Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح

فهمي هويدي يكتب : الفائزون والخاسرون في الدستور

لم يتح للمصريين أن يتابعوا مناقشات لجنة الدستور التي تمت في غرف مغلقة إمعانًا في «الشفافية»، إلا أن المصادفة وحدها كشفت عن جوانب دالة لبعض ما جرى وراء أبواب تلك الغرف.

 

 وشاءت المقادير، أن يتعلق الكشف بالمادة المتعلقة باشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع،

 

وهو النص الذي ابتدعته لجنة الخبراء العشرة التي شكلها رئيس الجمهورية للنظر في التعديلات المقترحة على دستور 2012 المعطل،

 

ولم يكن هناك تفسير للزج بذلك النص، سوى أنه جاء عاكسًا لموازين اللحظة التاريخية التي شكلت في ظلها اللجنة، إذ طالما أن وزير الدفاع هو الذي استدعى رئيس المحكمة الدستورية ونصَّبه رئيسًا للجمهورية، فربما بدا أنه من غير المستساغ أن ينص الدستور الصادر في الظروف ذاتها على أن يكون رئيس الجمهورية هو من يعين وزير الدفاع، شأنه في ذلك شأن بقية الوزراء.

 

وكنت أحد الذين تمنوا على العناصر «الليبرالية» في اللجنة أن يقوموا بتصويب ذلك الوضع الشاذ لكي يتفق مع ما هو معمول به في الدول الديمقراطية.

 

والذين أحسنوا الظن تصوروا أن أولئك الليبراليين سيكملون جميلهم وسيقومون بإلغاء النص الذي يجيز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.

 

(المتداول أن 12 ألف شاب مصري حوكموا أمام تلك المحاكم في ظل وجود المجلس العسكري)

 

كما أنهم سيعالجون أمر الوضع الخاص بميزانية القوات المسلحة، التي تحجب تفاصيلها عن مجلس الشعب.

 

إلا أن تلك الآمال تراجعت بمضي الوقت إلى الحد الذي انتهى بإقرار وتمرير كل ما تمنينا تعديله. 

 

ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، لأننا فوجئنا بما هو أشد وأنكى، ذلك أن المحررين البرلمانيين فوجئوا قبل جلسة التصويت النهائي بأن نص اشتراط موافقة مجلس القوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع أضيفت إليه كلمة واحدة، بحيث اشترط موافقة المجلس المذكور الذي يرأسه وزير الدفاع ليس على تعيينه فقط وإنما على عزله أيضًا.

 

وهو ما يعني رفع يد الدولة المصرية تمامًا عن الموضوع، وإعلان القوات المسلحة مؤسسة شقيقة مستقلة لا سلطان للدولة المصرية عليها.

 

جريدة «الشروق» روت أمس الأحد 1/12 تفاصيل القصة، فذكرت أن بعض أعضاء اللجنة فوجئوا بالتعديل وذكروا أنه لم يعرض عليهم.

 

في حين دافع عنه الأخ محمد سلماوي المتحدث باسم اللجنة، ونقلت الصحيفة عنه قوله إن ذلك أمر منطقي.

 

 إذ من غير المعقول أن يكون تعيين وزير الدفاع بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ثم يكون العزل بغير موافقتهم.

 

 أضافت الصحيفة أن شخصًا همس في أذن سلماوي ونقل إليه تصريحًا للسيد عمرو موسى رئيس اللجنة قال فيه إن تلك المادة لم يتم إقرارها، الأمر الذي عاد وكرره صاحبنا في تعليق له!


في أثناء كتابة هذه السطور لم تكن اللجنة قد انتهت من التصويت على بقية مواد الدستور الجديد الذي وضعته، متجاوزة في ذلك الإعلان الدستوري الذي نص على تعديل وليس إنشاء الدستور كما ذكرت أمس، إلا أنه من الثابت حتى الآن أن القوات المسلحة هي أكبر الفائزين به، حيث تحقق لها ما أرادت، في حين أن الإخوان والأحزاب الإسلامية هي أكبر الخاسرين، بعد النص على حظر الأحزاب ذات المرجعية الدينية.

 

(للعلم في السويد حزب إسلامي منذ عام ١٩٩٩)

 

هذه النتيجة لا تفاجئنا، لأنها تعبير عن تفاوت ميزان القوى في الوقت الراهن.

 

 الأمر الذي يفتح أعيننا على حقيقة لفت الأنظار إليها المستشار طارق البشري في كتابه «مصر بين العصيان والتفكك»، ونبه فيه إلى أن الدستور بمثابة مرآة للأمر الواقع.

 

وذكر أن دستور 1923 حين أتاح قدرًا من التداول في السلطة، فإن دافعه إلى ذلك لم يكن تنظيمًا فقط، ولكن لأن المجتمع آنذاك كان فيه تعدد لقوى سياسية واجتماعية متبلورة في تنظيمات وتكوينات مؤسسية.

 

ولم يكن في مكنة أي من هذه القوى أن تنفي الأخريات في الواقع السياسي.

 

ولم يكن التعدد معتمدًا فقط على إتاحة الدستورية، وإنما كان يعتمد على الوجود الواقعي الفعال.

 

ولو لم يكن هذا الواقع التعددي قائمًا لما صدر الدستور منظمًا للتداول في السلطة.

 

وأضاف البشري قائلاً إن التوزيع القانوني والدستوري يعتمد أول ما يعتمد على التوزيع الفعلي للقوى الاجتماعية والسياسية التي تتبلور في شكل تنظيمات أو أحزاب أو نقابات وجمعيات.

 

وهو ما نفتقده في مصر، حيث لا نكاد نجد فيها مثل هذه التكوينات، يستثني من ذلك جهاز الدولة المصري بتشكيلاته، وأفرعه المختلفة وجهاز الدولة ذاته تسيطر عليه إرادة شخصية فردية واحدة.

 

وهو وضع ليس له سوابق كثيرة في تاريخ مصر الحديث. حتى محمد على باشا، حيث لم تكن له هذه السلطة الفردية إلا في سنين قليلة.


لقد نشرت دار الشروق هذا الكتاب في سنة 2006، في عهد مبارك، وهو لا يضيف أو يفسر الماضي فقط، لكنه يقرأ الحاضر أيضًا.