا التركيبة الاجتماعية للشعب الفلسطيني، فمنهم المتدين والعلماني، ومنهم المتعلم ومحدود التعليم، ومنهم المتزوج وأبو الأولاد ومنهم الأعزب، ومنهم الشاب ومن هو في منتصف العمر، ومنهم ابن القرية وابن مخيم اللاجئين وابن المدينة.

وتجلى هذا الفشل الأمني الإسرائيلي من خلال ما عرف "بضياع المواصفات المشتركة"، فبينما بقيت الخلفية الدينية لدى معظم منفذي العمليات، فوجئت المخابرات بفدائيين جدد من قوى علمانية، وبعدما أيقن رجال الأمن أن منفذي العمليات من الشبان، خرجت لهم سلسلة طويلة من الرجال والفتيان والنساء ممن نفذن عمليات موجعة.

لكن أكثر ما أثار غضب قادة الجيش هو فشل الأجهزة الأمنية في الوصول إلى خيط رفيع للعمليات الفردية، لاسيما أن عددا كبيرا من المقاومين يشتركون في تنفيذها وإعدادها، وتستغرق زمنا لا يزيد عن أيام قليلة، فهل يعقل ألا تنتبه المخابرات الإسرائيلية لهذه التحضيرات؟