أرض كنعان-غزة/كشفت دراسة أممية هي الأولى من نوعها عن آثار عميقة للعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة بما يخص الصحة الإنجابية للمرأة، ما أدى إلى وفاة العشرات من النساء الفلسطينيات، وتعرض الآلاف للخطر لأسباب مختلفة نتجت عن غياب البيئة الصحية المناسبة للنساء الحوامل في ظل الحروب والكوارث.
وأوضحت الدراسة أن تأثير العدوان على النساء الفلسطينيات كان كبيرًا، حيث استشهدت أكثر من 250 امرأة، منهن 16 امرأة حاملًا، إضافة إلى تعليق العمل في ستة أقسام ولادة بسبب الدمار الذي لحق بست مستشفيات وخطورة تنقل العاملين في المجال الصحي لأماكن عملهم.
وأعد الدراسة مسؤول البرنامج الوطني لصندوق الأمم المتحدة للسكان الخبير في شؤون الصحة الإنجابية علي الشعار بالتعاون مع وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية.
وبينت أن التدفق الكبير لعدد الجرحى أثناء العدوان أدى إلى استخدام أقسام الولادة لعلاج الحالات الجراحية، ما أدى لتراجع الخدمات المقدمة للسيدات الحوامل، بما في ذلك الخروج المبكر من المشافي بعد الولادة والعمليات القيصرية.
وأشار إلى تسجيل أربع حالات وفاة لأمهات خلال فترة العدوان على قطاع غزة، مؤكدًا أن البحث في ظروف وفاة هذه الحالات تبين أن التأخير في تلقي الرعاية بسبب العمليات الإسرائيلية كان عاملًا مهمًا، كما تم رصد ارتفاع كبير في حالات الولادة المبكرة والولادات الميتة وولادات أطفال دون الوزن الطبيعي، إضافة إلى حالات الإجهاض في المستشفيات.
وأكد الشعار أن نتائج الدراسة أظهرت أن جميع مستشفيات قطاع غزة دخلت الأزمة مثقلة بنقص شديد في الإمدادات الطبية واللوجستية، ونتيجة للعدد الهائل من الإصابات ذات المستوى العالي من الخطورة، فإن أقسام الولادة بما فيها غرف العمليات التابعة لها قد استخدمت كأقسام جراحة لاستقبال الجرحى من النساء.
ونوه إلى أنه ولتعذر وصول العاملين الصحيين لأماكن عملهم، فقد عملت المستشفيات ضمن نظام فترات عمل طويلة أدت لزيادة الضغط على العاملين، وفي الوقت الذي استخدمت فيه مجموعة من المستشفيات كملاذ لعائلات النازحين، فقد زاد ذلك من الأعباء على المستشفيات، خاصة من خلال استخدام الاقسام واللوازم المتوفرة.
وكشفت الدراسة أن انخفاض عدد العاملين في اقسام رعاية الأطفال الخدج، ونقص الادوية والمستلزمات، وارتفاع عدد الولادات المبكرة أدى إلى ازدحام كبير في اقسام إنعاش حديثي الولادة، وتدني مستوى الخدماتـ، وأسفر عن ارتفاع حاد في وفيات الاطفال حديثي الولادة.
وأشارت إلى أن تراجع خدمات الرعاية الصحية الأولية كان بشكل كبير، حيث أن 50% فقط من مراكز الرعاية الصحية عملت أيام العدوان بسبب التدمير أو عدم وصول العاملين لأماكن عملهم، إضافة إلى تعذر حركة المراجعين بسبب الوضع الأمني.
وأضافت أنه على الرغم من ذلك، فإن كوادر الرعاية الصحية الأولية قد عملت على تعويض النقص من خلال تشغيل متطوعين وعاملين صحيين من مقدمي خدمات آخرين متواجدين في المنطقة.
وفي هذا الإطار، تراجعت خدمات رعاية الحوامل بنسبة تزيد عن 70% في شهر تموز بالتزامن مع نشاط العمليات العسكرية، وتصاحب ذلك بانخفاض 60-90% لخدمات تنظيم الأسرة لنفس الفترة.
ونوهت الدراسة إلى أن ما مجموعه 500.000 نسمة، والذين يشكلون 28% من عدد سكان قطاع غزة نزحوا بسبب العمليات العسكرية الاسرائيلية، وقد شكلت هذه الأعداد عشرة أضعاف التقديرات التي قدمتها مؤسسات الإغاثة قبيل الأزمة، ما أثر بشكل سلبي على امكانات وبرامج الإغاثة.
وأكدت أنه بعد توقف إطلاق النار بقي ما مجموعه 108.000 نسمة مشردين في 18 مركزًا للإيواء ومنتشرين لدى العائلات المضيفة.
وتابعت "على الرغم من توفر بعض الخدمات الصحية المتنقلة في المراكز، فقد واجه النازحون صعوبات كبيرة في الحصول على الخدمات الصحية أثناء العدوان بسبب تعذر الحركة، وعدم توفر النقود اللازمة للمواصلات أو ثمن الأدوية.
ولفتت الدراسة إلى أن ظروف المعيشة المتردية لدى العائلات في غزة قد زادت بعد العدوان ونزوح عائلات للإقامة لدى أقاربهم.
وقالت "في الوقت الذي تسبب الازدحام في انخفاض مستوى المعيشة بيئيًا واقتصاديًا لدى العائلات المضيفة والنازحة، فان هذا القطاع من النازحين أيضًا قد حرم من المساعدات بسبب أن معونات الإغاثة تركزت على القاطنين في مراكز الإيواء، إضافة إلى شح الخدمات عامة، كل ذلك أدى إلى وضع بيئي وصحي ونفسي صعب على هذا المستوى".