Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح

خالد الحروب يكتب : مصر.. وتصريحات ليفني

في تصريح جديد فج ومثير للأعصاب وبالغ الوقاحة قالت تسيبي ليفني في تصريحات حديثة إن هناك "توافقا إسرائيليا مصريا على خنق حماس". هناك حاجة فورية لتصريحات مصرية رسمية تشرح للرأي العام ما جاء على لسان ليفني، وطبعا تنفيه على الأقل، وهي الوزيرة التي أسهبت في تصريحها ذاك وقالت عندما أقول "نحن" فأنا أقصد إسرائيل ودول عربية عديدة لم تتردد عن تعدادها واحدة بعد الأخرى، وعلى رأسها مصر. 

مجريات الحرب الوحشية والإبادية التي تخوضها إسرائيل ضد الفلسطينيين وهم تحت الحصار ومعابر "الأشقاء" مغلقة في وجوه جرحاهم ومعاقيهم الذين تجاوزا العشرة آلاف جريح تؤشر مع الأسف باتجاه صدقية تصريحات ليفني الوقحة. والمواقف العربية الرسمية الغائبة والمتواطئة هي الأخرى مع الحرب الإسرائيلية تؤشر ومع الأسف مرة ثانية إلى صدقية ما نطقت به ليفني. كما الاندهاش المتواصل لمسؤولين أمريكيين وغربيين من الصمت العربي "المدوي" وتعليقاتهم العلنية على أنهم لم يروا أبداً في الماضي مثل هذا المستوى من "التعاون" بين إسرائيل وبعض العرب ضد المقاومة الفلسطينية يؤشر أيضاً إلى صدقية تصريحات ليفني. تعزز ذلك كله الاعترافات المتواترة يوما بعد يوم من قبل مسؤولين وإعلاميين إسرائيليين حول مستوى "التنسيق" مع عواصم عربية خلال الحرب. وكأن الجميع لا يريد أن يترك مجالا لأي شك. التصريحات الإسرائيلية التي تريد أن تخرج مما يتم في السر إلى العلن ليست أخطاء إعلامية، أو زلات لسان، بل هي مقصودة وتريد أن تحقق واحدا من أهداف الحرب الجانبية. تريد إسرائيل أن تنتهي من مسألة التعامل سرا مع الأنظمة العربية، وتريد أن تخرج ذلك التعامل والتعاون إلى النور، لتقول للجميع بأنها دولة "عادية" في المنطقة، وتتعاون مع جيرانها ضد الأعداء المشتركين، وهذه المرة "حماس والإسلام السياسي" هو العدو المشترك. وهذا ما قاله بالحرف تقريبا شاؤول موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق منذ عدة أيام، متغنيا بالفرصة الذهبية ووجود معسكر اعتدال عربي عريض يقف مع إسرائيل، ومع ذلك كله ورغما عنه علينا أن نتساذج ونحسن الظن ونرفض ما يأتي على ألسنة عسكريي وسياسيي وإعلاميي إسرائيل، بل ونمعن في إحسان الظن بـ"الأشقاء" ونقول إن إسرائيل وناطقيها يصطادون في الماء العكر، لكن المسألة ليست أقوالا ولا تصريحات، بل هي أفعال على الأرض، وهذه الأفعال تقول إن بقاء معبر رفح مغلقا والتقارير الإعلامية المتزايدة التي تشير إلى أن مصر تزداد تشددا في مسألة فك الحصار عن القطاع وفتح المعبر تدمر كل نوايا حسن الظن المتآكلة حول المواقف العربية عموماً وإزاء الدور المصري الراهن على وجه الخصوص. 

بعيدا عن حسن الظن أو سوئه، يمكن أن نحلل الموقف المصري من الحرب القائمة ومن حاضر ومستقبل قطاع غزة من منظور واحد يتيم وهو العداء لحماس باعتبارها التمثيل الفلسطيني لحركة الإخوان المسلمين التي يعتبرها النظام المصري العدو رقم واحد في عالمه المُتوهم. معنى ذلك أن كل العوامل الأخرى والمعطيات، سواء الراهنة أو المُتطورة سوف تُخضع قسرا لهذا المنظور قصير المدى، ما تقوم عليه النظرة المصرية هو عدم خروج حماس بصورة المنتصرة مهما كلف الأمر بلو الانتهاء إلى صيغة تهدئة في المفاوضات الجارية تزيد من الحصار على حماس وتضعفها... وتخنقها، وهو الخنق الذي تحدثت عنه ليفني، مشكلة هذا المنظور. ومن ناحية تحليل سياسي بارد وبعيدا عن العواطف وعن التوقعات الأخوية، أنه قصير النظر وليس له أفق في النجاح، فضلا عن انعكاساته السلبية على مصر ذاتها. فمن ناحية أولى لم تعد المسألة مسألة حماس ولا مطالبها، بل هي مسألة ومطالب وحقوق الفلسطينيين كلهم. لقد نجحت المقاومة إلى حد كبير في أن تعيد إنتاج مطالبها في سياق المطالب الفلسطينية الأعرض والأهم، والتي قام حولها إجماع فلسطيني من غزة إلى رام الله، هذه المرة، وبسبب خطل حسابات الحرب النازية ومناصريها ضد قطاع غزة، حدث عكس ما كان مخططا له: لم يكن هناك من خيار أمام السلطة الفلسطينية في رام الله والتي تآكل رأسمالها السياسي والوطني إلى ما هو قريب من نقطة الصفر، إلا الاقتراب من مطالب المقاومة وتبنيها، لأنها مطالب الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة. وعبر هذا الاقتراب والتمثيل الفلسطيني الموحد في مفاوضات القاهرة أحبط هدف آخر للحرب وهو إعادة تقسيم الفلسطينيين وتخريب المصالحة الفلسطينية. لقد عززت الحرب تلك المصالحة، وربما سوف ترسخ الوحدة الفلسطينية، وبانتظار النتيجة النهائية للمفاوضات. وعلى رأس مطالب الفلسطينيين هناك مسألة فك الحصار، والتي يُطالب العالم بها، وحتى أوباما قد تحدث عنها. على ذلك فإن مسألة خنق المقاومة الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة لم تعد ممكنة من ناحية عملية إلا عبر طريقة واحدة وهي خنق القطاع كله. وخنق سكانه الـ 1.8 مليون فلسطيني هناك. سوف نتجاوز هنا عن مدى التواطؤ في مسألة المساهمة في خنق المقاومة ونضع ذلك جانبا، لكن نركز على أن هدف إسرائيل والمتواطئين معها في إنجاز هذا الخنق لم يعد ممكناً. 

الركن الثاني لمنظور "خنق المقاومة" يقوم على التالي: هذه المقاومة هي التي تسببت في إراقة دماء الفلسطينيين لأنها لم تكن رشيدة ولم تقدر عواقب الرد الإسرائيلي المتوحش. والمرحلة القادمة يجب أن تقوم على "تعقيم" قطاع غزة من المقاومة، كما تم "تعقيم" الضفة الغربية من المقاومة. وبعدها لن تُراق الدماء الفلسطينية. تتوازى مع ذلك إعادة إعمار القطاع بأموال خليجية لا تمر عبر حماس حتى يعيش الناس في حالة أخرى، بعيدا عن النار والمقاومة، ويستشعرون الفرق. هذا الحل السينمائي يفترض الغباء الفادح عن الآخرين وعند الفلسطينيين خصوصاً. ذلك أنه حل طبق في الضفة الغربية على مدار العقد الماضي ولم يستشعر الفلسطينيون الفرق، فالذي حصل هناك أن حققت إسرائيل كل أهدافها بالجملة أو بالتقسيط: أنهت المقاومة، وواصلت مهزلة المفاوضات حتى تقول للعالم بأن "عملية سلمية" لا تزال قائمة. وبالتوازي مع ذلك واصلت توسيع الاستيطان وتعميقه، وتهويد القدس وصهينتها... وفي الظل كان الفلسطينيون يزدادون فقرا وذلا هذه المرة. منظور "خنق المقاومة" و"إعمار غزة" في الوقت نفسه هو خدعة تافهة تم تجريبها من قبل، وعلى الوافدين حديثا إلى دفة القيادة السياسية في مصر أن يقرأوا ذلك مليا حتى لا يتورطوا فيما لن يجر إلا السوء على مصر.

(بوابة الشرق القطرية)