النصيرات- جمعية منتدى التواصل- بيت صغير متهالك في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين، يئن من مرض الفقر الذي أصابه فلا ينفك أبداً عن أصحابه. يصحو أهله على أمل بطوي صفحة العوز والفقر وينامون على الأمل المتجدد ذاته. غرف ضاقت بأصحابها فأشفقت عليهم لسوء أحوالهم، لكنها عاجزة عن مد يد العون لهم فتدعو الله علّه يشفيهم من سقم الفقر. إنها – بكل بساطة- حياة أغلب القاطنين في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، حياةٌ يشح فيها طعم الحياة الحقيقية.
وفي اليوم العالمي للقضاء على الفقر الذي يصادف يوم 17/10، تشكو مخيمات اللاجئين الفلسطينيين من شح الموارد الأساسية التي تكفل حق الإنسان في الحياة الكريمة، فها هي عائلة العزازي تجسد الحكاية "حكاية العذابات والأوجاع المتواصلة" من تدهور الأوضاع الاقتصادية وعدم اكتراث أولي الأمر في الضفة وغزة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين أينما حطت أقدامهم للعمل على ضمان حقوقهم البسيطة وأحلامهم المتواضعة.
إن الفقر أصبح عنوان عائلة العزازي، فرب الأسرة خطفته المنية في أيام عيد الفطر المبارك ليترك زوجته أم طارق تكابد معاناة الحياة لوحدها.. الحياة التي تطحنها وتطحن كل المستضعفين والمقهورين، فتجبرها شدة الحاجة لبيع بعض المواد الإغاثية التموينية التي تقدمها الأونروا من أجل توفير الملابس لأولادها الخمسة الذين يتنفسون هواء الفقر صباح مساء.
تمر الأيام المرة على الخمسة أبناء الذين تعجز والدتهم عن توفير أبسط الاحتياجات الأساسية لمدارسهم، وهم يتطلعون لغد أفضل يقتل الفقر فيه وتصرف كل المرارة والصعوبات إلى غير رجعة ويحققون ما لم يتمكنوا من تحقيقه لفقر الحال وسوئه ويعود إليهم ما سرقته المخيمات من طفولتهم وبراءتهم.
وفي غزة، وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن نسبة الفقر المدقع تجاوزت 38% ما ينذر بكارثة إنسانية خطيرة تحتم على المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية البحث في جذورها والعمل على الحد من نسبة الفقر ولو بشكل جزئي، فها هي أم طارق وأبناؤها يبرقون رسالة إنسانية تدعو لضرورة متابعة شؤون اللاجئين الفلسطينيين لأنهم بأشد الحاجة لمن يخفف عنهم أعباءهم وهمومهم.
هذه كانت صورةً يتيمة من مخيم تزدحم به صور المعاناة والوجع المرتبطين باللاجئين الفلسطينيين الذين اضطرهم تهجيرهم من مدنهم وقراهم عام 1948 أن يعيشوا نكبات متلاحقة أكثر نكبة من نكبة 1948.