Menu
13:03بالأسماء.. كشف جديد للتنسيقات المصرية للسفر عبر معبر رفح غدًا
12:53الصحة تصدر تعليمات لاعادة فتح صالات الافراح
12:40هنية يوعز لقيادات حماس: المرحلة تتطلب تكثيفاً للجهود لإنهاء الانقسام
12:37اجتماع لممثلي الدول العربية المضيفة للاجئين مع مفوض عام الأونروا لبحث الأزمة المالية
12:36الخضري: مرشحا الرئاسة الأمريكية تكتيكات متباينة.. والهدف واحد استمرار دعم إسرائيل
12:31وزارة الصحة : 8 وفيات و633 اصابة جديدة بفيروس كورونا
12:29الرئاسة الفلسطينية تدين العمل الارهابي الذي وقع في النمسا
12:28امير قطر يؤكد وقوفه الى جانب الحق الفلسطيني
11:46بحر يحمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى
11:25القانوع: ارتفاع عدد المصابين بكورونا في "جلبوع" ينذر بكارثة حقيقية
11:22الاحتلال يجرف أرضا في بيت حنينا ويهدم بركسا للخيول بجبل المكبر
11:20الحكومة تكشف مستجدات جديدة حول الأزمة المالية التي تعصف بها
11:19الطاقة بغزة تعلن عن فرص للاستثمار في توليد وتوزيع الطاقة البديلة
10:34الصحة بغزة: تسجيل 3 حالات وفاة و 229 إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال الـ 24 ساعة الماضية
10:26مستوطنون يُقدمون على زراعة أشجار ببلدة الساوية بنابلس

فهمي هويدي يكتب : الرياضة والسياسة والأمن

لا يهم أن تفوز مصر على دول العالم في البطولة الأوليمبية، إنما الأهم ألا تظهر إشارة رابعة العدوية في الصور.

 هذه هي خلاصة الرسالة التي تلقيناها من الحملة المسعورة التي تعرض لها اللاعب محمد يوسف صاحب ذهبية بطولة العالم في دورة الألعاب القتالية لمنافسات الكونغ فو، الذي ظهر على منصة التتويج في سان بطرسبرج الروسية مرتديا قميصا ظهرت عليه الإشارة التي أقامت الدنيا عليه ولم تقعدها.

أرجو ابتداء ألا يسألني أحد عن الكونغ فو، لأنني بالكاد عرفت أنها رياضة قتالية صينية الأصل من عائلة الكاراتيه،

وذلك ما خرجت به من سؤال أهل الخبرة في الشأن الرياضي.

أرجو أيضا ألا يفهم أن لدي أي دفاع عن تصرف الشاب، لأنني أدرك جيدا أنه أخطأ في تصرفه، وأنه ما كان له أن يقحم الشأن السياسي في المشهد الرياضي، ولذلك فإنه يتعين أن يحاسب على خطئه،

 وإنما ملاحظاتي كلها منصبة على حالة الهلع والانفعال الزائد على الحد والعصبية المستغربة التي اتسم بها سلوك الأجهزة الأمنية والرياضية.

(الـ.بي.بي.سي. ذكرت أنه تمت مصادرة الميدالية الذهبية التي فاز بها منه عقب وصوله للقاهرة)

 بل إن ذلك الهلع أصاب بعض مقدمي البرامج التليفزيونية، الذين أصبحوا يتنافسون في التعبئة والتحريض، بعدما نسوا مهنتهم الأصلية وتحولوا إلى «نشطاء» حولوا برامجهم إلى ميادين للتظاهر والهتاف اليومي.

كنت قد انتقدت ذات مرة أزمة خلط الأوراق التي وقع فيها البعض، الأمر الذي جعلهم ينشغلون بمعركتهم ضد الجماعة عن إدراك المصالح الحقيقية للوطن. وتقديم الأولى على الثانية.

 وكتبت مقالة بهذا المعنى كان عنوانها: «إنهم يكرهون الجماعة بأكثر مما يحبون الوطن».

وحين قرأت ما نشر عن قصة صاحبنا لاعب الكونغ فو قلت إنها نموذج عملي يؤيد تلك المقولة، لأن الذين أثاروا الضجيج وهللوا لإيقاف اللاعب الأمر الذي يمهد لشطبه نهائيا من سجلات اتحاد الكونغ فو، وهو ما قد يترتب عليه حرمانه من تمثيل مصر في المحافل الدولية.

 وفي هذه الحالة قد تسحب الميدالية الذهبية منه، هؤلاء لم يبالوا باحتمال ألا يتاح لمصر أن تحقق فوزا مماثلا في البطولات العالمية التي ستنظم في الأجل القريب،

وثمة واحدة منها بدأت بالفعل في ماليزيا، ويفترض أن تستمر من 27 أكتوبر إلى 6 نوفمبر.

 إذ من الواضح أن الذين أثارهم تصرف اللاعب لم يكترثوا بخسارة مصر للقب وأبدوا استعدادا للتضحية ببطولة العالم في اللعبة.

وكان كل ما شغلهم هو كيفية قمع اللاعب وتأديبه لأنه فعل فعلته.

المسألة ليست بسيطة كما فهمت من خبراء الرياضة الذين رجعت إليهم، لأن إعداد بطل عالمي في أي لعبة عمل شاق يستغرق سنوات وله تكلفته العالية،

 ولذلك فان الدول تعتبر البطل الدولي أو الأوليمبي ثروة يتعين الحفاظ عليها، لأنه يرفع راية بلاده خفاقة في سماء العالم.


أفهم جيدا ان اللاعب كان يتعين عليه أن يحتفظ بموقفه وتحيزاته السياسية لنفسه،

 وأتفق تماما مع القائلين بأن السياسة لها أهلها ومجالاتها،

وأنها لا ينبغي أن تتسلل إلى الفضاء الرياضي حتى لا نضيف أسبابا أخرى للمشاحنة وخلق العداوات،

 بل أضيف إلى ذلك أن السياسة ينبغي أن تظل بعيدة عن فضاءات الثقافة والفنون.

 ولنا خبرات طويلة مع روائيين وفنانين أبدعوا في مجالاتهم، لكنهم حين انخرطوا في السياسة فإنهم ارتكبوا أخطاء وكوارث أساءت إلى تاريخهم وشوهت صورتهم لدى محبيهم.

 وأنا أفرق هنا بين الرأي السياسي وبين الاشتغال بالسياسة،

وأزعم أن من حق الرياضي والروائي والفنان أن تكون له آراؤه السياسية التي يفضل أن يحتفظ بها لنفسه

 أو أن يعبر عنها في مجال إبداعه، لكنه يقع في المحظور حين يعتبر نفسه ناشطا سياسيا يخوض فيما لا يجيده.

قيل لي إن لاعب كرة القدم المصري هاني رمزي المحترف في ألمانيا نزل إلى الملعب ذات مرة وحيا الجمهور بإشارة لها مدلولها السياسي الذي أعاد إلى الإذهان حقبة المرحلة النازية.

 وهو تصرف كاد يودي به إلى السجن لولا أن التحقيق أثبت أنه لم يكن على دراية بعاقبة تصرفه.

 كما أن اللاعب محمد أبوتريكة تلقى إنذارا حين أظهر في إحدى المباريات شعار تضامنه مع غزة.

 ولو أن المسؤولين في القطاع الرياضي ضبطوا أعصابهم وامتصوا انفعالهم، لاكتفوا بإنذار لاعب الكونغ فو أو أوقفوه لبعض الوقت أو حتى خصموا جزءا من مكافأته، ولمر الأمر في هدوء واحتفظ الشاب بالإنجاز الذي حققه، وتمكن من أن يحصد لمصر جوائز أخرى في البطولات اللاحقة.

 لكن من الواضح أن الحساسية المفرطة التي تجتاح مصر جعلت الأجهزة الأمنية ومسؤولي قطاع الرياضة يسارعون إلى قمع الرجل واغتياله، كي يسحق ويكون عبرة لغيره ولا يبقى لاسمه وجود في ساحة اللعبة.

ان إحدى مشكلات زماننا أن كثيرين من أهل الاختصاص مسؤولين وغير مسؤولين حين اقتربوا من عالم السياسة اختل توازنهم ونسوا الخبرات المعرفية والإنسانية التي تراكمت لديهم، وأصبحوا يتصرفون باعتبارهم رجال أمن فقط.

 وما حدث مع بطل الكونغ فو من ترحيل وتقريع وقمع من جانب القيادات الرياضية ليس الدليل الوحيد الذي يشهد بذلك، ولكن أحدث الأدلة التي توافرت لدينا.

ترى كيف كان سيتصرف هؤلاء لو أن صاحبنا رفع صورة الفريق السيسي،

وهل كان سيجرؤ أحد على محاسبته؟