Menu
20:42الحية يكشف تفاصيل زيارة وفد حماس للقاهرة
20:25كهرباء غزة تصدر تعليمات ونصائح مهمة للمواطنين استعدادا لفصل الشتاء
20:24بيان من النيابة العامة حول الحملات الالكترونية
20:21قائد جديد لشعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي
20:20الاحمد: ننتظر رد حماس منذ بداية أكتوبر.. ولا اجتماع للأمناء العامين قبل إصدار مرسوم الانتخابات
20:18ابو حسنة: استئاف العملية التعليمية لطلبة المرحلة الاعدادية بمدارس الاونروا بغزة بدءا من الاثنين المقبل
20:14صحيفة اسرائيلية: كهرباء غزة و"التنسيق الخفي" بين إسرائيل ومصر وقطر والفلسطينيين..!
20:13السلطة الفلسطينية تنوي مقاضاة إسرائيل لترخيصها شركات اتصال بالضفة
20:12بري: ليس وارداً بأن تفضي مفاوضات الترسيم للتطبيع.. والحكومة اللبنانية سترى النور قريباً
20:10الأوقاف بغزة تغلق ثلاثة مساجد بخانيونس بسبب ظهور إصابات بفيروس كورونا
20:09بعد مشاركته في لقاءات القاهرة.. حماس: عودة القيادي الحية إلى غزة ودخوله للحجر الصحي
14:08لهذا السبب .. "حزب الله" يعلن الاستنفار و يستدعي عددا من عناصره
14:06تنويه مهم صادر عن الجامعة الاسلامية بخصوص فيروس "كورونا"
14:05مالية رام الله تعلن موعد ونسبة صرف رواتب الموظفين
13:38وزارة الصحة: 8 وفيات و450 إصابة بفيروس كورونا و612 حالة تعافٍ

قضية شعب وحركة تحرر أم قضية أمنية ؟!..اياد مسعود

نجح الجانبان الإميركي والإسرائيلي بالانزلاق بالعملية التفاوضية لتتحول قضية أمنية، ونجحا في تجريدها من عناصرها باعتبارها قضية شعب تحت الاحتلال، من حقه استعادة حريته والخلاص من هذا الاحتلال الكولونيالي، تنفيذاً لما جاء في قرارات الأمم المتحدة والمواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان وسواها.

فبدلاً من بحث ضرورة الانسحاب الإسرائيلي حتى حدود 4 حزيران/ يونيو 1967، تم بحث "الحدود الآمنة" لإسرائيل، بذريعة أن القرار 242 قد نص على ذلك، علماً أن هذا القرار نص على الانسحاب من الأرض المحتلة بحرب حزيران، كما نص على عدم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، أما حديثه عن الحدود الآمنة والمعترف بها، فهو حق لكل دول المنطقة بما في ذلك الدولة الفلسطينية. والحدود الآمنة لا يضمنها ولا يكفلها الاستيلاء على أراضي الغير، كما يدعو الجانبان الإسرائيلي والأميركي. وكما يطالبان بضم الكتل الاستيطانية ومنطقة الغور والمنطقة الواقعة خلف جدار الفصل العنصري ومدينة القدس الشرقية المحتلة (أي ما يساوي 52% من مساحة الضفة الفلسطينية المحتلة). بل يكفل الحدود الآمنة التزام دول المنطقة بالقوانين والمواثيق الدولية، واحترام سيادة الدول الأخرى، وعدم التعدي عليها أو التدخل في شؤونها، أو ممارسة الوصاية عليها. وحتى عندما بحثت قضية اللاجئين، وحقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، تقدم الجانب الأمني على سواه من العوامل المؤثرة في النقاش، ففي محاولة من الجانب الإسرائيلي لقطع الطريق على أية محاولة لنقل اللاجئين الفلسطينيين من لبنان وسوريا، على سبيل المثال؛ إلى الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، اعترض بذريعتين: الأولى أن هذا النقل من شأنه أن يسمح لقوى إرهابية بالتسلل إلى مناطق الدولة الفلسطينية، مما يشكل خطراً أمنياً على إسرائيل المجاورة لها، فضلاً عن أن نقل دفعات من هؤلاء دون ضمان لإمكانية استيعابهم وتوفير عناصر استقرارهم، سوف يعرض مناطق الدولة الفلسطينية لاضطرابات اجتماعية وأمنية قد تكون لها انعكاساتها على الأمن الإسرائيلي بالجوار. لذلك اشترطت إسرائيل أن يكون لها تواجد على المعابر إلى الدولة الفلسطينية (البرية والبحرية والجوية)، للتأكد من عدم تسلل أعداد من اللاجئين إلى مناطق الدولة مما يفوق إمكانية هذه الدولة على الاستيعاب، كما اشترطت أن يجري الربط بين الأعداد المسموح لها بالانتقال إلى أراضي الدولة الفلسطينية وبين تطور القدرات الأمنية لهذه الدولة، على شرط أن يكون التقييم إسرائيلياً، ما يعني تجريد الدولة الفلسطينية من سيادتها على أرضها، ومن حقها في منح جنسيتها وحق المواطنة لمن تريد، وربط هذا الحق ورهنه بالموافقة الإسرائيلية وإنهاء السيادة الفلسطينية على الأرض والسكان، تحت رقابة الجانب الإسرائيلي.

في السياق نفسه وعندما بحثت مسألة تبادل الأراضي بين الجانبين، دفع وزير الخارجية الإسرائيلي الأمر نحو انزلاق جديد، حيث حوله من قضية "تبادل أراض" إلى قضية "تبادل سكان"، بحيث تضم إسرائيل المستوطنات اليهودية على أراضي الضفة الفلسطينية "لأسباب ديمغرافية وأمنية"، مقابل ضم منطقة وادي عارة والمثلث وأم الفحم إلى تخوم الدولة الفلسطينية "فتستعيد" إسرائيل بضعة آلاف من المستعمرين المستوطنين اليهود، وتضمهم مع مستوطناتهم إلى تخومها، مقابل "تهجير" نحو 300 ألف فلسطيني من مواطني إسرائيل إلى مناطق الدولة الفلسطينية، وخلفية الاقتراح هي التخلص من هذه الكتلة السكانية الفلسطينية المقيمة على أرضها، حتى لا تشكل، كما تقول وسائل الإعلام الإسرائيلية، "قنبلة ديمغرافية" في المستقبل القريب، ما يشكل خطراً على يهودية الدولة الإسرائيلية وعلى مستقبل المشروع الصهيوني.

وعلى ذكر يهودية الدولة الإسرائيلية يمكن ملاحظة أمرين: الأول أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بدأ يربط الوصول إلى اتفاق مع الجانب الفلسطيني باعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة الإسرائيلية، أي الاعتراف بالمشروع الصهيوني، وحق إسرائيل بالوجود، وحق الحركة الصهيونية باحتلال الأرض الفلسطينية باعتبارها أرض الميعاد، وأرض بني إسرائيل، مما يعيد صياغة الرواية التاريخية للصراع العربي والفلسطيني ـ الإسرائيلي، ويقلب الأدوار، ويحول اليهود إلى الطرف المعتدى عليه، لمنازعته حقه في دولته اليهودية، ويحول الطرف الفلسطيني إلى الطرف المعتدي لادعائه بأن فلسطين هي وطنه، وبحقه بالعودة إلى هذا الوطن. كما يحول الفلسطينيين المقيميين في إسرائيل إلى رقم زائد، يتطلب معالجة الأمر ورده إلى طبيعته، ضمهم إلى "دولتهم" الفلسطينية في الضفة والقطاع.

الأمر الثاني: الربط بين ضرورة إعادة صياغة الثقافة الفلسطينية والوعي القومي والوطني الفلسطيني، وإعادة بناء الرواية التاريخية للصراع في المنطقة لتلتقي مع الرواية الصهيونية، خلفية هذه الدعوى أن نتنياهو يشكو مما يسميه كراهية الفلسطينيين للإسرائيليين، داعياً إلى نشر ثقافة بديلة لثقافة الكراهية هذه، في محاولة لتقديم الحالة الإسرائيلية حالة مهددة على الدوام (أمنياً بشكل خاص) من مفاعيل الكراهية الفلسطينية، وكأن هذه الكراهية نشأت خارج إطار وقائع الصراع في المنطقة وخارج وقائع السياسة العدوانية الاحتلالية الاقتلاعية التي مارستها عصابات الحركة الصهيونية، ولاحقاً إسرائيل ضد الفلسطينيين والعرب وبأشكال مختلفة. محاولة إسرائيلية لاستغلال العملية السياسية ليس فقط لإرساء العلاقات بين الطرفين على قاعدة التبعية الفلسطينية للجانب الإسرائيلي، بل وكذلك لإرساء فهم يجعل من الاستعمار الكولونيالي الإسرائيلي ضحية للوجود الفلسطيني، ويصم الوجود الفلسطيني بالنزعات الإرهابية ويدينه، تسخيف حقوقه الوطنية وإفراغها من مضمونها، وردها إلى نزعات عدوانية (مزعومة) تعتمل في صدور الفلسطينيين.

في اعتقادنا أن مواصلة المفاوضات بالطريقة التي يديرها الجانب الأميركي، لن تنتج سوى فشل جديد في الوصول إلى الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وأن معالجة الأمر يتطلب إعادة النظر بأسس العملية التفاوضية، والخروج من الدائرة الضيقة التي رسمها "حل الدولتين"، وحوّل الأرض الفلسطينية المحتلة إلى مجرد أرض متنازع عليها، وساوى بين الإسرائيلي القائم بالعدوان والاحتلال، وبين الفلسطيني المعتدى عليه، وأفرغ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة من مضمونها.

المطلوب بتقديرنا عملية سياسية جديدة تعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية حركة تحرر وطني لشعب تحت الاحتلال، يكافح تحت سقف الشرعية الدولية للتخلص من الاحتلال بأشكاله المختلفة، العسكري والأمني والاستيطاني، بعيداً عن لعبة تفكيك القضية الوطنية لتصبح "قضايا الحل الدائم"، تبحث كل قضية منها بمعزل عن الأخرى بعيداً عن لعبة تفريغ هذه القضايا وتحويلها إلى مجرد قضايا أمنية بحتة.

مثل هذا الأمر يحتاج إلى حوار وطني فلسطيني جديد، على أبواب الاستحقاق المتمثل بمشروع كيري لتمديد العملية التفاوضية، في إطار بات واضحاً أنه ترجمة لتصريحات قادة إسرائيل ومصالحهم، ودوماً على حساب الحقوق الوطنية المشروعة للفلسطينيين.