أرض كنعان/ متابعات/ "سيدة منتقبة ترفع نقابها وتتمايل رقصا أمام إحدى مراكز الاقتراع".. لم يكن ذلك عنوانا لخبر يحتمل الصواب أو الخطأ، لكنه مضمون فيديو لا يحتمل الشك، انتشر بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي أمس، ليؤكد أن ظاهرة "التصويت على الإيقاعات الراقصة"، والتي ميزت المشهد بانتخابات الرئاسة الحالية بمصر، لم تقتصر على فئة بعينها.
وتناقلت وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر فيها سيدات، وقد دخلن في وصلة رقص على أنغام أغنية " بشرة خير " للمطرب الإماراتي حسين الجسمي والداعية للمشاركة بالانتخابات، للتعبير عن الفرحة بعد تصويتهن في الانتخابات الرئاسية التي تجرى على مدار امس واليوم.
خالد البحيري، وهو شاب في الثلاثينات من عمره و يصف نفسه بأن " لديه مساحة من التدين ومؤيد لخارطة الطريق التي أعلنت في 3 يوليو الماضي، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي"، لا يرى "عيبا" في هذه المشاهد، طالما كانت في إطار غير مبتذل.
وقال البحيري لوكالة الأناضول: " أقول للرافضين .. يعني أنت انتقدت والدتك عندما رقصت في حفل زفافك فرحا بهذه المناسبة".
سبب آخر ذكره وائل عبد الحميد لتبرير هذه المشاهد، وهي ما وصفها بـ "حالة الكآبة " التي لازمت المصريين خلال السنوات الماضية.
وقال عبد الحميد الذي اعترف لوكالة الأناضول بمشاركته في وصلة رقص عقب إدلائه بصوته فى انتخابات الرئاسة: " طوال السنوات الثلاث الماضية لم نشهد إلا تفجيرات ومظاهرات واحتجاجات .. أصابتنا حالة من الكبت .. فوجدنا هذه المناسبة فرصة لتفريغ هذا الكبت".
وتجسدت حالة الانقسام السياسي التي تعاني منها مصر منذ عزل مرسي، في تعاطي المصريين مع هذا المشهد الانتخابي الراقص، فبينما دافع عنه البحيري وعبد الحميد بمبررين مختلفين، انتقده محمد السيد "34 عاما"، الذي رفض مقارنة مناسبة زواج الابن بمشهد الانتخابات.
وقال السيد، وهو من رافضي خارطة الطريق لوكالة الأناضول: "والدتي- أيضا - رقصت في حفل زفافي، ولكن لا يمكن بأي حال مقارنة هذا المشهد بالمشهد الراقص أمام اللجان الانتخابية (مراكز الاقتراع)".
ووصف السيد المشهد بأنه "منافي للطبيعة المحافظة للشعب المصري"، مضيفا: " مهما تكن المبررات، لا أجد أي مبرر لمشهد الرقص الانتخابي".
واتفقت معه في الرأي هدى فوزي "26 عاما"، والتي عبرت عن رفضها لهذا المشهد بطريقة عملية.
وقالت هدى لوكالة الأناضول: " كنت أنتوي المشاركة في العملية الانتخابية اليوم، ولكن مشاهد الرقص بالأمس استفزتني وأراها تشويها للمرأة المصرية، فلذلك قررت المقاطعة".
وما بين مؤيد ومعارض لهذه المشاهد، يبدي أحمد عبد الله أستاذ الطب النفسي، والمتخصص في علم النفس السياسي، اندهاشا من حالة الجدل التي صاحبت مشهد " الرقص الانتخابي".
وقال عبد الله لوكالة الأناضول: " لم استغرب هذه المشاهد، وكنت أتوقعها، لأنها ليست خارج السياق الذي يعيشه المصريون ".
ويطالب عبد الله الراغبون في فهم دوافع هذا المشهد الراقص، إلى رؤية التركيبة الموجودة في الشارع المصري، موضحا: " هي تركيبة خوف وبحث عن بارقة أمل وطموح في البحث عن الاستقرار و البحث عن أي انتصار أو ضوء في نهاية النفق".
وأضاف: " كل ذلك دفعهم إلى التعبير عن فرحتهم، وكأنهم حققوا انتصارا، بصرف النظر عن طبيعة الانتصار ان كان حقيقيا أو خادعا ".
وعن كيفية الإقدام على هذا المسلك، رغم ما يعرف عن الشخصية المصرية بأنها " محافظة "، قال عبد الله: " صحيح أن الشخصية المصرية محافظة، لكنها ( محافظة بالإجبار ) ".
وشهد التصويت في انتخابات الرئاسة بالأمس مبالغة في المشاهد الراقصة أمام اللجان الانتخابية، فلم تقتصر على الفتيات صغيرات السن، لكنها شهدت انتشارا واسعا شمل سيدات كبار السن، بل وسيدات منتقبات، وشمل مستويات مختلفة، بعضهن في المناطق الشعبية، والبعض الآخر في المناطق الراقية، كما في حالة الاعلامية الشهيرة ريهام سعيد التي نقلت مواقع الكترونية فيديوهات لها وهي ترقص أمام لجان انتخابية على أغنية "بشرة خير".