إلى السيد إسماعيل هنية ... لن نصفق للظلم
الكاتب علاء الريماوي
راعني وأنا أقلب القنوات العبرية متنقلا بين أخبارها قيام بعضها بث شريط مصور يظهر الشرطة النسائية وهي تقمع اعتصاما نسويا في مدينة غزة.
هذا السلوك استخدمته وسائل الإعلام الإسرائيلية لبث دعايات عن الحكم الفلسطيني في غزة واصفة إياه بالقامع للحرية ، والمستهدف للمرأة ، والقريب من أنظمة الانغلاق التي ترى في المرأة عبئا على المجتمع .
في متابعة ردود الأفعال على صفحة التواصل الاجتماعي سرني الهجوم الكاسح لشباب ينتمون لحركة حماس على هذا التصرف غير المقبول والمستهجن والمدان ، حيث كثرت الكتابات الواضحة بضرورة قيام السيد وزير الداخلية بأخذ إجراءات عملية لمحاسبة من قام بالضرب ، ومن ثم الحسم بمنع تكرار ما حدث .
في حديث لزميل أصفر اللون والتوجه تحدى أن يقوم أحد من الكتاب المتعاطفين مع خط غزة بانتقادها على خطئ تقترفه بحجة ما يسميه الطاعة العمياء للأمير أو القائد.
هذا الزميل وجدته صادقا بسبب تقديره للأمور بخلفيته التي وجب عليها حشد التأييد لكل تصرف يصدر عن قيادته ، وخاصة في القضايا التي تمس تصورات تنظيمه ، بحيث: يبرر التنسيق الأمني ، والاتفاقات الدولية ، وقمع الحريات ، والفصل الوظيفي وغيرها من الأمور التي تتجاوز الخطوط الحمراء لدى الشعب الفلسطيني .
حديث التبرير لن نكتبه اليوم لحكومة غزة ، ولن نطالب الجمهور المقارنة بين الضفة وغزة ، لاننا قلنا حين ضربت النساء في الضفة إن اليد التي تمتد على حرائرنا وجب كسرها و محاكمتها ، وكذلك نردد اليوم إن اليد التي دفعت المرأة الغزية وجب حسابها ومعاقبتها ، لأن من يلي أمر الناس عليه أن يعلم أن الأم الفلسطينية مهما كان لونها لا يجوز لأي كان التعدي عليها أو إهانتها .
لذلك فإن ما سمعناه من تصريح للناطق بوزارة الداخلية واعتذاره ليس كافيا ، وإنما ما نود رؤيته سلوك عودتنا عليه المقاومة وشرطتها التي قدمت وما زالت تقدم خيرة شبابها للشهادة عليها حماية الوطن وساكنيه .
لذلك هذا العمل سيستغله كثير متربص ، هذا الكثير أيضا سيرى قيامنا بإستنكار الفعل توسع في الخلاف داخل الصف الواحد ، وسيدعي ظهور مدارس متناحرة و مختلفة ، لكن تناسى هؤلاء أن في سيرة الأوائل من الصحابة والتابعين وتابعيهم من وقف في وجه خلفائهم وقالوا لا طاعة لكم في معصية ، ولا بيعة نقدمها عمياء ، ولن نطيع في ظلم.
إن منهجنا : دولة العدل نحملها لا تحملنا ، ودولة الظلم نواجهها من غير وجل ، لذلك ما شاهدناه دولة رئيس الوزراء لن يكون مقبولا حتى نتجاوز عنه ، بل للأسف هو فعل فاق قدرتنا على احتماله ، لذلك لا يمكننا اليوم التصفيق لكم .
إنما نذكركم بالله ، خاصة وأنتم تحملون أمانة عظيمة ستقفون فيها أمام الله الذي سيسألكم ، عن العدل ، وإحقاق الحق ، والقيام بين الناس دون كبر ولا تعالي ، والاهم من كل ذلك هو سعيكم في إعطاء النموذج الذي يرضاه ربنا عز وجل .
إن فعلت ذلك سيدي وأنت أهل لذلك ولا نزكيك عند الله : سيذكرك التاريخ يوما كقائد ظل برغم توليه رئاسة الوزارة في بيت صغير داخل مخيم فلسطيني عاش مع أهله ، وصبر معهم وأحس بوجعهم وإن فعلت غير ذلك فإن العقبة كأود ، والسؤال كبير ، والرب لا يفوتن مثقال ذرة .
وفي الختام : نحن في زمن أصبح للإنسان العربي فيه قيمة ، وقد سبق اليها الفلسطيني من خلال فعله المقاوم ، لذلك على من يلي رقاب هذا الشعب أن يعزز هذه القيمة التي كانت مدار استهداف من أدوات الاستعمار في الشرق العربي .