سؤال بريء يطرحه كل فلسطيني حريص على تحقق واستمرار الوحدة الفلسطينية الداخلية ألا وهو: ما هي الضمانات لعدم تكرار الانقسام وعودة الضغوط الأوروبية وكذلك الحصار الذي تسببت به نتائج الانتخابات التشريعية وفوز حركة المقاومة الإسلامية حماس عام 2006؟.
لن يكون هناك أي ضمانات لاستمرار الوفاق الداخلي بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والتشريعية إذا كان إجراء تلك الانتخابات وتجديد الشرعيات هو الغاية النهائية لدى حركتي فتح وحماس أو إحداهما، حيث إن فوز حركة حماس سيقابل برفض دولي وضغوط وحصار وهي لن تكون قادرة على إدارة الضفة الغربية دون موافقة حركة فتح، وكذلك فإن فوز حركة فتح لن يجعلها قادرة على السيطرة على قطاع غزة دون موافقة حركة حماس، فشرعية الصناديق لا تلغي حاجة طرف إلى الآخر، ولذلك فإنني أعتقد أن اتفاق المصالحة يؤسس إلى علاقات جديدة بين فتح وحماس إلى ما بعد الانتخابات.
إن اختلاف البرنامج السياسي للحركتين هو السبب في الانقسام والاقتتال الداخلي، والوعد بطي صفحة الانقسام _كما تؤكد الحركتان_ يعني بالضرورة وجود نوايا للاتفاق على برنامج سياسي واحد يضمن لحركة حماس ثوابتها ولحركة فتح مرونتها مع الغرب، أي الاتفاق على برنامج سياسي يرتكز على القواسم المشتركة بينهما.
نلاحظ وجود موافقات علنية وأخرى ضمنية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا على حكومة الوحدة الوطنية التي سيشكلها السيد الرئيس محمود عباس، وكذلك نلاحظ انخفاض حدة الاعتراض الإسرائيلي والأمريكي على المصالحة بين فتح وحماس وحتى هذه اللحظة لم تنفذ "إسرائيل" تهديداتها بفرض عقوبات على السلطة الوطنية الفلسطينية، ولولا وجود تأكيدات للخارج بأن المصالحة لن تؤدي إلى سيطرة حركة حماس على أكثر من قطاع غزة لاختلف الأمر، ولكن هذا لا يعني بحال أن حركة المقاومة الإسلامية حماس تخلت عن أي من ثوابتها ولكن صمودها في غزة وفشل "إسرائيل" في تحطيمها أو النيل من قدراتها العسكرية فرض قاعدة جديدة على "إسرائيل" والمجتمع الغربي وهي إمكانية التعايش مع حركة مقاومة تمتلك مشروعًا سياسيًا ويتلخص في إقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة ولكن دون اعتراف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي أو التخلي عن الحقوق والثوابت الفلسطينية وخاصة عن حق الأجيال اللاحقة في مقاومة الاحتلال وتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.