أرض كنعان/ بيروت/ منذ بداية الخلافات بين قيادات حركة "فتح" في مخيم عين الحلوة، طرحت على بساط البحث الكثير من الهواجس التي لدى الكثيرين من تطور الأمور بشكل يهدد الأمن والإستقرار داخل المخيم، خصوصاً أن لدى القائد السابق لـ"الكفاح المسلح" وعضو القيادة العسكرية العليا في قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان العقيد محمود عبد الحميد عيسى "اللينو" القدرة على هذا الأمر من خلال الشعبية الواسعة التي يتمتع بها في صفوف شباب الحركة.
وفي هذا السياق، تتوقع جهات لبنانية وفلسطينية أن يكون لقرار فصل "اللينو" من "فتح" نهائياً وتجريده من كافة رتبه العسكرية الى رتبة جندي تداعيات خطيرة، فما هو الواقع داخل المخيم في هذه المرحلة؟
"اللينو" يخوض معركة دحلان
لا تخفي مصادر فلسطينية مطلعة مخاوفها من حصول ردة فعل على القرار الصادر عن حركة "فتح" بحق "اللينو" عند تبلغه بالقرار رسمياً من قبل مسؤولي الحركة في لبنان، لا سيما بعد التحركات ذات الطابع الشعبي التي يقوم بها أنصاره على أكثر من صعيد.
وفي هذا الإطار، تؤكد المصادر الفلسطينية، في تصريح لـ"النشرة"، أن القرار الذي تم تناوله في وسائل الإعلام أصبح نهائياً، وتعتبر أن السبب في وصول الأمور إلى هذه المرحلة هو خروج "اللينو" عن الأطر التنظيمية داخل الحركة التي يعلمها جيداً.
من وجهة نظر هذه المصادر، كان من الممكن أن يبلغ "اللينو" قيادات الحركة بالإعتراضات التي لديه من خلال هذه الأطر، التي تكفل له الحق بالحصول على أجوبة عليها، وتؤكد أن لدى الكثيرين إعتراضات مشابهة، وهم كانوا سيقفون إلى جانبه، لكنها تشير إلى أن الأسلوب الذي إنتهجه دفع حتى بهؤلاء إلى الوقوف بوجهه، لا سيما أن الخروج عن الأطر التنظيمية أمر غير مرحب به.
على صعيد متصل، تتخوف المصادر من أن يكون القائد السابق لـ"الكفاح المسلح" يستخدم من قبل البعض في معركة لا علاقة لها بأي شكل من الأشكال بالساحة اللبنانية، وتذهب الإتهامات مباشرة إلى القيادي المفصول من الحركة محمود دحلان، وتشدد على أن العلاقة التي تجمع بين الرجلين هي التي أثارت بشكل لافت الكثير من علامات الإستفهام لدى معظم القيادات الفلسطينية.
لا تمرد مسلح وإمكانية تخفيف العقوبة
من جهة ثانية، توضح المصادر الفلسطينية المطلعة أن دحلان يطمح من خلال هذه المعارك التي يقوم بها على أكثر من صعيد إلى العودة إلى الأطر التنظيمية داخل حركة "فتح" التي فصل منها مؤخراً، وتشير إلى أن عينه على موقع الرئاسة، ولا تنفي المعلومات التي تحدثت عن أن دولة الإمارات العربية عرضت تولي دحلان منصب نائب الرئيس الفلسطيني مقابل إغراءات مالية كبيرة جداً، لكنها تؤكد أن السلطة الفلسطينية رفضت هذا الأمر، وشددت على أن هذا الموضوع شأن داخلي لا يمكن القبول بتدخل أي جهة به.
بالعودة إلى تداعيات القرار المتخذ بحق "اللينو"، تستغرب المصادر ما قام به، حيث تشدد على أن الرجل كان من أكثر ضباط الحركة على الساحة اللبنانية إنضباطاً، لكنها تعتبر أن التورط في المخطط مع دحلان هو الذي أوصله إلى هذا المكان.
وفي الوقت الذي تحذر فيه العديد من الأوساط الأمنية من أن تكون العبوة الناسفة التي انفجرت، ليل الجمعة السبت الفائت، في المخيم في اطار التداعيات الأمنية التي قد تشهدها عين الحلوة في معركة تصفية الحسابات داخل "فتح"، تستبعد المصادر أن يقدم "اللينو" على أي تمرد مسلح داخل المخيم، وتشدد على أن الأمور لن تخرج عن إطار الإعتراض الشعبي الذي يقوم به أنصاره، لكنها لا تنفي إنتقال هذا الأمر إلى مخيمات فلسطينية أخرى.
وفي هذا السياق، تكشف المصادر عن مروحة واسعة من الإتصالات قائمة من أجل العمل على تهدئة الأمور، حفاظاً على الأمن والإستقرار داخل المخيم، في ظل المخاوف من دخول أي جهة لها مصلحة في توتير الأوضاع داخل المخيمات على الخط، وتتحدث عن تدخل العديد من الشخصيات اللبنانية الأمنية والسياسية في هذا الأمر، وترى أن هذه الإتصالات قد تساهم في التخفيف من العقوبة لا العودة عنها، لا سيما أن هذا الأمر سيشجع آخرين على القيام بخطوات مماثلة، وتضيف: "قد يكون هناك تراجع عن قرار فصله من الحركة لكن التراجع عن تجريده من رتبه ومهامه أمر صعب لا مستحيل".
في المحصلة، ستكشف الأيام القليلة المقبلة قدرة القيادة الفلسطينية على معالجة هذه المشلكة الخطيرة، لا سيما أن الأوضاع داخل مخيم عين الحلوة لا تحتمل أي خطوة نحو المجهول، فهل تتراجع هذه القيادة عن قراراتها؟