Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح

41 عام على استشهاد الشاعر القائد كمال ناصر شهيد الفردان

كتب هشام ساق الله – حين تسللت وحدة الكوماندوز الصهيونيه برئاسة ايهود براك لاغتيال شهداء الفردان الثلاثه في العاشر من نيسان ابرل عام 1973 طالت يد الغدر القائد الشهيد كمال ناصرعضو اللجنه التنفيذيه لمنظمة التحرير الفلسطينيه هذا القائد الذي حمل القلم وقال الشعر ولم يحمل البندقيه ولكن كلماته كانت قنابل وصواريخ ونهجه وتوجهه كان يؤمن بالكفاح المسلح لذلك تم استهدافه .

وُلد كمال بطرس إبراهيم يعقوب ناصر في العاشر من نيسان عام 1924. ومع أنه ينتمي إلى إحدى أشهر أسر بير زيت في الضفة الفلسطينية، إلا أنه ولد في مدينة غزة حيث كان يعمل أبوه. واستشهد كمال في العاشر من نيسان عام 1973، برصاصات أطلقها عليه إيهود باراك شخصياً ضمن ما سمي بمجزرة الفردان التي استشهد فيها أيضاً كمال عدوان ومحمد يوسف النجار وأم يوسف النجار.

أن يكون تاريخ الرحيل مطابقاً لتاريخ المولد، هو أمر يتجاوز المصادفة عندما يتعلق الأمر بشاعر ممسوس بفكرة البعث ويحمل قضية الاستشهاد في شعره ورؤياه. وقد حمل كمال عبء القضية مختاراً، بمزيج من الوعي والاندفاع، لا كردة فعل بل بوحي من هاجس النبوءة والفداء، حتى ليصعب حصر إشاراته إلى الاستشهاد والبعث والشعب في قصائده

درس كمال ناصر في الجامعة الأمريكية. وتخرج منها في بيروت بإجازة العلوم السياسية عام 1945. شجعته أمه، السيدة وديعة ناصر، وهي مثقفة بدورها وتجيد الإنكليزية، على دراسة المحاماة. إلا أن طبيعته النزقة لم تحتمل قضاء سنوات إضافية في كنف الجامعة. ولكنه اشتغل في حقل التعليم فترة من عمره، فقام بتدريس اللغة الإنكليزية مع أنه لم يجد نفسه إلا في الصحافة ليعبر عن أفكاره السياسية ويلبي بعض طموحه الثقافي. ولم يلبث أن تعاون مع هشام النشاشيبي وعصام حماد على إصدار صحيفة “الجيل الجديد” عام 1949 في القدس.

وكأن نيسان الذي ولد واستشهد فيه على موعد دائم معه فقد صدرت هذه الجريدة في الرابع من الشهر الرابع الربيعي. وفي العام التالي وجد نفسه يشارك في تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي في رام الله لتبدأ مرحلة جديدة في حياته تنتقل به من السجن إلى المجلس النيابي حيث انتخب نائباً عن دائرة رام الله عام 1956، ولا يمكن إغفال دوره في جريدة “البعث” وهي غير الجريدة الشهيرة التي تحمل هذا الاسم وتصدر في دمشق.

فقد أصدر عبد الله الريماوي هذه الجريدة في الضفة الفلسطينية ناطقة باسم التنظيم الفلسطيني للحزب هناك. وكان كمال من أركانها. وقد واصل جهوده الصحفية من خلال صحيفة “فلسطين” التي كانت تصدر في القدس.

بعد انتكاس التجربة الديمقراطية في تلك المرحلة من تاريخ الأردن، توجه إلى دمشق. ليشهد الوحدة العربية الوحيدة التي ولدت في القرن العشرين وانتهت بعد سبعة أشهر وثلاث سنوات من ولادتها. وهي الجمهورية العربية المتحدة برئاسة جمال عبد الناصر. بعد انفصال الوحدة بين سورية ومصر توجه إلى القاهرة حيث تلقى وساماً تقديرياً من الرئيس عبد الناصر. وما إن تسلم حزب البعث مقاليد السلطة إثر ثورة 8 مارس 1963م حتى وجد مكانه الطبيعي في دمشق. بذل جهوداً شخصية لتضييق شقة الخلاف بين حزبه الحاكم في سورية وبين الرئيس جمال عبد الناصر الذي يكن له كل تقدير، إلا أن رياح السياسة جرت بغير ما شاءت سفينة أحلام كمال ناصر. لم تقف خيبته عند هذا الحد، بل سرعان ما برزت الخلافات داخل بيته الحزبي. وكان كمال واضحاً حاسماً في هذا الأمر، فقد أخذ جانب القيادة الشرعية التي يمثلها الأمين العام للحزب، ميشيل عفلق، بل إن المراقبين السياسيين استدلوا على عمق الخلافات، من قصيدة عاصفة ألقاها كمال ناصر في أحد أعياد آذار، وقال فيها:

ما علينا لو كل يوم غزانا

عابر وانتمى إلينا دخيل

فبذور الحياة تكمن فينا

وسيبقى البعث الأصيل الأصيل

حين وصل إلى الشطر الأخير، أشار بيده إلى جهة ما، وتابعت كاميرات التلفزيون تلك الحركة فإذا بإشارته تنتهي إلى وجه “الأستاذ” ـ وهي التسمية المحببة لميشيل عفلق عند مريديه الحزبيين ـ.

يوم 23/2/1966 تحركت الدبابات في دمشق لتحسم الخلاف لصالح القيادة القطرية. وقد قرأت شخصياً بيتاً من الشعر كتبه كمال في بيت السيدة الروائية كوليت الخوري قبل أن يعتقله رفاق الأمس، ولا تزال كوليت تحتفظ بخطه:

لم يبق للبعث عندي ما أغنيه شيعته وسأبقى العمر أبكيه

ومن مفارقات الحياة السياسية في الوطن العربي، أن يسمع كمال ناصر من خلال مذياع السيارة التي تقتاده إلى المعتقل، ومن إذاعة دمشق، صوت المطربة دلال الشمالي تشدو بكلمات كمال ناصر التي قالها في عز زهوه بثورة آذار:

عشرين عاماً نضيء الليل من دمنا في كل نجم لنا جرح أضأناه

فالبعث وعي وإيمان وتضحية والبعث هم كبير قد حملناه

وقد كان اعتقال كمال ناصر أمراً محرجاً لسجانيه. لهذا نستطيع أن نتفهم سهولة فراره من سجن دمشق إلى بيروت، ومن هناك إلى باريس حيث عاش فترة قصيرة تركت أثراً واضحاً في شعره الذي ظهر من خلاله مغترباً مشدوداً إلى وطن يناديه. وهكذا وجد نفسه في الضفة الفلسطينية من جديد. وحين تمت هزيمة حزيران 1967 بدأ في البحث عن وسائل وأشكال لمقاومة الاحتلال، فاعتُقِل وأُبعد هو وأحد أصدقائه المقربين، المحامي المرحوم إبراهيم بكر.

وتتسع ظاهرة الثورة الفلسطينية التي كانت رصاصتها الأولى قد انطلقت في 1/1/1965. وتحتل الاهتمام الأول عند شاعرنا الملتزم ـ وهو المناضل المزمن ـ وحين انتهى الأمر بفصائل المقاومة إلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، كان كمال ناصر عضواً في أول لجنة تنفيذية بقيادة ياسر عرفات، وذلك في شتاء 1969 وسرعان ما أسس كمال ناصر دائرة التوجيه والإعلام في م.ت.ف.

ومع أنه أتى على كلمة “الضمير” كصفة له في إطار الجماعة، إلا أنني أستطيع التأكيد أن من أطلق عليه اسم “الضمير” في الثورة الفلسطينية، وكان يناديه بهذا الاسم دائماً هو الشهيد أبو إياد، وسرعان ما أصبح زملاؤه في القيادة الفلسطينية ينادونه بهذا الاسم وكأنه اسمه الشخصي. وبصفته رئيساً لدائرة الإعلام الفلسطيني وبفضل قوة حضوره الشخصي والثقافي، أصبح “الضمير” رئيساً للجنة الإعلام العربي الدائمة المنبثقة عن الجامعة العربية.

وحين تلبدت سماء العاصمة الأردنية بالقلق والتوتر بين القصر والمقاومة، كان كمال في الصف الأول من القيادات التي وقفت إلى جانب ياسر عرفات مع جورج حبش ونايف حواتمة ومنيف الرزاز وعصام السرطاوي وغيرهم ممن كانوا يديرون المفاوضات ويشرفون على التعبئة وإدارة شؤون المنظمة. كان كمال مكلفاً بمهمة لدى لجنة الإعلام العربية الدائمة في القاهرة حين انفجرت الأوضاع. وبدأت أحداث أيلول 1970.

وتولى المحامي إبراهيم بكر، نظراً لغياب كمال ناصر، مهمة مسؤول الإعلام الفلسطيني الأول. وهي فترة أثارت بعض الالتباس كان يغطيها كمال بجواب مازح ليخفي ألمه حين يسأله أصدقاؤه عن سبب عدم وجوده في عمان أثناء المجزرة، فيقول: أنظروا إلى بطاقتي الشخصية. أنا كمال بن بطرس ووديعة ولست عنترة بن شداد وزبيبة.

وقد مر هذا المزاح على بعض المتربصين بمنظمة التحرير فظنوا بمسؤولها الإعلامي شيئاً من الخوف. والواقع كان غير ذلك فقد قدم كمال ناصر استقالته من اللجنة التنفيذية في آذار 1971، ورفضها أبو عمار رفضاً قاطعاً مؤكداً حاجة المنظمة إلى تطوير جريدتها المركزية وهي المهمة المفصلة على قياس “الضمير”. وفي ذلك العام عقد الكمالان ناصر وعدوان مؤتمراً صحفياً أعلنا فيه عن تأسيس الإعلام الفلسطيني الموحد ناطقاً باسم فصائل المنظمة ومنظماتها الشعبية وشخصياتها الوطنية.

ولتأكيد استبعاد الصبغة الحزبية قام كمال ناصر بتحويل اسم مجلة “فتح” إلى “فلسطين الثورة”. ومن حقه وحق من يلي ذكره في هذا الفصل من الرواية الفلسطينية أن نسجل رغبة كمال ناصر في أن يتولى غسان كنفاني رئاسة تحرير فلسطين الثورة. إلا أن أبا فايز ـ رحم الله الشهيدين ـ قال له بلهجته العكاوية المحببة:” العين ما بتعلى على الحاجب” ثم أكد انهماكه في تطوير مجلة “الهدف” الناطقة باسم الجبهة الشعبية وكان غسان مؤسسها ورئيس تحريرها. إلا أنه وعد بإيفاد كاتب وإعلامي كفؤ يمثل الجبهة الشعبية في هيئة الإعلام الموحد. وقد كان.

كان طبيعياً أن ينجح كمال ناصر في تحويل “فلسطين الثورة” إلى صوت متقدم صارخ النجاح في التعبير عن جوهر الوحدة الوطنية، إضافة إلى تقديم الأجوبة عن أسئلة الشعب الفلسطيني. كان يكتب الافتتاحية بتوقيع “فلسطين الثورة” إلا مرة واحدة كتب فيها الافتتاحية بتوقيع “رئيس التحرير”، ولم تكن تلك مصادفة. فقد تضمنت تلك الافتتاحية حنينه إلى مشروع البعث الوحدوي وأحب أن يتحمل مسؤولية تلك الأفكار من جهة أولى. ومن جهة ثانية كان يريد للبعد الديمقراطي أن يأخذ مداه. فحتى رئيس التحرير مؤسس الإعلام الموحد عضو اللجنة التنفيذية لا يمرر أفكاره الخاصة في المجلة المركزية للمنظمة إلا في حالة استثنائية مشار إليها.

في الثامن من تموز “يوليو” 1972، أقدمت المخابرات الصهيونية على اغتيال غسان كنفاني في بيروت. وكان موعد صدور أول عدد لفلسطين الثورة بعد استشهاده، قريباً من الثالث عشر من الشهر. وهو اليوم الذي يصادف ذكرى مرور سنة على استشهاد أبي علي إياد. ويومها خرجت المجلة بصورة كبيرة على الغلاف للشهيد أبي علي. وفي مكان ما كانت ثمة صورة صغيرة جداً للشهيد غسان كنفاني، يومها جن جنون كمال ناصر، وشتم العاملين في المجلة عموماً.

وانفجرت الدموع في وجهه وهو يصيح: “لو تعرفون من فقدتم لبكيتم دماً. ثم إن هذا الشهيد هو الذي رفض أن يكون رئيسكم في المجلة. هل نحن في مباراة بين الشهداء؟..” إنني أنقل كلماته بالحرف تقريباً. وغني عن القول أن العدد التالي صدر بصورة لائقة للشهيد غسان كنفاني تتصدر الغلاف الأول.

كطفل كبير “غار” كمال ناصر من جنازة غسان: “يا سلام. هكذا يكون عرس الكاتب الشهيد..” وتساءل: ترى هل ستتاح لي هذه الجنازة يوماً؟ وفي العاشر من نيسان 1973. اهتزت الدنيا على وقع قلب بيروت وهي تشهد استشهاد القادة الثلاثة. وكان لكمال ناصر جنازة تغص بعشرات آلاف المشيعيين كالتي اشتهاها، مع إضافة تليق به. فقد تبين أنه أوصى منذ استشهاد غسان بأن يدفنوه إلى جانبه. وهكذا دفن كمال ناصر المسيحي البروتستانتي في مقبرة الشهداء الإسلامية. ولعل الشهيدين يؤنس أحدهما الآخر بعد أن خرج المقاتلون الفلسطينيون من بيروت عام 1982.

ترك كمال مجموعة كبيرة من الكتابات والقصائد الشعرية واهم آثاره الأدبية في مجال النثر وافتتاحيات “فلسطين الثورة”، المجلة الرسمية الناطقة باسم منظمة التحرير الفلسطينية، إذ كان يتولى منصب رئيس تحريرها منذ إصدارها في يونيو 1972 حتى تاريخ استشهاده.وقد خلدت ذكراه من خلال تسمية مدرسة كمال ناصر الثانوية للبنين في مدينة خانيونس باسمه.