لا تضحك أمام الناس فربما يحسدونك، استعن بالكتمان على حوائجك، كيف تبتسم و في الأمة جراحات تكفي لإقامة مآتم مستمرة الى قيام الساعة؟! الأ تخاف على نفسك؟! الأ تستحي؟! الأ تخجل؟! و ما بين التخويف بسياط الحسد و العين و التجريم بسياط اللامبالاة بمشاعر المسلمين تضيع منا المناسبتان الأساسيتان اللتان شرعهما الله للفرح على طاعة ليعلمنا أن الفرح ليس حاصل تحصيل في أمة تلفها المآسي و الخسائر والأحزان إنما هو استحقاق لطاعة و هدنة استعداد و مصدر شحن حتى يعود المحارب الى ثكنته وافر العزم، طيب النفس، قوي العزيمة.
لا يطلب منك الاستعراض و المبالغة في اظهار الفرح و لا أن تفسخ شدقيك بالضحك و لا أن تجر رداء الخيلاء بألوان الطيف و لكن من المطلوب أن تذكر نعم الله عليك أيضا فما زلت حيا ترزق و هذا يعني فسحة في العمل الصالح و زيادة في الحسنات و قرة عين بالأهل و الأولاد و عملا لنهضة المسلمين و انتظارا لتحرير الأقصى و الصلاة فيه، فقد كان رسول الله على فراش الموت و هو ينظر فتح الشام و يوصي بإنفاذ بعث جيش أسامة، يعاني سكرات الموت و يزرع في الأمة بذور الأمل أن القادم أجمل و أعز ما دمت لم تستسلم و تقعد و هذه أو بعضها لحرية أن تملأك بالرضى الداخلي و الحمد لله.
يجب أن تحمد الله أنك تشهد مواقف عزة في غزة للمسلمين و أننا و ان كنا نألم فقد أعاننا الله أن نؤلمهم كما آلمونا، يجب أن تفرح أنك تستطيع أن ترفع رأسك بنصر تراكمي يبنى مرحلة مرحلة و صاروخا بعد صاروخ و شهيد بعد شهيد و لكن جذوره ثابتة في الأرض و قد رآها الناس فأصبحوا يميزون بين من صدعونا بالعنتريات الفارغة و بين من أعادوا لنا الأمل أن حيفا و يافا و عكا ما زالت مدن نعرفها و تعرفنا برغم الوجوه الطارئة عليها.
يجب أن تفرح ان كان لك أم ما زال الله يرحمك لأجلها و يدفع عنك الشر بوجودها و أب هو أوسط أبواب الجنة، يجب أن تفرح ان كنت مقيما على برهما بعد وفاتهما بالاستمرار بصالح أعمالهما و بر أحبابهما، يجب أن تفرح ان كان لك بنت تحسن تربيتها لتدخلك الجنة أو ولد ربيته على الصلاح ليكون في ميزانك و يشد عضدك في الدنيا و الآخرة، يجب أن تفرح ان كان لك أرحام تصلهم فهم معلقون بعرش الرحمن و بهم تصل الى الله، يجب أن تفرح ان كان لك جار تبش بوجهه و تحسن اليه فذلك شهادة لك انك من الذين يألفون و يؤلفون و هؤلاء من أكرم الناس على الله و أحسنهم منزلة، يجب أن تفرح ان أغناك الله عن الناس فلم تحتج لهم في صغيرة و لا كبيرة فأنت صنو الناس ما استغنيت عنهم فان احتجتهم أصبحت عبدا لهم، يجب أن تفرح أن الله جعلك سلما لعباده حبيبا لهم ليس بينك و بينهم مظالم يرفعونها الى الله بالشكوى، يجب أن تفرح لأنك آمن في وطنك و سربك و انك تعمل لعزته و رفعته لا الاستفادة منه فقط، يجب أن تفرح أن الله هداك للحق في زمن الفتن فما زلت تميز الخير من الشر و تحاول أن تصبر نفسك مع الصالحين لا تغيرك المصلحة و لا الخصومة و لا تلون الناس و الأحداث.
للأسف لا نبقي مناسبة دون أن نحتفل فيها بين يوم ميلاد و يوم زواج و يوم نجاح و يوم طهور و و و ثم عندما يأتي العيد مناسبة ربانية للفرح نستقوي عليه و نريد أن نبطش بمساحة الفرح فيه و كأن في ذلك زيادة تقوى أو جدية أو حزن على من فقدنا بين الأعياد.
يجب أن تفرح ان استطعت ان ترسم ابتسامة على شفاه و في قلوب من حولك حتى و ان كان الألم قد أتى على قلبك فقد كسبت معركتك مع نفسك و أصبحت سلطانا عليها
يجب أن تفرح ان كنت من الذين عندما يحزنون يحزنون لله و لدينه و لعباده و بالطريقة التي شرعها و عندما تفرح تفرح لله و بالله و مع الله.
يجب أن تستبشر لأن الاستبشار في اتون الظلمة و دلجة الليل عندما تبلغ القلوب الحناجر سنة نبوية تخرجك من ضيق الخندق لتضع بين يديك ملك كسرى و قيصر
العيد لله و لعباده فإن كنت منهم فستنالك الرحمات و الأفراح و هل أعظم من أن يرضى عنك الله فيكتب لك الرضى في الأرض و السماء فلا تشقى بعدها؟!
تقبل الله طاعاتكم