ربما تكن هذه أصدق جملة أعلق بها بعد إن انتهيت من قراءة مقال " وأخيراً فُتح معبر رفح " الذي كتبته بتاريخ 29 / 5 / 2011 فور إعلان مصر " الثورة " كما أسميتها في المقال فتح معبر رفح في الاتجاهين ورفع كافة الشروط والمعوقات التي كانت في عصر المخلوع .
أعدت قراءة المقال بحسرة كبيرة على تلك الأيام التي خلت , وعلى كل ما ذكر فيه من بشريات و أمال بنيت في المخيلة ننتظرها من مصر ما بعد ثورة يناير .
ولكن للأسف , يا فرحة ما تمت ..
فها هو معبر رفح مغلق مرة أخرى , ولم يعد المرور إلى مصر الآن مسموح للجميع !! , وعدنا نحتاج لألف مبرر ومبرر لنقنع به أشقاؤنا بأننا كائنات حية تحتاج بالضرورة لأن تمارس حقها الطبيعي في الحياة , حقها في العلاج , في التعليم , في التواصل مع العالم الخارجي , حقها في أن تحصل على لقمة خبز أو شربة حليب لأطفالها دون أن تكون مغموسة بالتراب ومحفوفة بالمخاطر . !!
وها هي السياسة الخارجية المصرية تعود مرة أخرى لا لتمارس دور الوسيط " المشبوه " التي كانت تمارسه في عهد المخلوع , بل تطور الأمر ليتعدى ذلك بمراحل و تعلن بصراحة عداوتها مع قطاع غزة وأهله , وأنه يجب محاربته ومعاقبته بكافة الوسائل والطرق الممكنة .
وها قد جاءت حكومة الإنقلاب العسكري الدموي في مصر لتثبت للكيان الصهيوني إنها حليف أوفى من المخلوع , فهدمت جميع الإنفاق ولنفس الأسباب التي كان يذكرها أبو الغيط ذاته " الآمن القومي المصري وحق السيادة المصرية على أراضيها " , وأغلقت معبر رفح ومنعت قوافل المساعدات الإنسانية القادمة إلي القطاع وبدون حتى إن تكلف نفسها لأن تختلق ذرائع أو حجج , وعادت مصر" الإنقلاب " لتغلق الأبواب في وجه المرضى والمصابين من أشقائهم الفلسطينيين وتمنعهم من دخول أراضيها للعلاج .
فسبحان الله في تدبيره فلم يمت أبو الغيط غيظاً وكمداً كما ذكرت في المقال السابق , بل مات أشرف الناس وأطهرهم قتلاً وحرقاً على يد العسكر في رابعة العدوية وميدان النهضة وأمام الحرس الجمهوري وفي كل مكان من محافظات مصر .
ولم نعد نرى مبارك يبكى كما كانت تطالعنا صحف الدولة العميقة في محاولة يائسة في حينها لجلب التعاطف مع المخلوع , بل رأيناه بأعيننا ضحوكاً مبتسماً من خلف القفص وكأنه يقول لنا من يضحك أخيرا يضحك كثيراً .
بل إننا لم نعد نراه خلف القضبان من الأساس بعد إن برائه القضاء المصري " الشامخ " , وزج في ذات القفص بدل منه بالرئيس الشرعي المنتخب , بعد عام واحد من حكمه بتهمة التخابر مع قطاع غزة , وربما " فتح معبر رفح " !
أعلم إن دولة الظلم ساعة ودولة العدل باقية إلى قيام الساعة , وإن للباطل جولة وللحق دولة , وإن الظلم والاستبداد سيزول لا مجال وسيعود الحق لأهله , وسينتصر الإسلام وأهله .
ولكن قراءة المقال في ظل تلك الظروف كانت موجعة , ولم أتمالك نفسي إلا وإن أعلق بـ
يا فرحة ما تمت ..